ولد مسلم صبري البرازي بمدينة دمشق في عام 1934 ابنًا لأسرة عريقة من أكراد سوريا هي أسرة البرازي. وآل البرازي، في الواقع، عشائر عديدة تقطن شمال سوريا وجنوب تركيا وتمتد إلى كردستان العراق، لكن قسمًا منها سكن دمشق بحي ركن الدين، وقسمًا آخر سكن مدينة حماة بحي المشارقة، وراحت أعدادهم تتزايد باطراد منذ العقد الثاني من القرن التاسع عشر، حينما دعاهم قائد الجيش السوري آنذاك «محمد أغا الباكير البرازي» للتطوع في جيشه. وبالنسبة لأصل التسمية (البرازي بفتح الباء)، قيل لأنهم كانوا الأبرز ضمن القبائل التي استجابت لصلاح الدين الأيوبي للقتال معه ضد الصليبيين. في عام 1948، حينما كان عمر مسلم البرازي لا يزيد عن خمسة عشر عامًا، دفعه حسه الوطني لترك دراسته الإعدادية بإحدى مدارس دمشق من اجل الانضمام إلى جيش الإنقاذ الذي أسسه وقاده الضابط السوري فوزي القاوقجي لمقاتلة اليهود في فلسطين. وفي عقد الخمسينات من القرن العشرين بدأ اسمه يلمع في ميادين الإعلام والفن والشعر الغنائي، بسبب قيام ثلة من نجوم الطرب الكبار من مصر وسوريا (مثل: نجاة الصغيرة وفايزة أحمد وسعاد محمد ورفيق شكري ونجيب السراج وفهد بلان وفدوى عبيد ومها الجابري) بغناء قصائده وبينما كان في حالة يأس من أوضاع بلاده السياسية المتقلبة، تلقى دعوة لزيارة المملكة العربية السعودية، فلباها فورًا كحل للخروج من حالته النفسية الكسيرة
و كان وراء توجيه تلك الدعوة له فهو الشيخ جميل الحجيلان أول وزير للإعلام في السعودية وهكذا حل البرازي في جدة عام 1964 وهو شاب في الثلاثينات يضج بالحيوية والعطاء، لينضم بعد فترة قصيرة إلى وزارة الإعلام السعودية موظفًا في قسم الموسيقى والغناء بإذاعة جدة طوال فترة حمل الحجيلان لحقيبة الإعلام. وفي عهد خليفة الأخير الشيخ إبراهيم العنقري، تم نقل البرازي للعمل بإذاعة الرياض. يقول الدكتور زهير الأيوبي المدير الأسبق لإذاعة الرياض، الذي عمل مع البرازي وعرفه عن كثب، في مقال له منشور في «الجزيرة الثقافية» (31/7/2011) أن صاحبنا بعد أن استقر في الرياض عمل مشرفًا على قسم الموسيقى والغناء بالإذاعة وعضوًا في لجنة التحكيم الخاصة بصلاحية الأعمال من عدمها ومكلفًا بتقييم الانتاج الإذاعي، وأنه بحكم وظيفته بذل جهدًا كبيرًا في تأسيس فرقة موسيقية متكاملة للإذاعة بقيادة الموسيقار السوري سعيد قتلان. كما أنه أسهم في اختيار واستقدام عدد من أبرع الموسيقيين العرب من سوريا ومصر والأردن لتدعيم فرقة موسيقى الإذاعة في بواكير تأسيسها. هذا ناهيك عن بصماته الخاصة وطريقته المتقنة في تنفيذ وتسجيل عدد من الأغاني السعودية لمطربين محليين من أمثال عبدالعزيز الراشد وسعد إبراهيم وعبدالقادر حلواني داخل ستوديوهات إذاعة الرياض بالتعاون مع الأب الروحي للأغنية السعودية الموسيقار طارق عبدالحكيم وعازف الكمان المصري الشهير أحمد الحفناوي. وفي عهد الوزير الدكتور محمد عبده يماني الذي تولى حقيبة الإعلام ما بين عامي 1975-1983 تمّ فصل البرازي من العمل، ولم يُجدد عقده بسبب سوء تفاهم حصل بين البرازي ورئيسه المباشر، لكن الرجل ظل مقيمًا في الرياض ومتعاونًا مع التلفزيون السعودي في مجال رقابة البرامج لقاء مبلغ ضئيل، إلى أن انتقل إلى جوار ربه في الثالث والعشرين من يونيو سنة 2011م وحيدًا دون زوجة أو أبناء، ولا يملك من حطام الدنيا شيئًا. وقد تميزت سنواته الأخيرة بتكالب الأمراض عليه، بالرغم من أنه كان معتدلاً في أكله وشرابه ونظام نومه، طبقًا لما روته شقيقته والتي لم تتزوج كي تقوم برعاية أخيها في شقتهما الصغيرة المشتركة، فكانت بمثابة الأخت والأم والصديقة الحانية له. ومما ذكرته عن شقيقها مسلم أنه عاش طوال حياته دون أن يتملك عقارًا أو حتى سيارة، وأنه كان لا يخرج من شقته إلا لأمر ضروري جدًا، وكان لا يستطيع السفر لعدم امتلاكه جواز سفر، وأن من أكثر الأشخاص الذين كان يتواصل معهم ويحبهم الملحن السوري المبدع محمد محسن الذي لحن له معظم قصائده وأناشيده، والشاعر السوري منير الأحمد (ابن الشاعر الكبير بدوي الجبل)، والمخرج والمنتج السوري الكبير خلدون المالح.
__________________ DO FOR ALLAH, ALLAH WILL DO FOR YOU