[abuhany]

** لعل الأخ سامح الأسواني قرأ للدكتور طه حسين كتاب الأيام في جزئه الأول ؛ ففيه تناول لما كان عليه أداء السيرة الهلالية في المقاهي والمجالس الشعبية وما كان ينتج عن رواية أحداثها من نزاعات بين جمهور السامعين ؛ فهم بين متعصب لأبي زيد ومتعصب للزناتي خليفة ، وقد يصل الأمر إلى العراك اليدوي فما فوقه . وهذا كما يحدث بين المتعصبين لفرق كرة القدم ، وأنت لا تجد هذا حين يكون أحد الطرفين أجنبيا ، والسيرة الهلالية في واقع التاريخ مأسا ة عربية وليست مفخرة ؛ فالفاطميون الذين تركوا تونس واستولوا على مصر وجعلوها مركز الدعوة الشيعية أرادوا أن يحققوا هدفين من توجيه الهلاليين إلى تونس ( أفريقية قديما ) : الهدف الأول هو التخلص من هذه الموجة المهاجرة من شبه الجزيرة العربية ـ وهم من السنة ـ والهدف الثاني إثارة القلاقل لحكام تونس الذين جاؤوا بعد نزوح الفاطميين عنها ، يريدون ضرب العرب بالعرب ، والسنّة بالسنّة ، انظر يا أخي إلى الأهداف المسمومة ! لكنك لا تجد مثل ذلك في سيرة الظاهر بيبرس ولا الأميرة ذات الهمة ولا ابن بطال ولا سيف بن ذي يزن ، فالعرب ـ أو المسلمون ـ يقاتلون دفاعا عن أرضهم ضد الصليبيين والمغول ، أو ضد الأحباش المحتلين لأرض اليمن .
يستمع المستمعون لهذه السير فلا تجد سوى روح التعاطف مع أبطالها لا نزعات التعصب ضد أحد من أطرافها . لذلك أقول إن السيرة الهلالية لا يصح أن تكون مثالا محترما للسير الشعبية ؛ فهي لا تنمّي انتماء إلى وطن ولا إلى دين ، ولكنها تثير حزازات بسبب أمور تعصبية وكان وراءها دوافع ضد العرب أنفسهم .
**آمل أن تكون وجهة نظري قد اتضحت ، وأنا لست ضد السير الشعبية ذات الأهداف القيمة ، فهي كما تنقل تعبر عن الوعي الجماعي لأبناء الأمة ، فهل تجد في السيرة الهلالية هذا التعبير ؟ وشكرا . 26/4/2007