عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 30/01/2014, 05h30
الصورة الرمزية M O H A M E D
M O H A M E D M O H A M E D غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:13458
 
تاريخ التسجيل: January 2007
الجنسية: مصــري
الإقامة: مصــر
المشاركات: 810
Smile رد: خـواطـر قـنـاديـليـة : عن أغنيات المطرب محمد قنديل

كلمات : إبراهيم رجب
ألحان : محمد الموجي


خيال الفنان يستطيع أن يخلق عالماً بشخصياته و حكاياته من صورة بسيطة قد لا ينتبه لتفاصيلها أحد غيره .. أدواته لخلق هذا العالم هي عين متأملة و خيال جامح و عقل مفكر و إحساس مرهف .

فماذا رأى الفنان و صوره في أغنيتنا الشجية ؟ و ماذا حدث على موج النيل ؟

الصورة لزهرة ياسمين تطفو على صفحة النيل .. تلك الصورة قد يراها الناظر إليها مجرد حدث عابر في خضم ما يحدث بالكون .. و لا يعير أي انتباه للزهرة و لا للنيل .. و قد يراها آخر لوحة فاتنة الجمال فالتباين الواضح بين لون الزهرة و صفحة النيل الصافية المرصعة بحلي الأشعة الذهبية للشمس .. لكن لو همست له أن للأمر ارتباط بقضية الإنتماء للوطن لخرج من تأمله المتعمق ليسخر منك

الشاعر هنا لم ينكر جمال اللوحة ، لكنه بدأ بالانتباه لشعور الزهرة .. فوجدها حزينة .. و ما السبب ؟ أنها قُطفت فسقطت في الماء ، و أخذ الموج يحركها إلى أن ابتعدت عن الغصن الذي كانت جزءً منه .

اقتطع الشاعر الحكاية من هذا الجزء فلم يهتم بسبب سقوطها في الماء .. هل هذا ما فعلته الرياح أم امتدت لها يد عابث .. فهذا غير مهم في حكايته التي نسجها .. المهم أن الزهرة حزينة ، تبكي على فراق الأغصان التي نشأت و عاشت فوقها منذ أن جاءت إلى الدنيا .. يبتعد الشاطئ عن مرمى بصرها رويداً رويداً فيزيد حنينها له و يزيد ألمها و شوقها .. يبتعد عنها صوت الكروان الذي كانت تصحو على أنغامه و تحمل له حبات الندى تحية له و شكراً على غنائه .. ها هي الآن تفارق كل ذلك و تتجه نجو المجهول .

و على عكس ما بالزهرة من شجن ، كان الموج منتشياً بعبير الزهرة الذي فاح و نشر البهجة فيما حوله .. فأخذ يتراقص و يغني و اتخذ هذا اليوم عيداً .. و كلما تراقص ابتعدت الزهرة عن الشاطئ .. و هو غير مبالٍ بذلك ، مستمرٌ في غنائه و عزفه للحن السعاة بقدوم أنيس له لا يحمل سوى الرائحة الذكية و اللون المبهج .

و دار بينهما حوار .. بدأه الموج بأن لفت نظر الزهرة لما حولها من جمال ، فقد رأى عينيها معلقتين بشاطئ بعيد مما جعلها لا تنتبه لجمال النيل ذاته و مائه الرقراق المتلألئ في نور الشمس .. و أخذ يقنعها أن هذا المكان أجمل و أبرح و أروع .. ثم أخذ يبين لها الوجه المظلم للشاطئ الذي تشتاق إليه ، أشار لأنه ملئ بالأشواك ، و ورود عديمة الرائحة .. أما هنا فأنتِ متفردة و تنعمي بالحرية !

لكن هل اقتنعت ؟ و هل أنساها هذا الكلام حنينها و أطفأ لهيب شوقها ؟ لا لم تقتنع و لم تنسى فهي لا ترى في الشاطئ غير وطنها ، و النيل على اتساعه و فضله - الذي لا تنكره - ترى فيه اغتراباً و وحشة .. فالمسألة ليست أيهما أجمل بل هذا وطنها الذي ارتبطت به و عاشت فيه و لا ترضى بسواه .. و لم يكن لعبيرها إلا أن يسري في مكان غيره .. و بدورها أخذت تستجدي الموج أن يعيدها إلى الشاطئ حيث حبيبها الأوحد .. و لكنه لم يعير طلبها اهتماماً و استمر في ترديد أنشودته الراقصة محتفلاً بعيده السعيد ، مبتعداً عن الشاطئ .. حاملاً الزهرة معه أينما شاء .


__________________

()

رد مع اقتباس