عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 26/10/2009, 13h10
حسام راشد حسام راشد غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:408415
 
تاريخ التسجيل: April 2009
الجنسية: بحرينية
الإقامة: البحرين
المشاركات: 20
Smile

للإنضمام إلى مجموعة فارس العود العراقي في الفيس بوك محبو فارس العود ما عليكم إلا الضغط على اللنك التالي


http://www.facebook.com/group.php?gid=123796184900




فارس العود سعد محمود جواد وكونشيرتو الإبداع



العلم والعمل الدؤوب هما من حررا العود من حبسه الذي استمر احقابا متتالية خلف قضبان الغناء ، حينما جاء من تركيا ذلك العَلَم الذي عرف وأيقن أن هذه الآلة لم تكن تعيش ظلما وظلاما أصابها بالأعياء والوهن إلا بسبب الجهل بمعرفة ما تكنه من أسرار عظيمة ، آثرت أن تحتفظ به داخلها مهما طال بها الانتظار خلف ظلمة تلك القضبان الموحشة.
ذلك العَلَم هو الشريف محيي الدين حيدر رحمه الله ، والذي بعلمه وإصراره حرر العود من أسره ، وفك قيده وأطلق تلك الطاقات الكامنة بداخله ، ليجوب العالم متفاخراً بأمكاناته العظيمة ويسهم في حوار الحضارات من خلال نقله لتراث الشرق للغرب ، ويصحح تلك المفاهيم المغلوطة عن ماهية الموسيقى ولغتها المشتركة بين الشعوب ، مظهراً القدرات التقنية الكبيرة التي يمتلكها ، كل ذلك التحرير من العزلة والإنطوائية التي رافقت مسيرة آلة العود زمنا طويلاً ، بدأ على يد هذا العملاق الشريف محيي الدين حيدر ، والذي كما ذكرت امتلك أسلحة التحرير وهما العلم والممارسة الجادة .
انتقلت كل تلك المفاهيم الجديدة و الجميلة ، لتتواصل المسيرة الرائدة في تاريخ هذه الآلة العظيمة على أيدي طلابه من بعده ، وكان أبرزهم العملاق جميل بشير الذي كافح وواصل العمل الذي كان قد بدأه أستاذه الشريف ، فكانت النتيجة مؤلفاتٍ بديعةٍ تعجز الأحرف عن تأليف المفردات التي توفيها حقها الوصفي ، إلا من خلال نغماتها العذبة ، فأجمل من يصف الموسيقي هي الموسيقى ذاتها ، كان لتلك المؤلفات الأثر البالغ في تعزيز مكانة العود في العالمين الشرقي والغربي ، كما أنها أظهرت الكثير من تلك الأسرار المخبوءة خلف أوتار تلك الآلة الرائدة ، التي لا يزال البحث عن المزيد منها جارياً لكل من امتلك أدوات الإتقان المتمثلة في أسلحة التحرير الآنفة الذكر .
المدرسة العراقية الرائدة في مجال تحرير آلة العود من عزلته المجحفة ، كانت قد أخرجت كذلك العملاق الآخر منير بشير الذي انتهج اسلوباً خاصاً ، وأفاد من أستاذيه الشريف وجميل بشير ، حيث استطاع أن يخط خطا جديدا من الإبداع جعله يستخرج من تلك الأسرار ما ميزه شخصيا ، حتى ذاع صيته شرقا وغربا . فهل انتهى الإبداع عند هذا الحد ؟ من يستمع لكونشيرتو العود الذي ألفه فارس العود الفنان الملهم سعد محمود جواد ، يستطيع من أول وهلةٍ أن يكتشف أن هذه الآلة لازالت تحوي الكثير الكثير من الأسرار ، بل إنها لاتبخل على من كان أهلاً لإكتشافها وحمل مسؤلية الرسالة لأظهارها في أجمل وأبهى صورة ، لم استمع في حياتي لتقنية توازي تلك التي سمعتها من خلال كونشيرتو العود لذاك الفارس ، وكأنه أراد أن يقول بالعلم والعمل أنا امتدادٌ لتلك المدرسة العريقة ، بل عندما تستمع لتلك التحفة الموسيقية تجزم أنه يريد أن يقول: أنا ابن مدرسة الشريف وجميل بشير ومنير بشير ، وسأسير على الطريق مواصلاً مسيرة تحرير آلة العود من بقية القيود ، و التي علقت بها كما ذكر آنفا ، وسأحمل على كاهلي تلك المسؤولية العظيمة مهما كان حجم العوائق .
الكونشيرتو احتوى أكبر وأجمل تقنية تحويها مؤلفة موسيقية في تاريخ آلة العود ، بل ربما كان ذلك نتاجاً طبيعياً للسير الحثيث في الطريق الصحيح ، أم تراه تراكماً لخبراتٍ ومخزون تقني وعلمي كبير من تراث المدرسة العراقية المجيدة ، حتماً سيواجه فارس العود الكثير من الصعاب ، وربما كان أولها هو تحدي الذات ومواصلة المسير نحو الأفضل والأكمل ، فالمحافظة على البقاء في القمة لا تكاد تكون أشق من الوصول إليها ، نعم !! تحدي الذات سيصبح همه وهاجسه ، فهنيئاً للمدرسة العراقية بعَلَمٍ كفارس العود ، فهو خير خلف لخير سلف ، فارس العود إنسان دمث الأخلاق ، امتلك تواضعاً جماً حتى بعد هذه المؤلفة الإبداعية ، فعندما أراد أن يسجل بهذا الكونشيرتو إبداعاً غير مسبوق أبى عليه تواضعه إلا أن يعترف برد الجميل لأساتذته ، ومن يستمع لذلك الكونشيرتو سيعي تماما معنى ذلك .


بقلم أبراهيم علي الزبيدي

التعديل الأخير تم بواسطة : عثمان دلباني بتاريخ 26/10/2009 الساعة 20h58
رد مع اقتباس