المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تهاويم


تريزى بس
04/08/2011, 14h24
اصرارك على مجالسة المجاذيب من نكرات العوالم والمغنيات فضلا عن انحدارك الى المراقص الوضيعة الماجنة لمطارحة الغرام مع بائعات الهوى من بنات الليل ، وأنت تواظب على هذا في مثابرة سرمدية تنبهك بأنك على شفا من غيابة حلم أبدي ، لكنك تستهين بتحذيرهم وتخلد في تهويمة كرا ، وهو ما أنهك قواك التي خارت وأنت تتلمس طريقك نحو الميدان ؛ لتصغي الى تقاسيم شاعر بربابة يجلس في كنف الميدان ويوزع الثورة بتقاسيمه الحسان فيدندن كالحالم " لمّا بدا يتثنى ... بخفة جماله فتنّا " ثم يصدح مرددا " اسلمي يا مصر انني الفدا " وينتقل من دور الى مونولوج الى موشح الى طقطوقة في سلاسة ساحرة ومرونة آثرة ، وأنت تردد معه في صوت جهورى وفى نبراته صحلة حلوة تجلت في صوته المبحوح ، وطال المجلس وطاب لكنك ما أن ترى الشمس قد شرعت في جمع أشعتها الوهاجة لتنحسر في دجمة الليل العريض ، فتهرع من موقفك لتراقب مشهد الغروب الذي أتى على غير انتظار ، تلك العادة الغريبة التى حافظت عليها منذ صباك الباكر ، والتي طالما حدثتك بأن محبوبتك التي تبحث عنها منذ عامين أو أكثر ستكون هنا في الميدان عما قليل . تجوب الميدان فاحصا المارة وترقب الأنام جميعهم عن كثب ؛ فترى اناسا كثرا نضحت ملامحهم بحماس وفير يدوي هتافهم في طويتك فيشيع الثورة في منافذ حسك وجوانب نفسك .. يغمرك شعور كالذي كان يساورك في تحية العلم وأنت صبي ورويدا رويدا تشتعل في نفسك جذوة الحماس فتتمتم هاذيا بهسيس كليمات غير واضحة ولا مفهومة ، تشاركهم الهتاف ببسالة وفدائية وتندس وسط الجموع التي عج بها الميدان ، ويختلط صوتك بأصواتهم فتشق من زفيرهم وأنت تحدق في وجوههم ، ومازلت تشاركهم الهتاف حتى تصبب جبينك بالعرق ، حينها تذعن لاحساس ما يملي عليك الاعراض عنهم سيما وان هناك نسوة من بينهن فتاتان قد انشغلن بحديث الى بعضهن ، تقول احداهن : يستحيل أن يكون النظام فاسدا كل الفساد ، ويكون الشعب صالحا كل الصلاح .. هذا هراء في هراء . نحن نحتاج الى ثورة اجتماعية نستعيد بها المثل العليا من مبادئ وقيم وجلائل الشيم ، وصمتت برهة لترضب ريقها ثم استطردت : وما عدا ذلك فنحن جيل هزيل هائم بالاسفاف والصغائر والدنيات . وتقول الأخرى في رثاء : نحن تربينا على الفساد ، فكيف نستأصله وقد تغلغل في حشايانا وتمخض في سائر وشائجنا وجوارحنا ؟! .. يعجبك الحديث ، ترنو اليهن كثيرا بنظرات ذات معنى ، وتود لو تذهب لتثني عليهن بنفسك . ولكن ما أن تتقدم نحوهم خطوة فتجدهن قد استحالتا الى جندين مدججين بالسلاح ترتسم على ملامحهم أشر تعاويذ الغضب تقف مشدوها حيالهم للحظة وأنت تتدارك الخطر الذي يقصدك تحاول الاستنجاد بالجموع الغفيرة التي كنت تهتف معهم ، لكنك تجدهم قد تحولوا الى أشباح تهم بأذاك ، فتمرق من موضعك هائما على وجهك تذكر مأوى يقبع فى أحد جنبات الميدان تولي وجهك صوبه ، لكنك تتعرقل فتنبطح أرضا .. تقهقر الهائم وباخت أساريره . تظن أنها النهاية لا محالة ...وأمتلأ المكان برائحة الموت فتمتلأ يقينا به بأنفاسك الني تحتضر وروحك التي تتحشرج في صدرك ، لكن يد العون تمتد اليك من فتاة مسدلة مخرت الحشد الذي التف حولك لتنتشلك من بينهم ، وتلوذ بالفرار لتستقر بك في خيمة قد نصبت في ركن مجهول من أحد أركان الميدان . وتريحك الى مرقد بالي وتنصرف قائلة : سأعود عما قليل . لكن الليل كان قد سجا فأسجف وجنّ .. والى جانبك نفر من الورى قد انهمكوا في حلقات الذكر والتفقير . تحملق في الظلام فاذا بك تتبين ملامح الشاعر وفي يده ربابة مكسورة ، يجذبك بقوة ثم يلقي بك في اتون الشعوذة وسط حلقات الذكر . تظل تميل معهم يمنة ويسرة عاطفا برأسك على الجانبين وتحاول أن تطابق ملامح الفتاة المسدلة على ملامح محبوبتك ، لكنها تختلط على ذهنك رغم أن صورتها بملامحها الدقيقة ماتزال تلاطم وعيك بين فينة وأخرى ، تتسائل في وجوم : كيف لأنثي مثل هذه بقدها المظلوم أن تحملك هكذا وكانت أملك تشقى حين كنت تركب كتفها وأنت طفلا ؟!! يعييك التذكر فتستسلم لضعفك وهزلك وأنت يكاد يغشى عليك فيعيدونك الى مضجعك الحقير ريثما تسترد أنفاسك المتقطعة . يجلس اليك الشاعر دون أن ينبس ويشعل عود ثقاب يضيئ به نبراسا يوصوص منه ضوء خافت ، ولأول مرة تسنح لك فرصة لتتفرس وجهه كيفما تشاء ، فيبدو لك أنه أسحم أكثر من المعقول فيعتري نبراتك وجل ورهبة ويدق قلبك بعنف ويتضاعف سواد وجهه الداجم على ضوء مصباحه العليل . وتتسائل في دخيلتك : لماذا صمت كل شئ هكذا حتى أهل الذكر والربابة المكسورة وما لنا لا نتبادل لا كلمة ولا حتى نظرة ؟! يبدو انني مت أكثر من اللازم حين وقعت بين المارة وهذا حساب الملكين . يطرق برأسه فيقع بصره على ضوء المصباح فتجده محاقا بهالة من الهاموش فيذكرك بحلقات الذكر والتفقير ، فتحول وجهك عنه ، ومن خلال ثلمة وكوة تنظر الى الليل خارج الخيمة ، فتهفو الى نجم براق في السماء فيبتسم مصغيا اليك ، فتسأله : كم حول مر على عهد بيبي الثاني ، وعن أسباب الثورة الاجتماعية التي اندلعت في فترة حكمه السرمدية ؟ فيتلألأ ولا يجيب يغضبك هذا فتعاود الكرّة ولكن دون جدوى . تسأله عنها .. هل ستعود حقا ؟ يزداد لمعانا ولا يجيب . عله يتأهب ليسقط على شيطان يثير الفتنة بين الشعب والجيش تشير اليه أن يعاود التفكير في توءدة وروية قبل أن يفعل ، تحاول اقناعه بأن الاعتراض على المجلس العسكري انما هو اعتراض على نظام سياسي ، وليس اعتراض على الجيش بحال من الاحوال . يزداد لهبا ثم يقترب فتقول له : الانتخابات أولا . لا جدوى يواصل هبوطه نحوك . تزدرد ريقك في تلهف ثم تقول : بلى الدستورأولا . لا يكف يواصل سيره وينحدر أكثر كانحدارك الي أودية الغواية . تقول في هرولة : " يحيا الهلال مع الصليب " . لا يقتنع ولا يقف وأنت مكبل القوى مكتوف الأيدي مسلوب الارادة مقيد الحركة . تحاول أن ترجوه للكف عن هبوطه ، فتخونك نبراتك ، فتستجمع الحروف في صعوبة لتقول وأنت تنتفض ويرج صوتك أرجاء المكان : " تحيا الثورة " وتستقيقظ فزعا من نومك وأنت تقول : " تحيا مصر تحيا الثورة "

يهرع آل بيتك الى حجرتك فيجدونك فى حال مزرية متردية ، فتأمر لك والدتك بكوب من الماء وأنت تحدجهن جميعا بنظرة من عينيك الهامعتين وتجول بعينك في الحجرة لتتملى سحر المكان وأنت تقول في دهشة : أين أنا ، ألست في الميدان ؟!!! ..


تمت


أحمد عبدالعال رشيدي

صالح المزيون
04/08/2011, 22h09
أستاذنا تريزي وبس
دام قلمك الفياض ... حقيقة أطربني ما قرأته من إبداع ...
لقد استطعت بأسلوبك الفريد الإبحار بنا عبر عدة مواتئ هادئة جميلة من دون أن نحس باضطراب أمواج الأدب العاتية .. ولا غرابة في ذلك فأنت الربان الماهر الذي تمرس في مصارعة العباب حتى أسكن جميع ثوراته ...
سبحت بنا من الحانة والذكريات الحمراء إلى مواقف الثورة والحماس إلى مرارة الشوق وحرارة الانتظار لطيف الحبيبة المهاجرة المفقودة ومن ثم عدت بنا إلى جو النضال المحموم وهكذا تصرفت بنا كما تشاء أنت لا كما أردنا نحن ... أسلوب فريد في مزج الأحداث بصورة عبقرية فذة وكأنك اعتصرت الأريج من عدة أزهار مختلفة لتخرج لنا ذلك العبق الفواح المتميز الهادف ...
نما بي الشوق من جديد لسماع ألحانك المتسقة على مقامات شتى !
سلمت يراعتك
:emrose::emrose::emrose:
نفحة عبير

تريزى بس
05/08/2011, 17h59
أستاذنا تريزي وبس
دام قلمك الفياض ... حقيقة أطربني ما قرأته من إبداع ...
لقد استطعت بأسلوبك الفريد الإبحار بنا عبر عدة مواتئ هادئة جميلة من دون أن نحس باضطراب أمواج الأدب العاتية .. ولا غرابة في ذلك فأنت الربان الماهر الذي تمرس في مصارعة العباب حتى أسكن جميع ثوراته ...
سبحت بنا من الحانة والذكريات الحمراء إلى مواقف الثورة والحماس إلى مرارة الشوق وحرارة الانتظار لطيف الحبيبة المهاجرة المفقودة ومن ثم عدت بنا إلى جو النضال المحموم وهكذا تصرفت بنا كما تشاء أنت لا كما أردنا نحن ... أسلوب فريد في مزج الأحداث بصورة عبقرية فذة وكأنك اعتصرت الأريج من عدة أزهار مختلفة لتخرج لنا ذلك العبق الفواح المتميز الهادف ...
نما بي الشوق من جديد لسماع ألحانك المتسقة على مقامات شتى !
سلمت يراعتك
:emrose::emrose::emrose:
نفحة عبير

الأستاذ صالح المزيون

لقد تمخض النص بعطر فواح من قارورة كلماتك المعبقة بشذا اليسامين ، فكانت اطرائك كالسلسبيل الذي ينهل منه النص قيمته ؛ فالنص لا يستقيم الا في ظلال كلماتك الوارفة .
شكرا لشخصكم الكريم ومنبتكم الأصيل على ما أوليتني من مكانة لا تتأتى الا بتوكأت على مثلكم .

بلقيس الجنابي
07/08/2011, 04h29
بوحك صادق المشاعر
وألمٌ واضح
بين سطوره
ومصابيح كلماتك
تلوح بصخب هذا البوح كيف نحسب لتلك الصور الإبداعية التي كلما مضت . شعرنا بأنها ما زالت في أوجها وتألقها الحزين
ومازالت في لونها المتوحد بها فكلما جاوزت عقارب الساعة
منتصف القلق في ساحة الأحرار . ساحة الفداء . ساحة الثوار كلما جاوز بنا الهّم لهم أكبر وجاوز بنا الترقب لفجر أجمل . لصحوة ضمير أبيض ،
لترقب أكبر أمل وتدثرنا بمعطف الحرية كي نعتاد التوحد الفكري النقيِّ سأتبع هذا القادم من ضياء . فجر يعلن حضوره الزاهر
الكاتب : أحمد عبدالعال رشيدي

أغتنم الفرصة وأقدمُ شُكري لهذا القلم
وأنتظر القادم .. حتماً القادم أروع
:emrose:

تريزى بس
08/08/2011, 01h20
بوحك صادق المشاعر
وألمٌ واضح
بين سطوره
ومصابيح كلماتك
تلوح بصخب هذا البوح كيف نحسب لتلك الصور الإبداعية التي كلما مضت . شعرنا بأنها ما زالت في أوجها وتألقها الحزين
ومازالت في لونها المتوحد بها فكلما جاوزت عقارب الساعة
منتصف القلق في ساحة الأحرار . ساحة الفداء . ساحة الثوار كلما جاوز بنا الهّم لهم أكبر وجاوز بنا الترقب لفجر أجمل . لصحوة ضمير أبيض ،
لترقب أكبر أمل وتدثرنا بمعطف الحرية كي نعتاد التوحد الفكري النقيِّ سأتبع هذا القادم من ضياء . فجر يعلن حضوره الزاهر
الكاتب : أحمد عبدالعال رشيدي

أغتنم الفرصة وأقدمُ شُكري لهذا القلم
وأنتظر القادم .. حتماً القادم أروع
:emrose:

ربّة الشعر .. الشاعرة : بلقيس الجنابي

تلعثم حرفي حيال ما نثرتي من رؤى أنافت بي الى معراج المعاني فادركت بها ركب النشاوي ؛ فنصي لم يكن ذو قيمة الا بعدما توهج بهالة من كلماتك الوضاءة . فقيمة النص لم تكن فيه بقدر ما كانت فيما أوليتيه من تعقيب ، لأن مثلك يرى الأشياء بحواس مضاعفة . فشكرا ثم شكرا للأمام .