MOHAMED ALY
18/10/2006, 02h37
الكحلاوي.. مداح الرسول ( 1 )
بقلم الصحفية : سارة الحلواني
هو صاحب الملحمة النبوية أو "مداح الرسول" كما كان يحب أن يُنادى، المطرب الذي سلك طريق العبادة والزهد وسخّر الفن ليكون طريق دعوة وحض على الفضيلة، وهو أيضًا الفنان صاحب القدرات المتعددة الذي تنوع بين الغناء البدوي والشعبي والديني وكذلك في التمثيل، وكان له شرف الريادة والسبق في كل ألوان الغناء التي اشتهر بها ثم تبعه المريدون!.
إنه الفنان محمد مرسي عبد اللطيف أو "الكحلاوي" الذي يُعَدّ واحدًا من أشهر من مدحوا الرسول صلى الله عليه وسلم بين مطربي عصره.
نشأ الكحلاوي نشأة دينية عربية في منيا القمح بالشرقية (شمال القاهرة) في أسرة عربية قح، وُلد في أكتوبر 1912، يتيمًا بعدما توفيت والدته أثناء ولادته ولحق بها أبوه وهو لا يزال طفلاً رضيعًا، وقد تناقلته الأسرة بينها إلى أن استقر به الأمر وعمره 3 سنوات في كنف خاله الفنان محمد مجاهد الكحلاوي الذي انتقل به إلى حي باب الشعرية الشعبي العريق الذي كان له أثر كبير في شخصيته.
تربى الكحلاوي في أحضان خاله الذي كان معاصرًا للفنان صالح عبد الحي وكان ذا صيت في ذلك الوقت، وكان هو من الرعيل الأول للمطربين الشعبيين، وكان يطلق عليهم في ذلك الوقت الصهبجية وهم المغنون الذين يحيون الأفراح والليالي الملاح.
وقد كان لملازمته لخاله -معلّمه- في حفلاته الأثر الكبير، حيث تشبع بالحياة الفنية منذ صغره وورث عنه الصوت الجميل والأداء المتميز وكذلك لقبه!.
وقد ألحقه خاله بمدرسة فرنسية للراهبات درس بها خمس سنوات، وفي نفس الوقت كان يحفظ القرآن في جامع سيدي الشعراني، ولما لم تعجبه الدراسة بالمدرسة الفرنسية ألحقه خاله بالتعليم الديني الأزهري فأظهر تألقًا ساعده عليه حفظه للقرآن كاملاً حفظًا وتلاوة في السادسة من عمره، واستمر في التعليم الأزهري، لكنه لم يحصل على شهادة العالمية الأزهرية، وكان لدراسته الدينية أبلغ الأثر في إتقانه للغة العربية وتصحيح مخارج ألفاظه، واستيعابه للنصوص العربية والشعر العربي، ومكنه بعد ذلك من إلقاء الشعر والقصائد والمدائح النبوية
الصدفة قادته للنجومية
وكان الفتى الكحلاوي يقضي وقته بين الغناء ولعب كرة القدم التي تميز فيها حتى أصبح في وقت لاحق كابتن فريق نادي السكة الحديد، كما كان يلازم نادي الزمالك ونادي الترسانة في كل سفرياتهم (من أكبر وأقدم أندية مصر).
كما كان الكحلاوي مطرب الحي الذي يغني في حفلات السمر، وفي يوم الخميس كان يسير هو وأصدقاؤه من باب الشعرية إلى حديقة الأزبكية الشهيرة، حيث كانت تتواجد الفرق المسرحية والموسيقية العريقة مثل فرق الشيخ سلامة ومنيرة المهدية وعكاشة، وكانوا يختلسون النظر من خلف الكواليس وأحيانًا كانوا يشاركون في بعض الأعمال ككومبارس صامت، إلى أن لعبت الصدفة لعبتها عندما تأخر مطرب الفرقة زكي عكاشة في ذلك الوقت، فطلب منظم الحفلة من الكحلاوي وأصدقائه أن يقوم أحدهم بالغناء حتى لا يمل الجمهور، فأجمعوا كلهم على الكحلاوي، وكانت المرة الأولى التي واجه فيها الكحلاوى الجمهور فغنى له إحدى أغنيات خاله التي أفزع تجاوب الجمهور معها الكحلاوي فهرب من الحفل!.
واختاره صاحب الفرقة -زكي عكاشة- للغناء، وعرض عليه أن يسافر مع الفرقة إلى بلاد الشام، وكان لا يزال طفلاً فسافر مع الفرقة دون علم خاله، وكان مقررًا لهذه الرحلة أن تستمر شهرين، لكنه لم يَعُد مع الفرقة إلى مصر واستمر لثماني سنوات في بلاد الشام، تنقل فيها بين بلادها ليتعلم الغناء العربي الأصيل ويتقن خلالها اللهجة البدوية وإيقاعاتها وغناء الموال والعتابة وطرح الجول. ثم عاد إلى مصر شابًّا يافعًا في العشرين من عمره، خرج من بيته بحوالي عشرين قرشًا وعاد ومعه حوالي 38 ألف جنيه وهي ثروة ضخمة وقتها.
رائد الفيديو كليب
وبمجرد عودته صوّر الكحلاوي إسكيتشًا بدويًّا هو (أفراح البادية)، وكان يعرض في استراحات السينمات وقتها؛ هذا بالإضافة إلى الغناء الحي في بعض السينمات، حيث كان يستعين بديكور بسيط مثل خلفية منظر البادية وديكور ملائم، وكانت سينما ريفولي تعلن عن إسكيتش الكحلاوي الذي كان كفيلاً بإنجاح الأعمال السينمائية التي تعرض معه.
وكان للكحلاوي الريادة والسبق في تقديم هذا الشكل من التابلوهات الغنائية، وهو ما يطلق عليه الآن الفيديو كليب، وقد لقي هذا اللون في ذلك الوقت نجاحًا كبيرًا في أيام الثلاثينيات
وكان الكحلاوي يهتم بالكلمة فهي جسره للوصول للآخرين، فكان دائمًا ما يتدخل في كلمات أغانيه ويشارك صاحبها كتابتها، وكان يستهل معظم أغانيه بالغناء المنفرد، ثم تدخل الموسيقى بعد ذلك وهي الطريقة التي اتبعها معظم المغنين من أبناء جيله وحتى الآن.
رائد الأغنية البدوية
وقد اتجه الفنان الشاب إلى الغناء البدوي الذي تعلمه جيدًا أثناء سفره فكوّن في بداية حياته ثلاثية جميلة مع بيرم التونسي بالكتابة وزكريا أحمد بالتلحين وهو بالغناء، واستطاعوا أن يظهروا لونًا غنائيًّا لم يكن على الساحة الغنائية آنذاك هو الأغنية البدوية التي وجدت قبولاً واستحسانًا كبيرًا، وساعد على انتشارها وتخليدها أنها كانت بمثابة تابلوهات غنائية في الأفلام التي شارك فيها الكحلاوي والتي كانت كفيلة بإنجاحها، وقد قلده عدد كبير من الفنانين وعلى رأسهم فريد الأطرش، وهو ما جعله يبحث عن مجال آخر للريادة والتميز فكانت الأغنية الشعبية.
وبدأ محمد الكحلاوي التمثيل نجمًا فكان أول أفلامه من إنتاج "أولاد لامة" وبطولة كوكا وسراج منير الذي تصدر أفيشاته رغم أنه لم يظهر سوى في مشاهد معدودة.
وقد كوّن الكحلاوي ثاني شركة إنتاج في الوطن العربي وهى (شركة إنتاج أفلام القبيلة) أراد بها صناعة سينما بدوية فتخصصت في الأفلام العربية البدوية مثل "أحكام العرب" و"يوم في العالي" و"أسير العيون" و"بنت البادية"، وغيرها والتي شارك فيها بالتمثيل واعتبرت هذه الأفلام بداية لعملية تمصير الفيلم العربي والذي كان يعتمد من قبل على النصوص الأجنبية المترجمة، وقد قدم في هذه التجربة نحو 40 فيلمًا.
http://www.islamonline.net/arabic/famous/2004/02/article03.SHTML (http://www.islamonline.net/arabic/famous/2004/02/article03.SHTML)
بقلم الصحفية : سارة الحلواني
هو صاحب الملحمة النبوية أو "مداح الرسول" كما كان يحب أن يُنادى، المطرب الذي سلك طريق العبادة والزهد وسخّر الفن ليكون طريق دعوة وحض على الفضيلة، وهو أيضًا الفنان صاحب القدرات المتعددة الذي تنوع بين الغناء البدوي والشعبي والديني وكذلك في التمثيل، وكان له شرف الريادة والسبق في كل ألوان الغناء التي اشتهر بها ثم تبعه المريدون!.
إنه الفنان محمد مرسي عبد اللطيف أو "الكحلاوي" الذي يُعَدّ واحدًا من أشهر من مدحوا الرسول صلى الله عليه وسلم بين مطربي عصره.
نشأ الكحلاوي نشأة دينية عربية في منيا القمح بالشرقية (شمال القاهرة) في أسرة عربية قح، وُلد في أكتوبر 1912، يتيمًا بعدما توفيت والدته أثناء ولادته ولحق بها أبوه وهو لا يزال طفلاً رضيعًا، وقد تناقلته الأسرة بينها إلى أن استقر به الأمر وعمره 3 سنوات في كنف خاله الفنان محمد مجاهد الكحلاوي الذي انتقل به إلى حي باب الشعرية الشعبي العريق الذي كان له أثر كبير في شخصيته.
تربى الكحلاوي في أحضان خاله الذي كان معاصرًا للفنان صالح عبد الحي وكان ذا صيت في ذلك الوقت، وكان هو من الرعيل الأول للمطربين الشعبيين، وكان يطلق عليهم في ذلك الوقت الصهبجية وهم المغنون الذين يحيون الأفراح والليالي الملاح.
وقد كان لملازمته لخاله -معلّمه- في حفلاته الأثر الكبير، حيث تشبع بالحياة الفنية منذ صغره وورث عنه الصوت الجميل والأداء المتميز وكذلك لقبه!.
وقد ألحقه خاله بمدرسة فرنسية للراهبات درس بها خمس سنوات، وفي نفس الوقت كان يحفظ القرآن في جامع سيدي الشعراني، ولما لم تعجبه الدراسة بالمدرسة الفرنسية ألحقه خاله بالتعليم الديني الأزهري فأظهر تألقًا ساعده عليه حفظه للقرآن كاملاً حفظًا وتلاوة في السادسة من عمره، واستمر في التعليم الأزهري، لكنه لم يحصل على شهادة العالمية الأزهرية، وكان لدراسته الدينية أبلغ الأثر في إتقانه للغة العربية وتصحيح مخارج ألفاظه، واستيعابه للنصوص العربية والشعر العربي، ومكنه بعد ذلك من إلقاء الشعر والقصائد والمدائح النبوية
الصدفة قادته للنجومية
وكان الفتى الكحلاوي يقضي وقته بين الغناء ولعب كرة القدم التي تميز فيها حتى أصبح في وقت لاحق كابتن فريق نادي السكة الحديد، كما كان يلازم نادي الزمالك ونادي الترسانة في كل سفرياتهم (من أكبر وأقدم أندية مصر).
كما كان الكحلاوي مطرب الحي الذي يغني في حفلات السمر، وفي يوم الخميس كان يسير هو وأصدقاؤه من باب الشعرية إلى حديقة الأزبكية الشهيرة، حيث كانت تتواجد الفرق المسرحية والموسيقية العريقة مثل فرق الشيخ سلامة ومنيرة المهدية وعكاشة، وكانوا يختلسون النظر من خلف الكواليس وأحيانًا كانوا يشاركون في بعض الأعمال ككومبارس صامت، إلى أن لعبت الصدفة لعبتها عندما تأخر مطرب الفرقة زكي عكاشة في ذلك الوقت، فطلب منظم الحفلة من الكحلاوي وأصدقائه أن يقوم أحدهم بالغناء حتى لا يمل الجمهور، فأجمعوا كلهم على الكحلاوي، وكانت المرة الأولى التي واجه فيها الكحلاوى الجمهور فغنى له إحدى أغنيات خاله التي أفزع تجاوب الجمهور معها الكحلاوي فهرب من الحفل!.
واختاره صاحب الفرقة -زكي عكاشة- للغناء، وعرض عليه أن يسافر مع الفرقة إلى بلاد الشام، وكان لا يزال طفلاً فسافر مع الفرقة دون علم خاله، وكان مقررًا لهذه الرحلة أن تستمر شهرين، لكنه لم يَعُد مع الفرقة إلى مصر واستمر لثماني سنوات في بلاد الشام، تنقل فيها بين بلادها ليتعلم الغناء العربي الأصيل ويتقن خلالها اللهجة البدوية وإيقاعاتها وغناء الموال والعتابة وطرح الجول. ثم عاد إلى مصر شابًّا يافعًا في العشرين من عمره، خرج من بيته بحوالي عشرين قرشًا وعاد ومعه حوالي 38 ألف جنيه وهي ثروة ضخمة وقتها.
رائد الفيديو كليب
وبمجرد عودته صوّر الكحلاوي إسكيتشًا بدويًّا هو (أفراح البادية)، وكان يعرض في استراحات السينمات وقتها؛ هذا بالإضافة إلى الغناء الحي في بعض السينمات، حيث كان يستعين بديكور بسيط مثل خلفية منظر البادية وديكور ملائم، وكانت سينما ريفولي تعلن عن إسكيتش الكحلاوي الذي كان كفيلاً بإنجاح الأعمال السينمائية التي تعرض معه.
وكان للكحلاوي الريادة والسبق في تقديم هذا الشكل من التابلوهات الغنائية، وهو ما يطلق عليه الآن الفيديو كليب، وقد لقي هذا اللون في ذلك الوقت نجاحًا كبيرًا في أيام الثلاثينيات
وكان الكحلاوي يهتم بالكلمة فهي جسره للوصول للآخرين، فكان دائمًا ما يتدخل في كلمات أغانيه ويشارك صاحبها كتابتها، وكان يستهل معظم أغانيه بالغناء المنفرد، ثم تدخل الموسيقى بعد ذلك وهي الطريقة التي اتبعها معظم المغنين من أبناء جيله وحتى الآن.
رائد الأغنية البدوية
وقد اتجه الفنان الشاب إلى الغناء البدوي الذي تعلمه جيدًا أثناء سفره فكوّن في بداية حياته ثلاثية جميلة مع بيرم التونسي بالكتابة وزكريا أحمد بالتلحين وهو بالغناء، واستطاعوا أن يظهروا لونًا غنائيًّا لم يكن على الساحة الغنائية آنذاك هو الأغنية البدوية التي وجدت قبولاً واستحسانًا كبيرًا، وساعد على انتشارها وتخليدها أنها كانت بمثابة تابلوهات غنائية في الأفلام التي شارك فيها الكحلاوي والتي كانت كفيلة بإنجاحها، وقد قلده عدد كبير من الفنانين وعلى رأسهم فريد الأطرش، وهو ما جعله يبحث عن مجال آخر للريادة والتميز فكانت الأغنية الشعبية.
وبدأ محمد الكحلاوي التمثيل نجمًا فكان أول أفلامه من إنتاج "أولاد لامة" وبطولة كوكا وسراج منير الذي تصدر أفيشاته رغم أنه لم يظهر سوى في مشاهد معدودة.
وقد كوّن الكحلاوي ثاني شركة إنتاج في الوطن العربي وهى (شركة إنتاج أفلام القبيلة) أراد بها صناعة سينما بدوية فتخصصت في الأفلام العربية البدوية مثل "أحكام العرب" و"يوم في العالي" و"أسير العيون" و"بنت البادية"، وغيرها والتي شارك فيها بالتمثيل واعتبرت هذه الأفلام بداية لعملية تمصير الفيلم العربي والذي كان يعتمد من قبل على النصوص الأجنبية المترجمة، وقد قدم في هذه التجربة نحو 40 فيلمًا.
http://www.islamonline.net/arabic/famous/2004/02/article03.SHTML (http://www.islamonline.net/arabic/famous/2004/02/article03.SHTML)