المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ام كلثوم الصوت الذي لا خليفة له(الياس سحاب)


بهاء الدين 7
11/04/2008, 17h10
احس احيانا بان الشهره القصوى التي تمتعت بها ام كلثوم تلقي بعض الظلال على القيمه الحقيقيه لصوتها بدل ان تلقي عليها الاضواء ...واحس احيانا بان معظم الناس ,ومن فرط ما اصبح الاستماع الى ام كلثوم عادة وتقليدا وادمانا وجزءا عاديا من حياتنا اليوميه, بوسعهم ان يحسوا بملامح الجمال في اي صوت جديد اكثر مما بوسعهم فعل ذلك مع صوت ام كلثوم ,لانهم لم يعودوا يستمعون في ام كلثوم الى الصوت ,بل الى الاسطوره
او الى العاده اليوميه.هذه الحقيقه احسست بها وانا استمع الى صوت ام كلثوم وسط جو مصارعتها للموت...
هذا الصوت اصبح الان جزءا من تراثنا الفني , ويمكن للمستمع ان يخرج من اطار ام كلثوم الاسطوره ,ليسرق لنفسه لحظات من الاستماع الى ام كلثوم الصوت والاداء ... وعندئذ فقط , وبالمقارنه مع كل الاصوات الغنائيه العربيه ,النسائي منها والرجالي ,يمكن للمستمع المدقق قليلا ان يضع يده على مواقع العظمه الخاصه التي يتميز بها صوت ام كلثوم عن بقية اصوات عصرها.

بهاء الدين 7
20/04/2008, 14h21
من البديهي ان مجال الدراسة العلميه لصوت ام كلثوم ولتراثها الغنائي الضخم سينفتح الان على مصراعيه امام كل المختصين . يصدرون فيه الدراسات والمجلدات, ولكن بالامكان مع ذلك تسجيل انطباعات فنيه عامه وسريعه على هذا الصوت , خاصة وان كثيرا من مزاياه واضحهة حتى للأذن المتذوقة غير الدارسه.
من اهم مزايا صوت ام كلثوم اتساع مساحته على الطبقات المرتفعه والمنخفضة معا , ومع ان لهذه المساحة مقاسات علمية لا بد من ان ترد في اي دراسة مقبلة عن ام كلثوم , فان بوسع اذن المستمع العادي التنبه الى ذلك , بالاستماع- مثلا - الى تسجيل ((يا ظالمني)) الذي تبثه اذاعة بيروت , والمنقول عن حفلة فندق كابيتول سنة 1954 , حيث تصل ام كلثوم في كلمة ((يوم)) من عبارة
((عشان تعطف علي يوم)) الى درجة منخفضة غير موجودة عادة الا في اصوات الرجال من الفئة الغليظه ..... وفي المقابل فان ام كلثوم تصل في نفس التسجيل الى طبقات مرتفعة جدا عندما تصعد صرخة ((ياظالمني))(قبل القفلة) الى ذروة صوتية عالية جدا.(الياس سحاب)......

بهاء الدين 7
22/04/2008, 19h35
الميزه الثانيه هي تحدي اوتار صوتها لقوانين الطبيعة في نمو الخلايه البشرية , فبينما تعرضت
اوتار صوت عظيم كصوت عبد الوهاب الى تغييرات جذرية , جعلت عبد الوهاب يتوقف عن الغناء
المتواصل , ويكتفي بتسجيلات محدودة مع الة العود , وبينما شاخ صوت ليلى مراد -مثلا- وهي
في الخمسين من عمرها , فتوقفت عمليا عن الغناء , فان التغييرات التي طرأت على صوت ام كلثوم
وأهمها انخفاض مساحة الطبفات المرتفعة في صوتها كانت اقل بكثير من التطور الطبيعي المفروض
, وحتى هذا التغيير الطفيف نسبيا , لم يطرأ على حنجرتها الا بعد ان تحاوزت الستين .

ميزة اخرى قد تكون الاولى واللأهم , وهي خبرة حنجرة ام كلثوم غير العاديه في أصول الغناء
العربي المرتكز في اساسه الى ترتيل القرآن والتواشيح الدينيه , وهذه لها ميزات محدده مهمه
جدا منها المعرفه الواسعه بكل المقامات العربيه المحشوه بأرباع الصوت كالسيكا والبياتي والراست
والصبا , هذه المعرفه التي سمحت لام كلثوم ليس فقط بالاداء العظيم لهذه المقامات , بل ببراعة
التنقل بينها بسهوله , والتي سمحت لها ايضا باتقان غريب لكل براعات النمنمه الغنائيه والفسيفساء
الصوتيه وتلوين المنعطفات الصوتيه, بما في ذلك القفلات البارعة الدقيقه التي تضرب في قلب
المقام الذي تقفل به الجمله الغنائيه .

وحتى يعرف المستمع العادي مدى البراعه التي توافرت لأم كلثوم في هذه المجالات كلها ,
فما عليه الا ان يعقد مقارنة سمعيه دقيقة بينها وبين اي صوت اخر(خاصة الاصوات النسائيه)
في هذه التفاصيل الفنيه الدقيقة , ومن الغريب ان صاحبة هذا الصوت الذي توافرت له كل امكانات
التحكم في الاسلوب الشرقي للغناء تحكما غير عادي , قدمت في فترة معينه من حياتها , وبالذات
مع محمد القصبجي في فلم نشيد الامل (وفي نفس فترة هذا الفيلم) لونا من الغناء الأقرب جدا
الى اللون الغربي الاوبرالي , مثل اغنية ((ياما ناديت من اسايا)) و ((يا مجد)) وغيرها ,
وهي الاغنيات التي حاول فيها القصبجي التوزيع الاوركسترالي الهرموني , ثم توقفت التجربه
بعد ان قطعت فيها ام كلثوم شوطا اثبتت خلاله قدرتها على آداء هذااللون من الغناء بتميز واقتدار
لا يقلان عن تميزها واقتدار في اللون العربي الصميم . (الياس سحاب)