الملحن القدير : محمد الرويشد
السيره الذاتيه :
محمد عبدالرحمن الرويشد
مواليد : 1953م
أتم المرحلة الثانوية في ثانوية الرميثية عام 1972
التحق بجامعة في ولاية تكساس الأميركية ليدرس علم الاتصالات
عمل في الجيش برتبة ضابط عام 1974 وتقاعد عام 2002 برتبة عقيد
متفرغ للموسيقى والتلحين بعد التقاعد
متزوج وله أربعة أولاد وابنتان وثلاثة أحفاد
*****
غالبا ما يبقى المطرب في دائرة الضوء أما الملحن فنادرا ما يتذكر الناس اسمه وهذا جزء من الضريبة التي يدفعها، وهو ما ينطبق على الملحن محمد الرويشد شقيق الفنانين المعروفين عبدالله وعادل اللذين نالا شهرة على مستوى الكويت والعالم العربي تكاد تغطي على الشقيق الاكبر، ومن هنا كانت الوقفة في «وجه في الاحداث» مع الملحن محمد الرويشد الذي لم يأخذ فرصته التي يستحقها.
ينتمي الى الجيل الثالث من الملحنين الموسيقيين الكويتيين جيل راشد الخضر وانور عبدالله، وتأثر بالمدرسة الموسيقية الكويتية التي اخذت الكثير من الموسيقى اليمنية والهندية، لكن الاجيال المتعاقبة عملت على توظيفها ودمج الالوان الموسيقية من البيئة الكويتية وأهل البحر ومنهم سعود الراشد ويوسف الدوخي واحمد الزنجباري ومرزوق المرزوق وأحمد باقر تلاهم غنام الديكان وخالد الزايد.
ديوانية الرويشد في الروضة تجمع أهل الموسيقى والتلحين وسوف تستمتع بالعزف والالحان الشجية التي تخرج منها بعد ان تأخذ قسطاً من الطرب الاصيل.
يدين بالولاء للاستاذ رياض السنباطي ويؤيده في ذلك الكثير من اهل الفن، وعندما يذكر اسمه يتحدث عنه، كأستاذ في التلحين، حيث عمل على ابتكار افكار موسيقية جديدة، فعندما تسمعه تقول، هذا شيء جديد من ابتكارات السنباطي فكما هو الموسيقار محمد عبدالوهاب وزكريا أحمد كذلك حال رياض السنباطي الذين طوروا بالقوالب الموسيقية وصاروا رموزا لاهل التلحين يسيرون على خطاهم.
محب للموسيقى ومستمع لها منذ كان شابا صغيرا، طلب من والده مرة عندما كان يذهب للقاهرة مع عبداللطيف العثمان ان يشتري له عودا فأحضر «الكمنجة» وصار يعزف عليها كأنها عود الى ان قرر الذهاب لمعرض الجميل بشارع فهد السالم بمنتصف الستينات واشترى عودا بسبعة دنانير وربع الدينار وراح يتعلم خطوة خطوة ويسمع ويحفظ الالحان، وفي سنة 1968 نشرت مجلة «العربي» قصيدة غناها وليد سلطان سالمين وقام هو بعزفها وسمعها غازي الشرقاوي الذي ابدى اعجابه بالاداء، وفي سنة 1970 جاءت فرقة عبدالحليم نويرة الى الكويت فسجل كل الالحان والاغاني التي ادتها ليقوم بالعزف عليها بنفسه.
أول لحن قدمه كان سنة 1982 الى شقيقه عبدالله ثم الى فاخر خاطر بعنوان «أنا سهران مع الخلان» وبعد رجوعه من اميركا قام بالتلحين لكل من سامي العلي ونوال ونبيل شعيل ومحمد البلوشي ومصطفى احمد وغريد الشاطئ وتعاون مع المطرب المصري محمد الحلو والاماراتية بنت موزة سعيد ويحصر إنتاجه أخيرا مع فرقة التلفزيون.
عام 1995 التقى الاستاذ يوسف المهنا ليخبره بقصيدة أتى بها من الشاعر عدنان الشايجي، فقال له «تعال يا محمد اعزف لي على العود» عزف له واستقدم طالبات من المعهد الموسيقي ليغنين القصيدة، لكنه لم يرتح للاداء، ثم اتى بصالح الحريبي وغناها ايضا «لم تترس رأسه» وسأل لماذا لا تغنيها أنت، أجاب: «لست بمغن» إلا أنه استجاب للطلب وغناها وقال هذا ما اريده وبقيت.
يرفض الأعمال التجارية الهابطة ويرى أن نوعية الغناء لا تتناسب مع المغنين الموجودين، فمعظمهم يعملون على قاعدة «الجمهور عايز كده» لذلك انتحى جانبا وكانت أعماله مقلة، وأحيانا كثيرة يغيب عن الساحة، ليس لدواع تتصل بالقدرة على التلحين، بل لأنه لا يقبل أن يضع نفسه مع سيل المطربين والمنتجين الذين يعملون على قاعدة العرض والطلب وبحسب الطلبيات المعلبة والموسمية.
فمثلا إذا قدمت لك جملة «.. يا حبيبي.. يا عمري» وأعطيتها إلى ثلاثة ملحنين كبار، فسترى ان كل واحد يترجم كلام الشاعر بطريقته، وكل ملحن يؤديها بأسلوب مختلف عن الآخر، فبليغ حمدي مثلا، سيعطيها لحنا غير اللحن الذي يعطيه عبدالوهاب أو السنباطي. ليخلص الى القول ان التلحين هو ترجمة لكلام الشاعر، فالاصل ان دور الملحن ليس ان «يرقّص» الجمهور بقدر ما يرتقي بهم، فإن كان الشاعر يكتب نصا جميلا وذا قيمة فعلى الملحن ان يجاريه بالمستوى والاداء.
قدم انواعا مختلفة من الغناء، منها لحن وطني من كلام ساير الساير سنة 1986 وبطريقة السنباطي، فكانت اغنية وطنية وطربية، اما الاغاني العاطفية فقد غناها شقيقه عبدالله.
والمهم عنده هو المطرب اي الموصل، هل هو قادر على التعبير ومتماسك ولديه خامة صوتية تساعده على حسن الايصال أم لا، وفي سنة 1993 تعاون مع يوسف ناصر في عمل أوبريت عبارة عن أغنية بأربع مقاطع، وقدم أغاني إلى عبدالله الرويشد وحسين جاسم وفيصل السعد ومحمد البلوشي، وأجمل لحن يعتز به هو لحن الوفاء ومن كلمات ساير الساير:
نحن الوفاء
نحن العطاء
لأجل الكويت
نحن الفداء.
كتب الشعر وهو داخل السجون العراقية، وهي اشعار تعبر عن المعاناة التي مرت عليه وعلى الكويت وتعرض خلالها للتنكيل والاضطهاد.
وتم تغيير أماكن السجن خمس مرات طوال فترة الاحتلال التي استغرقت سبعة أشهر ليطلق سراحه مع مجموعة من رفاقه من آخر سجن وضع فيه، وهو سجن بعقوبة، ويخرج إلى الحرية ليعود إلى الوطن وقد نفض عن كاهله مرارة الاحتلال.
هناك كلام ليس له معنى، ولذلك لا يخرج اللحن «من كمده» فالمسألة تتعلق بلحظة المخاض، وفيما إذا كان الكلام المكتوب يؤدي إلى اطلاق المكامن اللحنية أم يبطلها، فقد أعطي كلام لشاعر بقي معه ستة أشهر ليخرج ملحنا وكما يجب أن يكون، وعندما لحن أغنية «انت مو انت» كلمات جاسم الفيلكاوي خرجت من القلب.
«انت مو انت يخلق من الشبه اربعين...
اللي عشقته من سنين.. ذكرتني بواحد أحبه..».
أين محمد الروشيد من ساحة التلحين؟ ولماذا قلة النشاط؟
أسئلة عندما تطرحها عليه، يجيبك وبثقة عالية بالنفس:
من الذي تغير.. الملحن أم المطرب أم المنتج؟ هناك مطربون يختارون كلاما استهلاكيا وهناك منتجون يلهثون وراء الجمهور وهناك شركات انتاجية يهمها الأغنية «اللي ترقص» حتى لو غنيت لها «أنا بحبك يا ...» لذلك لم يجد نفسه بين كل هؤلاء ولم يكن من أولئك الملحنين الذين يجيدون الضرب على الطبل ولا يملكون توليد الجملة الموسيقية.
من أسرة توزعت بين الفن والطرب من جهة وبين الأكاديمي والمدرس والمراقب من جهة أخرى، فناجي (مراقب) وفهد (أكاديمي) وسليمان (مدرس) وعبدالله (مطرب) وعادل (مطرب وموظف) وسابعهم شقيقة واحدة، أما هو فقد اتجه إلى التلحين وإن بقيت له ذكريات الطفولة اثناء الحفلات التي يقيمها مع «ربعه» ويغني لهم بصوته لمطربين خليجيين وعرب كبار من باب التسلية.
يميل إلى تفضيل الأعمال الوطنية والاجتماعية والدينية على الاعمال العاطفية التي باتت من السلع الرخيصة في السوق، ويبتعد عن اجواء الشللية والعلاقات المزاجية التي صارت اليوم ديدن الغالبية.
واكثر من تأثر بهم د. عبدالرب ادريس وراشد الخضر وخالد الزايد ومرزوق المرزوق وغنام الديكان ويوسف المهنا، فهؤلاء «يرسمون الكلام رسما» كما يقول في حديث له مع الزميل حافظ الشمري، لم يجار الألحان التجارية وبقي على أصالته، متمسكا بالهوية الكويتية.
يتذكر اول تجاربه في مجال الغناء، ويقول انه قدم اغنية عاطفية باللغة العربية بعنوان 'أسأل الناس' عام 1995 من كلمات عدنان الشايجي والحان يوسف المهنا، ولكن هذه الاغنية لم اسجلها بصوتي، فالملحن المهنا سمعها بصوت طالبة في المعهد الموسيقي ومن ثم بصوت الفنان صالح الحريبي وطلب ان يسمعها بصوتي ولذلك غنيتها ووجدت التشجيع من الملحن المهنا، ومن ذكريات هذا العمل ان الفنانة الكبيرة نجاح سلام حضرت عملية التسجيل وقالت لي: لم اعرف ان لديك صوتا جميلا.
ويؤكد الرويشد ان صوته لا يصلح للغناء، ولكن على رغم ذلك لمس التشجيع من عدة فنانين، وكانت له ذكريات جميلة ايام الشباب خلال الحفلات والسمرات الخاصة التي يقيمها مع الاصدقاء، وكان يغني اغلب الاعمال الغنائية الناجحة للكثير من مطربي الخليج والوطن العربي، ويوضح انه لم يفكر يوما في الغناء او طرح البوم غنائي.
وحول استمراره في الوقت الحالي في الغناء خلال السمرات والحفلات الخاصة يقول الرويشد انه لا يزال متواصلا على رغم ان النشاط قل عن السابق بسبب ظروف الحياة، نافيا تلقيه اي عروض من شركات انتاج او منتجين لتبنيه كمطرب، فهو مقتنع تماما بموهبته في التلحين.
واشار الى ان اقرب الاعمال الغنائية التي لحنها الى قلبه ويغنيها بينه وبين نفسه باستمرار اغنية 'نحن الوفا' التي طرحت عام 1986 من كلمات ساير الساير وغناء شقيقه الفنان عبدالله الرويشد، كذلك اغنية 'خذني معاك' من كلمات بدر بورسلي وغناء عبدالله الرويشد ايضا، ولقد سجل عدة الحان لبرامج اذاعية وتلفزيونية مثل برنامج تلفزيون الاطفال.
وعن الاسباب التي لم تشجعه وتدفعه لدخول الساحة الغنائية كمطرب قال الرويشد انه ليس مغنيا بل مؤديا فقط، والغناء يتطلب صوتا موصلا ومواصفات خاصة هو لا يمتلكها، مؤكدا ان وجود شقيقيه عبدالله وعادل الرويشد في الساحة كمغنيين ساهم في إبرازه كملحن، ولكن هذا ليس معناه ان ذلك كان يشجعه للغناء.