كان الغناء في مطلع القرن الماضي تواشيح وتنزيلات واناشيد دينية وبستات تابعة للمقام العراقي وشيئاً من الاطوار الريفية والعتابة، واشتهر الفن العراقي باغانيه التي عكست صورة المجتمع لتنجب كبار الملحنين والقراء والمغنين والموسيقيين والشعراء خلال تلك المدة.
وشهد تاسيس الاذاعة العراقية في منتصف الثلاثينيات ظهور مجموعة من الاغاني والمطربين كان لهم الاثر البالغ في الانتشار بين جمهور المستمعين على قلتهم اذ كان للبستة البغدادية والريفية مكان مرموق في قلوب المستمعين وعقولهم وكان لبعض الاغاني سرعة الانتشار والتأثير بشكل ملفت للنظر فعرفت يومذاك اغنية(فوك النخل) التي غنتها فرق الجالغي البغدادي بعد استبدال كلماتها الاصلية التي كانت تنزيلاً من تنزيلات الملا عثمان الموصلي (فوك العرش) وهي من نغم الحجاز عرفت فيها بعد بصوت الفنان ناظم الغزالي ولاتزال عالقة في الاذهان الى يومنا هذا اذ جذبت قائد الفرقة السمفونية مومر واستهوته ليوزعها توزيعاً اوركستر الياً قدمتها فيما بعد الفرقة السمفونية العراقية كذلك اغنية (ربيتك زغيرون حسن) وهي تنزيل ايضاً للملا عثمان بعنوان (ياصفوة الرحمن سكن فيكم غرامي) وهي من الاغاني التي صاحبت المقام وتزال تردد على افواه المستمعين.
كذلك اشتهرت اغنية عمي يبياع الورد (للمطرب حضيري ابوعزيز) في اربعينيات القرن الماضي وظلت هذه الاغنية عالقة في الاذهان والاسماع واستطاع الفنان رضا علي في خمسينيات القرن العشرين ان يخرج باغنية جميلة استقطبت جمهور المستمعين (سمرة وسيعة عين) كذلك اغنية (يم العيون السود) وهي تنزيل للملا عثمان في ثلاثينيات القرن الماضي وهي من نغم البيات و غناها الفنان الخالد ناظم الغزالي واعد اللحن لها فيما بعد عباس جميل لاغنية لداخل حسن بعنوان ياطبيب صواب دلالي كلف). وظلت هذه الاغاني تسري بين الناس لما تحمله من عذوبة الالحان وصدق المشاعر ويبرز في ستينيات القرن الماضي الفنان والملحن عباس جميل باغانيه الشجية التي استقطبت الناس بشكل ملفت للنظر ( عيون الوسيعة، وغريبة من بعد عينج يايمة، وجيت يهل الهوة) واشتهرت اغنية لعفيفة اسكندر شهرة واسعة هي (حركت الروح لمن فاركتهم) ولا ننسى اغاني عبد الجبار الدراجي المجدد في الاغنية في تلك المدة بضهوره باغنية (دكتور جرح الاولي عوفة) كذلك صاحب شراد باغنية (ياسفانة) واغنية جاسم الخياط المطرب الوسيم الذي ترك الساحة الغنائية مبكراً باغنيته الشهيرة (منيتي بنت الحمولة) وحسين السعدي باغنيته ام الشناشيل والفنان والملحن القدير فاروق هلال الذي كان لاغانيه السحر الساحر بين هذه الاغاني واشتهر باغنية ردت انساك وتعاليلي وحلوة حلوة نرجسية).
واغاني المطربة الرائدة مائدة نزهت التي سحرتنا بصوتها المتجدد والكبير باغنية اسألوه لاتسألوني اغنية (اسأل كلب اليهواك) واغاني محمد عبد المحسن ويحيى حمدي وغيرهم من الملحنين والمغنين حتى بدأت تسطع ملامح عهد جديد للاغنية العراقية في سبعينيات القرن الماضي كان لها قوة الانتشار والتاثير لما تحمله من معان شعرية عالية الدقة والتصوير ولحنية بارعة الجودة لفرسان اللحنية العراقية الجديدة امثال طالب القره غولي ومحمد جواد اموري ومحسن فرحان وياسين الراوي وغيرهم واشتهرت في هذه المدة اغنية (البنفسج لياس خضر والمكير) للمطرب نفسه واغنية لاخبر لفاضل عواد المطرب المتجدد والرائد وهي من الحان حسين السعدي ولاننسى اغنية سعدون جابر (ياطيور الطايرة) التي حلقت بين اغاني السبعينات واغنية (موبدينة) لفؤاد سالم الصوت البصري الهادر والشفاف واغنية يانجمة التي اعدها الملحن كوكب حمزة عن اغنية مرابط البغدادية كما ظهرت وانتشرت للثنائي مي ووحيد بعنوان (ليش ليش ياجارة) كلمات والحان هيثم شعوبي لتؤكد هذه الاغنية نجاحها وانتشارها في تلك المدة والى الان من خلال تجديد الاسلوب الثنائي للاغنية التي غابت عن السمع مدة من الزمن بعد نجاح هذه التجربة للرائد محمد القبنجي وزكية جورج ورضا علي ونرجس شوقي ثنائياً.
كذلك نجح الفنان والمطرب الشعبي سعدي الحلي بتقديم نماذج جديدة للاغنية العراقية الممزوجة باطوار الفرات العذبة مثل ليلة ويوم ،وغفة رسمك وكان لانتشار هذه الاغاني والاسلوب الجديد الاثر البالغ في ظهور نجم جديد في سماء الاغنية العراقية.
وفي ثمانينيات القرن المنصرم ظهرت اغان ومطربون جدد مثل احمد نعمة الذي اشتهر في اغنية (يصبرني) وهي من الحان سرور ماجد ومحمود انور باغنية لو اي لو لا وهنا يبرز صوت الفنان السبعيني عاف محسن باغنيته (الاشهر زعلان الاسمر) وهي من كلمات الشاعر عبد الجبار صدام والحان هيثم شعوبي التي غزت الساحة الغنائية في تلك المدة على الرغم من بساطة لحنها وسهولة كلماتها.
ولاننسى اغاني كريم منصور الذي طل علينا باغنيته الشهيرة (بس تعالوا) وكريم محمد باغنية (خليك اكثر صبر) والفنان رياض كريم باغنيته الجميلة (مراسيل)...
وفي منتصف الثمانينيات يطل علينا صوت الفنان الساحر كاظم الساهر بباقة من اغانيه الشهيرة الحية، (عبرت الشط، والعزيز) .
وتبقى المجموعة الجديدة التي ظهرت في تسعينيات القرن الماضي تحمل تجربة جديدة استطاعت ان تؤثر في الساحة الغنائية باصواتها واغانيها الجميلة والمعبرة امثال مهند محسن وباسم العلي وهيثم يوسف وقاسم السلطان ونمير عبد الحسين وباسل العزيز وسرمد عبد الجبار ومحمد عبد الجبار واخرين مبدعين.