الرجل الذي تغني له أم كلثوم
تسمع صوته عالياً أثناء غناء أم كلثوم يطلب منها الإعادة ، أو قبل بداية الوصلة يكرر اسم أغنية يود سماعها ..ذكرني به الدكتور صالح عبد الفتاح في إجابة له عن سؤال من أحد الأعضاء يستفسر عنه ..بحثت عنه في أرشيفي وفي الإنترنت فوجدت معلومات عنه وصور له ..وكم كانت فرحتي غامرة وأنا أرى صوره وهو يجلس في الصف الأول مباشرة أمام أم كلثوم يستزيد غناءها ويسرح في عالمها الساحر ، وتمنيت لو كنت مكانه ..
إنه الحاج حسين الطحان ..أحد التجار المعروفين الذي كان يداوم على حضور حفلات أم كلثوم عشرات السنين ..وكان مكانه في المسرح محجوزاً دائماً له ..الصف الأول ..أمام الست مباشرة ..
لا أدري تماماً متي عاش ومتى توفي ..لكن حضوره كان ملحوظاً في حفلات الأربعينيات والخمسينيات ..ومن لقاءات له مع الصحافة المصرية أنقل لكم بعضاً منها:
صدَّق بالله ياجدع ..أم كلثوم دي ..فلتة الزمن !
هذا مايقوله الحاج حسين الطحان عن أم كلثوم ..ويكمل:
لقد عشقت صوتها منذ عام 1935 ..كنت ذات ليلة أجلس بجوار الراديو ولم أكن أحب الغناء أو الرقص ولم أكن أهوى الا الموسيقى القديمة من أجدادنا ولكن حدث ذات ليلة شيئ عجيب أذهلني لقد سمعت صوتاً لذيذاً يشدو ملك على نفسي ورحت أغني هذا اللحن اللذيذ وأصبح هذا الصوت حبيباً الى قلبي ومرت الأيام سريعة وصار هذا الصوت هو صوت أعظم مطربة جاد بها الزمان انها كوكب الشرق أم كلثوم!
وبسؤاله عما يعجبه في غنائها أجاب وقد ظهرت الدهشة على وجهه بالغة:
كلام ايه ده يا أستاذ.. ده كلامها زي الشهد.. زي الأكل وحياتك كده .. ان أم كلثوم تخاطب أرواحنا..وتنفذ الى أعماقنا..وأنا أعتقد أنها تغني لي وحدي فقط ، فأنا أحس أني وحدي في الصالة.. اني أشعر بهذا .. تماما!
وعن رأيه في الجمهور الذي يسمع أم كلثوم أجاب بغيظ:
قلت لك أني وحدي أسمعها.. ومع ذلك فنصف هذا الجمهور لا يعرف كيف يسمعها .. ان صوت أم كلثوم وهو يشدو يجب أن يكون شدوه في سكون الليل.. وفي صمته الرهيب.. حتى نحس به ولكني أرى بعض الناس"تزعق" وتقول: أعد.. أعد ! قول للجمهور ده ان السميعة يجب أن يسمعوا لآخر كلمة.. ما فيش مقاطعة.. ده الواحد يعيش معها بأذنه وقلبه !
وعن أحمد رامي يقول الحاج حسين الطحان:
أحمد رامي شاعر عظيم.. ده شاعر القلوب .. أحسن شاعر يخاطب احساسات البشر. ان شعره هو الالفاظ التي تتغنى بها ام كلثوم فتزيدها حلاوة على حلاوة.. يا سيدي.. أم كلثوم لو غنت القديم يبقى جديد .
أما متى يسمع الحاج الطحان أم كلثوم فعن ذلك يقول :
أسمعها في الاذاعة أولاً .. وأسمعها في حفلاتها التي لا أغيب عنها.. وأسمعها في البيت.. فأنا أملك أكبر مجموعة من اسطواناتها وانا أسمعها وحدي في سكون الليل الهادئ.. انها أعظم هواية عندي.. ليس في الكون كله شيء يفوق سماعي لصوتها وهي تغني!
ذات مرة كنت في الطريق الى أحد البنوك لأصرف شيكاً .. وكان هذا اليوم آخر ميعاد لصرفه وتصادف أن سمعت في أحد المقاهي اسطوانة " جددت حبك ليه " وتصور أني " ركنت " العربية ونزلت منها ودخلت القهوة لأستمع لباقي الأغنية.. وضاع عليّ ثلاثين جنيهاً قيمة الشيك وهذا مبلغ كبير لكنه لا يساوي شطر بيت تغنيه أم كلثوم.
وعن أحب الأغنيات لديه يقول :
مقدرش أقول .. كل أغنية أحسن من التانية .. تفتكر مثلاً .. أقدر أقلك أحسن أولادي .. ان كل أغنية من أغانيها هي دنيا خاصة .. ولكن لو خيروني مثلاً سوف أقول لها : غني " يا ظالمني "
وعن سؤاله لماذا يجلس في أول صف يجيب:
انا معتاد على هذا منذ أن بدأت أعشق صوتها وأسمعها.. وقد حججت الى بيت الله سنة 1942 وعدت وكنت أسمعها.. وقد كنت أصلي لله من قلبي أن يشفيها عندما مرضت .. وزوجتي تعرف مدى حبي لصوت كوكب الشرق وهى توافقني وتأتي معي الى كل حفلة!
إليكم صوره هنا في حفل السابع من يونية 1956
وسأتركها بدون تعليق لأنها تعبر عن نفسها.
****
****
****
****
****