عمنا عبد الوهاب .. إستعمل مقام شرقى جميل جداً .. هو مقام ( البياتى ) ولعل الكثير منا سمع بهذا البياتى ولم يعرف ماذا يكون؟
البياتى ياجماعة مقام شرقى أصيل يحتوى على ثلاثة أرباع التون .. وأكثرية عازفى العود يستخدمونه فى التقاسيم وغالبية أغانى فريد الأطرش من هذا المقام .. وهناك أغانى معروفة من مقام البياتى مثل
القلب يعشق كل جميل لأم كلثوم .. عودت عينى .. الحب كده .. ياحبايبى ياغايبين لفريد الأطرش .. لاكتب ع وراق الشجر لفريد أيضاً .. ألخ
الإيقاع المستخدم يتراوح بين ( السنباطى ) و ( الواحدة الكبيرة ) .. والسبب أن الأغنية شرقية وتحتاج إلى سلطنة فى الغناء
نيجى بقى لطريقة عبد الوهاب فى التلحين
نجده بدأ بجملة قصيرة من القانون بدون إيقاع ( أدليب ) وترد عليه الوتريات ( الكمانجات والتشيللو ) .. ثم يدخل بالجملة الرئيسية مع دخول الإيقاع ( السنباطى ) .. ونلاحظ هنا أن عبد الوهاب لم يدخل للبياتى مباشراً .. وإنما لف ودار بنا وإستخدم جميع ( العُرب ) الموجودة فى سلم البياتى
والعُربة ياجماعة لمن لا يعرفها .. هى لمس حرف خارج سلم المقام والعودة سريعاً للمقام الأصلى .. يعنى عملية زخرفة .. عبد الوهاب لم يترك حرفاً فى السلم إلا وإستخدمه .. وينهى اللازمة الموسيقية بالبياتى
بصوا بقى عبد الوهاب عمل إيه هنا
لحن الكلام زى ما الشاعر كتبه .. لكن طوّل فى أخر الشطرة .. لاحظوا ده فى جملة ( فى ليالى الصيف ) .. وأيضاً فى جملة ( وف خيالى طيف ) .. علشان يأكد المعنى .. الراجل بيتكلم عن ليالى وليس ليلة واحدة .. لازم يطوّل فى الجملة اللحنية .. هما دول الملحنين إللى بيشتغلوا حسب خطة موضوعة .. مش ملحنين النهاردة .. ماعلينا .. خلينا فى إللى إحنا فيه ..
فيه حاجه كمان لازم ناخد بالنا منها .. الراجل بيقول ( قاللى كام كلمة ) وبعدين مزيكا .. و ( يشبهوا النسمة ) وبعدها مزيكا
فى الشطرة الثانية لما قال ( فاتنى وف قلبى ) المزيكا إتغيرت .. الرد إتغير .. لاحظوا ذلك .. عم عبد الوهاب مش عايزنا نزهق .. مش عايزنا ننام منه .. مع إن اللحن هو نفسه .. الشطرة الأولى مثل الثانية .. لكن الرد الموسيقى يتغير ..
ثم تتغير الجملة اللحنية بعد ذلك .. بياتى برضه .. ولكن بشكل جديد .. جملة تانية خالص .. ويستعمل معها إيقاع الفوكس .. إللى إحنا عارفينه .. ويظل فى البياتى .. ويظهر إن الصنعة صعبت عليه .. فيعرج لمقام الراست عند إعادة جملة ( إحترت أشوفه فين ) ويعود للبياتى سريعاً .. وينهى الكوبليه بجملة لحنية حرة بدون إيقاع .. ليه ؟
علشان يبين قدراته فى الموال .. وعبد الوهاب طبعاً مصيبة من مصايب الزمن فى الموال .. إللى عنده تسجيل الحفلة .. حايسمع عبد الوهاب يعيد ويزيد فى الشطرة الأخيرة لكل كوبليه
وإللى عمله فى الكوبليه الأول .. عمله فى التانى .. نفس اللحن ونفس الشغل .. مع سلطنة زيادة فى الموال .. وتنتهى الأغنية بنفس اللازمة الموسيقية التى بدأت بها
وده درس كبير ومهم جداً لمن يريد تعلم المقامات .. لأن الموال فرصة كبيرة للمطرب أن يتنقل بين المقامات بحرية وحسب قدراته