* : محمد شريف (الكاتـب : loaie al-sayem - آخر مشاركة : اسامة عبد الحميد - - الوقت: 23h50 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سعاد محاسن (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 19h25 - التاريخ: 27/03/2024)           »          الشيخ محمد صلاح الدين كباره (الكاتـب : احمد البنهاوي - آخر مشاركة : kabh01 - - الوقت: 09h52 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سلمى (الكاتـب : حماد مزيد - آخر مشاركة : عطية لزهر - - الوقت: 09h18 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سمير غانم- 15 يناير 1937 - 20 مايو 2021 (الكاتـب : محمد البتيتى - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 01h14 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سلوى رشدي - مونولجست (الكاتـب : حازم فودة - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h43 - التاريخ: 27/03/2024)           »          الثنائي سعد و اكرام (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h09 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سعاد وجدي (الكاتـب : نور عسكر - - الوقت: 23h25 - التاريخ: 26/03/2024)           »          خالد عبدالله (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : محمود نديم فتحي - - الوقت: 23h11 - التاريخ: 26/03/2024)           »          علي سعيد كتوع (الكاتـب : abuaseem - - الوقت: 22h03 - التاريخ: 26/03/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > مجلس العلوم > المكتبة > أشعار العرب

تنبيه يرجى مراعاته

تعلم إدارة سماعي، الأعضاء أن كل الملفات والمواد المنقولة من مواقع خارجية أو مواقع تخزين للكتب أو المتواجدة بكثرة على شبكة الإنترنت ... سيتم حذفها دون إعلام لصاحب الموضوع ... نرجو الإلتزام ... وشكرا


رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #21  
قديم 25/05/2008, 01h17
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

أصهارُ الله

ما جاءَ يوماً حاكِمٌ لهذهِ المدينةْ
إلا دعا الناسَ إلي المسْجدِ ..
يومَ الجُمْعَةْ ..
وقال في خطْبتِهِ العَصْماءْ
بأنَّهُ مِنْ أوْلياءِ اللهْ ..
وأصْفياءِ اللهْ ..
وأصْدِقاءِ اللهْ ..
2
ما جاءَ يوماً حاكمٌ
لهذهِ المدينةِ المقهورةِ ،
المَكْسورةِ ،
الحزينَةْ ..
إلا ادّعي ، بأنّهُ المُمَثِّلُ الشَّخْصيُّ ،
والناطِقُ باسم اللهْ ..
فهَلْ مِنَ المَسْموحِ ،
أنْ أسألهُ تعالي ..
هلْ أنتَ قدْ أعْطيتَهُمْ وُكالةً
مَخْتومَةً .. مُوَقَّعةْ ؟ ..
كي يَجْلسوا علي رِقابِ شَعْبِنا
إلي الأبَدْ ..
هلْ أنتَ قدْ أمرْتَهُمْ
أنْ يُخَرِّبوا هذا البَلَدْ ؟
ويَسْحَقونا كالصَّراصيرِ ،
بأمْرِ اللهْ ..
ويضْربونا بالبساطيرِ ،
بأمْرِ اللهْ ..
فإنْ سأَلْتَ حاكِماً منهُمْ
مَنِ الذي ولَّاكَ في الدُنيا علي أمورِنا ؟
قالَ لنا : يا جَهَلَةْ ..
أما عَلِمْتُمْ أنني ..
أصبَحْتُ صِهْرَ اللهْ ؟؟
3
أريدُ أنْ أصْرُخَ : يا اللهْ !
هلْ أنْتَ عَيَّنْتَ وزيرَ المالْ ؟
إذَنْ .. لماذا انفَجَرَ الفَقْرُ ؟
لماذا انفَجَرَ الصَّبْرُ ؟
لماذا ساءَتِ الأحوال ؟
وأصْبَحَ الصَّحْنُ الرئيسيُّ هوَ الزبالةْ ..
وأصْبَحَ العُصْفورُ في بلادِنا ..
لا يَجِدُ النِخالةْ ..
فهَلْ غلاءُ الخُبْزِ ..
شأْنٌ مِنْ شؤونِ اللهْ ؟؟
وهلْ غلاءُ الفولِ ؟ .. والحُمُّصِ ..
والطُّرْشيِّ ..
والجَرْجيرِ ..
شأْنٌ مِنْ شؤون اللهْ ؟ ..
وهل غلاءُ الموتِ ، والأكفانِ ،
شأنٌ مِنْ شؤونِ اللهْ ؟
إذَنْ لماذا يأْكُلُ الكبارُ كافياراً
ونَحْنُ نأكُلُ النِّعالْ ؟
إذَنْ .. لماذا يشْرَبُ الضُّبَّاطُ وسْكيَّاً
ونَحْنُ نَشْرَبُ الأوْحالْ ؟
إذنْ .. لماذا لا يُفَرِّقُ الفقيرُ في بلادِنا
بينَ رغيفِ الخُبْزِ .. والهلالْ ..
إذَنْ .. لماذا في بُطونِ أمَّهاتِهِمْ
يَنْتَحِرُ الأطفالْ ؟ ..
4
أريدُ أنْ أسألهُ تعالي
هلْ أنْتَ قدْ عَلَّمْتَهُمْ
أنْ يَجْعلوا مِنْ جِلْدنا طُبولْ ؟
ويغسلوا دماغنا ..
ويَسْتَبوا نِساءَنا ..
ويَرْكَبونا بَدَلَ الحميرِ والخُيولْ ..
أريدُ أنْ أسألهُ تعالي
هلْ أنتَ قدْ أمَرْتَهُمْ ،
أنْ يَكْسروا عظامَنا ..
ويَكْسروا أقلامَنا ..
ويَقْتلوا الفاعِلَ والمَفْعولْ
ويَمْنَعوا الأزهارَ أنْ تنبُتَ في الحُقولْ ؟؟
5
أريدُ أن أسْأَلَ :
يا اللهْ ..
هلْ أنْتَ قدْ أعْطَيْتَهُمْ
شيكاً علي بياضْ ؟
ليَشْتروا فرسايَ .. والمَمْلَكَةَ المُتَّحِدةْ
ويَشْتروا بابلَ .. والحدائقَ المُعَلَّقَةْ
ويَشْتَروا الصَّحافَةَ المُرْتَزَقَةْ ..
هلْ أنْتَ قدْ أعْطَيْتَهُمْ شيكاً علي بياضْ ؟
ليَشْتروا التاجَ البريطانيَّ ..
والقُصورْ ..
ويَشْتَروا النساءَ في الأقْفاصِ ، كالطُيورْ ..
والقَمَرَ الأخْضَرَ في سماءِ نيسابورْ ؟؟
أريدُ أنْ أسْأل : يا اللهْ ..
هلْ أنْتَ قدْ صاهَرْتَهُمْ حقاً ؟ ..
وهلْ منْ قاتلٍ لِشَعْبِهِ
يُصْبِحُ صِهْرَ اللهْ ؟؟
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 25/05/2008, 01h20
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

ثلاثية أطفال الحجارة

1
بَهروا الدُنيا
وما في يدِهِمْ إلا الحجارةْ
وأضاءوا كالقَناديلِ
وجاءوا كالبشارةْ
قاوَموا وانْفجَروا واسْتَشْهدوا
وبقينا دِبَبَاً قُطْبيْةً
صُفِّحَتْ أجْسادُها ضِدَّ الحرارةْ
قاتلوا عنَّا إلي أنْ قُتلوا
وبَقينا في مَقاهينا
كبُصاقِ المَحارَةْ
واحدٌ
يبحثُ منا عنْ تجارةْ
واحدٌ
يطلبُ ملياراً جديداً
وزواجاً رابعاً
ونُهوداً صَقَلَتْهُنَّ الحضارةْ
واحدٌ
يبحثُ في لندنٍ عنْ قصْرٍ مَنيفٍ
واحدٌ
يَعْمَلُ سِمْسارَ سلاحٍ
واحدٌ
يطْلُبُ في الباراتِ ثارهْ
واحدٌ
يبحثُ عنْ عَرْشٍ وَجَيْشٍ
وإمارةْ
آه يا جيلَ الخياناتِ
ويا جيلَ العُمولاتِ
ويا جيلَ النِفاياتِ
ويا جيلَ الدعارةْ
سَوْفَ يَجْتاحُكَ مَهْما أبْطأَ التاريخُ
أطفالُ الحجارةْ
2
يا تلاميذَ غَزَّةٍ
عَلِّمونا
بعْضَ ما عِنْدكُمْ
فَنَحْنُ نَسينا
عَلِّمونا
بأنْ نكونَ رجالاً
فلدينا الرجالُ
صاروا عَجينا
عَلِّمونا
كيْفَ الحِجارَةُ تَغْدو
بَيْنَ أَيْدي الأطفالِ
ماساً ثَمينا
كَيْفَ تَغْدو
دَرَّاجةُ الطِفْلِ لُغْماً
وَشَريطُ الحَريرِ
يَغْدو كَمينا
كَيْفَ مَصَّاصَةُ الحَليبِ
إذا ما اعْتقلوها
تَحَوَّلتْ سِكِّينا
يا تلاميذَ غَزَّةٍ
لا تُبالوا
بإِذاعَاتِنا
ولا تَسْمَعونا
اضْرَبوا
اضْرَبوا
بِكُلِّ قِواكُمْ
واحْزموا أَمْركُمْ
ولا تَسْألونا
نَحْنُ أهل الحسابِ والجَمْعِ والطَّرْحِ
فخُوضوا حُروبَكُمْ واتْركونا
إنَّنا الهارِبونَ
منْ خِدمةِ الجيشِ
فهاتوا حِبالَكُمْ واشْنقونا
نحنُ مَوْتى لا يمْلكونَ ضَريحاً
ويَتَامى لا يملكونَ عُيونا
قدْ لزِمنا جُحورنا
وطلبنا مِنْكُمُ
أنْ تُقاتلوا التنينا
قَدْ صَغُرْنا أمامَكُمْ ألفَ قرْنٍ
وَكَبُرْتُمُ خلالَ شَهْرٍ قُرونا
يا تلاميذَ غَزَّةٍ لا تَعودوا
لكِتاباتِنا ولا تَقْرؤونا
نحْنُ آباؤكُمْ
فلا تُشْبِهونا
نحْنُ أصْنامُكُمْ
فلا تَعْبُدونا
نَتَعاطى القاتَ السِّياسيَّ والقَمْعَ
ونبْني مَقابِراً وسُجونا
حَرِّرونا منْ عُقْدَةِ الخَوْفِ فينا
واطْرُدوا مِنْ رُؤوسنا الأَفْيونا
عَلِّمونا فَنَّ التَشَبُّثِ بالأَرْضِ
ولا تَتْركوا
المسيحَ حَزينا
يا أحِبَّاءنا الصِّغارَ
سلاما
جعلَ اللهُ يَوْمكُمْ ياسَمينا
منْ شُقُوقِ الأَرْضِ الخَرَابِ طَلَعْتُمْ
وزَرَعْتُمُ جِراحَنا نِسْرينا
هذهِ ثَوْرةُ الدَّفاتِرِ والحِبْرِ
فكونوا على الشِّفاهِ
لُحونا
أمْطِرونا بُطُولةً وشُموخا
واغْسِلونا مِنْ قُبْحِنا
اغْسِلونا
لا تَخافوا موسى
ولا سِحْرَ موسى
واسْتَعِدوا
لتَقْطُفوا الزَيْتونا
إنَّ هذا العَصْرَ اليَهوديَّ وَهْمٌ
سَوْفَ يَنْهارُ
لوْ مَلَكْنا اليَقينا
يا مَجانينَ غزَّةٍ
ألفَ أهلاً بالمجانينِ
إنْ هُمُ حَرَّرونا
إن عَصْرَ العَقْلِ السِّياسيِّ
ولَّى مِنْ زمانٍ
فَعَلِّمونا الجُنونا
3
يَرْمي حجراً
أو حَجَرَيْنْ
يَقْطَعُ أفْعى إسرائيلَ إلي نِصْفَيْنْ
يَمْضَغُ لَحْمَ الدَّباباتِ ويَأتينا
منْ غيرِ يدينٍ في لحظاتٍ
تَظْهَرُ ارْضٌ فَوْقَ الغَيْمِ
ويولدُ وَطَنٌ في العَيْنَيْنِ
في لحظاتٍ
تَظْهرُ حَيْفا
تَظْهرُ يافا
تَأْتي غَزَّةٌ في أمْواجِ البَحْرِ
تُضيءُ القُدْسَ
كمِئْذَنةٍ بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ
يَرْسُمُ فَرَساً
مِنْ ياقوتِ الفَجْرِ
وَيَدْخُلُ كالإسْكَنْدَرِ ذي القَرْنَيْنِ
يَخْلعُ أَبْوابَ التَّاريخِ
وَيُنْهي عَصْرَ الحشَّاشينَ
ويُقْفلُ سوقَ القوَّادينَ
وَيَقْطَعُ أيْدي المُرْتَزِقينَ
ويُلْقي تِرْكةَ أهل الكَهْفِ
عَنِ الكَتِفَيْنِ
في لَحَظاتٍ
تَحْبَلَ أشجار الزَّيْتونِ
يَدُرُّ حليبٌ في الثَّدْيَيْن
يَرْسُمُ أرْضاً في طَبَريا
يَزْرَعُ فيها سُنْبُلَتَيْن
يَرْسُمُ بَيْتاً فَوْقَ الكَرْمَلِ
يَرْسُمُ أُمَّاً تَطْحَنُ عِنْدَ البَابِ
وفِنْجانَيْن
في لَحَظاتٍ تَهْجُمُ رائِحةُ اللَّيْمونِ
ويولَدُ وَطَنٌ في العَيْنَيْن
يرْمي قَمَراً مِنْ عَيْنَيْهِ السَّوْداوَيْنِ
وقدْ يرْمي قَمَرَيْن
يرْمي قلَماً
يرْمي كُتُباً
يرْمي حِبْراً
يرْمي صَمْغاً
يرْمي كُرَّاساتِ الرَّسْمِ
وفُرْشاةَ الأَلْوانْ
تَصْرُخُ مَرْيَمُ يا وِلداهُ
وتأْخذُه بيْنَ الأحْضانْ
يَسْقطُ ولدٌ
في لحظاتٍ
يولَدُ آلافُ الصِّبْيانْ
يَكْسِفُ قَمَرٌ غَزَّاويٌّ
في لحظاتٍ
يَطْلعُ قَمَرٌ مِنْ بيسانْ
يَدْخُلُ وَطَنٌ للزِنْزانَةِ
يولَدُ وَطَنٌ في العيْنَيْنِ
يَنْفضٌ عنْ نَعْلَيْهِ الرَّمْل
ويَدْخُلُ في مَمْلكَةِ الماءْ
يَفْتحُ أُفُقاً آخر
يُبْدِعُ زَمَناً آخر
يَكْتُبُ نَصَّاً آخر
يَكْسِرُ ذاكرةَ الصَّحْراءْ
يَقْتلُ لُغةً مُسْتهْلَكةً
مُنْذُ الهمْزَةِ حتَّى الياءْ
يَفْتَحُ ثُقْباً في القاموسِ
ويُعْلنُ موْتَ النَّحْوِ
ومَوْتَ قصائِدنا العصْماءْ
يَرْمي حجراً
يبْدأُ وَجْهُ فلسطينَ
يَتَشَكَّلُ مثلَ قصيدةِ شِعْرٍ
يَرْمي الحجرَ الثاني
تَطْفو عكَّا فوقَ الماءِ قصيدةَ شِعْر
يَرْمي الحجرَ الثالثَ
تَطْلُعُ رامَ الله بنفْسَجةً منْ ليْلِ القَهْرْ
يَرْمي الحجرَ العاشرَ
حتَّى يَظْهرَ وَجْهُ اللهِ
ويَظْهرُ نورُ الفجْر
يَرْمي حَجَرَ الثَّوْرةِ
حتَّى يَسْقُطَ آخرُ فاشِسْتيٍ
مِنْ فاشِسْتِ العَصْرْ
يَرْمي
يَرْمي
يَرْمي
حتَّى يَقْلَعَ نَجْمَةَ داوودٍ
بِيَدَيْهِ
وَيَرْميها في البَحْرْ
تَسْأَلُ عَنْهُ الصُّحُفُ الكُبْرى
أي نَبيٍ هذا القادِمُ مِنْ كَنْعانْ ؟
أي صَبيٍ
هذا الخارِجُ مِنْ رَحِمِ الأحزان ؟
أي نَباتٍ أُسْطوريٍّ
هذا الطَّالعُ مِنْ بَيْنِ الجُدْرانْ ؟
أي نُهورٍ مِنْ ياقوتٍ
فاضَتْ مِنْ ورقِ القُرآنْ ؟
يَسْألُ عَنْهُ العَرَّافونَ
ويَسْألُ عَنْهُ الصوفِيُّونَ
وَيَسْألُ عَنْهُ البوذِيُّونَ
وَيَسْألُ عَنْهُ مُلوكُ الجانْ
مَنْ هذا الولَدُ الطَّالعُ
مِثْلَ الخَوْخِ الأَحْمَرِ
مِنْ شَجَرِ النِّسْيانْ ؟
مَنْ هوَ هذا الوَلَدُ الطَّافِشُ
مِنْ صُوَرِ الأجْدادِ
ومِنْ كَذبِ الأحفادْ
وَمِنْ سِرْوالِ بني قَحْطانْ ؟
مَنْ هوَ هذا الباحِثُ
عَنْ أَزْهارِ الحُبِّ
وَعَنْ شَمْسِ الإنسان ؟
وَمَنْ هوَ هذا الوَلَدُ المُشْتَعِلُ العَيْنَيْنِ
كآلِهَةِ اليونانْ ؟
يَسْألُ عَنْهُ المضْطهدونَ
وَيَسْألُ عَنْهُ المقْموعونَ
وَيَسْألُ عَنْهُ المنْفيُّونَ
وَتَسْألُ عَنْهُ عصافيرٌ خَلْفَ القُضْبانْ
مَنْ هوَ هذا الآتي
مِنْ أوْجاعِ الشَّمْعِ
ومِنْ كُتُبِ الرُّهْبانْ ؟
مَنْ هوَ هذا الوَلَدُ
التَبْدَأُ في عَيْنيهِ
بِدايَاتُ الأكْوانْ ؟
مَنْ هوَ
هذا الولَدُ الزَّارعُ
قَمْحَ الثَّوْرةِ
في كُلِّ مكانْ ؟؟
يَكْتُبُ عَنْهُ القَصَصِيُّونَ
ويَرْوي قِصَّتهُ الرُكْبانْ
مَنْ هوَ هذا الطِّفْلُ الهارِبُ مِنْ شِلَلِ الأَطْفالِ
وَمِنْ سوسِ الكَلماتْ ؟
مَنْ هوَ ؟
هذا الطَّافِشُ مِنْ مَزْبَلَةِ الصَّبْرِ
وَمِنْ لُغَةِ الأَمْواتْ ؟
تَسْألُ صُحُفُ العالمِ
كَيْفَ صَبيٌّ مِثْلُ الورْدةِ
يَمْحو العالَمَ بِالمِمْحاةْ ؟
تَسْألُ صُحُفٌ في أَمْريكا
كَيْفَ صَبيٌّ غَزَّاوِيٌّ
حِيفاوِيٌّ
عَكَّاوِيٌّ
نَابُلْسِيٌّ
يَقْلبُ شاحنَةَ التَّاريخِ
وَيَكْسرُ بلْلَوْرَ التَّوْراةْ ؟؟
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 25/05/2008, 17h33
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

إفادة في محكمة الشعر

مرحبــــاً يا عـراقُ، جئتُ أغنّيـــكَ
وبعـضٌ مـن الغنـــــاءِ . . بكــــاءُ

مرحبـاً، مرحبـاً .. أتعرفُ وجهـاً
حفــــرتهُ الأيـام والأنــــــــواءُ ؟

أكـلَ الحبُّ مـن حشــــاشةِ قلبــــي
والبقــــــايا تقاسمتـها النســـــاءُ

كـلُّ أحبــــابي القــــدامى نسَــوني
لا نُــــــــوارَ تجـــيـبُ أو عفـراءُ

فالشِّفـاهُ المطيّبــــــاتُ ، رمــــــــادٌ
وخيـامُ الهـــوى رماها الـهــــواءُ

سكـــنَ الحـزنُ كالعصــــافيرِ قلبـي
فالأســــى خمرةٌ ، وقلبي الإنــاءُ

أنـــــا جـرحٌ يمشــــي على قـدميهِ
وخيـولي ، قـد هــدَّها الإعيــــاءُ

فجـــــراحُ الحسينِ بعــضُ جراحي
وبصـــــدري مِـنَ الأسى كربــلاءُ

وأنا الحـزنُ من زمـانٍ صــــــديـقي
وقليـلٌ في عصرنـــــا الأصـــــدقاءُ

مرحبـاً يا عـراقُ،كيفَ العبــــاءاتُ
وكيـفَ المهـــا .. وكيفَ الظباءُ ؟

مرحبــــاً يا عـراقُ .. هل نسيَتني
بعـدَ طـــــولِ السنينِ ســـامـرّاءُ ؟

مرحبـاً يا جسورُ يا نـخلُ يا نهـــرُ
وأهـلاً يا عشــــبُ .. يا أفيـــــاءُ

كيـفَ أحبابُنــــا على ضفــةِ النـهرِ
وكيــــــفَ البســـــاطُ والنـدماءُ ؟

كـان عنـــدي هـنـا أميـــرةُ حــــبٍّ
ثم ضـــــاعت أميرتي الحســـــناءُ

أينَ وجــــــهٌ في الأعظمـــيّـةِ حلـــوٌ
لـو رأتهُ تغــــــارُ منهُ الســـماءُ ؟

إننـي السندبـادُ .. مزّقهُ البحـــــرُ
و عـينـــــا حـبيبتـي المـينـــــــاءُ

مضـغَ المـوجُ مركبي .. وجبينــــــي
ثقبتـهُ العواصــــــفُ الهـوجـــاءُ

إنَّ في داخـلي عصوراً من الحــــــزنِ
فهـل لي إلي العـراقِ التجـــــاءُ ؟

وأنـا العاشــــقُ الكبيرُ .. ولكـــــن
ليـس تكفي دفاتـري الزرقـــــــاءُ

يا حزيـرانُ ، ما الـذي فعلَ الشعرُ ؟
ومـا الـذي أعطـى لنا الشـــعراءُ ؟

الــــــدواوينُ في يدينــــــا طــــروحٌ
والتعــــــابيرُ كـلُّهـــــا إنـشـــاءُ

كـلَّ عـامٍ نأتي لســـــوقِ عكــــــــاظٍ
وعـلينـا العمـــــائمُ الخضــــــراءُ

ونهـزُّ الـرؤوسَ مثــــل الــدراويشِ
.. و بالنـار تكتـــــوي ســــيناءُ

كـلَّ عـــامٍ نأتي .. فهـذا جـــــريرٌ
يتغنّـى .. وهـــــذهِ الخـنـــــساءُ

لـمْ نزَل، لـمْ نزَل نمــصمصُ قشــراً
وفلسـطـينُ خضّبتهــــا الـدمــــاءُ

يا حُـزيرانُ .. أنـتَ أكـبــرُ منّـــــا
وأبٌ أنـتَ .. مـا لـــهُ أبـنــــــــاءُ

لـوْ مَلَكْـنـــا بقيّــــــةً من إبـــــــاءٍ
لانتخـينا .. لكــــننا جـبنـــــاءُ

يا عصـــــــورَ المعلّــــقاتِ ملَلنــــــا
ومـن الجسـمِ قد يمـــلُّ الـــــرداءُ

نصــفُ أشعـــارنا نقــــوشٌ ومــاذا
ينفعُ النقشُ حين يهوي البنـــاءُ ؟

المقامـاتُ لعبـــــةٌ .. والحــــريريُّ
حشـيشٌ .. والغــــولُ والعـــنقاءُ

ذبحتنـــــا الفسيـفســـاءُ عصــــوراً
والـدُّمى والزخــــارفُ البلـــــهاءُ

نــرفضُ الشـــعرَ ..كيمياءً وسـحراً
قتلتنـا القصيــــــدةُ الكيـميـــــاءُ

نــرفضُ الشـــعرَ .. مسـرحاً ملكيـاً
من كراسيـهِ يحـــرمُ البســــــطاءُ

نـرفضُ الشعـرَ أن يكونَ حصـــــانـاً
يمتطـــــيهِ الطـــــغاةُ والأقــويـاءُ

نـرفضُ الشعـرَ عتمــــةً ورمـــــوزاً
كيف تستـطيعُ أن ترى الظلمــاءُ ؟

نـرفضُ الشعـرَ أرنبــــاً خشــــــبيّاً
لا طمــــوحٌ لــــهُ .. ولا أهـــــواءُ

نـرفضُ العاطلينَ في قهـــوةِ الشـــعر
دخـانٌ أيّامـهـــــم .. وارتخــــاءُ

شـعرُنا اليـومَ يحفرُ الشمسَ حفـــراً
بيـديهِ .. فكـلُّ شــــيءٍ مُـضـــاءُ

شـعرنا اليـومَ هجمـــةٌ واكتشــــافٌ
لا خطـوطٌ كوفيّــــــةً ، وحِــــداءُ

كـلُّ شـعرٍ معـاصرٍ ليـــــسَ فيـــــهِ
غضـبُ العصـرِ ، نملـــةٌ عـرجــاءُ

مـا هـوَ الشعرُ ، إن غـدا بهلوانـــــاً
يتسـلّى برقـصــــــــهِ الخُـــــلفاءُ

مـا هـو الشعرُ .. حينَ يصبحُ فـــأراً
كِسـرةُ الخبزِ ـ هَمُّــهُ ـ والغِــــذاءُ

وإذا أصبـــــحَ المفكِّـــــــرُ بُـوقــــــاً
يسـتوي الفكرُ عنــــدها والحــذاءُ

يُصـلبُ الأنبيـــــاءُ من أجــــل رأيٍ
فلمـاذا لا يصـلــــبَ الشعــــراءُ ؟

الفـدائيُّ وحـدهُ .. يكتبُ الشـــــعرَ
و كــــلُّ الـــــذي كتبنــــا هــراءُ

إنّـــــهُ الكـاتـبُ الحقيـــقيُّ للعصـرِ
ونـحـــــنُ الحُـجَّــــابُ والأجـراءُ

عنـدما تَبْـدأُ البنــــادقُ بالعـــــزفِ
تمــــوتُ القصــــائدُ العصــــــماءُ

مـالنــا ؟ مالنـا نلـــــومُ حـزيـــرانَ
و فـي الإثــــــمِ كـلُّنـــا شـركاءُ ؟

مـن هُــــم الأبريـاءُ ؟ نحـنُ جميـعاً
حـامـلو عـــــارهِ ولا اسـتثنـــــاءُ

عقـلُنا، فكـــرُنا، هــــزالُ أغانينــا
رؤانــــــا، أقـوالُــــنا الجـــوفـاءُ

نثرُنا، شـعرُنا، جرائدُنا الصفـــراءُ
والحـــبرُ والحــــروفُ الإمـــــاءُ

البطـــــولاتُ .. موقــفٌ مســـرحيٌّ
ووجـــــوهُ الممثلـيــــنَ .. طــــلاءُ

وفلســـــطينُ بينهـــــم كمـــــــزادٍ
كـلُّ شـــارٍ يزيـــدُ حين يشــــــاءُ

وحــــدويّون! والبــــــلادُ شـــظايا
كـلُّ جـزءٍ من لحمهـــا أجـــــزاءُ

ماركسـيّونَ ! والجـماهيرُ تشـــــقى
فلمـاذا لا يشبـــــعُ الفقــــــراءُ ؟

قرشـــيّونَ ! لـو رأتهـــــم قريـــشٌ
لاستـجارت مـن رملِها البيـــــداءُ

لا يمـــــينٌ يجيـــــرُنا أو يســـــارٌ
تحـــتَ حـدِّ السكينِ نحنُ ســـواءُ

لو قرأنا التاريخَ ما ضـــاعتِ القـدسُ
وضاعت من قبـلها " الحمـراءُ" ..

يا فلسـطينُ، لا تزاليـــنَ عطـشــــى
وعلى الـــزيتِ نـامــتِ الصحــراءُ

العبـاءاتُ .. كلُّهـــا من حـريـــــرٍ
واللـيــالي رخيصـــــةٌ حمـــــراءُ

يا فلسـطينُ ، لا تنــــادي عليهــــم
قـد تسـاوى الأمــــواتُ والأحيــاءُ

قتـلَ النفطُ ما بهـم مـــن سجـايـــــا
ولقـد يقتـلُ الثــــــريَّ الثــــــراءُ

يا فلسـطينُ، لا تنـــــــادي قريــشاً
فقـريشٌ ماتـت بهـــا الخيَـــــلاءُ

لا تنـادي الرجالَ من عبـــــدِ شمسٍ
لا تنـادي .. لم يبـــــقَ إلا النساءُ

ذروةُ المـوتِ أن تمـــوتَ المــــروءاتُ
ويمشـي إلي الـــــوراءِ الــــــوراءُ

مـرَّ عامـانِ والغـــــزاةُ مقيمـــــــونَ
و تاريــــــخُ أمـتي .. أشـــــــلاءُ

مـــــرَّ عامـــانِ .. والمســيـحُ أسـيرٌ
في يديهـم .. و مـريمُ العـــــذراءُ

مــــرَّ عامــــانِ .. والمــــآذنُ تبكـي
و النواقيـــــسُ كلُّهــــا خرســـاءُ

أيُّهـا الراكعونَ في معبـــدِ الحـــرفِ
كـفانـا الــــدوارُ .. والإغـمــــــاءُ

مزِّقــوا جُبَّــــةَ الـدراويـــشِ عـنكم
واخلعوا الـصـــوفَ أيُّها الأتقيــاءُ

اتركـــــوا أوليــــــاءَنا بســــــــلامٍ
أي أرضٍ أعادهـــا الأوليـــــــاءُ ؟

في فـمي يا عـراقُ .. مـــاءٌ كـثــــيرٌ
كيفَ يشـكو من كانَ في فيهِ مــاءُ ؟

زعمــــوا أننـي طـعـــنتُ بـــــلادي
وأنــــا الحــــبُّ كـلُّهُ والـوفـــــاءُ

أيريـــــدونَ أن أمُـــــصَّ نـزيــفي ؟
لا جـدارٌ أنــا .. و لا ببـغــــــاءُ!

أنا حريَّتي .. فــــــإن سـرقوهـــــا
تســـــقطِ الأرضُ كلُّهـــا والســماءُ

مـا احترفتُ النِّفـــاقَ يومــاً وشعري
مـا اشتـراهُ الملـــــوكُ والأمـــــراءُ

كـلُّ حـرفٍ كتبتـــهُ كـــانَ ســـيفاً
عـربيّـاً، يشـعُّ منــــهُ الضــــــياءُ

وقليـــــلٌ من الكـــــلامِ .. نقــــــيٌّ
وكـثـيرٌ من الكـــلامِ .. بغـــــــاءُ

كــــم أُعـــاني ممـا كتبـتُ عــــذاباً
ويعـــــاني في شـــــرقنا الشـرفاءُ

وجـعُ الحــرفِ رائعٌ .. لـوَ تشــكو
للـبســـــاتينِ وردةٌ حمـــــــراءُ ؟

كـلُّ من قـاتلوا بحــــرفٍ شجـــــاعٍ
ثـم ماتـوا .. فإنـــــهم شهــــداءُ

لا تعاقـب يا ربِّ مـــن رجمـــــوني
واعـــفُ عنهـــم ، إنّـهم جهــلاءُ

إن حبّـــــي للأرضِ حـبٌّ بصيـــــرٌ
وهواهــم عــــــواطـفٌ عميــــــاءُ

إن أكُـن قــــد كويتُ لحــــمَ بـلادي
فمـــن الكــيِّ قـد يجـيءُ الشفـــاءُ

من بحـارِ الأسى، وليـلِ اليتـــامــى
تطلـــعُ الآنَ زهـــــرةٌ بيضـــــــاءُ

ويطـلُّ الفـداءُ شمــــــساً عـلينــــــا
ما عسـانا نكونُ .. لـــولا الفــداءُ

من جـراحِ المناضليـــــنَ .. وُلدنــــا
ومـــنَ الجــــرحِ تـــولدُ الكـبرياءُ

قبلَهُـــــم، لم يكـــن هـنـاكَ قبــــلٌ
ابتـداءُ التاريـخِ من يومِ جـــــاؤوا

هبطـوا فــوقَ أرضـنــــــا أنبيــــــاءً
بعـد أن مـاتَ عندنــــا الأنبيــــاءُ

أنقـذوا مــــاءَ وجهـــنا يومَ لاحــوا
فأضـاءت وجوهُنــــــا الســـــوداءُ

منحـونا إلي الحـيـــــــاةِ جـــــوازاً
لـم تكُـن قبلَهم لنــــــا أسمــــــاءُ

أصدقاء الحـــــروفِ لا تعـــــذلوني
إن تفجّـرتُ أيُّهــــا الأصـدقـــــاءُ

إننـي أخـــــزنُ الرعـــــودَ بصـدري
مثلمـا يخزنُ الرعــــودَ الشـــــتاءُ

أنا مـا جئـتُ كي أكـــونَ خطيبـــــاً
فبـلادي أضاعَـهــــا الخُـطبــــــاءُ

إننـي رافـضٌ زمانــــي وعصـــــري
ومـن الـرفضِ تولــــــدُ الأشيــــاء

أصدقائي .. حكيتُ ما لـيسَ يُحكى
و شـفيعي .. طـفــولتي والنـــقاءُ

إننـي قـادمٌ إليـــــكـم .. وقلـــــبي
فـوقَ كـفّـي حمـــــامـةٌ بيضـــــاءُ

افْهمـوني .. فمـا أنــا غـيرُ طــــفلٍ
فـــــوقَ عينيـهِ يسـتحمُّ المـســــاءُ

أنا لا أعـرفُ ازدواجيّـــةَ الفكــــــرِ
فنفســي .. بحـــــيرةٌ زرقـــــاءُ

لبـلادي شعـــري .. ولستُ أبـــالي
رفضــــتهُ أم باركتـهُ الســـماءُ ..
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 25/05/2008, 17h35
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

إلي الأمير الدمشقي ( توفيق القباني )

1
مُكَسَّرةٌ كَجُفونِ أَبيكَ هيَ الكَلماتْ ..
وَمَقْصوصَةٌ ، كَجناحِ أبيكَ، هيَ المُفْرداتْ
فَكَيفَ يُغني المُغني ؟
وَقَدْ مَلأَ الدَّمْعُ كُلَّ الدَّواةْ ..
وماذا سَأكْتُب يا بُنَيَّ ؟
وَمَوْتُكَ ألْغى جَميعَ اللُغاتْ ..
2
لِأَيِّ سَماءٍ نَمُدُّ يَدَيْنا ؟
ولا أَحَداً في شَوارِعِ لَنْدنَ يَبْكي عَلَيْنا ..
يُهاجِمُنا المَوْتُ مِنْ كُلِّ صَوْبٍ ..
وَيَقْطعُنا مِثْلَ صَفْصَافَتَيْنْ
فأَذْكُر، حينَ أَراكَ، عَلِيَّاً ..
وتَذْكُرُ حينَ تَراني ، الحُسَيْنْ
3
أَشيلُكَ، يا وَلَدي ، فَوْقَ ظَهْري
كَمِئْذَنَةٍ كُسِرَتْ قِطْعتَيْنْ ..
وَشَعْرُكَ حَقْلٌ مِنَ القَمْحِ تَحْتَ المَطَرْ ..
ورَأْسُكَ في راحَتَي وَرْدةٌ دِمَشْقيَّةٌ .. وبقايا قَمَرْ ..
أواجه مَوْتكَ وَحْدي ..
وَأَجْمَعُ كُلَّ ثيابِكَ وَحْدي ..
وأَلْثُمَ قُمْصانَكَ العَاطِرَاتِ ..
وَرَسْمُكَ فَوْقَ جَوازِ السَّفَرْ
وأَصْرُخُ مِثْلَ المجانينِ وَحْدي
وكُلُّ الوجُوهِ أمامي نُحَاسٌ
وكُلُّ العُيونِ أمامي حَجَرْ
فكَيفَ أُقاوِمُ سَيْفَ الزَّمانِ ؟
وسَيْفي انْكَسَرْ ..
4
سأُخْبركُمْ عنْ أميري الجميلْ
عَنِ الْكانَ مِثْلَ المرايا نقاءً ..
ومثْلَ السنابلِ طولاً ..
ومثُل النَّخيلْ ..
وكانَ صديقَ الخِرافِ الصَّغيرةِ ..
كانَ صديقَ العصافيرِ ..
كانَ صديقَ الهَديلْ
سأُخْبرُكُمْ عنْ بَنَفْسَجِ عَيْنَيْهِ ..
هلْ تَعْرفونَ زُجاجَ الكنائِسِ ؟
هلْ تعْرفونَ دُموعَ الثُّرَيَّاتِ حينَ تَسيلْ ..
وهلْ تعْرفونَ نَوَافيرَ روما ؟
وحُزْنَ المراكِبِ قَبْلَ الرَّحيلْ
سأُخْبركُمْ عَنْهُ ..
كانَ كيوسُفَ حُسْناً ..
وكنتُ أخافُ عليهِ مِنَ الذِّئْبِ
كُنْتُ أخافُ على شَعْرهِ الذَّهبيِّ الطويلْ
.. وأمْس أَتَوا يَحْملونَ قميصَ حبيبي
وقدْ صَبَّغَتْهُ دماءُ الأصيلْ
فما حيلَتي يا قَصيدَةَ عُمْري ؟
إذا كُنْتَ أنْت جَميلاً ..
وحَظِّي قَليلْ ..
5
لماذا الجَرَائِدُ تَغْتالُني ؟
وتَشْنُقُني كُلَّ يَوْمٍ بحَبْلٍ طويلٍ مِنَ الذِّكْرياتْ
أُحاوِلُ أن لا أُصَدِّقَ مَوْتكَ ،
كُلُّ التَّقاريرِ كِذْبٌ،
وكُلُّ كلامِ الأطبَّاءِ كِذْبٌ،
وكُلُّ الأكاليلِ فَوْقَ ضَريحِكَ كِذْبٌ ..
وكُلُّ المَدَامِعِ والْحَشْرجَاتْ ..
أُحاوِلُ أن لا أُصدِّقَ أنَّ الأمير الخُرافيَّ تَوْفيقَ ماتْ ..
وأنَّ الجَبينَ المُسافِرَ بَيْنَ الكَواكِبِ ماتْ ..
وأنَّ الذي كَانَ يَقْطُفُ مِنْ شَجَرِ الشَّمْسِ ماتْ ..
وأنَّ الذي كانَ يَخْزُنُ ماءَ البِحَارِ بِعَيْنيْهِ ماتْ ..
فَمَوْتُكَ يا وَلَدي نُكْتةٌ ..
وقَدْ يُصْبِحُ المَوْتُ أَقْسى النِّكاتْ
6
أُحاوِلُ أن لا أُصدِّقَ ،
ها أَنْتَ تَعْبُرُ جِسْرَ الزَّمالِكِ،
ها أنْتَ تَدْخُلُ كالرُّمْحِ نادي الْجَزيرَةِ،
تُلْقي على الأَصْدِقاءِ التَّحيَّةْ،
تَمْرُقُ مِثْلَ الشُّعاعِ السَّماوِيِّ بَيْنَ السَّحابِ وَبَيْنَ المَطَرْ ..
وها هِيَ شَقَّتُكَ القاهِريَّةُ، هذا سَريرُكَ، هذا مَكانُ جلوسك،
ها هِيَ لَوْحاتُكَ الرَّائِعاتْ ..
وأَنْتَ أمَامي بِدِشْداشَةِ القُطْنِ، تَصْنعُ شايَ الصَّباحِ،
وتَسْقي الزُّهورَ على الشُّرُفاتْ ..
أُحاوِلُ أن لا أُصَدِّقَ عَيْني ..
هُنا كُتبِ الطِّبِّ ما زالَ فيها بَقِيَّةُ أَنْفاسِكَ الطَّيِّباتْ
وها هُوَ ثَوْبُ الطَّبيبِ المُعلَّقِ يَحْلُمُ بالمَجْدِ والأُمْنياتْ
فيا نَخْلةَ العُمْرِ ..
كيفَ أُصدِّقُ أنَّكَ تَرْحَلُ كالأُغْنياتْ
وأنَّ شِهادَتَكَ الجامِعِيَّةَ يَوْماً .. سَتُصْبحُ صَكَّ الوَفاةْ!!
7
أَتَوْفيقُ ..
لوْ كانَ لِلْمَوْتِ طِفْلٌ، لأَدْرَكَ ما هُوَ مَوْتُ البَنينْ
ولوْ كانَ للموْتِ عَقْلٌ ..
سَأَلْناهُ كيْفَ يُفَسِّرُ مَوْتَ البلابِلِ والْياسَمِينْ
ولوْ كانَ للمَوْتِ قَلْبٌ ..
تَرَدَّدَ في ذَبْحِ أوْلادِنا الطَّيِّبينْ ،
أَتَوْفيقُ يا مَلَكِيَّ الملامِحِ .. يا قَمَرِيَّ الجَبينْ ..
صَديقاتُ بَيْروتَ مُنْتَظِراتٌ ..
رُجُوعَكَ يا سَيِّدَ العِشْقِ والعاشِقينْ ..
فَكَيْفَ سَأَكْسِرُ أَحْلامَهُنَّ ؟
وأُغْرِقَهُنَّ بِبَحْرِ الذُّهولْ
وماذا أقولُ لَهُنَّ حَبيباتِ عُمْرِكَ، ماذا أقولْ ؟
8
أَتَوْفيقُ ..
إنَّ جُسورَ الزَّمالِكِ تَرْقُبُ كلَّ صباحٍ خُطاكْ
وإنَّ الحَمَامَ الدِّمَشْقيَّ يَحْمِلُ تَحْتَ جَنَاحَيْهِ دِفْءَ هَواكْ
فيا قُرَّةَ العَيْنِ .. كيْفَ وَجَدْتَ الحَياةَ هُناكْ ؟
فَهَلْ سَتُفَكِّرُ فينا قَليلاً ؟
وتَرْجعُ في آخرِ الصَّيْفِ حتَّى نَراكْ ..
أَتَوْفيقُ ..
إني جَبانٌ أمامَ رِثَائِكَ ..
فارْحَمْ أباكْ ..
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 25/05/2008, 17h37
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

إلي بيروت الأنثى مع الاعتذار

كَـــان لُبنَــــانُ لَكُم مَروَحَةٌ
تَنشُرُ الأَلوَانَ وَالظِـــلَّ الظَلِيـــلاَ

كَم أَوَيتمُ مِن صَحَارَيكُم إلَيهِ
تَطلُبونَ اَلمَاءَ وَالوَجـــهَ الجَمِيــلاَ

واغْتَسلْتُـمْ بِنَــدَى غَابَاتـــهِ
وِاخْتَبَأتُم تَحتَ جِفنَيِـــه طَوِيلاَ

وِتَسَلَّقتُــم عَلَى أَشجـــــارِهِ
وِسَرَحْتُمْ فِي بَرَارِيِـــه وُعــــولاَ

وِشَرِبتمُ مِن خَوَابِيِه نَبِيــذَاً
وَسَمِعتُـــــم مِن شَوَادِيــهِ هَدِيلاَ

وِقَطَفتمُ مِن رَوَابِيهِ الخُزَامَى
وَالعُيُــونَ الخُضرَ وِالخَدَّ الأَسِيلاَ

وِاقتَنَيتـــمُ شَمْسَـــهُ لُؤلـُـؤَةً
وِرِكبتمُ أَنجُــمَ اللَّيـــلِ خُيُــــولاَ

إِنَّهُ عَلّمَّكُــــم أَن تَعشــــقوا
لَم يَكُن لُبنَانُ فِي العُشقِ بَخيــلاَ

إِنَّهُ عَلََّمَكُــــم أَن تقـــــرؤوا
هَل تَقولون لَهُ : شُكراً جَزِيـلاَ ؟

آه يَا عُشَّاقَ بَيرُوتَ القُـدَامَى
هَل وَجَدْتُمْ بَعدَ بَيرُوتَ البَدِيلاَ ؟

إِنَّ بَيرُوتَ هِيَ الأُنثَـى الَتِي
تَمنَحُ الخَصبَ وَتُعطِينَا الفُصُــولاَ

إِن يَمُتْ لُبنَانُ .. مِتُّـم مَعَهُ
كُلُّ مَن يَقْتُلُــهُ .. كَانَ القَتِيـــلاَ

كُلُّ قُبحٍ فِيِه .. قُبحــُّ فِيكُمُ
فَأَعِيدُوهُ كَمَـــا كَـــانَ جَمِيـــــلاَ

إِنَّ كَوْناً لَيسَ لُبنَــانُ فِيـــهِ
سَوفَ يَبقَى عَدَماً أو مُســـتَحِيلاَ

كُلُّ مَا يَطلُبُهُ لُبنَــانُ مِنــكُم
أَن تُحِبُـــوهُ .. تُحِبُّـــــوهُ قَلِيلاَ
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 25/05/2008, 17h39
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

إلي صاحبة السمو .. حبيبتي سابقاً

,, وَتَزَوَّجْتِ أخيراً ..
بِئْرَ نِفْطٍ ..
وتَصالَحْتِ معَ الحُبِّ أخيرا ..
كانَتِ السَحْبَةُ ـ يا سيِّدتي ـ رابِحَةً
ومِنَ الصُنْدوقِ أخْرَجْتِ أميرا ..
عربيَّ الوَجْهِ .. إلا أنَّهُ ..
ترَكَ السَّيْفَ يتيماً .. وأتي
يَفْتَحُ الدُنيا شِفاهاً .. وخُصورا
فاسْتريحي الآنَ .. مِنْ عِبءِ الهوى
طالما كُنتِ تُريدينَ أميرا ..
تَتَسَلّينَ بهِ وَقْتاً قصيرا ..
يَتَسَلَّي بِكِ ـ يا سيِّدتي ـ وَقْتاً قصيرا
ويَمُدُّ الأرْضَ ، مِنْ تَحْتِكِ ، ورْداً وحريرا
فاشْربي نِفْطاً .. وسُبْحانَ الذي
جَعَلَ البِتْرولَ مِسْكاً وعبيرا ..
,, وتَزَوَّجْتِ أخيراً مَلِكاً ..
مِنْ مُلوكِ الخُلفاءِ الرّاشدينْ
ومَلَكْتِ الدينَ والدُنيا معاً ..
فاسجُدي شُكْراً لربِّ العالَمينْ
رازِقِ الطّيْرِ في أشْكالِها ..
مُسْقِطِ الغَيْثِ ، ملاذِ التائِهينْ
باعِثِ الأمواتِ مِنْ أكْفانِهِمْ
بارئِ المَرْضي ، وكافي المُعْدَمينْ
واهِبِ النّفْطِ لِمَنْ يَخْتارُهُمْ
مِنْ بَنيهِ الصالحينْ ..
,, كانَتِ السّحْبَةُ يا سيِّدتي رابِحَةٌ
ـ مِثْلَما قدَّرْتِ ـ والصيْدُ ثمينْ
وأنا غيرُ حزينْ ..
لا تظُني أبداً .. أنّي حزينْ
فانا أعْلَمُ ، يا سيِّدتي ، عِلْمَ اليَقينْ
ما تُسِرِّينَ .. وماذا تُعْلِنينْ
وأنا أعْرِفُ يا سيِّدتي
أكثَرَ الخيلِ التي كُنْتِ عليها تَلْعبينْ ..
وأنا أعْرِفُ يا سيِّدتي
كيفَ خَطَّطْتِ سنيناً وسنينْ
لِتَصيدي مَلِكاً ..
مِنْ مُلوكِ الخُلَفاءِ الراشِدينْ ..
لَمْ يُفاجِئْني الخبَرْ ..
حينَ طالَعْتُ الجريدةْ ..
ورأيْتُ الشمعَ ، والأطفالَ ، والثَّوْبَ الموَشَّي بالذَهَبْ
ورأيْتُ الرّجلَ المَسْحوبَ بالقُرْعَةِ ..
مَعْروضاً كبِرْوازِ الخَشَبْ ..
لَمْ يُحَرِّكْني الخَبَرْ ..
حينَ شاهَدْتُكِ في كلِّ الصُّوَرْ
تَنْثَنينَ كطاووسٍ .. شمالاً ويميناً
وتَذوبينَ حياءً وخَفَرْ
وتَشُدِّينَ علي كفِّ النبيِّ المُنْتَظَرْ ..
لَمْ يُساوِرْني العَجَبْ
فهُواياتُكِ كانَتْ دائِماً ..
جَمْعَ فُرْسانِ الخَشَبْ ..
,, وتأمَلْتُ شُعوري ..
وأنا أقْراُ أخْبارَ زِفافِكْ
كيفَ لَمْ أحْزَنْ .. ولَمْ أفْرَحْ ..
ولا طِرْتُ سرورا ..
كيفَ لمْ أَعْبَاْ .. ولمْ أُبْرِقْ ..
ولمْ أُرْسِلْ زُهورا ..
كيفَ في ثانيةٍ ماتَ شُعوري ..
فالتي أشْعَلْتُ في مَعْبَدِها قِنْديلَ عُمري
لمْ تَعُدْ تَعْني قليلاً أو كثيرا ..
كيفَ ألْقيْتُ علي الأرْضِ الجريدَةْ ؟
ونَسيتُ العُرْسَ أضْواءً ، ورَقْصاً ، وكؤوسا
وتأمَّلْتُ التّصاويرَ أمامي ..
غيرَ أنّي لَمْ أجِدْ فيها العَروسا ..
,, وتسلَّيْتُ كثيرا ..
حينَ أبْصَرْتُكِ يا سيِّدتي ،
تَقْطَعينَ الكَعْكَةَ الكُبرى ..
وتَمْشينَ كما تَمْشي اللُّعَبْ
وتَضمِّينَ أمامَ الناسِ بِرْوازَ الخَشَبْ
وتَشُيدينَ بأنْسابِ قُرَيْشٍ
وفُتوحاتِ العَرَبْ ..
وتَعَجَّبْتُ لِنَفْسي ..
لَمْ أكُنْ أشْعُرُ في أي أسيً
لمْ أكُنْ أشْعُرُ في أي غَضَبْ ..
فانا أعْرِفُ يا سيِّدتي
أنَّ أحْلامَكِ أنْ تَلْتَقِطي ..
بدَويَّاً عاشِقاً ..
يَرْهُنُ التاريخَ عِنْدَ امْرأةٍ ..
ويبيعُ الله في جَلْسَةِ جِنْسٍ وَطَرَبْ ..
ألفُ مَبْروكٍ .. أيا سيِّدتي
وأدامَ اللهُ بِتْرولَ العَرَبْ ..


إلي عصفورة سويسرية

أَصَديقَتـــي : إِنَّ الكِتــابَةَ لَعْنَــةٌ
فانْجي بِنَفْسكِ مِنْ جَحيمِ زَلازِلي

فَكَّرْتُ أنَّ دفاتــري هِيَ مَلْجـــأي
ثُمَّ اكْتشَفْتُ بأنَّ شِعْـــريَ قاتـــلي

وَظَنَنْتُ أنَّ هـــواكِ يُنْهي غُرْبَتي
فَمَرَرْتِ مِثْلَ المــاءِ بَيْنَ أنـــــامِلي

بَشَّرْتُ في دينِ الهــوى .. لكِنَّهمْ
في لَحْظةٍ ، قَتــلوا جَميعَ بلابــِلي

لا فَرْقَ في مُدُنِ الغُبارِ .. صَديقَتي
ما بيْنَ صورَةِ شاعرٍ .. ومُقاولِ ..

يا رَبُّ: إنَّ لِكُلِّ جُـــرْحٍ ســـاحِلاً
وأنا جِراحــــاتي بِغَيْرِ سَـــواحِلِ

كُلُّ المنــافي لا تُبَــــدِّدُ وَحْشَـــتي
ما دامَ مَنْفــايَ الكبيرُ .. بِداخلي
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 25/05/2008, 18h10
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

إليه في يومِ ميلاده

زَمـــانُكَ بُسْــــتانٌ ، وعَصْــرُكَ أَخْضَرُ
وذِكْـــراكَ عُصْفـــــورٌ مِنَ القلْبِ يَنقُــــرُ

ملأْنا لكَ الأقْـــداحَ .. يا مـــنْ بِحُبِّـهِ
سَكِرْنا ، كمــا الصــــوفيُّ بالله يَسْـــــكَرُ

دخَــــلْتَ علي تاريخِنـــــا ذاتَ ليـلةٍ
فرائِحـةُ التاريـــــخِ ، مِسْكٌ وعَنْبَــــــرُ

وكُنتَ .. فكانَتْ في الحقـــولِ سـنابلٌ
وكانَتْ عصـــــافيرٌ .. وكانَ صُنوبَـــــرُ

لَمَسْتَ أمانينـا ، فصـــارَتْ جــــداولاً
وأمْطَرْتنـــا حُبَّــــاً ، ولا زِلْــــتَ تُمْطِرُ

تأَخَّرْتَ .. عنْ وعْدِ الهـوى يا حبيبَنا
وما كُنْتَ عَنْ وَعْـدِ الهـــوى تتــأخَّرُ ..

سَهُدْنا ، وفكَّرْنا ، وشـــاخَتْ دموعُنا
وشابَتْ ليالينــــا .. وما كُنْتَ تَحْضُـــرُ

تُعـاوِدُني ذِكْــــراكَ كـــــلَّ عَشـــــيَّةٍ
ويورِقُ فِكْـــري .. حينَ فيـكَ أُفَـــــكِّرُ

وتأْبي جراحــــي أنْ تَضُـمَّ شِـفاهَهـــا
كأنَّ جـــــراحَ الحُــــبِّ لا تَتَخَثَّـــرُ ..

أُحبُّكَ .. لا تَفسيرَ عنْـــدي لصَبْوتــي
أُفَسِّــرُ مـاذا ؟ والهــــــوى لا يُفَسَّـــــرُ

تأخَّرْتَ يا أغلي الرِّجــــالِ ، فليلُنـــا
طويـلٌ ، وأضْـــواءُ القناديـــــلِ تَسْهَــرُ

تأَخَّرْتَ .. فالسـاعاتُ تأْكُلُ نفْسهـــا
وأيَّامُنــــــا في بَعْضِهـــــــا تَتَعَثَّـــرُ ..

أتَسْأَلُ عَنْ أعْمـارنــا ؟ أنْتَ عُمْرُنـــــا
وأنْتَ لنا المَهْـــــديُّ .. أنْتَ المُحَـــــرِّرُ

وأنْتَ أبو الثَّـــوْراتِ .. أنْتَ وقودُهـا
وأنْتَ انْبِعــــاثُ الأرْضِ .. أنْتَ التَّغيُّرُ

تَضيــقُ قُبـورُ المَيِّتينَ .. بمَنْ بهـا ..
وفي كُلِّ يوْمٍ ، أنْتَ في القَبْـــــرِ تَكْبُرُ ..

تأَخَّـــرْتَ عنــــا .. فالجيـادُ حزينَةٌ
وسَيْفُكَ مِنْ أشْـواقِهِ .. كــــادَ يَكْفُـــــرُ

حِصانُكَ في سيْنــــاءَ يَشْـرَبُ دَمْعَـــــهُ
ويا لِعـــــذابِ الخيْــــــلِ إذْ تَتَـــــذَكَّرُ

وراياتُكَ الخَضْـراءَ تَمْضِـــغُ دَرْبَهـــــا
وفوْقَــــكَ آلافُ الأَكاليـــــلِ تُضْـــــــفَرُ

تأَخَّرْتَ عنــــا .. فالمَســـــيحُ مُعَـذَّبٌ
هناكَ .. وجُرْحُ المَجْدَليَّــــــةِ أَحْمَـــــرُ

نســـــاءُ فِلَسْـــــطينٍ تَكَحَّلْنَ بالأسـى
وفي بيْتِ لَحْـمٍ ,, قاصِــــراتٌ وقُصَّــــرُ

وليْمــــونُ يافــــا يابــِسٌ في حُقـولِــهِ
وهَلْ شَجَـرٌ في قَبْضَــــةِ الظُّلْمِ يُزْهِــــرُ ؟

رفيقَ صلاحِ الديـنِ .. هلْ لكَ عَــــوْدَةٌ
فإنَّ جُيـــوشَ الــــرُّومِ تَنْهـي ، وتأْمُــرُ

رفاقُكَ في الأغْـوارِ شّـدّوا سُروجَـــــهُمْ
وجُنْدُكَ في حِطِّينَ ، صَلُّـوا .. وكبَّروا ..

تُغَنّي بِكَ الدُّنيـــــا .. كأنَّكَ طــــارِقٌ
علي بَرَكاتِ اللهِ ، يَرْسـو .. ويُبْحِـــــرُ

تُناديـكَ مِنْ شـــوْقٍ مـــــآذِنُ مَكَّـــــةٍ
وتَبْكيكَ بَـدْرٌ ، يا حبيبي ، وخَيْبَـــــرُ

ويَبْكيـكَ صَفْصـافُ الشَّــــآمِ وَوَرْدُهـــا
ويَبْكيـــــكَ زَهْـــــرُ الغَوْطَتَيْنِ ودُمَّــــرُ

تعـالَ إليْنـا .. فالمُــــروءاتُ أَطْــرَقَتْ
ومَوْطِـــــنُ آبــــائي زُجــــاجٌ مُكَسَّـــــرُ

هُزِمْنـا .. ومازِلْنـــا شَـتاتَ قَبــــائِلٍ
تَعيشُ علي الحِـقْدِ الـدَّفيـــنِ وتَثْــــــأَرُ

يُحـاصِرُنا كالمَــوْتِ .. ألْفُ خليــــفَةٍ
ففي الشَّرْقِ هـولاكـــو وفي الغَـرْبِ قَيْصَرُ

أبا خالـدٍ .. أشْكــو إليْــــكَ مواجِعي
ومِثْلي لَهُ عُــــذْرٌ .. وَمِثْـــلُكَ يَعْـــــذُرُ

أنا شَجَرُ الأحــزان ، أنْـزِفُ دائِمــــاً
وفي الثَّلْجِ ، والأَنْـواءِ ، أُعْـــطي وأُثْمِـــرُ

يُثيرُ حُزَيْـرانٌ جُنــــوني ونِقْـــــمَتي
فأغْتـالُ أوْثاني .. وأبْــكي .. وأكْفُــــرُ

وأذْبَحُ أهــــل الكَهْفِ ، فوْقَ فراشِـهِمْ
جميـعاً .. وِمِـــنْ بوَّابَــــةِ المَوْتِ أَعْبُــرُ

وأتْرُكِ خلْفـــي .. ناقَتي وعَبــــاءَتي
وأمْشي .. أنـــا في رَقْبَةِ الشّمْسِ خِنْجَـرُ

وأَصْرُخُ : يا أرْضَ الخُرافاتِ ، اِحْبَلي
لعلَّ مســـيحاً ثانياً .. سـوْفَ يَظْهَرُ ..
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 25/05/2008, 18h13
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

أنا مع الإرهاب

مُتَّهمونَ نحْنُ بالإرْهابْ ..
إنْ نحنُ دافَعْنا عَنِ الوَرْدةِ .. والمَرْأةِ ..
والقصيدةِ العَصْماءَ ..
وزُرْقةِ السَّماءْ ..
عنْ وطنٍ لمْ يَبْقَ في أَرْجائِهِ ..
ماءٌ .. ولا هَوَاءْ ..
لَمْ تَبْقَ فيهِ خَيْمةٌ .. أو ناقَةٌ ..
أو قَهْوةٌ سَوْداءْ ..
مُتَّهمونَ نحْنُ بالإرْهابْ ..
إنْ نحْنُ دافَعْنا بِكُلِّ جُرْأَةٍ
عنْ شَعْرِ بَلْقيسَ ..
وعنْ شِفاهِ مَيْسونَ ..
وعنْ هِنْدٍ .. وعنْ دَعْدٍ ..
وعنْ لُبْنى .. وعنْ رَبابْ ..
عَنْ مَطَرِ الكُحْلِ الَّذي
يَنْزِلُ كالوَحْيِ مِنَ الأَهْدابْ !!
لَنْ تجِدوا في حَوْزتي
قصيدةً سِرِّيَّةً ..
أو لُغةً سِرِّيَّةً ..
أو كُتُباً سِرِّيَّةً أسْجِنُها في داخِلِ الأَبْوابْ
وليْسَ عِنْدي أبداً قصيدةً واحدةً ..
تَسيرُ في الشَّارعِ .. وَهْىَ تَرْتدي الحِجَابْ
مُتَّهمونَ نحْنُ بالإِرْهابْ ..
إذا كَتَبْنا عنْ بقايا وَطَنٍ ..
مُخَلَّعٍ .. مُفَكَّكٍ مُهْترئٌ
أشْلاؤهُ تَناثَرَتْ أشْلاءْ ..
عَنْ وَطَنٍ يَبْحثُ عنْ عُنْوانِهِ ..
وأُمَّةٍ ليْسَ لها أَسْماءْ !
عَنْ وطنٍ .. لَمْ يَبْقَ مِنْ أشْعارِهِ العظيمةِ الأولى
سِوى قَصائِدِ الخَنْساءْ !!
عنْ وطنٍ لمْ يَبْقَ في آفاقِهِ
حُرِّيَّةُ حَمْراءُ .. أو زرْقاءُ .. أو صفْراءْ ..
عنْ وطنٍ .. يَمْنعُنا أنْ نَشْترى الجَريدَةَ
أو نَسْمعَ الأنْباءْ ..
عنْ وطنٍ كُلُّ العصافيرِ بِهِ
مَمْنُوعةٌ دَوْما مِنَ الغناءْ ..
عنْ وطنٍ ..
كُتَّابُهُ تَعوَّدوا أنْ يكْتُبوا ..
مِنْ شِدَّةِ الرُّعْبِ ..
على الهَواءْ !!
عنْ وطنٍ ..
يُشْبِهُ حالَ الشِّعْرِ في بلادِنا
فَهْوَ كلامٌ سائِبٌ ..
مُرْتجلٌ ..
مُسْتَوْرَدٌ ..
وأَعْجَمِيُّ الوَجْهِ واللسانْ ..
فما لهُ بِدايةٌ ..
ولا لهُ نِهايَةٌ
ولا لهُ علاقةٌ بالنَّاسِ .. أو بالأرْضِ ..
أو بِمأْزقِ الإنسان !!
عنْ وطنٍ ..
يمْشى إلي مُفاوضاتِ السِلْمِ ..
دونَما كرامةٍ ..
ودونما حِذاءْ !!!
عنْ وطنٍ ..
رجالهُ بالوا على أنْفسِهمْ خوفاً ..
ولمْ يَبْقَ سوى النِّساءْ !!
المِلْحُ في عُيونِنا ..
والمِلْحُ .. في شِفاهِنا ..
والمِلْحُ .. في كلامِنا ..
فهلْ يَكونُ القَحْطُ في نُفوسِنا ..
إِرْثاً أتانا منْ بني قَحْطانْ ؟؟
لمْ يبْق في أُمْتنا مُعاوِيَةٌ ..
وَلا أبو سُفْيانْ ..
لمْ يبْقَ مَنْ يقولُ (لا) ..
في وَجْهِ منْ تَنازَلوا
عنْ بَيْتِنا .. وخُبْزِنا .. وزَيْتِنا ..
وحَوَّلوا تاريخَنا الزَّاهي ..
إلي دُكَّانْ !! ..
لمْ يَبْقَ في حياتِنا قَصيدَةً ..
ما فَقَدتْ عَفَافَها ..
في مَضْجَعِ السُّلْطانْ !!
لقدْ تَعَوَّدْنا على هَوانِنَا ..
ماذا منَ الإنسان يَبْقى ..
حيْنَ يَعْتادُ على الهَوَانْ ؟؟
أبْحَثُ في دَفاتِرِ التَّاريخِ ..
عنْ أُسامَةَ بن مَنْقذٍ ..
وعُقْبةَ بنَ نافِعٍ ..
عنْ عُمَرٍ .. عنْ حَمْزةٍ ..
عنْ خالدٍ يَزْحفُ نَحْوَ الشَّامِ ..
أَبْحَثُ عنْ مُعْتصمٍ باللهِ ..
حتَّى يُنْقذَ النِّساءَ مِنْ وحْشيةِ السَّبْيِ ..
ومنْ ألْسنَةِ النيرانْ !!
أبحث عن رجال أخر الزمان ..
فلا أرى في الليل إلا قططا مذعورة ..
تخشى على أرواحها ..
من سلطة الفئران !! ..
هل العمى القومي .. قد أصابنا ؟
أم نحن نشكو من عمى الألوان ؟؟
متهمون نحن بالإرهاب ..
إذا رفضنا موتنا ..
وجرافات إسرائيل ..
تنكش في ترابنا ..
تنكش في تاريخنا ..
تنكش في إنجيلنا ..
تنكش في قرآننا! ..
تنكش في تراب أنبيائنا ..
إن كان هذا ذنبنا
ما أجمل الإرهاب ..
متهمون نحن بالإرهاب ..
.. إذا رفضنا محونا
على يد المغول .. واليهود .. والبرابرة ..
إذا رمينا حجرا ..
على زجاج مجلس الأمن الذي
استولى عليه قيصر القياصرة ..
.. متهمون نحن بالإرهاب
.. إذا رفضنا أن نفاوض الذئب
.. وأن نمد كفنا ل ..
أميركا ..
ضد ثقافات البشر ..
وهى بلا ثقافة ..
ضد حضارات الحضر ..
وهى بلا حضارة ..
أميركا ..
بناية عملاقة
ليس لها حيطان ..
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفضنا زمنا
صارت به أميركا
المغرورة .. الغنية .. القوية
مترجما محلفا ..
للغة العبرية ..
.. متهمون نحن بالإرهاب
وإذا رمينا وردة ..
للقدس ..
للخليل ..
أو لغزة ..
والناصرة ..
إذا حملنا الخبز والماء
إلي طروادة المحاصرة
متهمون نحن بالإرهاب
إذا رفعنا صوتنا
ضد الشعوبيين من قادتنا
وكل من غيروا سروجهم
وانتقلوا من وحدويين إلي سماسرة
متهمون نحن بالإرهاب
إذا اقترفنا مهنة الثقافة
إذا قرأنا كتابا في الفقه والسياسة
إذا ذكرنا ربنا تعالى
إذا تلونا ( سورة الفتح)
وأصغينا إلي خطبة الجمعة
فنحن ضالعون في الإرهاب
متهمون نحن بالإرهاب
إن نحن دافعنا عن الأرض
وعن كرامة التراب
إذا تمردنا على اغتصاب الشعب ..
واغتصابنا ..
إذا حمينا آخر النخيل في صحرائنا ..
وآخر النجوم في سمائنا ..
وآخر الحروف في أسمائنا ..
وآخر الحليب في أثداء أمهاتنا ..
.. إن كان هذا ذنبنا
فما أروع الإرهاب!!
أنا مع الإرهاب ..
إن كان يستطيع أن ينقذني
من المهاجرين من روسيا ..
ورومانيا، وهنغاريا، وبولونيا ..
وحطوا في فلسطين على أكتافنا ..
ليسرقوا مآذن القدس ..
وباب المسجد الأقصى ..
ويسرقوا النقوش .. والقباب ..
أنا مع الإرهاب ..
إن كان يستطيع أن يحرر المسيح ..
ومريم العذراء .. والمدينة المقدسة ..
من سفراء الموت والخراب ..
بالأمس
كان الشارع القومي في بلادنا
يصهل كالحصان ..
وكانت الساحات أنهارا تفيض عنفوان ..
.. وبعد أوسلو
لم يعد في فمنا أسنان ..
فهل تحولنا إلي شعب من العميان والخرسان ؟؟
أنا مع الإرهاب ..
إذا كان يستطيع أن يحرر الشعب
من الطغاة والطغيان
وينقذ الإنسان من وحشية الإنسان
أنا مع الإرهاب
إن كان يستطيع أن ينقذني
من قيصر اليهود
أو من قيصر الرومان
أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد ..
مقتسما ما بين أمريكا .. وإسرائيل ..
بالمناصفة !!!
أنا مع الإرهاب
بكل ما املك من شعر ومن نثر ومن أنياب
ما دام هذا العالم الجديد
!! بين يدي قصاب
أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد
قد صنفنا
من فئة الذئاب !!
أنا مع الإرهاب
إن كان مجلس الشيوخ في أميركا
هو الذي في يده الحساب ..
وهو الذي يقرر الثواب والعقاب
أنا مع الإرهاب
مادام هذا العالم الجديد
يكره في أعماقه
رائحة الأعراب
أنا مع الإرهاب
مادام هذا العالم الجديد
يريد ذبح أطفالي
ويرميهم للكلاب
من أجل هذا كله
أرفع صوتي عاليا
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 25/05/2008, 18h17
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

أنا ودمشق

يا ساري النجمِ بلغْ غوطــةَ الشــامِ
حبي وصــــادق أشواقي وتهيامي

وامسحْ جبينَك من أطيابِ واحتــها
وانقلْ شــذاها لهذا الواله الظامي

تركتُ فيها ربيعَ العمرِ فالتهــبتْ
في غربتـي كلُّ أحزانـــي وآلامــي

هناك بين مغانيهـــــا وأنهرهــــا
ودعتُ أجمـــل أيــامي وأعــوامي

مدّي إلي يداً يا خيـــرَ هاجـــــرةٍ
فالهـجرُ يقتلني كالخنجر الدامي

ما غبتِ عن ناظري يا فتنةً سرقتْ
قلبـي ومن جفنيَ الوسنانِ أحلامي

هــذي دمشـقُ وهذا الحبُّ من زمنٍ
رفعتُ ألويتي فيهــــا وأعـــلامي

ما هزَّني الشوقُ أو مرَّ الهوى بدمي
إلا وكانتْ مناجـــاتي وإلهـــامي

فكم رمتني بســهمٍ من لواحظهـــا
وباركت مهجتي في حبها الرامي

سرُّ المحبـة أن الشـــامَ مابرحــت
تشفي جراحي إذا أدمت وأسقامي

حفرتُ صـــورة خديها على كبدي
ورحتُ أغسل في العينينِ أوهــامي

وفتنةُ الشامِ جـــل الله ما رســـمتْ
كَفَّــــاهُ أجمـــــلَ إبـــداعٍ لرسـام

صبَّ الإله بها من حسنه فزهـــتْ
بين المدائــن في دَلٍ وإنْعــــــــــامِ

يا للأماسي ويا للســحرِ في بلـــــدٍ
بالحسنِ والحـــبِ والإيثــارِ عوّامِ

تضوع من شعرها الليــــلي غاليــة
من كـــل عطـــرٍ شهي النشرِ نمَّام

هام الصبــاحُ وورد الشـــام تَيَّمـــهُ
لما تفتح .. أكمامـــــاً بأكمـــــــام

وللجـــــداول أنَّــــاتٌ مُجَرَّحــــةٌ
تذكي صبابـــةَ مُلتــــاحٍٍ ولــــوَّام

حوريةٌ أبدع الرحمـــــن فتنتَهـــا
حتى تجلى بحسن الحور في الشام

شــدتْ محاسنهـــا كلَّ القلوب لها
وتـــاه عاشقُها في بحــرها الطامي
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 25/05/2008, 19h16
jevaramat
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي رد: القصائد السياسية لنزار قباني

أنا يا صديقة متعب بعروبتي

يا تونُـــسَ الخَضــــراءَ جئْتُكِ عاشِـــقاً
وعلــي جبيــــني ورْدَةٌ وكِتـــابُ

إني الدِمَشْقيُّ الـــذي احتَرَفَ الهـــوى
فاخْضَوضَـــرَت لغِنــائِهِ الأعشابُ

أحرقْتُ من خلـــفي جميعَ مراكبـــــي
إنَّ الهــوى ، إلا يكـــونَ إيــــابُ

أنا فوْقَ أجْفـــــانِ النِســــاءِ مُكَسَّـــــرٌ
قِطعاً ، فعُمري الموجُ والأخشــابُ

لم أنْسَ أسْمــــــاء النســـــاءِ وإنمـــــا
للحُسْنِ أسبابٌ ، ولـــي أسبـــابُ

يا ساكنـــاتِ البَحْـــــرِ في قَرْطاجَـــــةٍ
جَــــفَّ الشذى وتفَـرَّقَ الأصحابُ

أيــــن اللـــــواتي حُبُــــهُنَّ عبـــــادّةٌ
وغِيابُهُـــنَّ وقُرْبُهُــــنَّ عـــــذابُ

اللابِسَـــــاتِ قصائـــدي وَمَدَامِــــــعي
عاتبتُهُنَّ فما أفــــــاد عِتـــــــابُ

أحْبَبْتُهُــــنَّ وهُــــــنَّ مـــا أحْببنَنـــي
وصَدَقْتُهُنَّ ووَعْدُهُــــــنَّ كِـــــذابُ

إني لأشْعُــرُ بالــــــدُوارِ ، فَناهِــــــدٌ
لي يَطْمَئِنَُ ، وناهِــــدٌ يرْتـــــابُ

هـــلْ دوْلَـــــةُ الحُبِّ التــي أسَّسْتُهــا
سَقَطَتْ عليَّ وَسُــدَّتِ الأبْـــوابُ ؟

تبْكـــي الكـؤوسُ ، فبَعْدَ ثَغْرِ حبيبتي
حَلَفَتْ ، بألا تُسْــكِر الأعْنـــــابُ

أيَصُدُّنـــــي نَهْــــدٌ تعِبْتُ بِرَسْــــــمِهِ
وتخونُني الأقْـــراطُ والأثْـــوابُ ؟

ماذا جــــري للمـــــالكي وبيـــــارقي
أدعو ربابَ ، فلا تُجيبُ ربـابُ ؟

أأحاسِـــبُ امــــرأةً علي نِسْـــــــيانِها
ومتى اسْتقامَ مع النساءِ حسابُ ؟

ما تُبْتُ عنْ عِشْـــقي ولا اسْتَغْفَرْتُـــــهُ
ما أسْــخَفَ العُشَّــاقَ لوْ هُمُ تابـوا

قمــــرٌ دمشْقيٌّ يُســــــافِرُ في دمــــــي
وبلابــــلٌ وسنــــابلٌ وقبــــــابُ

الفلُّ يبـــــدأُ من دِمَشْـــــقَ بياضُــــــهُ
وبِعِطــــرها تَتَطيَـــبُ الأطيـــابُ

والمـــــــاءُ يبـــدأُ من دمشــــقَ فحَيْثُما
أسْنَدْتَ رأْسَكَ ، جَــــدْوَلٌ ينْسابُ

والشِّعْرُ عُصْفــــورٌ يَمُــــدُّ جناحَــــــهُ
فوْقَ الشئآمِ ، وشــــاعِرٌ جــــوَّابُ

والحُبُّ يبْدأُ مــن دمشْــقَ ، فأهْلُنــــــا
عَبدوا الجمـــال ، وذوَّبوهُ وذابـوا

والخيلُ تبــدأُ من دمَشْــــقَ مَسَارُهــــا
وَيُشَدُّ للْفَتْــحِ الكبيــــرِ رِكـــــابُ

والدَّهْر يبـــدأُ من دِمَشْــــقَ وعِنْدَهــــا
تبقي اللُغاتُ ، وتُحْفَـــظُ الأنسابُ

ودِمَشْـــقُ تُعطي للْعُروبَــــةِ شَكْلهــــا
وبِأرْضِها تَتَشَـــــكَّلُ الأحقـــــابُ

بدأَ الزِفــــافُ ، فمَنْ تكـــونُ مَضيفتي
هذا المساءُ ، ومن ْ هوَ العَــــــرَّابُ

أأنا مُغَنـــي القَصْـــــرِ يا قرطاجــــــةٌ
كيفَ الحُضورُ وما علي ثيــــابُ ؟

ماذا أقـــــولُ ، ومــــن يُفَتِشُ عن فمي
والمُفْـــــرداتُ حجــــارةٌ وتــرابُ

فمــــــآدِبٌ عربيَّــــــةٌ ، وقصـــــــائِدٌ
هَمَــزِيَّةٌ ، ووســــائِدٌ وحبــــابُ

لا الكأسُ تُنْســـينا مـــرارةَ حُزْننـــــا
يـــوماً ، ولا كلُّ الشــرابِ شرابُ

من أيـــنَ يأتي الشِّـــعْرُ يا قرْطاجـــــة
والدينُ مـاتَ وعــادَتِ الأنْصـــابُ

من أيـــن يأتي الشِّــــعْر حيــنَ نَهارُنا
قَمْـــــعٌ ، وحينَ مســاؤنا إرهابُ

سرقوا أصابعنا ، وعطْـــــــرَ حـــروفنا
فبــأيِّ شيءٍ يَكْتُــــبُ الكُتـــــابُ

والحُــــكْمُ شُرْطيٌّ يســـــير وراءنـــــا
سرَّاً ، فنَكْـــهَةُ خُبزِنا اسْتِجوابُ

الشـــــعرُ رغْـــمَ سيـــاطِهِمْ وسُجونِهِمْ
ملكٌ وهـــمْ في بابِـــهِ حُجَّــــــابُ

من أيْنَ أدخُلُ في القَصـــــيدَةِ يا تُــــري
وحدائِقُ الشِّعْرِ الجميـــلِ خـرابُ

لــــم يبـــقَ في دارِ البـــلابِلِ بُلبُــــــلٌ
لا البُحْتُريُّ هنـــا ولا زريـــــابُ

شُعــــــراءٌ هـــذا اليــــوْمِ جِنسٌ ثالِثٌ
فالقَوْلُ فوْضــي ، والكلامُ ضبــابُ

يتكَلَّمونَ مـــع الفـــــراغِ فمــــا هُــــمُ
عَجَمٌ إذا نطقــوا ، ولا أعْـــــرابُ

يتَهَكَّمـــــونَ علي النبيــــذِ مُعَتَّــــــقاً
وَهُــــمُ علي سَـــطْحِ النبيذِ ذبـابُ

الخَمْــــرُ تبــــقي إن تقــادَمَ عهْـــدُها
خمْراً ، وقـــد تتغَيَّرُ الأكْـــــوابُ

من أيْنَ أدخُلُ في القَصيــــدَةِ يا تُــــري
والشَّمْسُ فـــوْقَ رؤوسِــنا سِرْدابُ

إن القَصيدَةَ ليــــس ما كتبَـــتْ يـــدي
لكِنْها مــــا تَكْتُــبُ الأهْــــــدابُ

نارُ الكِتــــابَةِ أحْرَقَـــــتْ أعْمـــــارَنا
فحياتُنا الكِبــريتُ والأحْطـــــابُ

ما الشِّعْرُ ، ما وَجَعُ الكتابَةِ ، ما الرؤى
أُولي ضحايـــانا هُـــمُ الكُتـــــابُ

يُعْطوننا الفَـــرَحَ الجميــــلَ وحَظُّهُـــمْ
حَظُّ البَغايــا ، ما لَهُـــنَّ ثــــوابُ

يا تونُسَ الخضْــــــراء هــــذا عالـــــمٌ
يَثْــــري بِــــهِ الأمِّـــيُّ والنصَّابُ

فَمِنَ الخليـــجِ إلي المُحيـــــطِ قبـــــائلٌ
بطِـــــرَتْ ، فلا فِكْــــرٌ ولا آدابُ

في عصْرِ زَيْتِ النِفْــــطِ يَطْلُبُ شــــــاعِرٌ
ثوْبـــاً ، وَتُرْفَلُ بالحريرِ قِحــابُ

هـــــل في العيــــونِ التونِســـيَّةِ شاطِئٌ
ترتاح فوق رمـــاله الأعصــــاب ؟

أنا يا صديـــقة متــــعب بعروبتـــــي
فهل العروبة لعنـــة وعقــــاب ؟

أمشـــي على ورق الخـــريطة خائــفا
فعلى الخريطة كلنــــا أغـــــراب

أتكلم الفصحــــى أمـــــــام عشيرتـــي
وأعيــــد .. لكن ما هنـاك جواب

لولا العبـــــاءات التــي الْتَفـــــوا بها
ما كنـت أحسب أنهم أعــــــراب

يتقاتلـــــون على بقايـــــــا تمــــــرة
فخنـــــاجر مرفوعــــة وحــراب

قبلاتهـــــم عربيـــــة .. مــن ذا رأى
فيمــا رأى قبلا لهــــا أنيـــــاب

يا تونس الخضـــــــراء كأسي علقـــــم
أعلى الهزيمة تشـرب الأنخاب ؟

وخريطـــة الوطن الكبيــــر فضيحــــة
فحواجز .. ومخــافر .. وكلاب

والعـــــالم العــــربي ..إما نعجـــــة
مذبوحة أو حــــــاكم قصــــــاب

والعــــالم العربي يرهــــــن سيـــــفه
فحكاية الشرف الرفيع ســــراب

والعــــالم العــــربي يخــــزن نفطـــه
في خصيتيـــه .. وربك الوهــاب

والنــــاس قبـــــل النفط أو من بعـــده
مستنزفـــون .. فســــادة ودواب

يا تونس الخضراء كيف خلاصنــــــا ؟
لم يبق من كتب الســماء كتــــاب

ماتت خيـــول بني أميــــــة كلهـــــا
خجلا .. وظل الصرف و الإعراب

فكأنما كتــــب التــــراث خـــــــرافة
كبرى .. فلا عمر .. ولا خـطاب

وبيارق ابـن العاص تمســـــح دمعهـــا
وعزيز مصر بالفصــــام مصــــاب

من ذا يصـدق أن مصــــــر تهــــــودت
فمقام سيدنا الحســــين يبـــــاب

ما هــــذه مصــــر .. فان صــــــلاتها
عبرية .. و إمامهــــــا كــــذاب

ما هـــــذه مصــــر .. فــان ســـماءها
صغــرت .. وان نســاءها أسلاب

إن جــــاء كافــــور .. فكم من حاكــم
قهـــر الشعوب .. وتاجه قبقاب

بحـــرية العينيـــن .. يا قرطاجـــــة
شاخ الزمان .. وأنت بعد شبــاب

هل لي بعرض البحر نصف جزيــرة ؟
أم أن حبي التونــــسي ســـــراب

أنا متعب .. ودفاتـــري تعبت معـــي
هل للدفاتر يا تـرى أعصـــــاب ؟

حزني بنفســـــجةٌ يبللــها النــــــدى
وضفاف جرحي روضــــة مِعْشاب

لا تعذليني إن كشـــــفت مواجــــــعي
وجه الحقيقة ما عليـــه نقـــــاب

إن الجنون وراء نصـــــف قصائـــــدي
أوليس في بعض الجنون صواب ؟!

فتحــملي غضبي الجميـــــل فربمـــــا
ثارت على أمر السماء هضــــــاب

فإذا صــــرخت بوجــــه من أحببتهم
فلكي يعيش الحـــب و الأحبـاب

و إذا قسوت على العروبـــــة مــــــرة
فلقد تضيق بكحــلها الأهـــــداب

فلربما تجــــد العروبـــــة نفســــــها
ويضيء في قلب الظــــــلام شهاب

ولقد تطير مـــــن العقـــــال حمـــامة
ومــــن العبـــــاءة تطلع الأعشاب

قرطاجة ..قرطاجة .. قرطاجـــــــة
هــل لي لصدرك رجعة و متاب ؟

لا تغضــبي مني .. إذا غلب الهــــوى
إن الهوى في طبعــــه غـــــــلاب

فذنوب شعــــري كلهــــا مغفــــــورة
والله جـــل جـــــلاله التــــواب
رد مع اقتباس
رد

Tags
نزار قبانى


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 11h01.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd