لقد كان محمد عبد الوهاب ظاهرة فريدة في العالم العربي خلال القرن العشرين . ومع ان عبد الوهاب ظهر قبل مجيئي للحياة بمدة طويلة لكني عاصرت عطائه المنهمر ايضا ولمدة طويلة فوجدت اجمل ما فيه هو عشقه للحياة .
كان محمد عبد الوهاب متجددا باستمرار وذا روح شابة تتأجج في داخله وكان ذلك ظاهرا على كل يوم من ايام حياته . وحتى بعد ان ذهب بريق ورونق الشباب عنه اخذ يعكس شبابيته المتدفقة من خلال عطاءه للفنانين الاخرين . انظروا الى اغاني ام كلثوم في اواخر حياتها , بل انظروا حتى الى شكلها بعد ان اخذت تغني الاغاني التي لحنها لها عبد الوهاب . وانظروا ايضا الى عبد الحليم ونجاة وغيرهم , لقد ظلوا جميعا شباب مادامت دماء عبد الوهاب تجري في عروقهم .
كم امعنت النظر وبعمق بالغ الى موسيقاه سواء في المقاطع اللحنية الموجودة في اغانيه واغاني غيره من المطربين الذين لحن لهم , او في المقطوعات الموسيقية المنفردة التي الفها وكنت دائما اجد فيها اداءا فنيا لا مثيل له في عذوبته التي تمس شغاف القلب .
اعجز عن قول الكثير في هذا الموسيقي البارع , ولكن يمكنني ان اقول بانه بحق عملاق الموسيقى العربية الذي لم يظهر من يوازيه لحد الان , ولنا ان نفخر به ونعظمه كما تفخر الامم الاخرى بعظمائها من الموسيقين والمبدعين .