* : تترات المسلسلات التلفزيونية (الكاتـب : راضى - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 16h16 - التاريخ: 28/03/2024)           »          غادة سالم (الكاتـب : ماهر العطار - آخر مشاركة : الكرملي - - الوقت: 15h31 - التاريخ: 28/03/2024)           »          عبد الحليم حافظ- 21 يونيه 1929 - 30 مارس 1977 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : fahedassouad - - الوقت: 12h28 - التاريخ: 28/03/2024)           »          محمد شريف (الكاتـب : loaie al-sayem - آخر مشاركة : اسامة عبد الحميد - - الوقت: 23h50 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سعاد محاسن (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 19h25 - التاريخ: 27/03/2024)           »          الشيخ محمد صلاح الدين كباره (الكاتـب : احمد البنهاوي - آخر مشاركة : kabh01 - - الوقت: 09h52 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سلمى (الكاتـب : حماد مزيد - آخر مشاركة : عطية لزهر - - الوقت: 09h18 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سمير غانم- 15 يناير 1937 - 20 مايو 2021 (الكاتـب : محمد البتيتى - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 01h14 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سلوى رشدي - مونولجست (الكاتـب : حازم فودة - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h43 - التاريخ: 27/03/2024)           »          الثنائي سعد و اكرام (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h09 - التاريخ: 27/03/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > مجلس العلوم > المكتبة > مقالات في الموسيقى

تنبيه يرجى مراعاته

تعلم إدارة سماعي، الأعضاء أن كل الملفات والمواد المنقولة من مواقع خارجية أو مواقع تخزين للكتب أو المتواجدة بكثرة على شبكة الإنترنت ... سيتم حذفها دون إعلام لصاحب الموضوع ... نرجو الإلتزام ... وشكرا


رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 13/09/2006, 20h06
adham006
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي الأندلس تغني على أنغام زرياب

هذه الموضوع إهداء للإنسان الأديب الدكتور أنس البن - د.راضي
الأندلس تغني على أنغام زرياب
كان انتقال زرياب , من بغداد (العباسية) إلى قرطبة (الأموية), نقطة تحول بالغة الأهمية في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس, لأن ابتكاراته وتجديداته لم تقتصر على الغناء والموسيقى, ولكنها امتدت لتشمل حياة المجتمع الأندلسي.
زرياب هو أبو الحسن علي بن نافع, واشتهر بلقب ( زرياب ). وهو اسم (الطير الأسود) ذي الصوت الرخيم. ويقال إنه لقب بذلك (من أجل سواد لونه وفصاحة لسانه وحلاوة شمائله). أما كلمة ( زرياب ) فهي فارسية الأصل وتعني (ماء الذهب). ولد زرياب في بغداد عام 161هـ/777م. ويبدو أن والده كان من الوافدين إلى بغداد, وكان زرياب من موالي الخليفة العباسي المهدي (ت169هـ/785م). تعلم زرياب فن الغناء والموسيقى في بغداد على يد إسحاق الموصلي (ت235هـ / 850م), الذي كان صاحب مدرسة للغناء والموسيقى في العاصمة العباسية, والموسيقار المفضل لدى الخليفة هارون الرشيد (ت193هـ/ 809م). وإذا كان زرياب قد أخذ في بداية حياته الفنية بعض ألحان أستاذه ووضعها في أغان جديدة له مع شيء من التغيير والتطوير, فإنه سرعان ما انطلق مستقلاً في ألحانه وأغانيه, بحيث لم تمض سنوات قليلة حتى أتقن (صناعة) الغناء والموسيقى اتقاناً فاق فيه أستاذه, لا سيما أن الكثير من عناصر النبوغ والإبداع كانت متوافرة في شخصيته.
في بلاط الرشيد
شاءت الظروف أن يطلب الخليفة هارون الرشيد من إسحاق الموصلي أن يرشح له مغنياً بارعاً, فذكر له تلميذه زرياب , وقال إنه قد اتقن الغناء والموسيقى على يديه, ويتوقع أن يكون له شأن كبير في مقبل الأيام. فطلب الرشيد منه أن يصطحبه معه إلى مجلسه. وبالفعل حضر زرياب برفقة أستاذه إلى مجلس الخليفة. ودار حوار بين الرشيد وزرياب حول بعض المسائل الفنية, ثم سمع ألحانه وغناءه, فأعجب به إعجابا شديداً, بل دهش بما انطوت عليه شخصيته من عقل ومنطق ومواهب فنية. ويحسن بنا أن ننقل مقتطفات من هذا الحوار كما ورد في أحد المصادر الأصلية (.. فلما كلمه الرشيد (أي كلّم زرياب ) أعرب عن نفسه بأحسن منطق وأوجز خطاب, وسأله عن معرفته بالغناء فقال زرياب (نعم أُحسن منه ما يُحسنه الناس, وأكثر ما أُحسنه لا يحسنونه, مما لا يحسن إلا عندك ولا يدَّخر إلا لك, فإن أذنت غنيتك مالم تسمعه أذن قبلك). فأمر الرشيد عندئذ بجلب عود أستاذه إسحاق, ولكن زرياب رفض العزف عليه وقال (لي عود نحته بيدي وأرهفته بإحكامي, ولا أرتضي غيره, وهو بالباب, فليأذن لي أمير المؤمنين في استدعائه, فأمر الرشيد بإدخاله إليه. فلما تأمل الرشيد عود زرياب , وكان شبيهاً بعود إسحاق, فقال له الرشيد: ما منعك أن تستعمل عود أستاذك? فقال زرياب : إن كان مولاي يرغب في غناء أستاذي غنيته بعوده, وإن كان يرغب في غنائي فلابد لي من عودي. فقال له الرشيد: ما أراهما إلا واحدا (أي أن العودين متشابهان). وهنا شرح زرياب للخليفة الفروق بين عوده وعود أستاذه, منها مثلاً أن وزن عوده يساوي ثلث وزن عود أستاذه, وأن بعض أوتار عوده من الحرير وبعضها الآخر من مصران شبل الأسد, مما يجعل ترانيم عوده أكثر صفاء ووضوحا, فتعجب الرشيد من وصف زرياب لعوده, ثم أمره بالغناء, فاندفع يغنيه قصيدة من تأليفه, يمدح فيها الخليفة, ومنها قوله:
يا أيها المَلِكُ الميمونُ طائرُه هارونُ راح إليك الناسُ وابتكروا


وبعد أن أتمَّ زرياب النوبة (طار الرشيد طرباً). ثم سأل الرشيد إسحاق الموصلي معاتبا:ً لماذا أخفى عليه هذا المغني ولم يقدمه له حتى الآن, فبرر إسحاق له ذلك بقوله إن زرياب نفسه كان قد أخفى تلك المواهب عنه. ثم طلب الرشيد من إسحاق أن يهتم بزرياب (حتى أفرغ له فإن لي فيه نظرا).
زرياب يهجر بغداد
يبدو أن إسحاق الموصلي ندم أشد الندم على اصطحاب تلميذه زرياب إلى مجلس الرشيد, لأنه شاهد بأم عينه مدى إعجابه به, وأدرك أنه إذا سطع نجم زرياب فإن ذلك سيكون على حساب منزلته ومستقبله, لا سيما أن ما قدمه زرياب من أغان وألحان في مجلس الخليفة فاق ما كان يقدمه إسحاق نفسه. ولهذا دبَّ الحسد - الذي هو داء كل العصور - في قلب الأستاذ تجاه تلميذه, وقرر التخلص منه بأي ثمن كان. واللافت للنظر أن إسحاق كان واضحاً مع زرياب , حيث شرح له أن الحسد بين أبناء الصنعة الواحدة شر يصعب تجنبه, وطلب منه أن يختار بين أمرين : إما أن يغادر إلى أي مكان في أرض الله الواسعة, وإما أن يقيم في بغداد على كره منه, وعليه, والحالة هذه, أن يتحمل مما سيلحق به من أذى بما في ذلك الاغتيال. وبعد أن سمع زرياب هذا التهديد الواضح من إسحاق وجد أنه من الحماقة أن يبقى في مدينة يتمتع فيها أستاذه بنفوذ لا طاقة له بمواجهته, ولهذا قرر مغادرة العراق إلى المغرب, وقد أعانه إسحاق نفسه على تنفيذ قراره هذا. وبذلك أفسد الحسد الفرصة على زرياب في بغداد الرشيد. وقد أكد هذه الحقائق كلها ما أورده المقري حين قالهاج به (أي بإسحاق) داء الحسد.. فخلا بزرياب وقال له: يا علي : إن الحسد أقدم الأدواء, والدنيا فتانة والشركة في الصنعة عداوة لا حيلة في حسمها, ولقد مكرت بي فيما انطويت عليه من إجادتك وعلو طبقتك, وقصدت منفعتك فإذا أنا قد أتيت نفسي من مأمنها بإدنائك, وعن قليل تسقط منزلتي وترتقي أنت فوقي, وهذا ما لا أصاحبك عليه.. فتخير في اثنتين لا بد لك منهما: إما أن تذهب عني في الأرض العريضة لا أسمع لك خبراً وإما أن تقيم على كرهي.. فخذ الآن حذرك مني, فلست والله أبقي عليك ولا ادع اغتيالك باذلاً في ذلك بدني ومالي.. فخرج زرياب لوقته وعلم قدرته على ما قال, واختار الفرار, فأعانه إسحاق على ذلك, فرحل عنه ومضى يبغي مغرب الشمس, واستراح قلب إسحاق منه).
الطريق إلى الأندلس
اتجه زرياب من العراق إلى المغرب, فنزل, بداية, في مدينة القيروان, عاصمة الأغالبة, حيث غنى لأميرهم زيادة الله الأول (816 -837 م). والواقع لا نملك معلومات كثيرة عن فترة إقامته في بلاط الأغالبة. ولكن حدث أن غضب الأمير من زرياب غضباً شديداً بعد أن غنى له شعراً لعنترة العبسي اعتبره إهانة له. فأمره أن يخرج من بلاده. وقال له, كما يذكر ابن عبد ربه في كتابه (العقد الفريد) : (إن وجدتك في شيء من بلدي بعد ثلاثة أيام جزيت عنقك). وبالفعل اضطر زرياب إلى مغادرة القيروان متجهاً إلى المغرب الأقصى عام 821 م بعد أن هدد بالقتل, كما سبق له أن غادر بغداد بعد أن هدد بالقتل أيضاً. وتؤكد المصادر أن زرياب بعث كتاباً إلى الأمير الأموي في الأندلس آنذاك وهو الحكم بن هشام (796-828 م), يخبره فيه عن مكانته في صناعة الغناء والموسيقى, ويُعرب له عن رغبته في القدوم إليه وأنه اختاره بين سائر الملوك والأمراء ليكون في خدمته. ومع أننا لا نعرف متى خاطب زرياب الحكم? وهل كان ذلك خلال إقامته في القيروان? أم بعد مغادرته لها? ولكن من المؤكد أن زرياب لم يجتز مضيق جبل طارق إلى الجزيرة الخضراء - الواقعة على الجانب الأندلسي - العام (821 م) إلا بعد أن تسلم كتاباً من الأمير الحكم يتضمن الترحيب به والرغبة في لقائه. وعندما وصل زرياب وأفراد عائلته إلى الجزيرة الخضراء كان في استقباله على أرضها وفد مرسل من قبل الحكم لاستقباله والترحيب به ومرافقته إلى بلاطه في قرطبة. وكان هذا الوفد برئاسة مغني يهودي اسمه منصور, ولكن شاءت الظروف أن يصل نبأ وفاة الحكم قبل أن يغادر زرياب الجزيرة الخضراء إلى قرطبة. وهنا تردد زرياب في متابعة رحلته, إذ وجد من الحكمة أن يعود إلى المغرب لأن الأمير الذي دعاه قد وافاه الأجل. وهنا تدخل منصور لإقناع زرياب بالتوجه إلى بلاط الأمير الجديد وهو عبد الرحمن بن الحكم, الذي عرف في التاريخ باسم عبد الرحمن الثاني أو الأوسط (822-852م), كما أبلغ منصور الأمير الجديد بتردد زرياب , لهذا وصل كتاب من الأمير عبد الرحمن إلى الجزيرة الخضراء يتضمن دعوة زرياب إلى قرطبة, ويعرب له فيه عن شوقه وتطلعه إلى لقائه في بلاطه. كما كتب الأمير نفسه إلى ولاته على البلاد التي سيمر بها زرياب بأن يحسنوا استقباله ويقدموا له كل العون والمساعدة حتى وصوله إلى قرطبة. وإضافة إلى ذلك كله أمر عبد الرحمن أحد كبار رجال التشريفات في قصره بأن يكون في استقبال زرياب قبل وصوله إلى العاصمة. ودخل زرياب وأهله قرطبة في إحدى الليالي من عام 822 م, وتم إنزاله في دار من أحسن دورها وحمل إليها جميع ما يمكن أن يحتاج إليه.
ربما كان ترحيب الأميرين الأمويين بزرياب, الحكم وابنه عبد الرحمن, والإلحاح الشديد عليه للقدوم إلى الأندلس, يدل على أن شهرته الفنية كانت قد سبقته إلى تلك البلاد, كما يعكس رغبة بني أمية في قرطبة في أن يكون بينهم فنان بهذه الكفاءة لمنافسة إسحاق الموصلي فنان بني العباس في بغداد. ويكشف هذا الترحيب, من ناحية أخرى, خلو البلاط في قرطبة آنذاك من مغنين وموسيقيين على درجة عالية من الكفاءة والمقدرة, والدليل على ذلك أن المصادر تشير إلى أن أول من دخل الأندلس من المغنين هما: علون وزرقون, وكان ذلك في أيام الحكم بن هشام نفسه (796 -822 م), ولكن بمجرد وصول زرياب تخلى الأمير عبد الرحمن عنهما (لغلبة زرياب عليه وانتزاعه قصب السبق منهما). حقيقة كان هناك عدد آخر من المغنين, أمثال منصور المذكور, ولكن من الثابت أن هناك فراغاً حقيقياً في ميدان الفن الأصيل, سواء في الغناء أو الموسيقى, قبل وصول هذا العملاق الكبير إلى قرطبة.
مكانة زرياب في البلاط
بعد ثلاثة أيام من وصول زرياب إلى قرطبة أمر الأمير عبدالرحمن باستدعائه إلى البلاط ومجالسته وسماع ألحانه وأغانيه. وتؤكد المصادر أن الأمير أعجب بشخصية زرياب إعجاباً شديدا, إذ لم يكتشف فيه مغنياً بارعاً وموسيقارا ماهرا فحسب, وإنما وجد فيه (موسوعة) موسيقية كاملة, حيث كان (يحفظ عشرة آلاف مقطوعة من الأغاني بألحانها), كما اكتشف فيه شاعراً موهوباً وعالماً بالنجوم والجغرافيا والأدب والتاريخ والطبيعة. ومن المؤكد أن الأمير أفاد من زرياب في كل هذه الميادين, ويقول أحد المؤرخين إن الأمير(ترك كل ما كان يسمعه من غناء.. وقدَّمه على جميع المغنين), كما (ذاكره في أحوال الملوك وسير الخلفاء ونوادر العلماء, فحرك منه بحراً زَخَرَ عليه مدُّه فأعجب الأمير به وراقه ما أورده). وبناء على ذلك كله فقد حظي زرياب في البلاط الأموي بمكانة متميزة مادياً ومعنوياً واجتماعياً, فعلى الصعيد المادي فقد خصص له الأمير عبد الرحمن بعد ثلاثة أيام من وصوله إلى قرطبة ما يلي : 1- مرتباً شهرياً قدره مائتا دينار. 2- مبلغاً شهرياً قدره عشرين ديناراً لكل ولد من أولاده الأربعة الذين جاءوا معه إلى قرطبة آنذاك وهم: عبد الرحمن وجعفر وعبد الله ويحيى(3- مبلغاً سنوياً قدره ثلاثة آلاف دينار توزع له في الأعياد. 4- ثلاثمائة مد من الحبوب, بحيث يكون ثلثها قمحاً وثلثاها شعيراً 5- عدداً من الدور والمستغلات في قرطبة وبساتينها وعدداً من الضياع, والتي تُقَوّم وارداتها السنوية بأربعين ألف دينار. وقد كتبت هذه المنح والمرتبات كلها في وثيقة رسمية ممهورة بختم الأمير عبد الرحمن.
ابتكارات زرياب وإبداعاته
إن ابتكارات زرياب وإبداعاته لا تعود - كما ادعى - إلى أن الجن كانت تلهمه الألحان والأغاني, وإنما إلى ما كان يتمتع به من قدرات فكرية ومواهب فنية وسمات أخلاقية, وما حظي به في بلاط الأمير عبد الرحمن - الذي كان شاعرا وشغوفا بالآداب والفنون - من رعاية وتكريم وتشجيع. ولم تقتصر ابتكارات زرياب على ميدان الغناء والموسيقى فحسب, وإنما امتدت إلى الحياة الاجتماعية أيضاً.
ومن ابتكارات زرياب في ميدان الغناء والموسيقى,أنه زاد (بعد وصوله إلى الأندلس) أوتار العود الأربعة وتراً خامساً (اختراعاً منه). وترتب على هذا الاختراع, كما يقول أصحاب الاختصاص, دعم كفاءة العود من حيث اللحن وتلوين العزف, وبالتالي أسهم ذلك في التخفيف عن هموم الناس وأحزانهم, ورقق طباعهم وعواطفهم, كما شكل دعوة للشعراء لابتكار أنواع جديدة من الشعر الغنائي كما اخترع زرياب (في الأندلس) مضرب العود من قوادم (ريش) النسر. معتاضاً به عن المضرب الخشبي الذي كان يستخدم سابقاً. (فأبرع في ذلك للطف قشر الريشة وخفته على الأصابع وطول سلامة الوتر على كثرة ملازمته إياه). وصنع زرياب عوده بنفسه (قبل أن يصل إلى قرطبة), ونستطيع أن نكتشف هذه الحقيقة بالعودة إلى الحوار الذي دار بين زرياب نفسه والخليفة هارون الرشيد, حيث نجد أن زرياب يرفض العزف على عود أستاذه إسحاق الموصلي ويقول للخليفة (لي عود نحته بيدي وأرهفته بإحكامي ولا أرتضي غيره..). وعندما سأله عن الفروق بين عوده وعود أستاذه قال زرياب إن وزن عوده يساوي ثلث وزن عود أستاذه, كما أن المادة التي صنعت منها أوتار عوده تختلف عن المواد التي تصنع منها الأوتار الأخرى, فالوتران العلويان صنعهما زرياب من الحرير, والوتران السفليان صنعهما من أمعاء شبل الأسد, وهذا ما اكسب عوده ترنيماً وصفاء أضعاف الأوتار الأخرى, وأكسب أوتاره قدرة على مقاومة تقلبات الأحوال الجوية.4- ومن أعظم مآثر زرياب وابتكاراته أنه أسس معهدا, في قرطبة عام 825م, لتعليم أصول الغناء والموسيقي والعزف وفنون الشعر. ووضع له قواعد القبول ومناهج الدراسة. وقد ساعده في تكوين هذا المعهد, كما يقول (آنخل) في كتابه (تاريخ الفكر الأندلسي): (أبناؤه وبناته وجاريته) (متعة). وكان زرياب يشرف بنفسه على امتحان صوت التلاميذ المتقدمين للدراسة في هذا المعهد. وكان زرياب إذا أراد أن يختبر صوت أحد التلاميذ فيما إذا كان موهوباً أو غير موهوب, يأمره بأن يصيح بأقوى صوته: يا حجّام, أو يصيح :آه, ويمد بها صوته, فإذا سمع صوته بهما صافياً قوياً مؤدياً لا يعتريه غُنّة ولا حبسه ولا ضيق نفس عرف أنه سوف ينجب (أي سيكون مغنياً لامعاً) ويشير بتعليمه, وإن وجده خلاف ذلك أبعده).
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن معهد زرياب هذا لم يكن حكرا على الطلاب العرب والمسلمين, وإنما كان يستقبل طلاباً من دول أوربية عديدة, مثل فرنسا وألمانيا, كانوا قد وفدوا إلى قرطبة للتعلم فيه, وقد ازدادت أعدادهم تدريجيا, ثم عادوا إلى بلادهم, وقد حملوا معهم من علوم الموسيقى العربية وفنونها وآلاتها ما يُعَدّ الأساس الذي قامت عليه النهضة الفنية في أوربا في مستهل التاريخ الحديث.ويهمنا أن نؤكد على أن هذا المعهد ظل قائماً في قرطبة حتى سقوط الخلافة الأموية في الأندلس عام 422هـ/1031م. 5- لم يقتصر دور زرياب على نقل الموسيقى والأغاني الشرقية من بغداد إلى الأندلس وما تحمله في ثناياها من عناصر فارسية ورومية فحسب, وإنما أحدث ثورة في عالم الغناء والموسيقى بتجديداته وابتكاراته, سواء في الآلات الموسيقية - كما أشرنا- أو في الغناء والتلحين.
ثانياً: من ابتكارات زرياب في ميدان الحياة الاجتماعية
لم تقتصر ثورة زرياب على عالم الموسيقى والغناء فحسب, وإنما امتدت لتشمل الحياة الاجتماعية أيضاً, وذلك بما أدخله من عادات وتقاليد وأنماط حياتية جديدة لا عهد لعرب الأندلس بها من قبل, وكان بعضها يتعلق بالأناقة الشخصية والنظافة, وبعضها الآخر كان يتعلق بالمأكل والمشرب والملبس, هذا بالإضافة إلى ما كان يتعلق منها بآداب المجالسة والمحادثة و(الآداب السلطانية). ولقد أعجب أهل الأندلس أيما إعجاب بكل ما أحدثه زرياب , بل سرعان ما أصبح نمط حياته, نموذجاً للخاصة والعامة على السواء, حيث أخذوا يقلدونه, حتى غدا من تقاليد حضارة عرب الأندلس. ولعل من أهم ما أخذه الأندلسيون عن زرياب في ميدان الحياة الاجتماعية نذكر : تعلم الأندلسيون من زرياب ارتداء ملابس خاصة بكل فصل من فصول السنة, فمثلاً تعلموا ارتداء الملابس البيضاء والقطنية الخفيفة في فصل الصيف, الذي حدده زرياب من الرابع والعشرين من شهر يونيو حتى الأول من شهر أكتوبر, وارتداء الملابس الحريرية والدراريع والملابس الزاهية في فصل الربيع, أما فصل الشتاء فهو فصل الفراء والأردية الثقيلة. وقد ترتب على ذلك كله ازدهار صناعة الملابس في الأندلس بأنواعها المختلفة وتعلم الأندلسيون من زرياب الكثير من أنواع الطعام والحلوى التي لم يكن لهم معرفة بها, فقد أدخل زرياب إلى الأندلس - كما يقول د.حسين مؤنس - كثيراً من أنواع الخضار كالهندباء والكمأة وخلصهم تدريجياً من الأطعمة القديمة وهي العصائد والثرائد. وينسب إلى زرياب - كما يقول الأستاذ أحمد أمين- أنواع من الحلوى مثل (الزلابيا) التي يبدو أنها تحريف عن ( زرياب ). كما أخذ الأندلسيون عن زرياب فن إعداد الموائد وآدابها, واستعمال الملاعق والسكاكين بدلاً من الأيدي والأصابع. هذا فضلاً عن أنهم تعلموا منه استخدام السماط, وهو غطاء من الجلد يمد عادة فوق موائد الطعام الخشبية, بدلاً من الكتان لأنه يمكن إزالة الدسم عنه بيسر وسهولة. أخذ أهل الأندلس عن زرياب استخدام الكئوس الزجاجية الرفيعة, وتخلوا بذلك عن استخدام الأدوات الذهبية والفضية والمعدنية الأخرى. وقد ترتب على ذلك ازدهار صناعة الزجاج في الأندلس. كما تعلم أهل الأندلس من زرياب , الرجال منهم والنساء, طرائق تصفيف شعورهم, فبعد أن كانوا يرسلونه مفروقاً وسط الجبين ومغطياً للصدغين والحاجبين, تعلموا من زرياب وأولاده وبناته تصفيف شعورهم وتقصيرها دون جباههم وإسدالها إلى أصداغهم, بحيث يظهروا الحاجبين والعنق والأذنين. ونقل أهل الأندلس عن زرياب استخدام مادة (المرتك) للتخلص من رائحة العرق, وذلك بعد أن كانوا يستخدمون زهر الريحان لهذا الغرض. كما تعلموا منه استخدام الملح لتنظيف ثيابهم من الدسم وتبييض لونها.
تراث زرياب
لعب أبناء زرياب وبناته وجواريه وتلاميذه دوراً مهماً في توطيد أركان مدرسته ونشر تراثه الفني وتقاليده في المجتمع الأندلسي. فقد كان له ثمانية أولاد وابنتان وهما (عُليّة وحمدونة). وكان جميع أولاده وبناته قد مارسوا صناعة الغناء والموسيقى, وإن اختلف مستوى كل منهم عن الآخر. فمثلاً كان ابنه عبد الله أفضل أبنائه صوتاً وأعلاهم مهارة, ويتلوه ابنه عبد الرحمن, كما كان ابنه قاسم أحذقهم غناءً, وكانت ابنته حمدونة متقدمة في أهل بيتها, محسنة لصناعتها, وقد تزوجت في قرطبة, الوزير هاشم بن عبد العزيز, وكانت متفوقة على أختها علية. ولكن الأخيرة عمّرت بعد أختها حمدونة, ولم يبق من أهل بيتها غيرها وغدت مرجعاً لمتعلمي الغناء. ولكن على الرغم من ذلك كله فمن المؤكد أن أحداً من أولاده لم يبلغ شأو أبيه. كما لعبت جواري زرياب دوراً مهماً في نشر تراثه وتعليم الكثيرات من نساء المجتمع الأندلسي الغناء والألحان والآداب, فمثلاً كانت لديه جارية اسمها (غزلان) وأخرى اسمها (هنيدة) وثالثة اسمها (متعة). وتشير كتب التاريخ إلى أن الجارية (متعة) هذه كانت رائعة الجمال, وقد أدبها زرياب وعلمها أحسن أغانيه حتى شبت, وقد أعجب الأمير عبد الرحمن بجمالها وأغانيها, كما أعجبت (متعة) بدورها بالأمير الأموي, وأعلنت بصراحة تامة أمام جمع من الأدباء إعجابها به عندما غنت أمامه:
يا من يغطي هواه من ذا يغطي النهارا
قد كنت أملك قلبي حتى علقت فطارا
وعندما انكشف أمرها لسيدها زرياب أهداها للأمير فحظيت عنده بمكانة كبيرة.كما تعلم الغناء على أيدي زرياب الكثيرات من جواري كبار رجال الدولة الأموية في الأندلس, مثل الجارية المشهورة باسم (مصابيح) التي كانت جارية الكاتب أبي حفص, والتي كانت غاية في الحسن والنبل وطيب الصوت. ويهمنا أن نؤكد أن أبناء زرياب وجواريه وتلاميذه نجحوا جميعاً في توطيد أركان مدرسته وتعليم الغناء والموسيقى والآداب الاجتماعية لرجال المجتمع الأندلسي ونسائه, فنشأ بعدهم جيل تابع رسالة زرياب الحضارية.
خصوم زرياب
على الرغم من أن زرياب غادر بغداد فراراً من الحاسدين وتهديداتهم له بالقتل, فإن الحظوة التي تمتع بها في البلاط الأموي في قرطبة, واحتضان الأمير عبد الرحمن الثاني له, وما تمتع به من امتيازات مادية وأدبية واجتماعية.. قد خلقت له في قرطبة الكثير من الخصوم والحاسدين, وكان جلهم من الشعراء والمغنين المغمورين, وكان على رأس هؤلاء جميعاً شاعر البلاط يحيى الغزال, الذي لم يرتح لزرياب وهجاه هجاءً مقذعاً, حتى أن بعض المؤرخين تحرج من ذكر هذا الهجاء. فشكاه زرياب إلى الأمير عبد الرحمن, الذي غضب عليه غضباً شديداً ونفاه من الأندلس إلى العراق. والواقع لولا حماية هذا الأمير لزرياب لذهب ضحية هؤلاء الخصوم.فحماية المبدعين ورعايتهم من الشروط الأساسية لازدهار أية حضارة.
ابتكار الموشحات
لقد شكلت ابتكارات زرياب وإبداعاته - الفنية منها والاجتماعية - محطة حاسمة في تاريخ الحضارة العربية في الأندلس, فهو الذي وضع أصول التراث الموسيقي والغنائي الأندلسي, وخلق للموسيقى والموسيقيين مكانة محترمة في المجتمع الأندلسي, وأقام أول معهد لتعليم الموسيقى والغناء في الغرب الإسلامي. وهو الذي ابتكر الأسس الفنية التي بنيت عليها الموشحات الأندلسية. ونقل المجتمع الأندلسي من حياة البداوة إلى حياة الحضارة, فالعادات التي أدخلها غدت مقياساً للحضارة والتقدم, والفنون التي أبدعها نشرت التفاؤل والفرح في حياة الناس. ولم يقتصر انتشار تراث زرياب على الأندلس وحدها وإنما امتد إلى المغرب العربي جنوباً والغرب الأوربي شمالاً.كما ظل هذا التراث الثمين حياً وفاعلاً تتناقله الأجيال, بشكل أو بآخر, حتى سقوط غرناطة بيد الإسبان عام 897هـ/1492 م.
أما تأثير زرياب في الغرب الأوربي فيصعب الإحاطة به في هذه العجالة, ولكن يكفي أن نشير إلى أنه كان أول من أدخل العود ذي الأوتار الخمسة إلى الأندلس, ومنها انتقل إلى بلدان الغرب الأوربي. وظل هذا العود هو الآلة الموسيقية الأساسية في الغرب حتى انتشار بعض الآلات الحديثة, مثل البيانو, في أوائل القرن الثامن عشر. ولا شك في أن الأوربيين أخذوا مع هذا العود الألحان والموسيقى الخاصة به, وابتكروا نوعا من الشعر الغنائي الذي يتناسب معه. كما يُعَد زرياب هو أول من أدخل الموسيقى الدنيوية إلى الغرب الأوربي, بعد أن كانت الموسيقى السائدة فيه, حتى ذلك الوقت, هي الموسيقى الدينية التي تخدم طقوس الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. وفضلاً عن ذلك كله فإن الطلبة الأوربيين الذين تخرجوا في معهد زرياب في قرطبة وعادوا إلى بلادهم, كانوا هم الشعلة التي أضاءت للفن الأوربي طريقه في عصر النهضة. مات زرياب في قرطبة عام 238هـ/ 852م, بعد أن ترك تراثاً, أصيلا, خلاَّقا, عميقا, في الفن والحياة, ولهذا كان من حقه أن يستأثر بصفحات مشرقة في تاريخ الحضارة.
عادل زيتون
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13/09/2006, 20h19
adham006
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي مشاركة: الأندلس تغني على أنغام زرياب :وجهة نظر أخري

إسحاق الموصلي وزرياب
طالعت (العربي) العدد (550) سبتمبر 2004 مقال (ماذا بقي من تراث الأغنية الأندلسية?) حيث ذكر الكاتب في ص142 ( زرياب عبد حديث العتق, أسود البشرة, تجرّأ بعفوية على اختراق مملكة إسحاق الموصلي بفضل إمكاناته الفنية الخارقة, وأصبح حديث الناس وعلى كل لسان إلى حد نجاحه في الوصول إلى بلاط الخليفة وفتنه بموهبته الاستثنائية, فأثار قلق وحسد إسحاق الموصلي, حيث شعر بمخاطر وجود زرياب في القصر على مكانته لدى الخليفة الذي أظهر إعجابًا كبيرًا به, وخصوصًا أنه اشتهر بذوق جمالي رفيع, وبحسّ موسيقي رهيف, ويقال إن إسحاق صارح زرياب بقلقه وتخوّفه من استمرار وجوده بقصر الخليفة الإسلامي هارون الرشيد, وبلغ به الأمر أن هدده بالموت إذا لم يغادره, ويبتعد كليّة عن العراق). ولنا هنا وقفة, فالحقيقة أن في تاريخ الغناء العربي أكذوبة شائنة عجيبة التصقت بأكبر أقطابه - إسحاق الموصلي - المغني والملحن الأعظم الذي رسخ بعلمه وعمله قواعد التلحين والغناء, وكان الملحنون والمغنون بإزائه - أقل من التراب - على حد تعبير واحد من أكبرهم في زمانه, وهذه الأكذوبة تدخل في جملة الأساطير التاريخية, وأوّل مَن رواها المؤرخ - المقري - في كتابه الشهير (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب) نقلاً عن كتب أندلسية غير موثوقة لم تصلنا, حيث يذكر المقري أنه نقّاها من خط من يثق به. هذا الفنان العظيم - إسحاق الموصلي - لحقته تلك الأكذوبة أو التهمة الباطلة, فظل بعض مؤرخي الأدب والغناء يردّدونها بعد رحيله عن الدنيا بزمان طويل, وانتقلت من كتاب إلى كتاب حتى صارت كأنها من الحقائق, ووجدناها حتى في الكتب التي صدرت في العصر الحديث, والتي تؤرخ للغناء العربي في عصوره المختلفة, والأكذوبة مفادها أن زرياب الملحن المغني الذي اشتهر في الأندلس خلال الثلث الأول من القرن الثالث الهجري, إنما هاجر من بغداد إلى المغرب, ثم إلى الأندلس في أواخر القرن الثاني الهجري خوفًا من بطش إسحاق الموصلي, وتآمره عليه وتهديده له بالقتل إن لم يغادر بغداد ويسافر إلى أقصى مكان في الأرض يرزق فيه. والقصة أن إسحاق كان تعهّد بالتعليم والتثقيف في الغناء والتلحين غلاما للخليفة المهدي اسمه - زرياب - حتى برع الغلام وصار من أمهر الملحنين وأضرب الضاربين بالعود, فضلاً عن جمال صوته وقدمه إلى الخليفة الرشيد, فبهرته عبقرية المغني الملحن الضارب, فقال لإسحاق معاتبًا: كيف سمعت منه هذه الروائع كلها ولم تخبرنا? وصرفهما الرشيد, فلما صارا خارج القصر, أمسك إسحاق بخناقه وقال له مغيظًا محنقًا إنهما لا يجمعهما مكان, فلما استعطفه زرياب لم يلتفت إليه, ورفع عقيرته مهدّدًا بالويل والثبور. فخشي زرياب أن يغتاله إسحاق, فرحل عن بغداد, هكذا تصور هذه القصة المنحولة, الفنان الشاعر الأديب العالم المتفقه في الدين المشهور بالعفة والاستقامة وكمال المروءة كأنه أحد عتاة الشطار وقطّاع الطرق في بغداد!! وهو - كما وصفه الخليفة المأمون - أكثر دينًا وعلمًا وعفافًا ومروءة من بعض كبار القضاة والعلماء, وقال له إنه لولا اشتهاره بالغناء لأسند إليه القضاء في دولته لشدّة تمسّكه بالعدل, وكان يدخل مجلس الخلافة مع الفقهاء قبل أن يدخله مع المغنين والملحنين, والمتتبع لأحداث القصة يجدها تناقض نفسها بتواريخها وغرابتها.
إن كتب التراث والأغاني منها لا تذكر أن - زرياب - قد تعلم شيئًا من فحول رواة الغناء القديم منذ كان طفلاً في عهد المهدي أو صبيًا صغيرًا أو شابًا إلى أن هاجر إلى المغرب, ثم إلى الأندلس. أما (العقد الفريد) وغيره من كتب الأندلسيين, فضلاً عن كتب المشرقيين, فلا تعتد بهذه القصة ولا تذكر أن عود - زرياب - كان يختلف عن عيدان بغداد لا في أوتاره الحرير, ولا في أوتار المصران, فالثابت عند الثقات أن أول من أدخل التعديل والتحسين على العيدان هو - زلزل - ضارب العود الأشهر. فانقرض العود الفارسي الذي كان يستعمله المغنون, ولم يبق في أيديهم إلا عود زلزل بأوتاره الأربعة, ويقال إن زرياب أدخل وترًا خامسًا على العود بعد استقراره في الأندلس, أي بعد رحيله عن بغداد بثلاثين عامًا تقريبًا, ولا دليل على أنه فعل ذلك إلاّ قول الرواة. وإن كان معروفًا أن الوتر الخامس دخل على عيدان الأندلس قبل دخوله على عيدان المشرق. مع أن الثابت تاريخيًا أن إسحاق الموصلي تحدث عن هذا الوتر غير مرة حديثًا نظريًا, ولم يكن يحتاج إليه الغناء العربي في ذلك الزمان.
صلاح عبدالستار
طنطا - مصر
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13/09/2006, 23h06
adham006
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي مشاركة: الأندلس تغني على أنغام زرياب

ماذا بقي من تراث الأغنية الأندلسية ؟

من الأندلس إلى بلاد المغرب مشوار صعب قطعه الفن الأندلسي في ظروف صعبة منذ سقوط غرناطة اضطرته إلى ركوب البحر باستعجال وخوف من ملاحقات ومطاردات الهجمات المسيحية المتعصبة.
في عام 1987 كتب رولاند رايس اليهودي الجزائري ابن الأديبة إليسا رايس أن الانتشار الكبير الذي عرفته الموسيقى الأندلسية في أوربا الغربية, عندما كانت الأندلس في قمة حضارتها يعبّر عن (قوتها العالمية البعد), ويؤكد بكل ثقة وافتخار أن (الأندلس الإسلامية هي الأم - الملكة الأصيلة للموسيقى الحديثة, حتى في هذا الغرب النسّاي, وهذا شرف كبير للإسلام الذي افتتح عهد الحداثة...).
رولاند رايس عندما يتحدث عن الغناء والموسيقى الأندلسيين يفعل ذلك بقداسة وإكبار يعبران عن حب وتقدير عميقين لهذا الفن العتيق, من طرف فنان خبير وعارف بعالم الموسيقى, حتى يبدو وكأنه يتحدث عن نصوص روحية - دينية - لأحد الأديان السماوية. من باب الوادي بمدينة الجزائر بقي إلى آخر أيامه سنة 1987. عاشقًا لهذا الفن الأندلسي النبيل ممارسة وسمعًا ومتابعة وتأليفًا. وقد ترك كتيبًا نادرًا عنوانه: (الموسيقى الأندلسية, ثورة عالمية). ويبقى رايس يبقى من القلائل الذين فهموا هذه الموسيقى فهمًا عميقًا وعلميًا وقدّروها حق قدرها في جميع أبعادها, وولعوا بدراستها, وممارستها, وبحبها, وبالإحساس العالي بعظمتها, وفضلها على تطوير الموسيقى العالمية.
البداية كانت من بغداد دار السلام عندما كان إبراهيم الموصلي مُغني البلاد العباسية نجمًا فريدًا من نوعه, ذاع صيته في الآفاق وتجاوز حدود الإمبراطورية الإسلامية العباسية. إبراهيم الموصلي أحدث ثورة في الموسيقى والغناء العربي - الإسلامي, وامتد تأثيره إلى أوربا وآسيا, لكن ابنه إسحاق الموصلي سرعان ما فاق كل الحدود في براعة موسيقاه وأنغامه وأدائه, وتربّع في وقت قصير على عرش الغناء في الإمبراطورية العباسية, وأصبح جليس الخليفة العباسي ومغنيه الخاص. إسحاق أصبح آنذاك ملكًا, مملكته الكلمة الرقيقة والقافية العذبة والنغمة الجميلة والصوت الدافئ.
زرياب عبد حديث العتق, أسود البشرة, تجرّأ بعفوية على اختراق مملكة إسحاق الموصلي بفضل إمكاناته الفنية الخارقة, وأصبح حديث الناس, وعلى كل لسان, إلى حد نجاحه في الوصول إلى بلاط الخليفة وفتنه بموهبته الاستثنائية, فأثار قلق وحسد إسحاق الموصلي حيث شعر بمخاطر وجود زرياب في القصر على مكانته لدى الخليفة الذي أظهر إعجابًا كبيرًا به, وخصوصًا أنه اشتهر بذوق جمالي رفيع وبحسّ موسيقي رهيف, ويقال إن إسحاق صارح زرياب بقلقه وتخوّفه من استمرار وجوده بقصر الخليفة الإسلامي هارون الرشيد, وبلغ به الأمر أن هدده بالموت إذا لم يغادره ويبتعد كلية عن العراق, وبالتالي لم يبق أمام زرياب العبد الضعيف البسيط, الذي لا يملك ثروة ولا جاها سوى موهبته وفنه إلا أن يغادر, ليس فقط العراق, بل كل المشرق العربي متوجّها إلى أقصى الدنيا في ذلك الوقت...إلى الأندلس عبر إفريقيا, ومن الأندلس سوف ينسج مسار الفن الأندلسي ويضع أسسه ليبقى خالدًا إلى اليوم دون تغييرات مهمة تذكر, رغم مرور القرون على ذلك باستثناء ضياع ثمانية إيقاعات من أصل الإيقاعات الأربعة والعشرين التي تتكون منها الموسيقى الأندلسية التي تتناسب كل واحدة منها مع ساعة من الساعات الأربع والعشرين لليوم. زرياب الذي ابتسم له الحظ في الأندلس وأنساه لونه الأسود, أصبح كذلك مصمّمًا وعارضاً لأزياء الموضة ومبتكرًا لقائمة طويلة من الحلويات التي توصف اليوم بالشرقية وعلى رأسها (الزلابية) التي سمّيت في الأصل (الزريابية).
زرياب الفنان المبدع أضاف وترًا لآلة العود ليعطيه صورته النهائية المكتملة, التي وصلت كما هي عبر الأجيال, وأعطى, ليس فقط للعرب والمسلمين, بل للإنسانية جمعاء الذخائر الفنية والجمالية التي يتمتع بها الغناء والموسيقى الأندلسيان, والتي ستخترق جبل البيرينيه لتنتشر في فرنسا وإيطاليا وبلدان أوربية أخرى, محدثة تمازجًا حضاريًا وثقافيًا بين الشرق والغرب, قلّ مثيله في تاريخ البشرية, لأن الانطواء على الذات والانغلاق في وجه (الآخر) لم يكونا في فائدة المسلمين, ولا من مبادئ وروح الإسلام). يقول رولاند رايس: آلة العود أصبحت بعد مرورها على يدي زرياب الآلة المفضلة بامتياز في الأوساط الأوربية الفنية التي هامَ بأنغامها الملوك والأمراء, وحتى ذلك المُغني الجوال الذي اشتُهر بـ(التروبادور) في المدن والقرى الجنوبية لغرب أوربا, الذي أصبح آنذاك موضة موسيقية حرّكت الطبقات الشعبية وسحرتها أندلسية روحها, وانسجام أنغامها. وقد وجدت بكثرة فرق (التروبادور) الجوّالة المختلطة بين المسلمين وغيرهم التي كانت تتداول الغناء في تنافس شريف وتفان وحماسة باللغتين العربية والإسبانية في مثل هذه اللقاءات والمبادلات الحضارية التاريخية.
الموسيقى الأندلسية أحدثت انقلابًا جذريًا في الموسيقى الغربية منذ القرون الوسطى وأعطتها نفسًًا جديدًا, (فكبار عباقرة الموسيقى الكلاسيكية في الغرب - يقول رولاند رايس - لا يصلون أبدًا إلى العبقرية والعظمة إلا إذا خرجوا عن القواعد الصوتية المحلية, وأدخلوا على موسيقاهم ذلك العطر الشرقي الساحر (....) وهكذا ظهرت انطلاقًا من قشتالة النغمة العالمية الحديثة).
ماذا بعد السقوط ؟
منذ 1391 بدأ المسلمون يتراجعون في الأندلس أمام ضربات المسيحيين, وبدأ بذلك العد التنازلي لحضارة رفيعة استمرت ثمانية قرون. في هذه السنة بالذات فرّ آلاف المسلمين واليهود من قشتالة والباليار إلى المدن الساحلية للمغرب الأقصى والجزائر لجوءًا من المطاردات المسيحية. ومع هذه الحركة الديمجرافية الجماهيرية انتقلت ثقافة وحضارة بأكملها إلى الضفة الجنوبية من المتوسط, وكان من بين أجمل عناصرها الغناء والموسيقى الأندلسيان بالموشحات والأزجال ومختلف الطبوع. في 1492 سقطت غرناطة آخر معقل للمسلمين في الأندلس, وتكرر بالتالي سيناريو اللجوء الجماهيري إلى المغرب العربي بعشرات الآلاف هذه المرة, عدد كبير من هؤلاء الأندلسيين استقر في مدن الجزائر: تلمسان, قسنطينة, مستغانم, شرشال...إلخ, ومع هؤلاء تجذّر الفن الأندلسي وتداوله الناس شفويًا أبّا عن جد حتى القرن العشرين الذي شهد لأول مرة عملية تدوينه وفق الرموز الموسيقية الحديثة المعروفة بـ: السولفيج.
مع نهاية القرن 19 وبدايات القرن العشرين, كان الغناء الأندلسي في المدن الجزائرية الكبيرة والمتوسطة في الشمال قد عرف انتشارًا جماهيريًا واسعًا, وأصبح له الصدارة بين الأنواع الموسيقية الأخرى, على الرغم من أنه لم يكن قد خرج بعد من مستوى الحياة العائلية لأن ممارسته بقيت إلى ذلك الوقت حبيسة البيوت و(الحومات) أثناء الأفراح والأعراس العائلية, والمناسبات الدينية حيث تغنى القصائد والمدائح والابتهالات الدينية, ولم يكن هناك بيت في القصبة بمدينة الجزائر أو بالسويقة بمدينة قسنطينة أو بالمدرس بتلمسان, لا يوجد فيه على الأقل عازف واحد على (العود) أو القويطرة) أو الكمنجة. كانت رسالة حفظ ونشر الفن الأندلسي ملقاة على عاتق مجموعة من الفنانين المشهورين الذين لا يمكن الحديث اليوم عن هذا الفن دون ذكر فضلهم عليه أمثال: الشيخ منمش, والشيخ محمد بن علي سفنجة, والشيخ العربي بن صاري, والشيخة يامنة بنت الحاج المهدي, والحاجة طيطمة, والشيخ بن فراشو, وموزينو, وايدمون ناثان يافيل...هؤلاء جميعًا شكّلوا جسرًا حسّاسًا عبر منه الفن الأندلسي إلى القرن العشرين, حيث ستعيد الأجيال الجديدة ضبطه مع مقتضيات العصر وتطوره لتصوغه أسماء أخرى على شكله وصورته الحالية كنصر الدين شاولي ونوري الكوفي وأحمد سري وآخرين.
على عرش الفن الأندلسي
الشيخ محمد بن علي سفنجة كان مدرسة قائمة بذاتها, لم يتمكن أحد من منازعته على زعامة الفن الأندلسي الذي احتكره بعناد, ولم يكن كريما بالقدر الكافي في تعليمه للمهتمين والأجيال الشابّة التي كانت تتكون على أسلوبه عادة بحضور حفلاته في المقاهي أو بالاستماع إلى اسطواناته على الفونوجراف. بعد وفاة شيخه منمش أصبح الشيخ من دون منازع, ومع ذلك لعب دور همزة الوصل بين الأجيال السابقة وأجيال القرن العشرين في حفظ الموسيقى الأندلسية من الضياع, وضمان استمرارها عبر الزمن. الشيخ سفنجة كان مثالاً اقتدت به شخصيات كثيرة معروفة في هذا الميدان الفني, وأصبحت نجومًا ذاعت أسماؤها حتى خارج حدود الوطن أمثال: عبدالرزاق فخارجي, ومحيي الدين باش طارزي في بداية مشواره, وإيدمون يافيل وغيرهم. ومنذ عشرينيات القرن العشرين كان جيل الشباب قد تسلم المشعل من الشيوخ, وبدأ يضيف إلى الغناء الأندلسي وإبداعاته وخصوصياته التي زادت في شيوعه وانتشاره وإقبال الناس عليه.
إيدمون ناثان يافيل كان يسترق السمع إلى الحزّابين الذين كانوا يتلون القرآن في الجامع الجديد بالقصبة العتيقة, فجذب انتباهه صوت رقيق لشاب في سن 17, فاتصل به ليعرض عليه ممارسة الغناء وتعليمه إياه, هذا الشاب لم يكن سوى ابن (الفخارجي) ذلك التاجر الصغير الذي كان يبيع زيت المصابيح و(الفنارات).. وكان اسمه محيي الدين باش طارزي.
هذا الأخير لم يكن ليبدأ حياته الفنية (ولد سنة 1897) إلا بعد أن اكتشف ميزات صوته الرقيق مفتي الجزائر للمذهب الحنفي آنذاك الشيخ بوقندورة. الشيخ بوقندورة عيّنه (حزّابا) في الجامع الجديد سنة 1915 رغم صغر سنه وعدم بلوغه السن المسموح بها لممارسة هذه الوظيفة المحددة بـ 18 سنة على الأقل وذلك بعد أن سمعه يرتل القرآن الكريم.
المفتي بوقندورة نفسه كان مولعا بالموسيقى الأندلسية ومتضلعًا فيها حيث وصفه باش طارزي في مذكراته بـ (الموسيقار الموهوب والمغني البارع للألحان المقدسة داخل المسجد, إذْ كان يقود المجموعة الصوتية التي تتكون من (القصادين) الذين كان ينتقيهم من بين أجمل الأصوات التي كان يسعفه الحظ في العثور عليها).المفتي بوقندورة أبدى اهتماما خاصا بمحيي الدين باش طارزي, حيث أوكل مهمة تعليمه وصقل موهبته الصوتية إلى ثلاثة أساتذة بارزين هم: الشيخ محمد بن قبطان, الشيخ بن شاوش, ومحمد لكحل. انتقل بفضلهم من (حزّاب) إلى (حزّاب وقصّاد) ثم إلى (باش حزّاب), وهو لم يتجاوز سن الـ 21 من عمره, وقد نال إعجاب وتشجيع عميد جمعية العلماء المسلمين الشيخ عبدالحميد بن باديس نفسه.
اليهودي الجزائري ايدمون ناثان يافيل الذي بقي يوصف حتى وفاته في الصحافة الفرنسية (بـ اليهودي الأهلي) نجح في إخراج محيي الدين باش طارزي من دائرة الاشتغال في المسجد وأقنعه باستثمار صوته النادر في عالم الموسيقى والغناء والتجارة بالأسطوانات, والتحق محيي الدين فورا بفرقة يافيل الوحيدة المختصة آنذاك في الفن الأندلسي التي اشتهرت باسم (المطربية) مع الاحتفاظ قدر الإمكان بمهنته في الجامع الجديد بالرغم من غضب وعدم رضا المفتي بوقندورة على هذا التحول في مسار الشاب. (ايدمون يافيل كان بالنسبة إليّ- كتب محيي الدين في مذكراته - أستاذا رائعا, لم تكن لديه في الدنيا سوى هواية واحدة ولع بها كثيرا هي الموسيقى العربية, تفرغ محيي الدين فيما بعد للفن الأندلسي ووقع عقدًا لمدة عشر سنوات مع يافيل, ولم يندم عليه أبدًا, لأنه وجد نفسه في تلك الفترة نجمًا فريدا من نوعه في ميدان الأغنية الأندلسية اخترقت شهرته كل التوقعات ليس فقط في شمال إفريقيا, بل حتى في أوربا. غنى برفقة فرقة (المطربية) تنازل له يافيل عن إدارتها في ديسمبر 1927 قبل وفاته بسنة واحدة - في العاصمة الإيطالية روما أمام 4000 متفرج, وفي مدينة البندقية في أغسطس 1932 أمام 10000 متفرج, بالإضافة إلى بروكسل وألمانيا وفي باريس التي غنى في أكبر قاعاتها مثل: الأولمبيا ولوميير بفضل مجهودات يافيل ومساعدات أول مدير وإمام لمسجد باريس وصاحب المبادرة في بنائه قدور بن غبريط. كما ساعده على الغناء القائمون على راديو باريس في يونيو 1924.
كان لهذه المناسبات الفضل في دخول الفن الأندلسي لأول مرة منذ سقوط الأندلس 1924, وقد نال إعجاب الجمهور الأوربي الذي اكتشف باندهاش أصالة هذا الفن وإمكاناته وذخائره ونبالته. باش طارزي أطرب أوربا (بالانصرافات و(الاستخبارات) وغيرها من مختلف الطبوع والإيقاعات من (رصد الماية) إلى (الزيدان) و(الذيل) و(الحسين) وأعاد بعث الحضارة الأندلسية في الذاكرة الجماعية لأوربا المتوسطة وأنعشها من جديد.
الحفاظ على فنون الأندلس
على يد الشيخ محمد بن علي سفنجة تتلمذ مشايخ أسهموا في تطوير وتحسين وضع الفن الأندلسي أمثال الشيخ الشريف وبن تفاحي ومحمد فخارجي, ومن مدرسته كذلك تخرجت مجموعة من اليهود الجزائريين البارعين في الغناء الأندلسي أبرزهم موزينو واسمه الحقيقي شاوول دوران, ولاهو صارور الذي تعود جذوره العائلية إلى الولي اليهودي راشباش الذي يوجد ضريحه في مقبرة اليهود بالعاصمة الجزائرية, وتنحدر أصول هذا الثنائي (دوران وصارور) من الأندلس الذين طردهم المسيحيون منها سنة 1391. إضافة إليها برز كل من شالوم, وألفريد لبراطي, وخريف ومخيلف أو مخلوف بوشعرة الذي تنحدر أصوله هو الآخر من الأندلس, ولجام نظور, ورويمي... إلخ, وهم كلهم يهود ساهموا بقدر مهم في الترويج للفن الأندلسي وصحوته باعتراف المختصين في ممارسته بينما تجاهلتهم المصادر الجزائرية المسلمة واليهودية سواء في إسرائيل أو في فرنسا, لأن هذه المصادر تأثرت - ومازالت - بالصراع العربي - الإسرائيلي على حساب الموضوعية والحقائق التاريخية.
وبعد النجاح الذي حققته فرقة يافيل المعروفة بـ (المطربية) حققت تداعيات هذا النجاح صحوة حقيقية في الفن الأندلسي بحيث ظهرت في فبراير 1929 جمعيته الأندلسية على يد: خريف, زميرو, لاهور صرور, مخلوف بوشعرة, لجّام, رويمي, والمسلم الوحيد بينهم في البداية محمد فخارجي, وفي سنة 1930 تفرعت عنها جمعية الجزائر التي كانت أول جمعية أندلسية أعضاؤها كلهم مسلمون, لتتوالى بعد ذلك الجمعيات.
عود على بدء
كتب رولاند رايس ذات يوم عن هذه الموسيقى قائلا: (إن تعانق وانسجام النوتة والنغمة جعل من الأغنية خطابا كونيا وأرضيا, وتسلسلا متواصلا له بداية ووسط ونهاية دون أي التباس, وعملا فنيًا كاملاً يتحدث في الوقت ذاته إلى الأذن وإلى الروح حسب تسلسل منطقي رائق كأرق ما يمكنْ في الرقة والجمال. لا أحد سمع وأحس لغة مماثلة كما هي في الغناء الأندلسي, ولا أحد شعر بنشوة أكثر عمقًا منه, رجل الشارع مولع بهذه الأغاني القصيرة, الهامسة, الساحرة التي تترقرق وتتناغم متطايرة كحفنة من القطع النقدية الذهبية في الفضاء من أعلى أسوار القصور المزخرفة, وتمتع بها الجميع بحواس شغوفة بجمالها الدقيق, ومنذ ذلك الوقت أحدثت الأغنية الأندلسية انطلاقة قوية جعلتها موضة من إشبيلية إلى الجهات الأربع في العالم).
أبوبكر زمال
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 18h36.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd