رد: مقال منقول عن الغناء الليبى
الأغنية الشعبية كما يراها دارسو علم المأثورات الشعبية هي أغنية شاعت وانتشرت في الماضي البعيد في منطقة معينة وتبنتها الجماهير وأصبحت ملكاً لها بعد أن ألّفها ولحّنها أفراد مجهولون وانتقلت شفاهة بدون تدوين عبر الأجيال المتعاقبة، وقد تتعرض هذه الأغنية أثناء مسيرتها الزمنية أو أثناء انتقالها وهجرتها من مكان نشأتها إلى أماكن أخرى لبعض التغيرات والتعديلات في نصوصها وألحانها وأوزانها لتتناسب مع تغير المفاهيم الحياتية والاجتماعية والثقافية لكل عصر من العصور أو لكل مكان من الأماكن ، كما تتعرض الأغنية الشعبية أيضا ًلبعض المؤثرات الخارجية نتيجة لاحتكاكها بتراث الشعوب المجاورة أو الوافدة . وبالنظر إلى ما تقدم يمكننا القول إن تراث الغناء الشعبي المعروف والمتداول الآن في كثير من مناطق بلادنا قد يكون صورة أو صدى لذلك التراث الغنائي الذي كان معروفاً ومتداولاً خلال القرون الماضية مع بعض التغيرات والتعديلات والإضافات الطارئة عليه خلال مسيرته في الزمان وفي المكان ؛ وذلك لارتباط هذا التراث بالعديد من العادات والتقاليد الشعبية التي لازالت معروفة ومستعملة إلى يومنا هذا في كثير من أنحاء البلاد .. فالتراث الغنائي المستعمل في الأعراس والأفراح في مدينة طرابلس الآن قد لا يختلف كثيراً عن ذلك التراث الذي كان شائعاً في هذه المدينة منذ قرنين من الزمان ، فلا زالت مجموعة الزمزامات تحيى ليالي الأفراح النسائية بنفس الصورة التي ذكرتها السيدة مابل تود ولا يزال فنانو الطوارق يؤدون نفس التراث الغنائي الراقص الذي شاهده ووصفه القائد العسكري التركي عبدا لقادر جامي ولا يزال فنانو مرزق يؤدون التراث المرزقاوي كما سمعه ووصفه فريدريك هورنان وجون ليون منذ قرنين من الزمان .
ولعل من أهم أنماط الغناء الشعبي على الإطلاق أغاني الأفراح ( الأعراس ) التي يحرص الليبيون والليبيات منذ القدم على الاحتفاء بها بصورة كبيرة وبمشاركة جماعية تطوعية وتؤلف أغاني الأفراح، التي تؤدي وظيفة الترفيه أو إظهار تقاليد وعادات اجتماعية معينة ، باللهجة العامية المحلية ويوجد بها نوعان ” أغانف نسائية وأخرى رجالية ، وتدور موضوعات هذه الأغاني ، التي تكون أغلبها في الحب والغزل حول علاقة الرجل بالمرأة في المجتمع وتتويجها بالزواج الشرعي بين الاثنين استكمالا لنص الدين ، إلى جانب وصف محاسن العروس وجمالها وأخلاقها وعراقة أسرتها وما يقابلها من شهامة العريس وشجاعته وعلو مكانته وكرمه ، ويصاحب أغاني الأفراح العديد من الرقصات الجماعية والفردية كما يصاحبها التصفيق بالأيدي والزغاريد النسائية.
|