مقدمة لا بد منه:
انتهيت تقريباً من ترجمة الفصل الأول والثاني من الجزء الثالث من رباعية فاجنر (خاتم النيبلونج). ويحمل اسم (سيجفريد). ولم يتبق سوى الفصل الثالث والأخير ، والله المعين على استكمال ما تبقى.
أحببت أن أقف قليلاً شارحاً سر بقاء هذه الأوبرا الرباعية على مر الأزمان بالرغم من الرتابة التي قد يشعر بها المشاهد من طول زمن الأوبرا وخلوها من الألحان المميزة إلا فيما ندر.
------------
وأعزو سبب انتشار هذه الأوبرا -مع صعوبتها- في مسارح ودور الأوبرا على مر السنين لعدة أسباب:
أنها تجسد الصراع الدائم والأبدي بين
الخير والشر
الحب والثراء
البراءة والخبث
الاخلاص والخيانة
القوة والرأفة.
ولنطرح أمثلة من أحداث الأوبرا.
-------------------
شخصية (فوتان) رب الآلهة . القوي والمسيطر على العالم . ورعبته في القيام ببعض الأعمال المنافية للقوانين فيضطر إلى خلق شخصيات أخري لتقوم في الخفاء ما يعجز عن قيامه في العلن.
وهو مايحدث الآن في قيام الحروب بالوكالة عن شخصيات تدعو في العلن إلى السلام .
---------------
شخصية (فريكا) زوجة (فوتان) ترى من زوجها من أعمال تناقض مهمته السامية في حفظ الأمن والاستقرار، وان مهمته انحرفت عن مسارها باتخاذه عشيقات له وانجاب العديد من الذرية. فتهجره وتتوعده بإفشال مسعاه الدنئ في اتخاذه وجهين مناقضين لما يجب أن يكونه.
------------------------
شخصية (فرايا) الابنة البريئة التي أصبحت جزء من لعبة (فوتان) يقايضها من أجل الحصول على مجد زائف ببناء قلعة حصينة.مضحياً بكل مبادئ الرأفة والتي كانت سبباً في نقمة الزوجة على (فوتان)
-------------------------
شخصية القزمين) (البريتش وميمي) اللذين لم يدخرا وسعاً في المكيدة للحصول على المال والثروة ضاربين بعرض الحائط كل مبادئ السمو والأثرة . وأصبحا عبدين لشهواتهما. وماتا دون الحصول على مبتغاهما.
---------------------
شخصية العمالقة (فافنر وفاسولت) . قتل الأول أخيه . في سبيل الحصول على الجاه والثروة والنفوذ. ثم تحول إلى تنين ضخم يحرس كنوزه . لم يعش سيرته الأولى وظل قلقاً حارساً لكنزة الذي غير من حياته وأصبح عبداً سجيناً حارساً للكنز.
ومات وهو راقد عليه دون الاستفادة منه أو العودة الى حياته الأولى
----------------------
شخصية (سيجفريد) البطل المغوار الذي يتحلى بالشجاعة ولا يخشى الخوف. تسوقه برائته وطهارته للفوز بكل المغانم دون أن ينجرف بأنانية أو استحواذ لما قد يعيقه عن البحث عن رفيقة حياته. وتمثل هذه الشخصية سمات معظم الناس البسطاء.
الذين كانوا ومازالوا وسيلة الآخرين في دفعهم لتحقيق مآربهم الجشعة.
وأصبح وأمثاله من البسطاء أداة طيعة يقودها الزعماء لتحقيق مآربهم دون علمهم بنا يُحاط بهم من مكائد.
----------------------
وهناك العديد من المعاني التي تتضمنها الأوبرا غير خافية عن الإدراك .
وهذا ما جعلها أوبرا تصلح لكل زمان ومكان.