اهداء لكل محبى الموسيقى الشرقية سماعى راحة الارواح من مؤلفاتى الخاصة(ممدوح الجبالي من مصر) وهو من اداء فرقة ام كلثوم للموسيقى العربية فى احدى حفلات مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة عام 1999 .....اتمنى يعجبكوا ان شاءالله
الشيخ علي الدرويش الحلبي هو أشهر من نار على علم وهو من مواليد سنة 1884 م والمتوفى سنة 1952
وقد لحن هذا السماعي البديع والرائع فعلا وهو من مفاخر ألحانه في الحقيقة حتى أني من حيث الجودة أفضله على سماعي البسته نكار لنعمان آغا الشهير وقد سجله لشركة كولومبيا في حلب والتعبئة في بيروت تشرين الأول سنة 1929
وللذكر فقد لحن الشيخ علي الدرويش سماعيا آخر من مقام البسته نكار وسجل لشركة جرامفون بمصر
ولكنه لا يساوي شيئا يذكر أمام هذا وشتان ما بين الإثنين
1- نلاحظ براعته في الخانة الأولى والتي هي دوما بمثابة مقدمة واستهلال للسماعي و لنعاين كيف جمع بين أصل المقام وقواعد بناء شخصيته العلمية من غير شرود ولا غلو
2- ورغم قصرها إلا
أنها عبرت عن المقام وبشكل لا اختصار فيه مخل ولا تطويل ممل وقد وفق في ذلك كثيرا
ومن ثم جاء بالتسليمة البديعة والتي جاءت في قمة الخيال والسلاسة والطرب والتي دوما عليها المعول والمقصد وهي أقوى ما يرسخ في الذهن ويبقى أثرها في النفس ولا تنمحي ذكرياتها وآثارها مدى الدهر
(فالسماعي بتسليمته ) وهناك تكمن قوته وسر صنعته , و في تناسق بدنياته و خانا ته , والتفاعل مع عجينة المقام وطبيعته وشخصيته وبالجملة ( يجب أن يكون ملحمة من الأحاسيس والإنفعالات والتصويرات عن طبائع الإنسانية إلى ما هنالك من فلسفات لشخصية هذا الإنسان العجيب ونلاحظ هذا المدلول في سماعيات طاطيوس أفندي وجميل بيك الطنبوري وعثمان بيك ويوسف باشا وحاجي عارف بي والدادوات الثلاث ورفيق طلعت البي ....)
نلاحظ في الخانة الثانية والطروق فيها من آراضي المقام ومساحته المنخفضة ولكن هذا لم يمنع الشيخ علي الدرويش من أن يكثر من التلوين المقامي والزخرفة اللحنية والتي لا أستطيع أن أنكر مدى توفقه في ذلك ودخوله المفاجئ السار فيها مع السلاسة والليونة والتناغم العذب في المزج والإدخال ومن ثم حسن الخلوص والحكمة الوافية في قوة الرجوع
وهذا حال يصعب على الكثير من مدعي تلحين السماعيات فعله , فما كل دندنة أو طنطنة أو أي جمل موسيقية ركبت على أصول السماعي ثقيل نستطيع أن نعطيها حسن الإصغاء من آذاننا أو شد التفاتنا وانتباهنا
فلحن السماعي يجب وقبل كل شيئ أن يكون له فكرة لحنية هي من اختراع الملحن وهي عصارة العصارة وزبدة الزبد من كثير من ألحان المقام تشكلت وتبلورت في عقل وقلب الملحن وفي ذرات حنايا نفسه ومن ثم ينتج عن كل ذلك خلاصة هي العصارة ورشحات قطر فكره وعقله ( وبغير هذا لا يسمع السماعي ولا يخلد )
نلاحظ أيضا في الخانة الثالثة كيف انطلقت انفعالاتها وتصويراتها واستعماله بإطارها العام في طروق المقام ومن المناطق الجوابية حصرا للجنس الثاني للمقام وهو الأوج جواب العراق ولم يخل بالطبع ذلك من بعض الزخرفات والزركشات اللحنية
والغريب في هذا السماعي أنه انتقل في اللحن من الخانة الثالثة إلى الخانة الرابعة فورا ودون المرور على التسليمة ولعل الشيخ علي الدرويش أراد التجديد بذلك والخروج عن المألوف في صياغة هذا القالب البديع وصناعته كما فعل أحد الموسيقيين الأتراك عندما لحن خانة خامسة للأحد سماعيات العجم كردي ضاربا بذلك صفحا عن العرف
وأما الخانة الرابعة والأخيرة والتي جاءت على ميزان 2/4
فقد كانت رشيقة لاهية تمرح جملها اللحنية كغزالة إنسية رشيقة القوام خفيفة الوثبات تسلب الألباب وتأخذ بمجامع القلوب
وفي الختام ...
هذا غيض من فيض, وقطف من روض , وبعض من كلّ , وجمع من نبع , لتحليل هذا السماعي الخالد وضمن هذا المقام والذي لا نستحي أن نرفع رؤسنا شامخات أمام الأساتذة الأتراك أهل هذا الفن وصنعته , ودرايته وبجدته , صنعة تأليف السماعي , إن لم أقل أننا تفوقنا عليهم في النتاج ضمن هذا المقام بصيغة السماعي من حيث القوة التلحينة والإبتكار الغير مقلد
يعزف هذا السماعي كل من الشيخ علي الدرويش على نايه بالمشاركة مع سامي أفندي الشوا ونوري الملاح وإبراهيم عبد العال
وننتظر من إخواننا وأصدقائنا الموسيقيين ما يثلجون به الصدور , ويكشفون فيه عن خفايا الأمور, من تحليلات موسيقية ونفسية أحسوا بها تجاه هذا السماعي البديع , وتحاورت معه قلوبهم وألبابهم, وعواطفهم وخيالاتهم
وهذه صور للشيخ الملحن والموسيقي علي الدرويش الحلبي
حيث يظهر مع عائلته في براءة ورصانة يشتم منها عبق الماضي السحيق
وأولاده في الصورة هم إبراهيم ونديم ومصطفى سنة 1935
وأما الصورة الثانية فقد كانت بمنابة تكريم عازف الكمان الشهير سامي الشوا سنة 1943 في حلب الشهباء ويظهر في الصورة سامي الشوا والشيخ علي الدرويش وسليم غزالة ومنير أحمدولداه إبراهيم ونديم الدرويش وفي الوسط عبد الله يوركي حلاق ( صاحب مجلة شهيرة )
شكرا استاذ بحري
لا يسعني القول إلا كوني كلما اقرأ لك استفيد منك
لا املك العلم لمناقشة دلوك لكن لا عذر لي ولأمثالي ممن يقرأك أن يمروا دون الإشادة على الأقل بهذه التحاليل والآراء المقنعة
شكرا مرة اخرى واعلم أخي اني ممن يترصد مداخلاتك في المنتدى للمتعة التي اجدها في كتاباتك
هذا لطف كبير منك يا أستاذنا محمد وتواضع أكبر ...
وهو إن دل على شيئ فإنما يدل عيى طيب معدنك واحتوائك لنفسية الفنان الراقي ...بل مما هو أعلى مستوى من الروحانيات والشفافية
وهو لعمري مما يدل على شخصية الفنان العالم . والعاشق للعلم والفن بكليته
وقولك هذا يا سيدي لهو مما ينعش النفس بعد القنوط واليأس ويدفع بها نحو العطاء والتفاني
فشكرا على عباراتك العظيمة وتو اضعك الأعظم والذي يشفي الفؤاد ويستفيد المرء منه دروسا وعبرا