الغناء اليمني القديم ومشاهيره (5): شيخ عبد الله البار
الغناء اليمني القديم ومشاهيره الجزء الخامس سيرة وروائع: المرحوم الشيخ الفنان شيخ عبد الله البار فنان كبير طمره النسيان، هو السيد شيخ البار العيدروس، الذي ولد ونشأ ترعرع وتوفي بجاوا ولم يعرف اليمن على الإطلاق. لكنه كان وعاء ممتلئ بالثقافة اليمنية، وعلاوة على تخصصه بالميراث الفني الحضرمي كالدان بأنواعه.. وسائر الألوان الحضرمية من هبيش لشبواني لبدوي وغيرها...كان يؤدي اللون الصنعاني واللون اليافعي والتهامي واللحجي والعدني... ومنوعات مختلفة من كلّ الألوان غناها المرحوم شيخ البار بكل كفاءة وإقتدار. يصفه الأستاذ أحمد الصالحي من الكويت بأنّ شيخ البار كان مطرب الجالية اليمنية الكبيرة في اندونيسيا واسطواناته الرائعة دليل على عظمة هذا المطرب العملاق الذي لا يقل من حيث الكلمة واللحن والأداء عن عمالقة مطربي اليمن ولكن بعده عن وطنه وإقامته الدائمة في أندونيسيا هي التي جعلت موسيقاه لا تنتشر في اليمن حتى غدى مجهولا عند العموم بل حتى عند بعض المطربين. يذكر أحد معجبيه والذي كرّس وقته وجهده في إعداد أبحاثه عن حياة وفنّ هذا الفنان الأصيل، نأمل أن يوفق فيه ويتحفنا قريبا بسيرة هذا الفنان القدير. وفي نبذة من سيرة الفنان يذكر لنا بأن إسمه هو شيخ بن عبدالله البار و يضيف بعضهم الى اسمه كلمة الدوعني و ليس الشيخ البار و هو من مواليد عام 1908م في مدينة سورابايا بجاوا الشرقية بإندونيسيا انتقل جده العلامة / عمر بن عبدالله البار من مدينة الشحر بحضرموت الي قرية القرين بوادي دوعن حضرموت و له هناك حسب قول الرواة مكتبة عامرة بالكتب.
وللإنصاف أكثر فإننا نؤكد بأن لفن شيخ البار جذور تربطه بالوطن فإن كثيرا من الأغاني التي أداها أو وضع ألحانها كانت لشعراء من حضرموت بعضهم لم يزوروا شرق آسيا و لا تربطهم بها علاقات مباشرة بشرق آسيا مثل الشاعر الشعبي / مستور حمادي ( أغنية بديت بك) أو الإمام عبدالله الحداد ( أغنية نسيم حاجر) و أورد هذه المثالين للاستدلال فقط لا الحصر أو من أولئك الشعراء الذين يترددون على شرق آسيا بين الحين و الآخر مثل الشاعر / صالح الحامد ( أغنية قف معي نشهد جمالا) و الأمثلة على ذلك كثيرة إذا علمنا أن للبار خلال حياته القصيرة ما يزيد عن سبعين أغنية مسجلة على الأسطوانات السوداء .
و اذا أمعنّا النظر في الأمثلة التي أوردناها لأدركنا أن البار قدم في مسيرته الفنية ألوانا من الغناء الحضرمي بل اليمني عموما اقتضى ذلك إلى طرق ألوان من الشعر الغنائي منها الشعر الفصيح المعروف في اليمن بالحكمي ( بفتح الحاء والكاف ) بألوانه الصوفي و غير الصوفي كما طرق باب الغناء الشعبي كالدان و الشروحات ( أغاني الرقصات) : الدحيفة – الغية – العدة - الهبيش و الزفين ( بني مغراه) الى آخر تلك الألوان من الموروث الشعبي اليمني ، و تناول في أدائها ألوانا من الشعر الشعبي المعروف بالشعر الحميني ( بضم الحاء و فتح الميم) . و بذلك فقد تمكن من ملئ الإحتياجات الوجدانية للمهاجرين اليمنيين عموما في المهجر أولا ثم المقيمين في الوطن الذي شهد تزمتا مقيتا للغناء و ممارسته آنذاك. أورد الشاعر الأديب / صالح بن علي الحامد في كتابه وهو من أدب الرحلات بعنوان رحلتي إلى جاوه وهو كتاب شيق سجل فيه رحلته إلى اندونيسا خلال عام 1935م إذ أنه دائما ما يسافر إليها لزيارة أهله و أحبائه و عشقا لربوعها أورد فيه أسماء بعض المطربين الذين التقى بهم هناك و هم : محمد بن أحمد بافقيه من سورابايا - ص 87- محسن باعقيل – ص 177 – وأضاف وهو مطرب من الدرجة الأولى شيخ بن عبد الله البار من سورابايا- ص 103 -133 -135-185-187-188-198 و لم يأت /الحامد على ذكر أخيه / محمد عبدالله البار و رغم أنه سجل بعض الأسطوانات و له أغاني مشهورة مثل( و يا شعب الخضيرة ريتنا حلك) والذي استبدل كلماتها الفنان اسكندر ثابت بـ ( و يا شعب الجنوب النصر يهنا لك ) و حولها إلى أغنية وطنية ولا شك و أن هناك مطربون آخرون مثلما أشار الحامد في –ص 87 – عندما جاء على ذكر السيد شيخ بن أحمد بافقيه أحد السادة الصوفية اكتفى بقوله في سياق ترجمة المذكور ( و له مطربون كثيرون ) ربما لم يلتق بهم فلم يتطرق إلى ذكرهم و حتى شيخ البار نفسه رغم كثرة ترديده لاسمه في أكثر من موقف و رافقه في حله و ترحاله إلا أن الحامد لم يكتب عن البار أي ترجمة أو سيرة لحياة الفنان بعكس الأشخاص الآخرين الذين التقى بهم وهم في بعض الأحيان أقل شأنا من الفنان/ شيخ البار و لو فعل و هو قريب منه فلربما أسهم في تعريف هذا الفنان بشكل أدق. عائلة / البار من العائلات المشهورة في حضرموت و منهم علماء و فقهاء و شعراء من بينهم الشاعر و الأديب / حسين محمد البار الذي يتغنى بأشعاره كثير من الفنانين من بينهم محمد جمعة خان و آل البار من السادة أو الأشراف ( قيل) أن جده السيد / عبد الرحمن بن محمد بن عمر البار انتقل من مدينة الشحر و استقر بالقرين بوادي دوعن و له هناك كما يحكى مكتبة عامرة بالكتب المتنوعة و قد وجدت صورا له مع الأديب الشاعر / صال بن علي الحامد في كتابه رحلتي الى جاوة الا أنها غير واضحة و لا تبين ملامحه إذ أنها صور قديمة جدا تعود الى عام 1935م عندما زار الشاعر جاوة.
أضيف الى أن شيخ البار توفي و هو في ريعان شبابه لم يجاوز سنه الأربعين عاما فقط فقد بدأ الغناء و هو في سن مبكرة جدا و لا زلت أبحث عن كيف و من علمه العزف و الغناء و لعلي أجد الجواب يأتيني من أصدقائي و أقاربي في اندونيسيا و هم حاليا في طور البحث لصعوبة معرفة ذلك فهو من مواليد عام 1908م و بيننا و بين مولده مائة عام تقريبا . كثيرون قد اختلفوا في تاريخ وفاة الفنان الشاب شيخ البار حتى ذهب البعض منهم بأن تاريخ وفاته يعود لنهاية عقد الخمسينات من القرن الماضي والبعض الآخر يذكر بأنه توفي في بداية عقد الأربعينات من نفس القرن، وكما نرى فالفارق شاسع في تحديد تأريخ وفاة الفنان شيخ البار، وكلّ من الأطراف أبدى أسبابه ولكنّ الأقرب إلى لصواب أن تاريخ وفاته كان في العام 1947م، وهذا ما أتفق عليه الكثيرون.
فقد ذكر الأستاذ الباحث / حسين عبدالله الجيلاني في مقال كتبه في ذكرى الفنان محمد جمعة خان إصدار جمعية فناني حضرموت أن شيخ البار توفي عام 1942م إبان الحرب العالمية الثانية، و نقل عنه آخرون غير أن السيد / علوي شهاب و هو صحفي من جاكرتا عرف بمؤرخ جاكرتا لكثرة مقالاته الجميلة عن تاريخ جاكرتا القديمة و يعنى بكتابة سير بعض الفنانين العرب في اندونيسيا أكد في مقال له في جريدة ريبوبليكا باللغة الإندونيسية أن البار توفي في عام 1947م ولم يذكر سبب الوفاة. وممّا يؤكد صحّة وفاته في العام 1947م أن الأديب الشاعر / حسين محمد البار و هو من أقرباء شيخ البار رثاه بقصيدة موجودة في ديوانه ( أغاني الوادي) ينعى وفاة الفنان الكبير شيخ البار في اندونيسيا نشرتها جريدة (الأمل (الحضرمية في عددها الصادر يوم 29 فبراير 1948م. وبديهي ليس من المعقول أن يرثيه الشاعر قبل و فاته. مع الأسف الشديد أن تكون الروايات عن هذا الفنان الكبير قليلة ومختصرة وشحيحة بل شبه معدومة ولكن ربمّا نرجع ذلك إلى بعد الشقة والمسافات بين موطنه وغربته في أقصى الشرق. وقد وافته المنية باكرا في غربته بعيد عن الأهل والأوطان وهو في شرخ الشباب، نسأل الله لشيخنا الفنان شيخ البار الرحمة والمغفرة. ويظلّ الشيخ الفنان شيخ عبد الله البار العيدروس الدوعني في ذاكرة الزمن وفي قلوب محبيه فيما حفظ لنا من أصالة التراث الفنيّ القديم. فقد كان بحق ملك غير متوج وسفير فوق العادة للغناء اليمني القديم في الشرق البعيد دون منازع أو منافس وهو يستحقّ لقب بلبل الشرق. (نجد الحسيني) باقة مختارة من أغاني المرحوم الفنان شيخ عبد الله البار هدية لكم مني مع خالص حبي وأشواقي: تجدونها في الملفات المرفقة:
من أغانيه الخالدة:
أبديت بك يالفرد الأكبر الهاشمي شلّ صوتك دع الوشاة ذا فصل والثانية عشقة رقّ صوته سمعت الربابة شربنا من سلسبيله قد قدمت على العشق قلبي كان لي زمن واقف يا ريم حاجر يقول بن أحمر
أتمنى لكم أمتع الإستماع وإلى اللقاء إن يشاء الله مع سيرة وروائع فنان آخر !
اخواني الاعزاء
سبق ان شاركت ولكني لم ارى مشاركتي هنا
ولكن مارأيته من اصاله في هذا المنتدى ومجهود جعلني احاول مره اخرى
الدان الحضرمي موروث قديم تناقله الاجيال في حضرموت والدان هو عباره عن جلسه يتبادل فيها الشعر ويقوم مغنى الدان بغناء هذا الشعر وفي بعض الاغاني تكون الاغنيه لعدة شعار وتطور هذا الفن حتى طوع للآله الموسيقه وتغنى ومن اشهر من تغنوا بالدان في العهدالقريب هم محمد جمعه خان وبدوي زبير
اشارككم اخواني بهذه الرائعه لعميد الدان الحضرمي الشاعر حداد بن حسن الكاف وهي بصوت جوهرة الطرب الحضرمي المرحوم بدوي زبير
الغناء الحضرمي في اليمن
الغناء الحضرمي
العرض المتطور
