* : اغاني ليبيه باصوات عربيه (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : خالد القرقوري - - الوقت: 06h30 - التاريخ: 24/04/2024)           »          نوشي خليل (الكاتـب : نوسة الفرجانى - آخر مشاركة : خالد القرقوري - - الوقت: 06h21 - التاريخ: 24/04/2024)           »          محمد مرشان (الكاتـب : نوسة الفرجانى - آخر مشاركة : خالد القرقوري - - الوقت: 06h11 - التاريخ: 24/04/2024)           »          محمود الشريف (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : خالد القرقوري - - الوقت: 06h05 - التاريخ: 24/04/2024)           »          محمد نجم (الكاتـب : نوسة الفرجانى - آخر مشاركة : خالد القرقوري - - الوقت: 06h01 - التاريخ: 24/04/2024)           »          عطية محسن (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : خالد القرقوري - - الوقت: 05h57 - التاريخ: 24/04/2024)           »          محمد الجزيري (الكاتـب : نوسة الفرجانى - آخر مشاركة : خالد القرقوري - - الوقت: 05h33 - التاريخ: 24/04/2024)           »          سلام قدري (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : خالد القرقوري - - الوقت: 05h29 - التاريخ: 24/04/2024)           »          الطاهر عمر (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : خالد القرقوري - - الوقت: 05h19 - التاريخ: 24/04/2024)           »          احمد كامل (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : خالد القرقوري - - الوقت: 05h15 - التاريخ: 24/04/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > أصحاب الريادة والأعلام > فريد الأطرش (19 أكتوبر 1910 - 26 ديسمبر 1974) > دراسات وبحوث آراء ومتفرقات

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 21/08/2022, 13h03
سليم عبد المولى سليم عبد المولى غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:456088
 
تاريخ التسجيل: août 2009
الجنسية: سعودية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 13
افتراضي هل كان فريد الأطرش وأسمهان مصابين باضطراب ثنائي القطب؟

كما هو ظاهر في العنوان، فإن النظرية التي سأطرحها في هذا الموضوع هي أن الفنانين الشقيقين فريد الأطرش وأسمهان عانيا من اضطراب ثنائي القطب. وأنوه إلى أني لا أقصد بهذا التحليل البتة الإساءة إلى فريد وأسمهان، فأنا من المعجبين بهما والمؤمنين بعبقريتهما الفنية؛ لكن الواقع أن مئات الصفحات قد سُودت بالفعل في تفاصيل حياة كل منهما وشخصيته، وخرجت هذه التفاصيل إلى الحيز العام، وثار حولها كثير من الجدل؛ وبعبارة أخرى، فإن الجوانب الشخصية من حياتهما غدت جزءا من التاريخ والتراث الثقافي المشاع. والمرجو أن يساهم التحليل الذي سنقدمه في تفسير بعض الجوانب الغامضة من شخصيتيهما، وبالتالي تحقيق فهم أفضل لظروف إبداعهما الفني...

قبل الدخول في التفاصيل، هناك ثلاث نقاط أود التنبيه عليها:

النقطة الأولى هي أن الإصابة بهذا الاضطراب لا تتعارض مع الإبداع في مجال ما (المجال الفني في حالة فريد وأسمهان)، فهناك شخصيات عديدة تاريخية ومعاصرة تم تشخيصها بهذا الاضطراب رغم بروزها في مجالات الفن والسياسة وغيرها؛ مثل: بيتهوفن، ونابليون، وفان جوخ، وتشرتشل، وروزفلت.

النقطة الثانية هي أن هذا الاضطراب ليس نادرا، بل هو شائع بالنسبة إلى الاضطرابات النفسية الأخرى؛ فعلى سبيل المثال، تقدر نسبة المصابين به في الولايات المتحدة بـ٢.٨٪؜، وفقا للمعهد الوطني للصحة النفسية في الولايات المتحدة: https://www.nimh.nih.gov/health/stat...polar-disorder

النقطة الثالثة هي أن هذا الاضطراب له منشأ وراثي، ومن ثم فوجوده في أحد أفراد الأسرة يزيد من احتمالية وجوده في أفراد الأسرة الآخرين؛ وبالتالي فوجود أعراضه في كل من الشقيقين فريد وأسمهان يزيد من احتمالية صحة هذا التشخيص.

فما هو اضطراب ثنائي القطب؟

من طبيعة البشر أن يمروا بحالات مزاجية متفاوتة، بما في ذلك الشعور بالحزن والملل واليأس والخمول أحيانا، والشعور بالفرح والإثارة والتفاؤل والنشاط أحيانا أخرى؛ لكن المصاب باضطراب ثنائي القطب يختبر هذه الحالات على نحو يفوق المتوسط بكثير. تسمى الحالات التي يختبر فيها النوع الأول من المشاعر: "نوبات الاكتئاب"؛ وتسمى الحالات التي يختبر فيها النوع الثاني من المشاعر: "نوبات الهوس" أو "نوبات الابتهاج". السمة الرئيسية لاضطراب ثنائي القطب إذن هي حدوث نوبات من الاكتئاب، ونوبات من الهوس، بالإضافة إلى نوبات مختلطة. هذه النوبات قد تكون لها محفزات بيئية (صدمات الحياة ووقائعها وأحداثها)، إلا أنه لا يمكن تفسيرها كليا في ضوء تلك المحفزات، حيث إن الاستعداد الداخلي يلعب الدور الأكبر في سيرورتها وتطورها.

هناك خصائص وأعراض وسلوكيات شائعة تميز كلا من نوبتي الاكتئاب والهوس (وقد تجتمع خلال النوبات المختلطة). قبل أن نبين هذه الأعراض، هناك أمران تجدر ملاحظتهما. الأمر الأول هو أنه لا يلزم اجتماع كل هذه الأعراض لأجل صحة التشخيص. والحق أن كل مصاب يعد حالة فريدة من نوعها، وقد يظهر فيه الاضطراب على نحو يختلف عن النحو الذي يظهر به لدى غيره. الأمر الآخر هو أن كل عرَض من هذه الأعراض لا يدل بمفرده على وجود هذا الاضطراب، فقد يكون له تفسير آخر؛ لكن كلما اجتمع عدد أكبر من هذه الأعراض، كان ذلك مؤشرا قويا على وجود هذا الاضطراب.

فمن الأعراض والسلوكيات الشائعة خلال نوبات الاكتئاب: سيطرة الشعور بالحزن والتشاؤم والسوداوية (وقد يتجلى ذلك في اعتقاد الشخص أنه لن يعيش طويلا وأن حياته ستكون قصيرة)، وانعدام القدرة على الاستمتاع بملذات الحياة، واستدعاء الذكريات السيئة حتى بعد مضي وقت طويل عليها، وسيطرة الشعور بالاضطهاد والمظلومية والتعرض للاستهداف والملاحقة والتآمر، والارتياب في المحيطين، والتفكير في الانتحار أو الشروع فيه.

ومن الأعراض والسلوكيات الشائعة خلال نوبات الهوس: الشعور المفرط بالنشوة واليقظة والتوثب والامتلاء بالطاقة؛ والنرجسية وتضخم الشعور بالأنا والإفراط في تقدير الذات (وهو ما يأخذ شكل عقدة الاضطهاد خلال نوبات الاكتئاب)؛ والإفراط في التواصل الاجتماعي مع الآخرين سواء بشكل شخصي أو من خلال المراسلة؛ والإقبال المبالغ فيه على الحفلات والسهرات والسجائر والكحول؛ والجنوح للمخاطرة والاندفاع والطيش والتهور وعدم حساب العواقب؛ وسوء اتخاذ القرار (وفي كثير من الأحيان، يندم المصاب على قراراته بعد زوال نوبة الهوس، ما يتسبب في حدوث نوبة اكتئاب)؛ والمخاطرة المالية والإسراف والتبذير والإنفاق المبالغ فيه سواء على المشتريات الشخصية أو الولائم أو حتى مساعدة الأصدقاء وأعمال الخير؛ ومن مظاهر ذلك الانهماك في لعب القمار والدخول في استثمارات متهورة (ما يجعل المصابين باضطراب ثنائي القطب معرضين بنسبة كبيرة للوقوع في أزمات مالية حادة)؛ وسيطرة نزعة التمرد؛ والتصرف على نحو لا يتسق مع الأعراف وقواعد السلوك الاجتماعية (كالهروب من بيت الزوجية أو بيت الأسرة بلا سبب)؛ والرغبة الملحة في تغيير المنزل أو بلد الإقامة؛ وإهمال المسؤوليات الأسرية (بما في ذلك تجاه الأبناء). ومن علامات نوبات الهوس (وقد توجد خلال نوبات الاكتئاب أيضا): قلة ساعات النوم، وإهمال الصحة الشخصية، وفقدان كثير من الوزن، والعصبية وسرعة الانفعال، والمبالغة في ردود الفعل (كالانفجار بالغضب على أتفه الأسباب).

بالإضافة إلى ما سبق، فإن المصابين باضطراب ثنائي القطب عرضة بنسبة كبيرة إلى الفشل في العلاقات العاطفية والزوجية. ويكفي هنا أن أورد هذه الإحصائية التي تقول إن ٩٠٪ من الزيجات التي يكون فيها طرف مصاب باضطراب ثنائي القطب في الولايات المتحدة وكندا وتنتهي بالطلاق:
https://www.psychologytoday.com/us/a...polar-disorder

والآن، رغم صعوبة إجراء تشخيص دقيق لأشخاص رحلوا عن عالمنا منذ عشرات السنين، ورغم صعوبة التحقق من كل ما روي عنهما من قصص وأخبار، فالمعطيات المتوفرة ترجح أن الشقيقين عانيا من اضطراب ثنائي القطب. سيكون جل اعتمادي فيما يتعلق بأسمهان على شهادة محمد التابعي في كتابه أسمهان تروي قصتها؛ وهو الذي طالما وصف أسمهان بأنها كانت "شخصية غامضة.. معقدة.. مليئة بالتناقضات"، وطالما أعرب عن حيرته في فهم شخصيتها وتفسير سلوكها... لعل القراءة التي نقدمها هنا تكون مفتاحا لفهم هذه الشخصية.

سلف معنا أن السمة الرئيسية لاضطراب ثنائي القطب هو حدوث نوبات اكتئاب ونوبات هوس، بالإضافة إلى نوبات مختلطة. فيما يلي سأورد بعض الشواهد على مرور كل من فريد وأسمهان بنوبات اكتئاب ونوبات هوس. وأنا أذكر هذه الشواهد على سبيل المثال لا الحصر، ويمكن التوسع بإضافة مزيد من الشواهد لاحقا.

أولا، من المؤكد أن فريدا عانى من الاكتئاب خلال فترات من حياته، فقد أشار إلى ذلك في كثير من لقاءاته الإذاعية والتلفزيونية؛ وقد سئل في مقابلة تلفزيونية مع ليلى رستم بشكل مباشر: "هل أنت حزين؟" فأجاب: "نعم"، وأشار إلى تعرضه لأزمات وأوجاع وآلام نفسية... والظاهر أن نوبات الاكتئاب هذه تركت بصمتها على بعض كلاسيكياته، مثل "نجوم الليل"، و"عدت يا يوم مولدي"، و"يا قلبي يا مجروح"، و"عيني بتضحك وقلبي بيبكي" و"حكاية غرامي"؛ بل إن الحزن أصبح سمة مميزة لصوته من وجهة نظر كثير من النقاد والجمهور...

أسمهان هي الأخرى ارتبط صوتها بالحزن. وتشير كثير من الوقائع التي يرويها التابعي إلى مرور أسمهان بنوبات اكتئاب، مثل أنها كانت تردد كثيرا أنها لن تعيش طويلا، وأنها حاولت الانتحار عدة مرات، كما يروي أنها في زيارة له في ٧ يونيو ١٩٣٩ أخذت تضطرب وتبكي وتصرخ وهي تروي له ظروف نشأتها الصعبة (رغم مرور سنوات طويلة على ذلك). يصف التابعي ذلك اللقاء، والذي يبدو أنه صادف نوبة اكتئاب، فيقول:
كانت أسمهان في ذلك المساء -مساء ٧ يونية وقد زارتني كما قلت على غير موعد- كانت مضطربة.. وأكثر من مضطربة: لماذا؟ لا أدري. أحسست أول ما تكلمت أن الزمام أفلت من يدها! زال عنها تحفظها وسقط عنها قناع التكلف المصطنع! كانت كمن أصابتها صدمة عنيفة هزتها إلى الأعماق.. أما ما الصدمة؟ ما الأسباب؟ لم تقل هي.. ولم أعرفها أنا حتى اليوم. ولكن أسمهان كما عرفت في الشهور التالية كانت مرهفة الحساسية إلى درجة المرض! ... وكان يزيد في هذه الحساسية خيال مضطرب مريض.. خيال ليس فيه شيء من روح الشباب ونضارة الشباب وحرارة الرجاء في المستقبل الطيب.. كلا. لأن خيالها كان خيال الشيخوخة المريضة اليائسة من رحمة الله ورحمة الناس. في هذه الأزمات كان يفلت منها الزمام ويسقط عنها القناع.. وتبكي وتتحدث وتصرخ من قلبها! وهذه كانت حالتها في ذلك المساء.
ثانيا، تقدم معنا أن المخاطرة المالية والإسراف والتبذير والانهماك في لعب القمار من السلوكيات المرتبطة بنوبات الهوس؛ ونحن نجد شيئا من ذلك في حياة كل من فريد وأسمهان. بالنسبة لفريد، فمن المؤكد أنه انهمك في لعب القمار في فترات معينة من حياته. وقد أقر بذلك في لقائه مع ليلى رستم، وذكر أنه مر بضوائق مالية عسرة بسبب ذلك، وأرجع سلوكه هذا إلى أسباب نفسية، وتوجه بالشكر لأصدقائه الذين وقفوا معه خلال أزماته المالية. وفي هذا الصدد أيضا يقول يوسف إسماعيل في كتاب "أمير في أحضان القاهرة" (٧١-٢):
وكان فريد قد "أدمن" على رهانات سباق الخيل.. ومقارعة موائد القمار.. والتبذير المفرط.. فتعرض لأزمة مالية شديدة.. ولم يكن أمامه خيار سوى بيع عمارته لصديقه المليونير السعودي عبد الرحمن سرور الصبان الذي كان يسكن إحدى شقق العمارة بالإيجار. وتم البيع في ١٩٥٨.. وتحول فريد من مالك للعمارة كلها إلى ساكن في الطابق العاشر مقابل إيجار شهري... وقالت لي مريم فخر الدين: "فريد باع عمارته جدعته وبسبب القمار..."
أما أسمهان فكتاب التابعي يفيض بأخبار مغامراتها المالية، إلى جانب استغراقها الشديد في حياة السهر واللهو والشراب، خاصة في فترات إقامتها في فندق الملك داود بالقدس. ويمكن -على سبيل المثال- الاطلاع على الفصول التالية من كتابه: "إسراف أسمهان في صحتها وفي مالها" و"تنفق خمسة عشر ألف جنيه في خمسة شهور"، و"إسراف وسوء تدبير"، و"حياتها المحمومة"؛ فالصورة التي يرسمها التابعي لأسمهان في هذه الفصول تتسق تماما مع السلوك التقليدي خلال نوبات الهوس. وبحسب التابعي، فقد وصف جبرائيل تقلا باشا صاحب "الأهرام" سلوك أسمهان في تلك الفترة بأنه انتحاري، ووصفها بأنها تسير بخطوات سريعة في طريق الخراب، وأنها تقضي على نفسها بيدها. ويستطرد التابعي في النقل عن جبرائيل تقلا باشا فيقول:
وصف لي رحمه الله حياتها المحمومة؛ حياة السهرات والحفلات والإسراف في الشراب.. وكيف أن وجهها قد شحب ونحل كثيرا عن ذي قبل، بينما اتسعت عيناها وازداد بريقهما ولكنه أشبه ببريق الحمى.. إلى آخره... وكيف أن لا حديث هناك في مصايف الجبل إلا عن إسراف الأميرة آمال الأطرش، وكثرة ما تنفقه على الولائم والحفلات، ومن ذلك أنها أقامت مرة في "عالية" حفلة ساهرة تكريمًا لبعض كبار المصيفين المصريين وبلغت نفقات هذه الحفلة الواحدة ألف جنيه! ثم قال رحمه الله ما خلاصته ومعناه: فهل فكرت هذه المجنونة في مستقبلها...؟"
وفي موضع آخر يقول التابعي:
ولم يمضِ أسبوع حتى أصبحت "الأميرة" كما يسمونها حديث المجالس في القدس بسبب إسرافها وبذخها. ومن ذلك أنها كانت تقيم من وقت لآخر مأدبة تدعو إليها بين العشرين والثلاثين من القواد العسكريين وكبار الضباط ورجال الإدارة. وكان قوام المآدب المذكورة الشمبانيا والكافيار، ولعلكم تعرفون كم تكلف الآن الشمبانيا والكافيار وخصوصًا في فندق الملك داود! ونزلت الأميرة مرة وابتاعت ٢٠ زوجًا من الأحذية و٢٠ فستانًا وعدة معاطف. وأما أحذيتها وفساتينها التي كانت أحضرتها معها من مصر فقد وزعتها على خادمات الفندق. ولقد اشترت أخيرًا سيارة رولزرويس من الثري المعروف ھنري فرعون صاحب جياد السباق التي تجري باسمه في مصر، ودفعت ثمنًا للسيارة ألفين وخمسمائة جنيه...
ويروي التابعي عن السيدة شفيقة حرم فخري بك النشاشيبي أن أسمهان كانت تسرف إسرافا جنونيا "كأنما المال يحرق راحتيها فهي تريد الخلاص منه بأسرع ما يكون!" وأنها انهمكت في لعب القمار في بيروت، وكانت تخسر مئات الجنيهات كل ليلة على لعب البوكر. يتابع التابعي فيقول:
ومضت السيدة شفيقة -وأسمهان ساكتة لا تجيب- مضت تقص عليَّ تفاصيل تصرفات لها تدل على الغفلة وسوء التدبير، ومنها مثلًا أن "صحفيا" خدعها وأوهمها أن عنده مشروعًا صحفيا ناجحًا لإصدار جريدة يومية، رأس مالها ألفان من الجنيهات، فهل تشترك معه بنسبة النصف في مشروعه الناجح المذكور؟ ودفعت له أسمهان ألف جنيه. وصدرت الجريدة.. ثم احتجبت بعد أسبوعين اثنين! إلى آخره. إلى آخره.
وفي مواضع أخر يذكر التابعي أن أسمهان اشترت خاتما من ألماس بألف جنيه ثم باعته بستمئة جنيه؛ وأنها اشترت سيارتين في خمسة أشهر؛ وأنها عرضت على أحمد سالم شراء سيارته بألف جنيه، وهو ثمن مرتفع آنذاك لسيارة يزيد عمرها على أربع سنوات. كما يمكن الاطلاع على الفصل الذي عنون له التابعي بـ"توزيع الدقيق مجانًا على فقراء بيروت"، وفيه يروي أن أسمهان أعلنت في الصحف أنها ستقوم بتوزيع الطحين مجانا على الناس في كل يوم إثنين، في الوقت الذي كان ثمن الطحين مرتفعا جدا، وهو ما وصفه التابعي بأنه كان مغامرة جريئة...

مر معنا أيضا أن من أعراض نوبة الهوس الإفراط في التواصل الاجتماعي مع الآخرين سواء بشكل شخصي أو من خلال المراسلة. وقد أسهب التابعي في بيان إفراط أسمهان في تنظيم الولائم والحفلات والسهرات واللقاءات إبان إقامتها في فندق الملك داود بالقدس وفي وبيروت وتل أبيب، كما يذكر أنها أرسلت إليه آنذاك عشرات البرقيات في فترة وجيزة، يقول: "بل إن كثرة هذه البرقيات وما فيها لفتت فعلًا نظر الرقيب العام في فلسطين يومئذ واسمه الماجور تويدي؛ فكتب إلى القاهرة يسأل عمن يكون محمد التابعي هذا".

وذكرنا أيضا أن من الشائع خلال نوبات هذا الاضطراب فقدان الكثير من الوزن، وهو الأمر الذي لاحظه التابعي على أسمهان خاصة في فترات إقامتها في فندق الملك داود بالقدس، وأشار إليه أكثر من مرة في كتابه.

وذكرنا أيضا من علامات نوبة الهوس قلة ساعات النوم، والشعور باليقظة والتوثب والامتلاء بالطاقة؛ وبهذا الصدد تستوقفني هذه العبارة من كتاب التابعي: "لقد تركتها أمام باب دارها الساعة الثالثة صباحًا.. ولكنها استطاعت مع ذلك أن تنام وأن تسافر بقطار الصباح؟! كيف نامت.. ومتى نامت؟ بل كأنها لم تنم!" وفي موضع آخر يقول: "وأثناء الليل أيقظني من النوم جرس التلفون الموضوع بجانب الفراش. وكانت أسمهان. ولكنني قلت لها إن هذا ليس وقت الحديث لأنني نائم.. وإنني متعب. وأقفلت التلفون. وفي الصباح قابلتها في بهو الفندق وجهًا لوجه...".

من أعراض اضطراب ثنائي القطب التي مرت معنا أيضا: النرجسية وتضخم الشعور بالأنا والإفراط في تقدير الذات. ولعلنا نلمس شيئا من ذلك في أسلوب فريد في الحديث عن نفسه في اللقاءات الإذاعية والتلفزيونية، فهو يتحدث بشكل لافت للنظر وعلى نحو غير معتاد عن موهبته وأفضليته وإنجازاته الفنية وعن إيمانه بالله وشجاعته وكرمه إلخ؛ كما قد نلمس شيئا من ذلك في بعض المواقف والعبارات التي ينقلها التابعي عن أسمهان، كتباهيها بأسرتها واستنكافها عن الغناء في بعض المناسبات، فضلا عن الثقة الكبيرة بالنفس التي مكنتها من مباشرة المهام الخطرة التي كلفها بها الحلفاء... وهناك وجه آخر لهذه النزعة يظهر في نوبات الاكتئاب -كما ذكرنا- وهو عقدة الاضطهاد والارتياب تجاه المحيطين، وقد نلمس شيئا من ذلك في بعض لقاءات فريد الإذاعية، حيث نجده يشتكي كثيرا من غدر الأصدقاء ونفاقهم وخيانتهم له وطعنهم له في الظهر؛ كما قد نلمسه في بعض العبارات التي يرويها التابعي عن أسمهان، والتي تكيل فيها الاتهامات لأفراد أسرتها وتتشكك في نواياهم...

ذكرنا أيضا أن المصابين باضطراب ثنائي القطب معرضون بنسبة كبيرة للفشل في العلاقات العاطفية والزوجية، وهذا ينطبق على كل من فريد وأسمهان، فكلاهما لم ينجح على صعيد العلاقات العاطفية والزوجية.

لعلي أكتفي بهذا القدر من الشواهد الآن. وأختم بهذا الاقتباس المعبر من مقالة وائل أبو السعود بعنوان: "وداعا... أسمهان ابنة البحر" في جريدة الجريدة الكويتية في ٤ أغسطس ٢٠١٣:
التناقضات كانت عنوانا كبيرا لحياتها، فهي تشرب الخمر حتى تفقد الوعي وتزور الأولياء وتعطف على الفقراء. تسهر فتملأ المكان بهجة وسعادة وتدوي ضحكاتها كأنها بلبل يصرخ فوق أغصان الصباح. وإذا خلت بنفسها تبكي وتشكو الحزن الذي يعتصر قلبها... تكذب وتكره الكذابين... سرعان ما تتزوج وسرعان ما تطلب الطلاق…
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 09h27.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd