الإعجاز التطويري التحديثي في ألحان عبد الوهاب

[darshdaarsh]

السادة الأعضاء المحترمين اليوم أقدم لكم ما أحببت أن أسميه "الإعجاز التطويري التحديثي في ألحان عبد الوهاب" و هو عبارة عن تحليل الأستاذ عمار الشريعي لقصيدة مقادير من جفنيك التي قام العبقري عبد الوهاب بتلحينها مع العلم بأن السنباطي قام أيضا بتلحين تلك القصيدة لأم كلثوم قبل ذلك , وقد قمت بإرفاق أربع ملفات هم :
1-القصيدة بغناء و تلحين العبقري عبد الوهاب.
2-تحليل الأستاذ عمار الشريعي .
3-القصيدة بغناء السيدة أم كلثوم وتلحين الأستاذ السنباطي .
4-كلمات القصيدة وهي من أشعار أمير الشعراء أحمد شوقي .
وقد قصدت أن أسمي هذه المشاركة بهذا الاسم لأنه بعد سماعي لتحليل الأستاذ عمار الشريعي أدركت أن ما فعله عبد الوهاب في تلحين هذه القصيدة شئ يكاد يكون مستحيلا في عالم التلحين بل أكاد أقول أيضا في عالم عزف الآلات الموسيقية .......
واسمحوا لي بأن أقوم بشرح مبسط (على قد فهمي) لما استوعبته من تحليل الأستاذ عمار :
1-من المعروف أن السلم الموسيقي دوالماجير أو سلم دو الكبير هو كالتالي :
(دو ←← رى ←← مي ← فا ←← صول ←← لا ←← سي ← دو)
وذلك على اعتبار أن ( ←← ) تمثل (واحد تون أو تون واحد) .
بينما (←) تمثل ( نصف تون أو البيمول) كما هي المسافة الطبيعية بين (مي و فا ) مثلا أو المسافة بين (سي و دو).
2-ومن هنا عندما نقول ان نغمة ما مثلا هي (مي بيمول) فهذا معناه انها النغمة التي تسبق نغمة (مي) بنصف تون او كما يلي : ( رى ←مي بيمول ←مي )
وعندما نقول مثلا أن تلك النغمة هي (مي نصف بيمول ) فهذا يعني أنها النغمة التي تسبق (مي) بربع تون أو كما يطلق عليها السيكا .
3- ومن هنا ندرك أن بعض المقامات لا يوجد بها أي نغمة ربع تون مثل( دو ماجير) أو كما نطلق نحن عليه (العجم أو التبريز ) وهوما يتضح من سلم هذا المقام الذي ذكرته في أول نقطة...... وأيضا مقام النهاوند أو( دو مينير) وسلمه الموسيقي كما يلي : (دو ←← رى ← مي بيمول ←← فا ←← صول ← لا بيمول ←← سي بيمول ←← دو) . فكما ترون لايوجد في سلالم تلك المقامات ربع تون أو نصف بيمول .
4-وتوجد المقامات الشرقية التي يوجد بها نغمات الربع تون مثل مقام البياتي أو الصبا أو السيكا وهو المقام الذي قام العبقري عبد الوهاب بتلحين تلك القصيدة الرائعة بإستخدامه و مقام السيكا يبدأ بنغمة أو درجة السيكا التي ذكرناها من قبل وهي (مي نصف بيمول ) .
5- الإعجاز التطويري التحديثي أيها السادة الذي أحدثه موسيقار الأجيال في تلحين القصيدة أنه بدءا من الجزء الذي يقول(سمحت بروحى فى هواه رخيصة) والموسيقى التي تسبقه بالطبع إلى (كهذى التى يجرى بها الدمع واشيا ) ينتقل من مقام السيكا الذي يبدأ بربع تون (السيكا) وينتقل للعب مقام النهاوند من نفس الدرجة أي نغمة اليسكا أو(مي نص بيمول) بالرغم من أنه في الأصل مقام النهاوند يبدأ من الدو ولا يوجد به ربع تون أصلا ..
وهذا أيها السادة في عالم العزف كما يقول الأستاذ عمار الشريعي شئ يكاد يكون مستحيلا فما بالكم في عالم التلحين .........
6-أخيرا لقد أرفقت نفس القصيدة بصوت أم كلثوم و ألحان السنباطي لتروا الفرق الحقيقي بين التجديد والتطوير وسلوك الدروب الصعبة في التلحين و بين الإتجاه التقليدي المعروف الثابت . هذا بالإضافة إلى فرق القدرة الصوتية و الغنائية لدى كل من عبد الوهاب و أم كلثوم .
وشكرا .....................

[حامد جودة 2]

الاخ الفاضل دارش

أولا لك الشكر على هذا الشرح المبسط , لأني سبق لي سماع تحليل الأستاذ عمار الشريعي ولم استطع فهم أجزاء منه فجاء شرحك ليوضح لي ما كان قد غمض على وعلى امثالى من مجرد المتذوقين

ــ القضية تؤكد وتوضح أن محمد عبد الوهاب لم يكن مجرد موهبة تلحينية فقط ـ وإنما هو ثوري جاء ليثور على كل القوالب التلحينية التي ركدت واستقرت ودارت حول نفسها دون تجديد..... جاء ليضيف الجديد , ليكسر هذه القواعد , ويضيف إليها , ويبعث فيها حياه جديدة ( و الفن هو الجديد )

ــ من الواضح أن الجملة الموسيقية التي تفضلت بالاشاره إليها , ولفت الانتباه إليها الموسيقار عمار الشريعي , هذه الجملة استغرقت وقتا وجهدا كبيرا من الموسيقار محمد عبد الوهاب , وهذا ما يسميه الموسيقار عبد الوهاب " استخدام العقل في الفن " , فالفن يخلد ليس باستخدام الموهبة فقط ــ رغم توافرها لدى عبد الوهاب بوفرة عاليه ــ ولكن يخلد بالثقافة والاطلاع الذي يثمر تجديدا وإضافة وحتى يبلغ حد الثورية على القواعد الباليه التي أورثت جمودا وملل وتكرار .

ــ لكن عبد الوهاب عندما قام بهذه الخطوة البالغة الجراءة والتعقيد لم يكن يقصد بها الإبهار فقط ولكن كانت خطوه ثوريه موجهه للمحترفين من أهل الفن .... هل كان يقصد إبهارهم ... أم كان يقصد تعليمهم .... أم كان يقصد تخليد اسمه وفنه بأنه أول من فعلها ؟..... فعمار الشريعي يقول في التسجيل المرفوع .... إنها المرة الأولى , وقد تكون الاخيره في عالم الموسيقى ( عالميا أو شرقيا )

ــ هذا هو محمد عبد الوهاب .... حجم موهبة لم ولن يتكرر .... دراسة واسعة اطلاع لم يتكرر .... حرفيه استوعبت علوم الموسيقى الشرقية بالكامل ( حتى أنى أعده اكبر و أعظم خبير في الموسيقى الشرقية ) وإلا ما تمكن من تطويرها

..... بالاضافه إلى اطلاع وثقافة بالموسيقى العلمية أو العالمية بشكل مبهر ..... تعلمها وخبر قواعدها وهياكلها .... واستخدمها بشكل رائع في تطوير موسيقاه و بالتالي موسيقى الشرق كله ..

ــ بقى نقطة ...... حرفيه عزف هذا الجملة المستحيلة , نعم أورد الأستاذ عمار بعض أسماء العازفين الكبار ... منسي, الحفناوى , شرارة .... وهم اساتذه قل أن يجود الزمان بأمثالهم .... ولكن من دربهم ؟ كيف استوعبت موهبتهم الفنية هذا الوارد الجديد والغريب عن كل ما سبق إن عزفوه من قبل ...... سؤال ؟ ياليت احدهم مازال على قيد الحياة ليجيبنا على هذه الأسئلة ....

ـــ لكن الغريب أن محمد عبد الوهاب رغم كل هذه الثورية و التطوير لم يفقد جمال وحلاوة الجملة والنغمة ..... قفز قفزات متكررة وواسعة , ولم يفقد جمهور الذواقة للفن الرفيع بل أضاف جماهير عده لجمهوره الراقي حتى بعد موتـــــــه !!!!

ـــ أما ما أثرته حول المقارنة بين لحن السنباطى ولحن عبد الوهاب , فاللحنين يوضحان الفرق بين التقليدية والتطوير , بين امتلاك المعنى و التقليدية ذات القواعد الثابتة في التلحين القديم ..... هناك من قد يقول أن هناك فارق زمني بين اللحنين , وهذا صحيح ولكن لحن السنباطى ظهر في عصر أو بعد يا جارة الوادي و قالت و ...... من الألحان للقصائد و الوهابية العظيمة , التي وضع بها محمد عبد الوهاب أيضا ـ ولأول مرة ـ قواعد منضبطة لتلحين القصيدة , ولم يستفد من هذه القواعد السنباطى إلا متأخرا

ــ أعيد شكري لك .... لفتحك لموضوع راقي .... ببعد بنا عن مهاترات موضوع " اقتباسات " محمد عبد الوهاب فهذه الخطوة الغير مسبوقة ـــ التي تفضلتم بألا شارة إليها , دارت بالكامل في حدود الموسيقى الشرقية , ... فهو طور في مقام شرقي .... ياترى ما ذا سيقول أصحاب " فوبيا " اقتباسات عبد الوهاب ..... اظنهم لن يردوا ... هذا إن اطلعوا على الموضوع واستوعبوه.