* : فى يوم .. فى شهر .. فى سنة (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 03h52 - التاريخ: 27/04/2024)           »          جوزيف عازار (الكاتـب : اسامة عبد الحميد - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h03 - التاريخ: 27/04/2024)           »          عبد اللطيف حويل (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : محمود نديم فتحي - - الوقت: 23h09 - التاريخ: 26/04/2024)           »          مُحيي الدين بعيون (الكاتـب : sol - آخر مشاركة : الكرملي - - الوقت: 21h45 - التاريخ: 26/04/2024)           »          نوت الأستاذ الهائف (الكاتـب : الهائف - - الوقت: 21h36 - التاريخ: 26/04/2024)           »          هدى سلطان- 15 أغسطس 1925 - 5 مايو 2006 (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : ديمتري ميشال مل - - الوقت: 17h36 - التاريخ: 26/04/2024)           »          إعلانات زمان (الكاتـب : سامية - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 17h15 - التاريخ: 26/04/2024)           »          يوسف دهان (الكاتـب : محمد الساكني - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 16h09 - التاريخ: 26/04/2024)           »          احسان صادق (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 23h40 - التاريخ: 25/04/2024)           »          التخت العربى (الكاتـب : عصمت النمر - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 23h18 - التاريخ: 25/04/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > صالون سماعي > ملتقى الشعر و الأدب > نتاج الأعضاء .. القصص والروايات

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 15/01/2009, 16h21
الصورة الرمزية عبد الحميد سليمان
عبد الحميد سليمان عبد الحميد سليمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:245929
 
تاريخ التسجيل: juin 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 135
افتراضي الدكتور عبد الحميد سليمان ـ المجموعه القصصيه

بسم الله الرحمن الرحيم
السمهري والجامعي

000سمهريا وسيما رائعا حين أبصره للمرة الأولي, متوسدا مقعده, قبالته في مجلسه من قاعة الامتحان إبان سنوات تحصيله في كلية دار العلوم, حينها تأبط الجامعي شرا إذ استفزته وسامة زميله وأناقته وبادي اعتزازه بنفسه, لكن السمهري فجأه مبتدرا ومحييا ومسلما, بخفيض صوت وسكينة نفس, وبسمة متوددة تجلت فيها آيات من براءة وعفوية وصدق طوية, وبدا وكأنه قد استكنه معتملات نفس الجامعي ومعقبات رؤيته ومظانه, فسعي إليه ليذهب عن نفسه إعراضها وارتيابها, دون أن يردعه توجسه وتخوفه نفورا وإعراضا وشت به قسمات الجامعي,وبدت بوادره جلية متوثبة 0

000كان الجامعي قد اصطرعت عليه الأيام علي يفاعته فأثقلته,وجهدته وحدته بين عديد قومه وأهله ,الذين اعتبروه كلأ مباحا وسقطا من متاع ينهشون منه ما شاء لهم النهش ,ويعز نصيرهم إن استنصرهم وتوسل منهم سندا لا يأتي وعضدا لا يذب,وماعادوا يكترثون لعتاب معتب أو لوم لائم ,ولم يترفقوا بوهدة يتمه وفداحة اغترابه بين أهله, فبات أنأي عنهم قلبا ونفسا , بعد أن استخذوا في ملمات عديدة عن عون صغيرهم الذي أثقله عبئ حماية صغار أخوته من غوائل الطامعين واستطالة المستطيلين, لقد ترك ذلك خطوطه السود علي نفسه وقلبه وعقله, فغدا منطويا,حذرا,متوجسا,مرتابا,حنقا,معرضا,متمردا,متوثبا ,متصديا,هازئا0

000فعل ذلك فعله في الجامعي فبات من دأبه ومستقر عادته, أن يمعن النظر في عيون من يخالط أو يعرف في وهلة تعارفه الأولي بهم ,متحسسا مطوياتهم ودخائلهم ,متوسلا سبر أغوارهم,ولطالما وقته تلك الفراسة,وأسعفته وكفته, فطفق يجزم انه يستهدي بها, ليتقي غائلة الطامعين وأدعياء الصداقة وزائفي الحنان والرحمة, ولم تخذله يوما نظراته تلك,العميقة المستشرفة المستكنهة,إلي عيون بدت غادرة متلمظة,وأخري ناعمة خبيثة بعيدة الأغوار لا تسبرها خبرة أعمار,أو عميق تجاريب, وبات يسيرا عليه إن رأي عيونا قلقة مضطربة متوجسة أن يدرك أن وراءها ميراثا ثقيلا من القهر والفزع والروع, أنشب أظفارها فيها,فما عادت تملك لنفسها منه انعتاقا أو فكاكا, وبدا ملازما,لا ينفك عنها ولا تنفك عنه, مهما أوتيت من جاه أو صالت من صائلة أو حازت من مال0

000تكاثفت الفراسة في الجامعي حتي انه ليميز عن غيره, من اكتوي باليتم صغيرا,مهما بلغ من الكبرعتيا, وكان حاديه إلي ذلك وهاديه, موغل يتمه وقديم ألمه وانكساره,وبات لا ينبئك مثله خبير,ذلك أن فاجعة اليتم لا ترقأ مهما تطاول الأمد وتبدلت السنون وتغيرت الأحوال,وأوعي الناس تحسسا لها من ربي يتيما فالمصائب كعادتها يجمعن المصابينا, لقد تلمس الجامعي في عيني زميله شيئا من ذلك واستشعر انكسارا خفيا,وألما مطويا,تسترا خلف قامة سمهرية ممشوقة,وجبهة مرفوعة وأنفة بادية ,ونبالة واعتزاز نفس 0


00 0حين شد السمهري علي يده,استنهض الجامعي متراكم خبراته في استكناه العيون واستبطان النفوس وأهلها التي كانت تأنس نفسه بها إلي نفوس ووجوه فتطمئن حينا,وتتوجس أخري أحايين كثيرة, وبدأت كلمات شاردات تتلمس طريقها إلي شفاههما,علي تحذر واستحياء عن مرتقب الامتحان ومتوقعه,وما يحذره كلاهما منه,وما يتمنيانه من انعتاق من طائلة عامهما الدراسي الثقيل الشاق البطيء,من أواخر سبعينات القرن المنصرم,وأملهما في إياب مشوق يثوب به الجامعي إلي ضعاف أخوته الذين خلفهم في قريته من دمياط في دلتا مصر ,ويجوز به السمهري شائك دروبه التي أثقلها وأنهكها هول الاحتلال ومخالبه وزبانيته,إلي أعزائه في موطنه في خان يونس من فلسطين الأسيرة0

000أمعن الجامعي نظرا إلي عيني صاحبه, فشغل بذلك عما عداه,وبدا لا يكاد يعي ما يسمع,أو يدور حوله,حين فجعه وقلقل همه الذي قلقل الحشا, تعانق الألم والأمل, والكبرياء والانكسار,ونجاد القوة المصطرعة مع وهاد الوحدة والضعف0

000 في هاتين العينين رأي من ذلك عجبا,فوقر في قلبه وأنست نفسه الي أن مثل تلك العينين, يرفدهما قلب ينوء بأحمال ثقال وأحلام عراض,ألقت بيفاعة العمر وميعة الشباب ونزق المرحلة خلف ظهرها,و أثقلت الفؤاد بالسواد,وألقت بأطيافها علي وضاءة وجهه التي جهدت جهدها لتدرأ كهولة مبتدرة وشيخوخة متأهبة0

000آذن ذلك بحوارات ومساجلات ومقاربات ومباعدات تقاربا فيها فاتفقا واختلفا فلم يفترقا ,وتواصلا فتلاحما شعورا وصدقا, وأبت أنات فيروز وأنينها وشجنها وانكسارها وتوسلها طيف من لن يجئ إلا أن تنكأ جراحهما فتذيبهما وتصهر ذواتهما,فأفضي كلاهما لصاحبه بآلامه وآماله0لقد ترفعا بالصداقة الفتية فسمت بهما,وتمازجا بها فانصهرا وغدا كلاهما لأخيه كنفسه التي بين جنبيه0

وإخوان تخذ تهموا دروعا000فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهموا سهاما صائبات000فكانوها ولكن في فؤادي
******
تحذر من صديقك كل يوم 000وبالأسرار لا تركن إليه
سلمت من العدو فما دهاني000سوي من كان معتمدي عليه
******
ربما يرجو الفتي نفع فتي 000 خوفه أولي به من أمله
رب من ترجو به دفع الأذي000 سوف يأتيك الأذى من قبله
000لطالما درسا في دار العلوم آيات من عبر التاريخ ونذره عن أولئك الذين قلبوا ظهر المجن لأصدقاء أمسهم وشركاء آلامهم فغدوا أمضي عليهم حساما وأوغل إيلاما, وأنكي خطرا وأشد عتيا ولم يرقبوا فيهم إلا ,ولا ذمة, ولطالما استنفرت عقليهما وأثقلت أذنيهما ورانت علي قلبيهما,أشعار وأمثال وحكم ومواعظ ,متوجسة منذرة,تدأب فلا تكل وتسعي فلا تمل, عن تقلب الصديق وغدره ,وتبشر بخيانته ونأيه وخذلانه ونكوصه وكيده, فتتهدد بذلك كل صداقة ,وتوجس جراءه كل صديق من صديقه,لقد درسا ذلك فوعوه ووثقا به واطمأنا إليه, لكنهما حين خبراه كذباه فأطاحا به وراء ظهرانيهما 0

000 أزرت تلك الصداقة بادعاءات الأيام وزائفات روايات التاريخ وافتراءات الشعر وأفك الشعراء, ولم ترعو الأيام التي استثارها ذلك التلاحم الإنساني الفريد ,واستنفرها واهتاجها ,فأوجفت عليه خيلها وركابها, وغرها أنها قد ألفت خيانات المحبين وتقلبات الأحوال ,فأصلت انصهار وتلاحم السمهري والجامعي بجمرات ولظي التجاريب, لكنها
صدمت فذهلت ,وخاب سعيها, وأدبر ظنها, ثم كرت كلمي موتورة ,متلمظة حانقة ,لكنها آبت يائسة مخزية0

000كان ذلك بابا واسعا ومدخلا رحيبا ولجه كل منهما إلي سويداء صاحبه, فتوسد منه مكانا عليا لا يبرحه مهما تنازعته الأحداث والشخوص وتبدلت به الأحوال, وتكأكأت عليه العقود,والسنوات من الافتراق البدني التي نافت علي الثلاثين, و بدوره آيس افتراق الأبدان وتقاذف الأيام ووعثائها,من النيل من ذلك التوسد والتربع, اللذين كانا يمعنان ما أمعنت الأيام ويزيدان ما زادت دون أن ينطويا كما انطوت غائلة الافتراق, آو يأفلا كما أفلت,وما انفكت صورة السمهري ووضاءة وجهه ومستكن ألمه المنصهر بشموخه الذي يشي بغير حاله في مخيلة الجامعي وواعي ذاكرته وسويداء قلبه,وان ظن أن صاحبه أعجز من أن يكن له مثلما يحمل من محبة خالصة نقية من غوائل المنفعة ووضاعتها ,أو أن تلك الدواهي التي ما انفكت تتري علي فلسطين وأهلها والتي تخاذل فيها الشقيق واستيأس النصير, فغر ذلك الذئب اللئيم فتوحش واستأسد ولم يعد يتوجس لومة لائم ولا نخوة قريب أوبعيد,قد صرفت السمهري و شغلته فأنسته0

000لقد تقطعت السبل وتناءت المسافات وعزت الأخبار وفعلت الأحداث أفاعيلها فحالت بينهما,دون أن تأبه لصادق ود وعميق حب وحافل ذاكرة ,أو مشترك تاريخ وتواصل جغرافية,أولوثاقة أصل وأرومة محتد وتجذرعرق0

00 لم تبرح صورة السمهري نفس الجامعي وذاكرته,ثم أطبقت عليه من أقطارها هواجسه ومخاوفه وتوجسه,وذهبت به كل مذهب ,حين أبصر وتلظي بما ابتليت به غزة من بلاء الاحتلال وجبروته الذي غرته الأماني وسوء ما آل إليه حالها بعد حصار قاس لايرحم ولايريم , عز خلاله النصير والمعين,ونأت القواعد من الرجال, بعد أن اطمأنت نفوسهم إلي الذل واستمرأته حتي استعذبته,دون أن يردعها رادع من نخوة أو آبق من شعور, أو بقية من ضمير, وأوسعت المخاوف الجامعي وتناوشه التوجس حينما اشتد الكرب فشخصت الهواجس واتقدت ذاكرة العمر لتمتزج بذاكرة التجربة وقسوة الألم واستفحاله,وتواترت فتكاثفت سود الأخبار وإيغال من لا يرحم,وتداعي وتواطؤ من لم ينس آلام الماضي وانكساراته وهزائمه,من الذين اجتمعت إلي نفوسهم خسة الطبع وفساد النفس وغواية الضعف,وخبرة تحسس مواطن القوة وتوسلها,ومظان الفائدة واهتبالها0وتأصل النهز وتمكن الغل والشر0

000أعجز الحال الجامعي وأثقلته الهموم واختلفت عليه آيات الروع والوهن ,حين تداعت الأنباء عن جولة عتية متجبرة وحشية متلمظة تتعشق الولوغ في الدماء فلا ترتوي لها غلة,وتدأب ولا تأبه فتتوغل ولا تتردد أو ترعوي,ولا يزيدها صمت الصامتين وتوجس الخائفين وقعود القاعدين وإيعاز الموعزين إلا ضراوة وشراسة ,فغدت تمخر في دماء الأطفال وأشلاء الرجال والنساء وأطلال البيوت والعمائر دونما كلل أو ملل أو تحسب لحسيب او ترقب لرقيب0

000تراكض قلق الجامعي علي السمهري, الذي نأت به الأيام وأخفته سدول الأمكنة والأزمنة, واصطرعت الهموم علي نفس الجامعي فأثقلت قلبه ,واعتورته الآلام وتناوشته المخاوف, فعن له أن يتحسس أخباره ويتوسل أنباءه,علي شبكة الانترنت,عله يستضئ ببصيص من خبر, يستبصر به إلي أين انتهت بصديقه الأحداث وآلت إليه الأيام0وكان ممن ينفق بعض كبيرا من وقته في مطالعة تلك البحار التي لا حدود لها من المعارف المتنوعة علي جهاز الكمبيوتر وطفق لا يكف عن ذلك, منذ أمكنه الإبحار في لجب بحاره والرسو في مراسيها0

000 لحيظات أو ثوان انتقلت بالجامعي من استرخاء يائس مستسلم إلي شعلة من نشاط ,واضطرام لبركان من مستكن المشاعر, لقد جحظت عيناه حتي كادتا تخرجان وهما تستحلفان الكمبيوتر مزيدا من الأنباء عن السمهري, وتتوسلانه ثم تستحثانه بعضا من جوده وفيضا من فيضه, بعد موغل ضن ومعتاد بخل, فرأف بحاله ورق له, وان تنازعه ضنه ومتأصل طبعه فبدأ يلقي للجامعي بشحيح الأخبار مما لا يروي له غلة ولا يشفي صدي نفسه,وكأنه آلي علي نفسه الا يسرف في عطائه حتي لا يظن به الغفلة ,ويطمع منه في أريحيه غابرة,ولم يقنع الجامعي وأشعله ما يلقي به الكمبيوتر إليه من شحيح الأخبار,وظلا يصطرعان أيهما اصبر علي غائلة صاحبه,حتي ضجر الكمبيوتر وتخوف علي نفسه من مصطرع لا يروعه وقت أو جهد, فآثر السلامة و الانعتاق من غائلة الجامعي التي بدت لا ترحم ولا تكف أو تيأس ,والقي برقم هاتف السمهري إلي مفتقده عله يرفع عنه يده ويكف دأبه ويثني عزمه,بعد أن يروي صدي نفسه ويشفي غلتها, فكان له ما رامه, فانعتق من إسار الجامعي وارتهانه,الذي فجأه حينما أخرسه بغير ما اعتاده من تأذن له واصطبار عليه, حتي يطوي سجلاته ويطمئن إلي استعادة حاجاته وأدواته0

000لحيظات سجلتها ساعة الحائط في حجرة الجامعي ولكنها مرت ثقيلة بطيئة مترددة تكاد تفتك بأوتار قلبه التي اشتد أوارها وخفقانها واضطرابها,حتي جاءه صوت لم ينسه لحيظة ,ولم يغترب عن أذنه هنيهة واحدة, فامتزج البكاء بالفرحة ,واختلط الألم بالأمل, والإيناس بالاستيئاس, وتدافعت وأسرفت العيون بدمها ودموعها التي لم ترقأ, و تحشرجت كلمات السمهري وهو يلوم حبيبه علي إهماله رسالة أودعها رقم هاتف من دمياط ألقي إليه به الكمبيوتر ذات يوم ,حين اعتاد أن يتحسس منه خبرا أو طيفا للجامعي, وخطر له أن يهاتف صاحبه عله يهديه إلي حبيبه الجامعي الذي افتقده,وجاءه صوت من وعده خيرا,لكنه لم يحر بعد ذلك ردا, فاصطرعت في نفسه المخاوف علي حبيبه الجامعي , وظن به ظن سوء وتحول وتبدل ونكران عهد وود, في زمن ألف تحول الرجال وترخص الغلاة ,وراجت فيه بضاعة النفاق و الافك والأراجيف, وتوسد التناسي والتغافل والجحود0

000 تعانقا علي بعد المسافة وتباكيا,وتغافرا فتسامحا, وتواعدا وكلاهما لا يريد أن ينهي لقاء بدا ضربا من محال,وحال دونه ردح طويل من الزمن,وبدا الحديث بلا نهاية,ثم فجأتهم صاعقة مزلزلة وانفجار مروع, فجن جنون الجامعي وهو يضرب هاتفه حينا ويتوسله أحيانا, ويصطرخ لاعنا زاعقا ثم يتلهف متوددا متملقا مستحلفا,دون أن يرق له التليفون أو يرأف بحاله,وكأنه أضمر كيده فلم يجبه ولم يرحه0000 ظل الجامعي يضرب دون كلل أو يأس أو ملل, ولامجيب ,يضرب ويضرب ويضرب ويعود ليضرب ويضرب,ثم يضرب ويضرب ويضرب 000

الأستاذ الدكتور/ عبد الحميد سليمان

مساء الجمعة في مستهل اسود لسنة2009م
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15/01/2009, 16h23
الصورة الرمزية عبد الحميد سليمان
عبد الحميد سليمان عبد الحميد سليمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:245929
 
تاريخ التسجيل: juin 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 135
افتراضي الدكتور عبد الحميد سليمان(السمهري والجامعي)الي عبد المجيد عيسي في خان يونس

بسم الله الرحمن الرحيم
السمهري والجامعي

000سمهريا وسيما رائعا حين أبصره للمرة الأولي, متوسدا مقعده, قبالته في مجلسه من قاعة الامتحان إبان سنوات تحصيله في كلية دار العلوم, حينها تأبط الجامعي شرا إذ استفزته وسامة زميله وأناقته وبادي اعتزازه بنفسه, لكن السمهري فجأه مبتدرا ومحييا ومسلما, بخفيض صوت وسكينة نفس, وبسمة متوددة تجلت فيها آيات من براءة وعفوية وصدق طوية, وبدا وكأنه قد استكنه معتملات نفس الجامعي ومعقبات رؤيته ومظانه, فسعي إليه ليذهب عن نفسه إعراضها وارتيابها, دون أن يردعه توجسه وتخوفه نفورا وإعراضا وشت به قسمات الجامعي,وبدت بوادره جلية متوثبة 0

000كان الجامعي قد اصطرعت عليه الأيام علي يفاعته فأثقلته,وجهدته وحدته بين عديد قومه وأهله ,الذين اعتبروه كلأ مباحا وسقطا من متاع ينهشون منه ما شاء لهم النهش ,ويعز نصيرهم إن استنصرهم وتوسل منهم سندا لا يأتي وعضدا لا يذب,وماعادوا يكترثون لعتاب معتب أو لوم لائم ,ولم يترفقوا بوهدة يتمه وفداحة اغترابه بين أهله, فبات أنأي عنهم قلبا ونفسا , بعد أن استخذوا في ملمات عديدة عن عون صغيرهم الذي أثقله عبئ حماية صغار أخوته من غوائل الطامعين واستطالة المستطيلين, لقد ترك ذلك خطوطه السود علي نفسه وقلبه وعقله, فغدا منطويا,حذرا,متوجسا,مرتابا,حنقا,معرضا,متمردا,متوثبا ,متصديا,هازئا0

000فعل ذلك فعله في الجامعي فبات من دأبه ومستقر عادته, أن يمعن النظر في عيون من يخالط أو يعرف في وهلة تعارفه الأولي بهم ,متحسسا مطوياتهم ودخائلهم ,متوسلا سبر أغوارهم,ولطالما وقته تلك الفراسة,وأسعفته وكفته, فطفق يجزم انه يستهدي بها, ليتقي غائلة الطامعين وأدعياء الصداقة وزائفي الحنان والرحمة, ولم تخذله يوما نظراته تلك,العميقة المستشرفة المستكنهة,إلي عيون بدت غادرة متلمظة,وأخري ناعمة خبيثة بعيدة الأغوار لا تسبرها خبرة أعمار,أو عميق تجاريب, وبات يسيرا عليه إن رأي عيونا قلقة مضطربة متوجسة أن يدرك أن وراءها ميراثا ثقيلا من القهر والفزع والروع, أنشب أظفارها فيها,فما عادت تملك لنفسها منه انعتاقا أو فكاكا, وبدا ملازما,لا ينفك عنها ولا تنفك عنه, مهما أوتيت من جاه أو صالت من صائلة أو حازت من مال0

000تكاثفت الفراسة في الجامعي حتي انه ليميز عن غيره, من اكتوي باليتم صغيرا,مهما بلغ من الكبرعتيا, وكان حاديه إلي ذلك وهاديه, موغل يتمه وقديم ألمه وانكساره,وبات لا ينبئك مثله خبير,ذلك أن فاجعة اليتم لا ترقأ مهما تطاول الأمد وتبدلت السنون وتغيرت الأحوال,وأوعي الناس تحسسا لها من ربي يتيما فالمصائب كعادتها يجمعن المصابينا, لقد تلمس الجامعي في عيني زميله شيئا من ذلك واستشعر انكسارا خفيا,وألما مطويا,تسترا خلف قامة سمهرية ممشوقة,وجبهة مرفوعة وأنفة بادية ,ونبالة واعتزاز نفس 0


00 0حين شد السمهري علي يده,استنهض الجامعي متراكم خبراته في استكناه العيون واستبطان النفوس وأهلها التي كانت تأنس نفسه بها إلي نفوس ووجوه فتطمئن حينا,وتتوجس أخري أحايين كثيرة, وبدأت كلمات شاردات تتلمس طريقها إلي شفاههما,علي تحذر واستحياء عن مرتقب الامتحان ومتوقعه,وما يحذره كلاهما منه,وما يتمنيانه من انعتاق من طائلة عامهما الدراسي الثقيل الشاق البطيء,من أواخر سبعينات القرن المنصرم,وأملهما في إياب مشوق يثوب به الجامعي إلي ضعاف أخوته الذين خلفهم في قريته من دمياط في دلتا مصر ,ويجوز به السمهري شائك دروبه التي أثقلها وأنهكها هول الاحتلال ومخالبه وزبانيته,إلي أعزائه في موطنه في خان يونس من فلسطين الأسيرة0

000أمعن الجامعي نظرا إلي عيني صاحبه, فشغل بذلك عما عداه,وبدا لا يكاد يعي ما يسمع,أو يدور حوله,حين فجعه وقلقل همه الذي قلقل الحشا, تعانق الألم والأمل, والكبرياء والانكسار,ونجاد القوة المصطرعة مع وهاد الوحدة والضعف0

000 في هاتين العينين رأي من ذلك عجبا,فوقر في قلبه وأنست نفسه الي أن مثل تلك العينين, يرفدهما قلب ينوء بأحمال ثقال وأحلام عراض,ألقت بيفاعة العمر وميعة الشباب ونزق المرحلة خلف ظهرها,و أثقلت الفؤاد بالسواد,وألقت بأطيافها علي وضاءة وجهه التي جهدت جهدها لتدرأ كهولة مبتدرة وشيخوخة متأهبة0

000آذن ذلك بحوارات ومساجلات ومقاربات ومباعدات تقاربا فيها فاتفقا واختلفا فلم يفترقا ,وتواصلا فتلاحما شعورا وصدقا, وأبت أنات فيروز وأنينها وشجنها وانكسارها وتوسلها طيف من لن يجئ إلا أن تنكأ جراحهما فتذيبهما وتصهر ذواتهما,فأفضي كلاهما لصاحبه بآلامه وآماله0لقد ترفعا بالصداقة الفتية فسمت بهما,وتمازجا بها فانصهرا وغدا كلاهما لأخيه كنفسه التي بين جنبيه0

وإخوان تخذ تهموا دروعا000فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهموا سهاما صائبات000فكانوها ولكن في فؤادي
******
تحذر من صديقك كل يوم 000وبالأسرار لا تركن إليه
سلمت من العدو فما دهاني000سوي من كان معتمدي عليه
******
ربما يرجو الفتي نفع فتي 000 خوفه أولي به من أمله
رب من ترجو به دفع الأذي000 سوف يأتيك الأذى من قبله
000لطالما درسا في دار العلوم آيات من عبر التاريخ ونذره عن أولئك الذين قلبوا ظهر المجن لأصدقاء أمسهم وشركاء آلامهم فغدوا أمضي عليهم حساما وأوغل إيلاما, وأنكي خطرا وأشد عتيا ولم يرقبوا فيهم إلا ,ولا ذمة, ولطالما استنفرت عقليهما وأثقلت أذنيهما ورانت علي قلبيهما,أشعار وأمثال وحكم ومواعظ ,متوجسة منذرة,تدأب فلا تكل وتسعي فلا تمل, عن تقلب الصديق وغدره ,وتبشر بخيانته ونأيه وخذلانه ونكوصه وكيده, فتتهدد بذلك كل صداقة ,وتوجس جراءه كل صديق من صديقه,لقد درسا ذلك فوعوه ووثقا به واطمأنا إليه, لكنهما حين خبراه كذباه فأطاحا به وراء ظهرانيهما 0

000 أزرت تلك الصداقة بادعاءات الأيام وزائفات روايات التاريخ وافتراءات الشعر وأفك الشعراء, ولم ترعو الأيام التي استثارها ذلك التلاحم الإنساني الفريد ,واستنفرها واهتاجها ,فأوجفت عليه خيلها وركابها, وغرها أنها قد ألفت خيانات المحبين وتقلبات الأحوال ,فأصلت انصهار وتلاحم السمهري والجامعي بجمرات ولظي التجاريب, لكنها
صدمت فذهلت ,وخاب سعيها, وأدبر ظنها, ثم كرت كلمي موتورة ,متلمظة حانقة ,لكنها آبت يائسة مخزية0

000كان ذلك بابا واسعا ومدخلا رحيبا ولجه كل منهما إلي سويداء صاحبه, فتوسد منه مكانا عليا لا يبرحه مهما تنازعته الأحداث والشخوص وتبدلت به الأحوال, وتكأكأت عليه العقود,والسنوات من الافتراق البدني التي نافت علي الثلاثين, و بدوره آيس افتراق الأبدان وتقاذف الأيام ووعثائها,من النيل من ذلك التوسد والتربع, اللذين كانا يمعنان ما أمعنت الأيام ويزيدان ما زادت دون أن ينطويا كما انطوت غائلة الافتراق, آو يأفلا كما أفلت,وما انفكت صورة السمهري ووضاءة وجهه ومستكن ألمه المنصهر بشموخه الذي يشي بغير حاله في مخيلة الجامعي وواعي ذاكرته وسويداء قلبه,وان ظن أن صاحبه أعجز من أن يكن له مثلما يحمل من محبة خالصة نقية من غوائل المنفعة ووضاعتها ,أو أن تلك الدواهي التي ما انفكت تتري علي فلسطين وأهلها والتي تخاذل فيها الشقيق واستيأس النصير, فغر ذلك الذئب اللئيم فتوحش واستأسد ولم يعد يتوجس لومة لائم ولا نخوة قريب أوبعيد,قد صرفت السمهري و شغلته فأنسته0

000لقد تقطعت السبل وتناءت المسافات وعزت الأخبار وفعلت الأحداث أفاعيلها فحالت بينهما,دون أن تأبه لصادق ود وعميق حب وحافل ذاكرة ,أو مشترك تاريخ وتواصل جغرافية,أولوثاقة أصل وأرومة محتد وتجذرعرق0

00 لم تبرح صورة السمهري نفس الجامعي وذاكرته,ثم أطبقت عليه من أقطارها هواجسه ومخاوفه وتوجسه,وذهبت به كل مذهب ,حين أبصر وتلظي بما ابتليت به غزة من بلاء الاحتلال وجبروته الذي غرته الأماني وسوء ما آل إليه حالها بعد حصار قاس لايرحم ولايريم , عز خلاله النصير والمعين,ونأت القواعد من الرجال, بعد أن اطمأنت نفوسهم إلي الذل واستمرأته حتي استعذبته,دون أن يردعها رادع من نخوة أو آبق من شعور, أو بقية من ضمير, وأوسعت المخاوف الجامعي وتناوشه التوجس حينما اشتد الكرب فشخصت الهواجس واتقدت ذاكرة العمر لتمتزج بذاكرة التجربة وقسوة الألم واستفحاله,وتواترت فتكاثفت سود الأخبار وإيغال من لا يرحم,وتداعي وتواطؤ من لم ينس آلام الماضي وانكساراته وهزائمه,من الذين اجتمعت إلي نفوسهم خسة الطبع وفساد النفس وغواية الضعف,وخبرة تحسس مواطن القوة وتوسلها,ومظان الفائدة واهتبالها0وتأصل النهز وتمكن الغل والشر0

000أعجز الحال الجامعي وأثقلته الهموم واختلفت عليه آيات الروع والوهن ,حين تداعت الأنباء عن جولة عتية متجبرة وحشية متلمظة تتعشق الولوغ في الدماء فلا ترتوي لها غلة,وتدأب ولا تأبه فتتوغل ولا تتردد أو ترعوي,ولا يزيدها صمت الصامتين وتوجس الخائفين وقعود القاعدين وإيعاز الموعزين إلا ضراوة وشراسة ,فغدت تمخر في دماء الأطفال وأشلاء الرجال والنساء وأطلال البيوت والعمائر دونما كلل أو ملل أو تحسب لحسيب او ترقب لرقيب0

000تراكض قلق الجامعي علي السمهري, الذي نأت به الأيام وأخفته سدول الأمكنة والأزمنة, واصطرعت الهموم علي نفس الجامعي فأثقلت قلبه ,واعتورته الآلام وتناوشته المخاوف, فعن له أن يتحسس أخباره ويتوسل أنباءه,علي شبكة الانترنت,عله يستضئ ببصيص من خبر, يستبصر به إلي أين انتهت بصديقه الأحداث وآلت إليه الأيام0وكان ممن ينفق بعض كبيرا من وقته في مطالعة تلك البحار التي لا حدود لها من المعارف المتنوعة علي جهاز الكمبيوتر وطفق لا يكف عن ذلك, منذ أمكنه الإبحار في لجب بحاره والرسو في مراسيها0

000 لحيظات أو ثوان انتقلت بالجامعي من استرخاء يائس مستسلم إلي شعلة من نشاط ,واضطرام لبركان من مستكن المشاعر, لقد جحظت عيناه حتي كادتا تخرجان وهما تستحلفان الكمبيوتر مزيدا من الأنباء عن السمهري, وتتوسلانه ثم تستحثانه بعضا من جوده وفيضا من فيضه, بعد موغل ضن ومعتاد بخل, فرأف بحاله ورق له, وان تنازعه ضنه ومتأصل طبعه فبدأ يلقي للجامعي بشحيح الأخبار مما لا يروي له غلة ولا يشفي صدي نفسه,وكأنه آلي علي نفسه الا يسرف في عطائه حتي لا يظن به الغفلة ,ويطمع منه في أريحيه غابرة,ولم يقنع الجامعي وأشعله ما يلقي به الكمبيوتر إليه من شحيح الأخبار,وظلا يصطرعان أيهما اصبر علي غائلة صاحبه,حتي ضجر الكمبيوتر وتخوف علي نفسه من مصطرع لا يروعه وقت أو جهد, فآثر السلامة و الانعتاق من غائلة الجامعي التي بدت لا ترحم ولا تكف أو تيأس ,والقي برقم هاتف السمهري إلي مفتقده عله يرفع عنه يده ويكف دأبه ويثني عزمه,بعد أن يروي صدي نفسه ويشفي غلتها, فكان له ما رامه, فانعتق من إسار الجامعي وارتهانه,الذي فجأه حينما أخرسه بغير ما اعتاده من تأذن له واصطبار عليه, حتي يطوي سجلاته ويطمئن إلي استعادة حاجاته وأدواته0

000لحيظات سجلتها ساعة الحائط في حجرة الجامعي ولكنها مرت ثقيلة بطيئة مترددة تكاد تفتك بأوتار قلبه التي اشتد أوارها وخفقانها واضطرابها,حتي جاءه صوت لم ينسه لحيظة ,ولم يغترب عن أذنه هنيهة واحدة, فامتزج البكاء بالفرحة ,واختلط الألم بالأمل, والإيناس بالاستيئاس, وتدافعت وأسرفت العيون بدمها ودموعها التي لم ترقأ, و تحشرجت كلمات السمهري وهو يلوم حبيبه علي إهماله رسالة أودعها رقم هاتف من دمياط ألقي إليه به الكمبيوتر ذات يوم ,حين اعتاد أن يتحسس منه خبرا أو طيفا للجامعي, وخطر له أن يهاتف صاحبه عله يهديه إلي حبيبه الجامعي الذي افتقده,وجاءه صوت من وعده خيرا,لكنه لم يحر بعد ذلك ردا, فاصطرعت في نفسه المخاوف علي حبيبه الجامعي , وظن به ظن سوء وتحول وتبدل ونكران عهد وود, في زمن ألف تحول الرجال وترخص الغلاة ,وراجت فيه بضاعة النفاق و الافك والأراجيف, وتوسد التناسي والتغافل والجحود0

000 تعانقا علي بعد المسافة وتباكيا,وتغافرا فتسامحا, وتواعدا وكلاهما لا يريد أن ينهي لقاء بدا ضربا من محال,وحال دونه ردح طويل من الزمن,وبدا الحديث بلا نهاية,ثم فجأتهم صاعقة مزلزلة وانفجار مروع, فجن جنون الجامعي وهو يضرب هاتفه حينا ويتوسله أحيانا, ويصطرخ لاعنا زاعقا ثم يتلهف متوددا متملقا مستحلفا,دون أن يرق له التليفون أو يرأف بحاله,وكأنه أضمر كيده فلم يجبه ولم يرحه0000 ظل الجامعي يضرب دون كلل أو يأس أو ملل,ولامجيب,يضرب ويضرب ويضرب ويعود ليضرب ويضرب,ثم يضرب ويضرب ويضرب 000

الأستاذ الدكتور/ عبد الحميد سليمان

مساء الجمعة في مستهل اسود لسنة2009م
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 05h53.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd