"أبو عرب"
قال عن نفسه: "أنا شاعر المخيمات الفلسطينية ومطربها"، وأقسم على أن يسخّر شعره وصوته ليحفز الشعب الفلسطيني على مواصلة النضال ضد المحتل، وفعلا كان كذلك.. واستمر.
يراه البعض أنه الذاكرة الحية للتراث الغنائي الفلسطيني، فيما يراه الطرف الآخر بأنه صوت الثورة الفلسطينية في كل أوقاتها وفتراتها العصيبة، فهو على مدى 70 عاما من عمره ظل يغني لفلسطين: الأرض والشعب والثورة والمقاومة والوطن المستلب، إنه "إبراهيم محمد صالح" المعروف بـ"أبو عرب".
ولد إبراهيم محمد صالح "أبو عرب في شمال فلسطين، بين طبرية والناصرة، وتحديدا في قرية "الشجرة" قضاء طبرية عام 1931. كان مولعا بالغناء منذ صغره وخاصة الغناء الشعبي الفلسطيني الذي لم يكن غريبا على أسرته، إذ كان عمه شاعرًا شعبيًّا، وجده شاعرًا مقفى حيث نشأ على الاستماع إلى أشعارهما معا.
وشهد "أبو عرب" في طفولته انطلاقة الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 ضد الاحتلال البريطاني والاستيطان الصهيوني والتي كرس لها جده أشعاره كافه حيث كان استخدمها للإشادة بالثورة ولتشجيع مجاهديها، ولتحريض الشعب ضد المحتل البريطاني.
وكعادة الشعراء الشعبيين كان كل من جده وعمه يستخدمان مناسبات الأعراس لتحويلها إلى تظاهرات ضد لاحتلال، كما شهدت طفولة "أبو عرب" مقاومة أهل قريته للعصابات الصهيونية وسقوط قريته "الشجرة" في يد الصهاينة عام 1948 الأمر الذي اضطره وأسرته للرحيل باتجاه الشمال بعد سلسلة من المعارك العنيفة، ومن هناك توجهت الأسرة إلى لبنان ثم توجهت مع عدد آخر من العائلات المهجرة إلى سوريا، حيث استقر بها المقام بأحد مخيمات اللاجئين بمدينة حمص.
ومن المخيم كانت بداياته، حيث لم يفارقه أبدا، كأغلب اللاجئين الفلسطينيين، الأمل في العودة إلى وطنه، ولهذا بدأ بالغناء في الأعراس كجده وعمه، حيث قدم الأغاني الوطنية والثورية، إضافة إلى الأغاني التي تعبر عن حنين اللاجئين الدائم إلى فلسطين.
وبعام 1954 شهد أبو عرب بداية غنائية جديدة، لكن عامي 1959-1960 شهدا تطور بشكل ملحوظ في مسيرته الفنية، حيث اشتهر على مستوى المخيم، وبدأ في إعداد أغانٍ خاصة به مستوحاة من التراث الفلسطيني، وهو ما أوصله إلى إذاعة "صوت العرب" حيث دعاه ركن فلسطين بالإذاعة إلى تقديم الأغاني الفلسطينية من خلالها، وبدأ بتقديم الأغاني مستعينا في ذلك بشعراء فلسطينيين مثل: "أبو سعيد الحطيني" و"فرحان سلام"، إضافة إلى الشابين "كامل عليوي" و"مهدي سردانة".
كانت انطلاقة الثورة الفلسطينية في العام 1965 نقطة هامة في حياة أبو عرب، فقد أضحى شاعر الثورة ومطربها الأول، فكما كانت ثورة 1936 محور قصائد جده فقد أصبحت الحركة الفدائية الفلسطينية الوليدة محور أغنياته التي كان يكتبها ويلحنها بنفسه، فأصدر في تلك الفترة عددا من الأشرطة التسجيلية لمجموعة من أغانيه التي قام بتوزيعها أيضا مسخرا صوته وإمكاناته الفنية كلها لخدمة الأغنية الوطنية الفلسطينية.
كما أعاد توزيع عدد من أغاني التراث الفلسطيني بعد تغيير مفرداتها لتتلاءم مع الواقع الجديد مثل أغنية "يا ظريف الطول" وهي من أغاني الأعراس التي تحولت على يده لأنشودة تتغنى بالفدائي الفلسطيني وعملياته الجريئة في داخل الوطن المحتل، فنراه يقول فيها:
"يا ظريف الطول ويا رفيق السلاح
اروي أرضك دم جسمك والجراح
ما بنكل وما بنمل من الكفاح
ما بنموت إلا وقوف بعزنا..."
يتبع.....
__________________
لوكانت غزه تخشى موج البحر
.......ما سكنت عنده