* : الملحن كاظم نديم (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : محمود نديم فتحي - - الوقت: 00h34 - التاريخ: 29/03/2024)           »          فتحيه أحمد- 1898 - 5 ديسمبر 1975 (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h23 - التاريخ: 29/03/2024)           »          سمير صبرى (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 21h09 - التاريخ: 28/03/2024)           »          فاضل عواد (الكاتـب : طروب الشرق - آخر مشاركة : النوري محمد - - الوقت: 20h47 - التاريخ: 28/03/2024)           »          هدى حداد (الكاتـب : هاوي عود - آخر مشاركة : heshamloutfy - - الوقت: 20h22 - التاريخ: 28/03/2024)           »          ليلى مراد- 17 فبراير 1918 - 21 نوفمبر 1995 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 19h08 - التاريخ: 28/03/2024)           »          تترات المسلسلات التلفزيونية (الكاتـب : راضى - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 16h16 - التاريخ: 28/03/2024)           »          غادة سالم (الكاتـب : ماهر العطار - آخر مشاركة : الكرملي - - الوقت: 15h31 - التاريخ: 28/03/2024)           »          عبد الحليم حافظ- 21 يونيه 1929 - 30 مارس 1977 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : fahedassouad - - الوقت: 12h28 - التاريخ: 28/03/2024)           »          محمد شريف (الكاتـب : loaie al-sayem - آخر مشاركة : اسامة عبد الحميد - - الوقت: 23h50 - التاريخ: 27/03/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > بلاد الشام > فلسطين > الارشيف الاكاديمي

الارشيف الاكاديمي معاهد-دراسات وابحاث-اعلام-اخبار وعروض

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 26/10/2008, 15h52
تميم الاسدي تميم الاسدي غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:308993
 
تاريخ التسجيل: octobre 2008
الجنسية: فلسطينية
الإقامة: فلسطين
المشاركات: 6
افتراضي من الفنون الشَّعبيَّة الفلسطينيَّة

الإخوان الأعزاء ،
أعضاء منتديات موقِع سماعي الأصيل ،
تحيَّة فلسطينيَّة ، من ربوع ناصرة الجليل ، إليكم في مرابعكم النَّديَّة ، من إحاطة محيطكم الزَّاخر ، إلى خلجات خليجكم الهادر.
بكلّ فخر وإعتزاز يطيب لي أن أنشر عبْر موقع سماعي شروحاتي عن الفنون الشعبيَّة الفلسطينيَّة ، لما في هذه الفنون من غزارة وجماليَّات . هذه الشروحات سأوردها تباعًا في الموقِع ، وإنِّي ، وبكلّ صدق ، أنتظر ردودكم ، لما فيها من إفادة لي ولكلّ من يبحث عن الفائدة ، والمتعة الفنِّيَّة ، التي تغذِّي النُّفوس ، وتُنير العقول ، وتبعث حُبّ الجمال في القلوب .

كلمة في الفنون الشَّعبيَّة
إن الدارس للفنون الشَّعبيَّة يستطيع أن يشعر بمدى أهمّيتها ، فالمراحل التي مرّت بها عصور الشَّرق تركت الكثير من الإبداعات ، هذه الإبداعات وريثة حضارة إستطاعت أن تمتدّ من الشَّرق إلى الغرب . حضارة تاريخ عريق ، وتألّق وبريق ، وهي بوجودها الرّاقي إستطاعَت أن تبعث الحيويَّة في نفوس أبناء أُمّة ، يختزنون من العواطف والأحاسيس ما يزيدهم طاقة لكي يستمرّوا في كينونتهم ومدّهم الإنساني .
إن الصّور الجميلة التي نراها ، في ملامح الفنون الشَّعبيَّة ، تعطينا لوحات عن الفكر الخافق ، الدافق ، الذي أشرق على الدّنيا منذ القديم . من ربوع الرّافدين ، وسوريا ، ووادي النيل ، وبلاد المغرب ، والجزيرة ، واليمن . هذ الفِكر الذي يعبِّر عن طموح وروح وثَّابة ، لا تقبل إلا أن تكون بنت تربتها ، هذه التربة الغنيَّة بعطائها وتجدّدها .
منذ القدم تفاعلت الفنون الشّعبية في منطقتنا مع الفنون الشعبيّة من مناطق مجاورة ، وكان لهذا التفاعل إنتاجات عظيمة ، لم تبخل علينا في أي عصر بالمناهل التي اروت النّفوس من أجل إستمرار الحياة . والذي يقرأ منَّا قصص ألف ليلة وليلة يستطيع أن يرى بعينه مدى روعة التنقّل والأسفار ، وقدرة من استرسلوا في البلاد ، على جلب ما هو جميل ، وراقٍ ، لكيّ ينسجوا على منوالِه ، فيعلّموا الأجيال كيفيّة صنع الجميل بأجمل صورة ، لكي ينهض الإنسان ويرتقي إلى أسمى الدرجات ، والمعروف أن الفنون من عماد الحضارة ، وإعتماد الثَّقافة عليها عظيم من أجل رقيّ الإنسان .
لقد تمسَّكت الشعوب العربيَّة في سائر الدّول بالتّراث الشعبيّ الأصيل ، وفي فلسطين ، كما هو معروف ، إستمدّت القرى والمدن من ميراثها مشاعل نور ، وقناديل ، لكي تستطيع أن تستمرّ في سيرتها ومسيرتها ، فالتراث للإنسان الفلسطيني ملهم عظيم ، فيه من الرموز ما يجعله يتدفّق ويحلّق في سماء بلاده ، رغم ما يفرضه الجدار ، الكبير والصَّغير ، الطَّويل والقصير ، عليه من قهر وليل مظلم ، لكنّ التراث الشعبي ، كما سائر الفنون والآداب ، إستطاع أن يكون الزَّيت والزَّيتون ، والبرتقال واللَّيمون ، وخبز الطابون ، والرُّوح والرَّيحان ، لأناس جاءهم ما جاء ، فبحثوا عن ذاتهم في قدراتهم ، كما إستطاعوا أن يطوِّروها بفضل ما يبصرون من بُعْد في وجودهم ، وإمتداد .
الثقافة معارف وأساطير ، وتقاليد وعادات ، وأغنيات وقيم ، وأمثال وقصص ، وبطولات وأعمال ، وفضائل وتعبير ، كلّ ذلك وأكثر . فالعاطفة التي تتفجَّر في النُّفوس تتوقّد منها الشّموس ، والتماسك في الوجود يعطي دفعة خلف أخرى من أجل نهضة حضاريّة ، ومن أجل إستكمال درب . وللثقافة أوصالها مع بعضها البعض ، ففي فلسطين ميزة رائعة ، فهي تشكّل حلقة وصل ما بين مصر الوادي وشام الغوطة ، وفرات الزّوراء وحجاز أم القرى ، والذي يحاول أن يحلّل ويدرس ملامح الشخصيّة الفنيّة يجد فيها من كلّ ما ذُكر ، من كلّ بلد لمحة ، في تقاسيم الوجة الفنّي النَّضير المشرق يجدها .
إن النبض الشعبيّ في الفنون يجري في عروق النّاس ، في فلسطين ، كما في غيرها . هذا النبض يعطي للإنسان القدرة على الرَّفض ، رفض كلّ ليل ويل ، يريد أن يجعله نائمًا في سبات عميق ، ويكفينا أن ننظر إلى دبكة الفلسطيني المتدفّق حيويّة ، فنرى فيها هذه الحماسة ، في حركات أقدام النساء والرّجال ، والشباب والبنات ، وفي تعابير الوجوه التي (يفرّ منها الدّم) كما يُقال في لهجتنا العاميّة .
في هذه الكلمة أردت أن أفتتح ما أريد ، والذي أريده كما أراده الكثيرون قبلي ، من حملة مشاعل النُّور ، كثير ، فتأثير الفنون على شخصيتي ، ونفسيتي ، وكلمتي ، وحلمي وما أبحث عنه ، يكاد يمتلكني ويجعلني أنهض من نومي ليلاً لأكتب عن ما أشعر به ، وما يشعر به أبناء قوميتي وأمّتي وإنسانيتي من جمال ، ووحي إلهام ، يخيّم على ربوع بلادنا ، ويحلم بأن يزول اللّيل بهمَّة شعب عظيم يريد الحياة الجميلة له وللآخرين ، وهو الذي يؤمن بمقولة شاعر حُرّ ، من تونس الخضراء ، قال فأقنع إذ قال :
إذا الشَّعبُ يومًا أراد الحياة فلا بُدّ أن يستجيب القَدَرْ
ولا بـُدّ للَّيل أن ينجــلــي ولا بُــدّ للقــيد أن ينكـــسِر
صدق ابو القاسم الشَّابي ، ومع صدقِه وصدقكم كلّي أمل أن نلتقي ونستقي من الصَّفاء ، وإنّنا لباقون على عهد الوفاء والسَّلام عليكم .
تميم الأسدي
بير الأمير النَّاصرة
26.10.08
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26/10/2008, 21h31
تميم الاسدي تميم الاسدي غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:308993
 
تاريخ التسجيل: octobre 2008
الجنسية: فلسطينية
الإقامة: فلسطين
المشاركات: 6
افتراضي رد: من الفنون الشَّعبيَّة الفلسطينيَّة

الشَّاعر الشَّعبيّ الفلسطينيّ
الحَدَّا أو الزَّجال

الحَدَّا بلغة الفلسطينيين ، ( الحادي ) ، الشَّاعر الشعبيّ ، الفنَّان الذي غالبًا ما كان يُحيي حفلات الأعراس . وقد نهج الفلسطينيُّون على دعوة إثنين من الشُّعراء ( الحَدايِّه ) لأفراحهم ، واللَّذان كانا يُقدّمان الفنون الغنائيَّة ، من الحُداء ، وهو قسم من فنون الزَّجَل ، والزَّجل هو الإسم الشَّامل ، والأكثر إحاطة بفنون الشِّعر العامي المحكيّ ، الذي يُقال ويُكتَب ويُغنَّى .
عندما كان الحَدَّا في الماضي يُدعى لإحياء حفل العرس كان يصحب معه زميله ، والذي درج في الغالب أن الحَدَّا كان يُزامله أخٌ له ، وهذا ما حدث مع الكثيرين ، ومنهم : الشَّاعر المرحوم محمَّد أبو السُّعود الأسديّ وأخوه المرحوم الشَّاعر قاسم أبو غازي الأسديّ ، وهذان الإثنان قطبا المدرسة الديراويَّة في الزَّجل الفلسطينيّ ، واللذان جابا البلاد بطولها وعرضها ، وهما من قرية دير الأسد ، قضاء عكَّا في جليل فلسطين . وكذلك الشَّاعر المرحوم توفيق أبو الأمين بْصول الرِّيناويّ وأخوه المرحوم الشَّاعر محمَّد أبو عاطف بْصول الرِّيناويّ ، وهذان الآخران قطبا المدرسة الرِّيناويَّة في الزَّجل الفلسطينيّ ، وهما من قرية الرِّينة ، قضاء النَّاصرة في جليل فلسطين . وقد تمتَّع لفترة عقود من الزَّمن هولاء الشُّعراء الأربعة بشهرة واسعة ، حتَّى أَن النَّاس ما زالوا يشهدون لهم ، لما قدموه خلال فترة تواجدهم في مجال الفنّ .
قلت أنّ الحَّدا ، ( الشَّاعر الشَّعبيّ ، الزَّجَّال ) ، كان يُحيي حفلات الأعراس ، وقد تمتَّع بقدرة على الإرتجال ، حتَّى أن النَّاس كانوا يتعجَّبون من البديهة التي يمتلكها كلٌّ منهم ، وكذلك من غيرهم من الشُّعراء . ففي فلسطين الكثير من الشُّعراء الشَّعبيين ، الذين كانوا منتشرين بين مدن وقرى البلاد ، وفي شمالها وجنوبها .
بالإضافة إلى قُدرة الحَدَّا على قول الشِّعر العامي ، وفق قواعد ومبادىء ، سأتحدَّث عنها ، تمتَّع أيضًا بصوت جميل وقويّ ، في عصر لم يستخدم الفنّان الشعبيّ مُكبِّر الصَّوت ، فلقد تغنَّى الحدَّا في ساحة الحيّ ، أو في أزقته ، بدون مُكبِّر الصَّوت ، وكان صوته يجلجل مُدَوِّيًّا ، والنَّاس يردِّدون معه ، وفق نظام غنائيّ ، ردَّات شعبيَّة ، كان لكلٍّ منها وقعه ووقته .
الحقيقة أن الحَدَّا كان المنظِّم ، والشَّاعر ، وصاحب الصَّوت ، والشَّخصيَّة المركزيَّة اللامعة في الحفل ، وكثيرًا ما كان الإحتفال في القديم يمتدّ لبضع أَيَّام وكان الشَّاعر يقيم عند أهل الفرح معزَّزًا مُكرَّمًا .
لقد إشتهر في فلسطين عددٌ من الشُّعراء الشَّعبيين ، بالإضافة إلى الذين ذكرتهم ، ومنهم المرحوم الحاجّ فرحان سلاَّم ، أبو خليل ، إبن قرية المجيدل ، من قضاء النَّاصرة . والتي شُرِّد أَهلُها عام النَّكبة 1948 ، كما شُرِّد معهم الشَّاعر فرحان سلاَّم ، الذي أقام مع قومه في مخيَّم اليرموك في سوريا ، وكذلك المرحوم مصطفى البدويّ ، أبو السَّعيد ، الملقَّب بالحِطِّيني ، نسبة إلى قريته حِطِّين ، وهي من قضاء طبريَّة ، وقد هُدِّمت وشُرِّد أهلُها عام النكبة ، ومعهم الشَّاعرالحطِّيني الذي أقام أيضًا في سوريا .
هذا وسأوافيكم بالمزيد عن الفنَّان الشعبيّ الفلسطيني ، الشَّاعر ، الزَّجَّال ، الحَدَّا في مقالة أخرى .
ولكم منِّي السَّلام
تميم الأسدي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10/11/2008, 15h50
تميم الاسدي تميم الاسدي غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:308993
 
تاريخ التسجيل: octobre 2008
الجنسية: فلسطينية
الإقامة: فلسطين
المشاركات: 6
افتراضي رد: من الفنون الشَّعبيَّة الفلسطينيَّة

الشَّاعر الشَّعبيّ الفلسطينيّ
المقالة الثانية
كُنت قد تحدَّثت في المقالة السابقة عن الشاعر الشَّعبيّ الفلسطينيّ ( الزَّجَّال ، الحادي ، الحدَّا بلغة العامَّة ) ، واليوم سأتابع حديثي إليكم مُظهرًا الميزات التي تمتَّع بها الشَّاعر الشَّعبيّ .
الميزة الأولى من الميزات التي تمتَّع بها شاعرنا الشّعبيّ القدرة على الابتكار ، ونحن نعني بذلك طَلاقة اللِّسان في التَّعبير عن الفكرة بأسلوب شعري منظوم ، وهذا الأسلوب ،كما هو معروف ، يتقيَّد بضوابط نظميَّة لا يجوز التّهاون بها ، فالنَّاس العالمون ، المدركون صناعة الفنّ ، لا يقبلون بالخروج عمَّا يجب من القيود ، مثل الوزن والقافية ، وأسلوب غناء كُلّ فنّ ، وما إلى ذلك من قواعد العمل الفنِّيّ .
في الابتكار لمعات البديهة السَّريعة ، التي من خلالها يستطيع الشَّاعر أن يرتجل عددًا من الأبيات ، ردَّة ، مطلعًا ، وكُلٌّ وفْق قدرته ، وموهبته ، وثقافته . فالمهارة في إتقان هذه الصَّنعة تتجلَّى في التَّحاور بين شاعرين حول موضوع معيَّن ، في سجال يحتاج إلى المعرفة بأصول الكلام ، والحجج والبراهين ، ولن يتمّ ذلك إلا بثقافة شعبيَّة ، وغير شعبيَّة ، يستقيها الشَّاعر الشَّعبيّ من تجاربه وتجارب النَّاس حوله ، ومن المطالعة في الكتب ، هذا إذا كان الشَّاعر من الذين يقرأون ، ويهتمُّون بالمعرفة ، وبالأحداث ، وبأحوال النَّاس ، فالشَُّعراء هنا مستويات ، منهم من قرأ ، فَعَرف ، فَطَوَّر ، فأَضاف إلى الموهبة المعرفِة ، فجارى من تقدم في هذا المذمار .
أما الميزة الثانية ، والتي لا غِنى عنها ، بلّ إنَّها قد تكون الأُولى عند البعض ، هي القدرة الصوتيَّة وجماليته في الأداء والتأثير بالنّفوس ، فالأصوات التي سُمعت في بلادنا تتمتَّع بقوَّة ، وقد أطلق النَّاس في فلسطين على الصَّوت القويّ عبارة "صوت جبليّ" ، و"الصَّوت الجبليّ" هو صورة عن جغرافيَّة بلاد فلسطين ، وبالأخصّ البلاد التي اشتهر بها فنّ الحُداء ، ولا عَجَب في ذلك ، ففي مصر يُطلِقون على الصَّوت الذي يُغنِّي فنون العتابا والميجنا ، وما إلى ذلك من فنون برّ الشَّام ، بالصَّوت الجبليّ ، تمييزًا عن الصوت الذي يسود بلاد مصر السَّهليَّة ، بواديها الجاري مع نهر النيل المنساب بسلاسة وهدوء . وهنا لدينا ملاحظة ، نأمل أن نعالجها في المستقبل ، وهي مدى علاقة الصّوت بجغرافيّة البلاد التي يُخلَق ويُطلَق بها .
لقد تمتَّع كثير من الشُّعراء الشَّعبيين بأصوات جميلة ، لدرجة أن هذه الأصوات لو قُدِّر لأصحابها أن يدرسوا الموسيقى في المعاهد العليا ، كما حدث مع الكثير من المطربين ، لتطوَّرت قدراتهم الإبداعيَّة أكثر فأكثر . وهنا يجب الإشارة إلى أن الشَّاعر الشعبيّ ، في أغلب الأحيان ،لم يعلم بأسماء المقامات التي يستخدمها ، ولا بالدَّرجات ، وهو وإن أتقن دوره ، إلا أنَّه لم يكن عارفًا بدقائق الأمور والعلوم الفنيَّة . والذي نريد أن نوضحَه أن الشَّاعر الشّعبيّ أخذ نغماته من الميراث ، من الذين سبقوه ، فنقل عنهم ، وقد طوَّر بعضهم نفسه بعد ظُهور الرَّاديو وسماع المطربين من شتَّى البلاد ، فنحن نعرف أن العديد من الشُّعراء الشَّعبيين أخذ في العقود الأخيرة بتطوير نفسه ، فكم شاعر غنَّى بنغمات سوريَّة ، أو لبنانيَّة ، بألحان جديدة ظهرت وسُمعت بالرَّاديو ، وهذا ما جعل هذه الصَّنعة تتطوَّر أكثر فأكثر ، حتَّى أخذنا نرى بعضهم يغنِّي مع الآلات الموسيقيَّة بأسلوب حديث ، بعد أن كان يغنِّي بأسلوبه المفرد ، أو مع الآلات النفخيَّة الشّعبيَّة ، مثل الأرغول والمجوز والشُّبَّابة (الناي) أحيانًا .
الميزة الثالثة ، التي توفَّرت عند معظم شعرائنا الشعبيين ، هي الشَّخصيَّة القويَّة من جهة ، ومن جهة أخرى السَّلسة ، التي تعرف كيف تتعامل وتتفاعل مع النَّاس ، وفي مختلف المناطق ، فيحبُّها النَّاس ، بأجناسهم وأطيافهم ، والمعروف أن فلسطين بلاد التَّعدديَّة المنسجمة مع ذاتها ، بكلّ ألوانها وأطيافها . هذه الميزة الطَّيِّبة جعلت الشَّاعر الشّعبيّ قادرًا على التَّواصل مع كلّ الفئات ، فلا عجب بذلك فهو الشَّاعر الشَّعبي الذي يعبِّر عن النَّاس ، بمدِّهم وجزرهم ، ووصلهم وصدِّهم ، وبكلّ حالاتهم النَّفسيَّة والتَّقلُّبات التي تصيبهم ، من خلال ظروفهم السّياسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة . وكما هو معروف أنّ الشَّاعر الشَّعبيّ أكثرهم تأثّرًا بالحدث اليوميّ ، وبما يجري مع النَّاس من شؤون الحياة العامَّة والخاصَّة .
الميزة الرَّابعة ، والتي أراها مهمَّة جدًّا ، وهي هيئة الشّاعر وأخلاقه ، وهنا يجب التَّذكير أن الشَّاعر إبن بيئته ، بعاداتها وتقاليدها ، وهو أكثر النَّاس تمسُّكًا بها ، فالمعروف أن شعراء فلسطين الشَّعبيين طافوا البلاد ، وعاشوا بين النَّاس ، حتَّى أن أحد أبناء هؤلاء الشُّعراء الشَّعبيين قال في كلمة رثاء والده يوم تشييعه ، عندما رأى النَّاس من كلّ حدب وصوب ، قد أَتَوا لتشييع والده إلى مثواه الأخير ، شاعرهم الذي عايشهم وعايشوه ، "يا أهلنا لكم به أكثر منَّا " ، وهو يعني ما يقول ، فَوالده قد غُمر بالنَّاس ، بمناسباتهم وأحداثهم ، بحياتهم الخاصَّة والعامَّة ، وهو إبن لهم ، وأخ ، وشاعر ، وصديق ، وهنا يجب القول ، أنّ شعراءنا الشَّعبيين استطاعوا ، بحكمة وبذكاء ، أن يقولوا الكلمة الطَّيِّبة ، وأن يتصرَّفوا التَّصرُّف اللائق ، وأن يقرِّبوا النَّاس من بعضهم البعض ، ويتركوا الصَّدى الحسن لصوتهم المعبِّر . وعندما قلت الهيئة ، أردت بها المنظر أيضًا ، فالشّاعر الشعبيّ قنديل الفرح ،كما كان يخاطب الشَّاعر زميله قائلاً له : " إسْمَعْني يا زَميلي يا قَنديل التَّعْليلِه " ، ونحن في بلادنا ما زلنا نذكر العديد من شعرائنا الشَّعبيين بطلَّتِهم المبهجة ، المفرحة ، كيف لا وهم شعراء الأفراح . ونذكر أيضًا الزيّ العربيّ التَّقليديّ الجميل ، الذي كان مثالاً للذَّوق الجمالي ، فهم في عيون النَّاس ، والنَّاس يتمتَّعون برؤيتهم .
إلى هنا آمل أن تكونوا قد تمتَّعتم ، وإلى لقاء جديد .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09/11/2009, 21h34
الصورة الرمزية عيسى عدوي
عيسى عدوي عيسى عدوي غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:302518
 
تاريخ التسجيل: septembre 2008
الجنسية: فلسطينية
الإقامة: السعودية
المشاركات: 9
افتراضي رد: من الفنون الشَّعبيَّة الفلسطينيَّة

تحيتي لك أخي تميم على هذه المواضيع الممتازة ونتمنى عليك أن تواصل المسيرة يا أبا سعود ونحن من محبيك ومتابعيك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18/12/2009, 12h40
تميم الاسدي تميم الاسدي غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:308993
 
تاريخ التسجيل: octobre 2008
الجنسية: فلسطينية
الإقامة: فلسطين
المشاركات: 6
افتراضي رد: من الفنون الشَّعبيَّة الفلسطينيَّة

التحيَّة والسَّلام لقرَّاء ومستمعي موقع" سماعي" الكرام .
المحبَّة الخالصة لكم ، أرسلها عبر الموقع الرفيع ، وأخصّ بها الشَّاعر العزيز عيسى عدويّ ، الذي علَّق مشاعري بتعليقه ، واستفزَّني لأعود فأكتب بعد غياب ، بسبب مشاغل الحياة .
أعزائي ، يطيب لي أن أعود بمقال جديد ، ولكن قبل ذلك بتحيَّة لكم ولعزيزي الشَّاعر عيسى العدويّ :

العَودِه حِلْوِه كْثـــــير بَعْد غـْــــــيابْ *** يا عــــيني ، بتجيب السِّعِد عَ البابْ
من زَيّ عـــــيد النَّــــاس لمَّا يْـــعود *** وِالعيد فَرْحَه غــــامْرِه الأَحـْبــــاب
إِعْزِف بريشِه ســـــاحْرِه يا عـــــود *** عَ وْتار خَمْسِه مِن عَصِر "زِرْيــــاب"
بِسْفوح هَيْــــــمانِه يِــفـــوح العــود *** نَغْمِة "عتابا" و"آوف" يِهْدي عْتاب
موقِع"ســــــماعي" موقِع الموعـــود *** بالعـــيد والعُـــــود وْحَـــلا العِنَّاب
ومــا بين لَمْع بـــْروق وْدَيّ رْعـــود *** كــــانون في كــــــانون شو لَهَّاب
يا "عيسى" يَلْ بِتْمون عا "بو سْعود" *** جـــــايِه وْزيت المــــُونِه جايِبْلَكْ
زيت السِّنِه ، تَ تْقول : "غاب وْجاب"

وكلّ عام وأنتم بخير بمناسبة
رأس السَّنة الهجريَّة
مع المحبَّة تميم الأسديّ

18.12.09
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19/12/2009, 11h32
تميم الاسدي تميم الاسدي غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:308993
 
تاريخ التسجيل: octobre 2008
الجنسية: فلسطينية
الإقامة: فلسطين
المشاركات: 6
افتراضي رد: من الفنون الشَّعبيَّة الفلسطينيَّة

تعريف الزَّجَل

جاء في لسان العرب ما يلي : " الزَّجل بالتحريك : اللَّعِب والجَلَبة ورَفْع الصَّوت ، وَخُصَّ به التَّطريب ، وأنشد سيبويه :

له زَجَلٌ كَأَنَّهُ صوتُ حادٍ ، إذا طلبَ الوسيقةَ ، أَو زَمِيرُ

وقد زَجِل زَجَلاً ، فهو زَجِلٌ وزاجِلٌ ، وربَّما أُوقع الزَّاجِل على الغناء ، قال :

وهو يغنِّيها غناءً زاجلاً

والزَّجل : رفع الصَّوت الطَّرِب ، وقال :

يا ليتنا كُنَّا حَماميْ زاجِلِ


وفي حديث الملائكة : لهم زَجَلٌ بالتَّسبيح أي صوت رفيع عالٍ . وسَحاب ذو زَجَل أي ذو رعد . وغيث زَجِل : لرعده صوت . ونبت زَجِل : صوَّتت فيه الريح ، قال الأَعشى :


كما استعانَ بريحٍ عِشْرِقٌ زَجِلٌ

والزَّجْلة : صوت النَّاس " (1) . هذا في القاموس . وعندنا بعض العامَّة من يقولون جَلَزَة يقصدون إختلاط الأصوات ، والتصايح في الأماكن المزدحمة ، وخاصَّة عندما تقع مشادَّة : " إيش هَالجَلَزِه اللي كانت في الحارة ؟! " ، وكذلك كلمة زَجَل فبعض العامَّة يقول : " جَزَل " وقلب الحروف وارد حتَّى في الفصحى كقولنا : "طَحَرَ" في طَرَحَ ، يقول طَرَفَة بن العبد البكريّ في وصف عينَي ناقة :

طَحْورانِ عُوَّارَ القَذى فتراهما كَمَكْحُولَتي مَذْعورةٍ أُمِّ فَرْقَدِ (2)

وهكذا لمَّا كان الزَّجَل رفع الصوت والطرب فقد عنى به الشُّعراء المولّدون أدوارًا من الشعر تشبه الموشَّح في طريقة نظمه ، وتعدُّد أوزانه ، وقوافيه ، وفي خرجاته ، وكما يشترك معه في الاتصال بالغناء ، ويخالفه في أَنَّهُ يُنظم باللغة العامِّيَّة .
وجاء في مقالة "عُجَالَة في تَارِيخِ الزَّجَلِ والزَّجَّالَة" من إعداد: طه أحمد لمخير:
"الزَّجلُ من مُخترَعاتِ المغَاربة، وهو معدودٌ في آدابِ العامَّة كالمواليا أو المواويل، والشِّعر البدويِّ في الأقطار العربيَّة، والموشحِ المَلحونِ في اليمن، والمُوهُوب وعروضِ البلد عند أهلِ الأمصار بالمغرب، والكان وكان، والقوما والحماق (وهذه الثلاثة من فروع الزجل)، وغيرها... " (3) .
ــــــــــــــ
(1) إبن منظور ، لسان العرب ، المجلد الحادي عشر ، 302 .
(2) د. قميحة مفيد ، شرح المعلَّقات السَّبع ، ص 105 .
(3) طه أحمد لمخير، عُجَالَة في تَارِيخِ الزَّجَلِ والزَّجَّالَة، www.fustat.com/adab/zajal.doc
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 11h48.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd