الى أبى
اخوتى الاحباء وتلاميذى
اشكركم من كل قلبى على شعوركم الجميل واشكر كل من كتب وكل من لم يكتب , اشكركم فرداً فرداً ولا اراكم الله مكروها فى عزيز لديكم .
واعذرونى لتأخرى فى الرد عليكم , لقد اختلط معى كل شىء , لكم ادرى ما اكتب واحترت من اين ابدأ ولكن الموضوع افضال الرجل العظيم أبى صموئيل اسحق رحمه الله .
وقبل البداية استجمعت ذكرياتى واول كلمة اقولها لولا تشجيع ورعاية ابى لما كان هناك من يسمى الموسيقار عادل صموئيل او جميع ما تعرفوه عنى ولكنت اليوم واحد عادى من افراد الشعب الذين تراهم فى الشوارح والمحلات , وسرحت بأفكارى فى نجوم اليوم فى الفن وتحققت من مقولتى القديمة لم يصبح اليوم قيمة للفن لأن كل واحد ماشى فى الشارع وطلع فى نفسه يبقى مطرب ممكن الظروف او اشياء اخرى تجعله نجم فى اسبوع ولكنه طبعا نجم مزيف سرعان ما يتلاشى , ولو راجعتم الخريطة الفنية من سنة 1990 وحتى اليوم ( اقصد لو تناولها احد المؤرخين ) لكتب اسماء كثيرة عمرها الفنى عام او عام ونصف او حتى شهر ثم تناساها الناس كفقاعة هواء ظهرت ثم تلاشت , ثم رجعت بذاكرتى لنجوم الزمن الجميل الذين كانوا النجوم على حق والفنانين على حق , ولا اقصد المطربين والموسيقيين فقط ولكن كل النجوم الكتاب والشعراء والصحفيين والرسامين لأنى عرفتهم جميعا او معظمهم من خلال عملى الفنى , اكتشفت شىء ( من قصتى الخاصة ) ومن حواراتى مع كل الفنانين والنجوم يعنى بعد ان تظهر الموهبة الغير عادية , هناك شعرة يعنى سبب يحدث يجعل الفنان يظهر وهذا طبعا توفيق من الله , يعنى لو اخذت مثلا يوسف السباعى , كان وهو تلميذ موهوباً ولكن حدث شىء فى حياتى هو الذى نقله من هاوى فى منزلهم الى بداية النجومية , وتعبوا وكدوا وبذلوا الجهد والعرق والدموع والانتكاسات والإنتصارات , والحروب والضغائن ولكنهم شقوا طريقم حتى وصل كل منهم الى ماوصل اليه يعنى بنى نفسه طوبة طوبة كعمارة راسخة الأساس , لا كمن يتطفلون على موائد الفن اليوم كما قلت موهبة فى حدود 2% ثم يصبح نجماً بعد شهر , يعنى لو حسبنا تعداد العالم العربى ايام الفن الجميل , وعدد الفنانين العظيم واعملوا نسبة فنان لكل كام مليون ممكن تجد فنان لكل خمسين مليون مواطن , ولكن اليوم اشتراكية يعنى ان شاء الله سيتطبق شعار مطرب لكل مواطن ولكن من قال هذا الشعار
ليس هو الذى قال رغيف لكل مواطن ولكنه الذى قال جوزة لكل مواطن , واعود لقصتى القصيرة , انا من عائلة لم يظهر فيها فنان واحد يعنى كانوا اطباء مهندسين وجميع الوظائف , لم ارى فى حياتى فنان فى اى مجال او حتى من له ميول فنية , لذلك لما ظهرت على مبادىء الموهبى لم يحس بى احد ففاقد الشىء لا يعطيه , وبدات وحاولت وبدأ يتحسن مستواى ولكن كنت ماازال تلميذا فى المرحلة الاعدادية يعنى اعتمد على مدرس الموسيقى فى المدرسة وكان بالطبع محدوداً , يعنى يكفى لتعليم تلميذ فى مدرسة لكن للإنتاج موسيقار كان موضوع اكبر من ذلك , إلا ان الله جعل ابى يحس بموهبتى , وبدأ قى تشجيعى وكانت معى كمنجة متواضعة بدأت احس انها اقل من امكانياتى , ولما بدأت الح على أبى ليشترى لى كمنجة حلوة , اخذنى عند جابى فى محله وكان صديقه ( وقد نوهت عن هذا الموضوع فى مقالاتى عن الفرقة الماسية ) قال له عايزين كمنجة لعادل ,طبعا جابى لحظتها فتح دولاب فيه عدة كمنجات اختار منه واحدة تصلح ( للولد المفعوص اللى فى اولى ثانوى ) وامسكتها وعزفت عليها اجربها طبعاً الكمنجة كانت مش اللى انا محتاجه , ولكن جابى لما سمعنى ( وهو الخبير ) يعنى كل اكبر عازفى كمان فى مصر بيصلحوا كمنجاتهم عنده حسيت انه انبهر او إنصعق ( لأنه فاهم الفرق بين عزف الكبار وتفعيص التلاميذ ) لما انهيت العزف هو احس ان الكمنجة مش عاجبانى أو احس انى استحق كمنجة احلى منها قال لأبى الولد ده شاطر قوى وخسارة انا عندى كمنجة مش فى الحلم له لأن العازف بيستعمل كمنجة واحدة طول العمر ودى كمنجة العمر بالنسبة له , طبعا أبى سمع الكلام ده بإرتياب شوية خاف تكون غالية لأن ساعتها كانت الكمنجة التشيكى الجديدة كانت بخمسة عشر جنيه مصرى وده كان مبلغ كبير وقتها لكن كلام جابى اعطاه انطباع انها اغلى من كده بكتير فتوجس منه خيفة , المهم اخذ منى جابى الكمنجة الاولى وفتح الدولاب واتى لى بالكمنجة المقصودة وهنا بدات اهم مرحلة فى قصة حياتى , أول ما اخرج جابى الكمنجة من علبتها حسيت انها شىء مسحور بيطلع منه نور انبهرت بيها حسيت بنفس الشعور اللى أحسه روميو أول مرة شاف جولييت , يعنى الكمنجة كانت على غير شكل الكمنجات القديمة كانت بتبقى شكلها قديم ومش نظيفة يعنى لأن كان خطر جدا تنظيف الكمنجة القديمة لأن تلميعها كان سر لو لا تعرفه ممكن الكمنجة تتدمر يعنى اى سائل من سوائل تلميع الاخشاب ممكن يكتم صوتها لنه بيسد مسام خشب الكمنجة القديمة وتضيع قيمتها لكن جابى كان خبير فى التلميع ( وبعد كده لمدة عشرين سنة حاولت اعرف منه اسم الشىء اللى بيلمع بيه الكمنجة وجدير بالذكر ان كان سائل لونه لبنى يعنى ازرق فاتح وكثافته مثل اللبن بس كان طبعا سر أخطر من سر الكتلة الحركة بتاعة اليورانيوم 236 اللى بيعمل القنبلة الذرية وهو طبعا استهبل عشان ما يقولش السر وقال لى انه سام جدا لو حد لمسه وثانيا ان بتتلمع الكمنجة بطريقة معينة تحتاج خبرة طويلة وقال لى اخطر كلمة وهو عارف بخبثه ودهاءه انها الكلمة اللى حاتخلينى ما افحرش وراه واحاول اعرف السر يعنى اسم السائل السحرى ده قال : لو واحد استعمل السائل بطريقة خاطئة ممكن الكمنجة صوتها يتدمر ويتكم . فكرنى طبعا بفيلم الناصر صلاح الدين والسائل السحرى بتاع الدمشقى اللى بيدمر ابراج الصليبيين .
المهم مسكت الكمنجة وابتديت اعزف عليها , طبعا حسيت صوت جميل طالع اول مرة انا قلت لنفسى مين اللى بيعزف ده , والكمنجة ناعمة زى الحرير وعفقها ناعم بشكل مذهل طلعت من داخلى اشياء جديدة لدرجة ابويا اللى بقاله كذا سنة بيسمعنى , وطل النهار والليل داوشهم بالكمنجة فى البيت حسيت انه انذهل او صعق يعنى بإختصار اتجنن , انا قلت له هى دى , قال جابى دى كانت احدى كمنجات المرحوم أنور منسى لأن الورثة بتوعه ماكانش حد منهم كمنجاتى فباعوهم ودى اللى فضلت ومع ان كان ثمنها وقتها خرافى وفادح , واكتر كتير من ما تخيل والدى لكن لما احس انى عايزها وافق , وللعلم هى كمنجة عمرى الفنى واليوم لاتقدر بثمن .
بعد شراء الكمنجة تغيرت حياتى الموسيقية لأن الكمنجة الجميلة مثل المرأة الجميلة يعنى كنت اعزف عليها طول اليوم وطول الليل لا افارقها طبعا التمرين الطويل عمل معايا شغل , وفى السنة التالية عمل معى ابى المنحة الإلهية التالية احس ان ممكن اكون اكتر من ذلك أو اكبر من ذلك , كان له صديق استاذ موسيقى فى الكونسرفاتوار وعازف كمان فى اوركسترا القاهرة السيمفونى اسمه الاستاذ سعد واصف رحمه الله , طلب منه ان يعطينى دروساً فى الكمان بطريقة علمية صحيحة , وذهبنا عنده اول شىء طلب منى ان اعزف له ما اعرف حتى يقيم مستوايا , انا ساعتها كنت اعزف جميع الاغانى الموجودة من سشنة 1940 الى سنة 1964 والتى كنت احفظها عن ظهر قلب منذ فترة بعيدة وكانت هى رصيدى الفنى ولكن كان عزفى عشوائى لأن كما قلت مدرس الموسيقى فى المدرسة له درجة فى التعليم يتوقف عندها فقال لى الاستاذ سعد انسى كل اللى تعرفه ونبدأ تعليم الكمان من اول وجديد , وعلمنى قراءة النوتة بشكل صحيح وبدأ يعلمنى تكنيك الكمان فى كتب كثيرة , فى تلك الفترة احسست بشىء غريب جداً وهو كره عازفى الاوركسترا السيمفونى ( والكلاسيكى الغربى عموماً ) واحتقارهم لموسيقانا الشرقية , يعنى مرة الاستاذ سعد قالها صراحة : الموسيقى الكلاسيكية الغربية هى الفاكهة التى على الشجر اما الموسيقى الشرقية هى الزبالة التى تحت الشجر ولاحظوا الكلام ده كان سنة 1964 يعنى عز تألق نجوم الزمن الجميل ( مش الايام الحالية ) طبعا الكلمة دى بالنسبة لأى شخص ماعندوش خلفية موسقية شرقية ممكن تعمل عنده ردة موسيقية يعنى طالما الأستاذ بيقول كده يبقى كلامه صح , ولكن انا افكر كثيراً فى كل كلمة اسمعها , احسست انهم لم يسمعوا ولم يتذوقوا الموسيقى الشرقية ابداً يعنى بدءوا تعلم الموسيقى بالطريقة الغربية واساتذتهم افهموهم هذا المضمون ان الموسيقى الشرقية كلام فارغ , ولكن انا بحفظى لكمية هائلة من الاغانى العربية كنت اعرف واحس قيمة الموسيقى الشرقية , ولما وصلت للخيار هل اكمل غربى ولا شرقى إخترت الشرقى , يعنى بعد عام ونصف مع الأستاذ سعد احسست انى اخذت منه ما احتاج , يعنى تعلمت قرءة النوتة بشكل جيد جداً وبدا عزفى يتحسن اكثر لأن الموهبة وحدها لاتكفى للصعود الى اى قمة ولكن يلزمها الدراسة ثم تركت الاستاذ وبدات اكمل مع نفسى بعد ان وصلت إلى مرحلة ممكن انا ان اقوم نفسى , ثم اخذت الثانوية العامة كانت امى تصر على أن ادخل كلية الطب ولكنى اردت ان ادخل كلية التربية الموسيقية وحدث خلاف فى العائلة ولكن يأتى فضل أبى على انه ناصرنى حتى استطعت ان اقنع العائلة الرافضة وأدخل كلية التربية الموسيقية , ومن تلك المحطة بدا تاريخى الفنى يعنى عندما دخلت الكلية كان الطلبة محدودين فى العزف والمواهب يعنى داخلين للدراسة فقط فكان مستواى فى العزف ملفت للأنظار لأن من الصعب ان يدخل الكلية طالب موهوب إلا كل عدة سنوات وهناك قابلت الأستاذ احمد فؤاد حسن وبدا مشوارى معهم .
الشىء الغريب والمختلف فى حياتى ان الموسيقى لم تكن هوايتى الوحيدة ولكن كان عندى اكثر من عشر هوايات اتقنها اتقان عالى اهمها التصوير الفوتوغرافى وقد برعت فيه وكنت احمض الافلام واطبعها فى منزلى , وطبعا اى انسان عندما يبرع فى شىء يحتاج معدات اعلى ساعدنى والدى ايضاً واشترى لى كاميرات التصوير ومنها اغلى كاميرا إطلاقاً , مثل التى يستعملها كبير مصورى جريدة الأهرام والأخبار كنت ساعتها اتمنى ان اعمل مصور صحفى , يعنى الهوايات كانت كثيرةة ولكن الكمنجة التى اشتراها لى والدى هى التى جعلتنى اتفرغ أكثر للموسيقى .
اعود إلى فضل آخر من افضال ابى على , وانا صغير لم يدخر وسعاً فى تربيتى وتعليمى والحقنى بمدرسة انجليزية ( هى كلية السلام بسراى القبة اليوم ) كانت هذه الكلية ايام الانجليز فى مصر احسست بفطرتى وعشقى لمصريتى وللغة العربية أن هذه الكلية تطمس اللغة العربية يعنى لا انكر انى تعلمت فيها اللغة الإنجليزية بطلاقة ولكن كانت العربية هناك محدودة يعنى تخيلوا ممنوع ان تتكلم باللغة العربية حتى فى وقت الفسحة فى فناء المدرسة , يعنى التلميذ الذى يظبط متلبساً بالتحدث باللغة العربية مع زميله فى الفسحة كان يعاقب أن يأتى يوم الجمعة إلى المدرسة ويكتب 500 مرة I must not speak arabic احسست ساعتها بالذل فى بلدى , كانوا يريدون خلق جيل مصرى إسماً وشبه انجليزى ولن يصبح انجليزياً ولكن سيصبح شىء بلا هوية , حتى زملائى كانوا يسمعون الاغانى الاجنبية والأفلام الأجنبية يعنى معظمهم كان ما يعرفش مين ام كلثوم ولا عبد الحليم , حتى فى حديثهم لا يجيدون العربية , خنقنى هذا الجو ةانا المحب للغة العربية والشعر العربى وكما قلت كنت منذ عمر 4 سنوات احفظ كل اغنية اسمعها فى الراديو ومنها قصائد ام كلثوم الصعبة , احسست ان هذا النوع من التعليم يغلف التلميذ بطبقة من السلوفان تعزل المصرى عن المجتمع يعنى المدرسة من 8 صباحاً إلى 4 مساء والتلميذ يركب اتوبيس المدرسة ذهاباً وإياباً لا يحتك بالشعب ولا الشعائر الشعبية , يعنى وياكل من اكل المدرسة يعنى ان يشترى ساندوتش فول أو طعمية كانت من الكبائر , وعندما وصلت إلى الصف الاول الإعدادى تمردت على هذا الوضع وقلت لأبى اريد دخول مدرسة عربية طبعاً امى غضبت وثارت , كيف تريد التحويل إلى مدرسة عربية وانت تتعلم احسن تعليم , لكن ابى تفهم الوضع وكان من رجال التعليم ونقلنى مدرسة عربية , فى هذا الوقت كنت اتكلم الإنجليزية افضل كثيراً من خريجى الجامعات وأفضل من مدرس الإنجليزية نفسه ( يعنى المدارس الأجنبية لها فوائد ولها سلبيات ) كنت فى حصة اللغة الإنجليزية احس إلى حاصل على دكتوراه وكانت المواد الإخرى التى درستها بالإنجليزية عندما قرأتها بالعربية احسست انى اتفهمها مائة مرة أكثر مما دفعنى للتفوق ساعتها ابى احس انى لم أكن مخطئاً فى التحويل للمدرسة العربية , وكانت النقلة المحورية فى حياتى ان تعلمت الموسيقى والكمان فى المدرسة , لم يكن فى المدرسة الإنجليزية موسيقى يعنى شاء الله سبحانه وتعالى أن يخلق هذه الظروف وأن اتمرد على المدرسة الإنجليزية لأذهب إلى المدرسة العربية وأن يكون بها كمان وبدأت فى تعلم الكمان التى كنت اعشقها وانا صغير وظهرت على بوادر الموهبه وكان ماكان بعدها .
الحكمة هنا أن اى ولى امر يحب أن يعلم أولاده احسن تعليم وكان من الممكن أن أبى لا يقتنع ويصر على بقائى فى المدرسة الإنجليزية , وكانت حياتى ستأخذ إتجاه آخر وكان عادل صموئيل ممكن ان يكون طبيباً أو مهندساً أو أى شىء آخر .
طبعاً أنا هنا اذكر لأبى رحمه الله الأفضال الكبيرة فقط , كان ابى من رجال التعليم كما قلت وكان من مواليد 1919 كان ساعتها من أهم الأمثال الشعبية فى مصر إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه يعنى كانت الوظيفة الحكومية عنده اولا قبل كل شىء , محدثت ظروف فى مصر فى الستينات أن انقلب الشباب على التوظف فى الحكومة لقلة مرتباتها واستمر الحال حتى أن تدهورت الأوضاع وظهرت البطالة وسلبيات العمل الخاص يعنى ممكن ان يستغنوا عن الموظف عندهم فى أى وقت وظهرت اهمية العودة للعمل فى الحكومة , واليوم الحكومة قفلت باب التعيينات الجديدة مما خلق عدد هائل من العاطلين عن العمل , المهم انا عندما تخرجت من كلية التربية الموسيقية كان التعيين امر إجبارى ووجدت تعيينى اتى فى محافظة الوادى الجديد , كنت ساعتها فى عز امجاد الفرقة الماسية , يعنى كيف اتخلى عن الفرقة الماسية وأذهب لأعيش فى الوادى الجديد .... طبعا قلت لأبى لن أذهب لهذا التعيين وسأصبح فناناً فقط حاول إقناعى أن الفن ليس دائما وقد يحددث أى شىء واصبح عاطلا عن العمل , ولكن ابهارى بالنجومية وقتها لم اقتنع بكلامه , لم يدخر هو وسعا واستغل كل اتصالاته ومعارفه ومن له افضال كبيرة عليهم واستطاع ان ينقلنى وان اختار اما محافظة الجيزة او القليوبة وهما المجاورتان للقاهرة , طبعا وقتها كانت معجزة يعنى كان الخريج لابد ان يتلطم فى محافظات بعيدة عن مسكنه عشر سنوات مثلاً , بينى وبينكم انا قبلت التعيين فى محافظة القليوبية مدرساً للموسيقى فى معهد معلمات شبين القناطر , بعد فترة حدثت واقعة اغتياال الرئيس الراحل انور السادات فتعطلت كل الاعمال الفنية حوالى 40 يوماً , ساعتها رجعت إلى كلمة والدى ..... لو حدث أى شىء يمنع الفن والفنون مذا يكون مصيرى ؟؟؟ احسست بالنظرة المستقبلية عند الجيل الأقدم ومن هنا بدأت اهتم بوظيفتى اكثر , وفى اوائل التسعينات عندما بدا انهيار الفن فى مصر , كان من الصعب جداً لمن عمل عشرين سنة مع العمالقة أن يعمل مع الأقزام , بدأ نشاطى الفنى ينحسر فى اعمال محدودة , وهنا تأكدت لى نظرية والدى بنظرته الثاقبة .... واليوم وانا باقى لى على الخروج للمعاش شهر استرجع ذكرياتى لو كنت ركبت دماغى ولم استمع لكلام والدى ماذا كان سيكون مصيرى ؟؟؟؟
انا فى طبيعتى انسان متواضع جداً ولكن فى كل مرحلة من تاريخ حياتى كانت تحصل لى ظروف تصلح أن تكون دروساً مهمة للناس فيما بعد
اولها لو انت اب واكتشفت ان عند ابنك موهبة ما شجعه بكل الوسائل
ثانياً : نظرتك الى الحزب المعارض أو إلى العدو هنا شىء مهم جدا يتميز به الأوربيين ونفتقده مع الأسف نحن العرب وهو عندما نخاصم أو نواجه بمعارضة نكره خصمنا وكل ما يتعلق به ولا نفكر فيه ولا نطيق أن نسمع سيرته , لكن الأحانب على العكس يدرسون طبيعة عدوهم أو معارضهم دراسة دقيقة يستفديدون من مميزاته ويدرسون أيضاً عيوبه , يعنى لما ذكرت لكم قصتى مع الاستاذ سعد احسست انه يكره الموسيقى العربية وكان اساتذتى فى الكلية من لهم ميول غربية يكرهون الموسيقى العربية ويحاربونى لأنى اعزف شرقى , لم لم استعمل عقلى لبعدت عن الأستاذ سعد لأنى معارض لمميزاتى يعنى كان يعتبر ان كل الموسيقى التى اعزفها تساوى صفر يعنى انا لا قيمة لى , ولكنى بإستمراى معه اخذت منه اهم الأسس التى اعمل بها الآن , ثم بدأت اطور نفسى بنفسى يعنى كل الكليات لا تخرج عباقرة ولكن اى تميز يأتى من الطالب شخصياً فى اجتهاده مع نفسه , يعنى كليات العلوم لا يخرج منها الطالب احمد زويل , ولكنه تعلم فيها قشور ثم بدء هو ينميها بنفسه واحتهاده الشخصى .
ثالثاً أن ولى الأمر عندما يطلب منه ابنه موضوع بعيد عن التفكير ان يناقشه يعنى يحترم وجهة نظره مثل قصتى مع المدرسة الإنجليزية .
رابعاً عندما شجعنى ابى فى كل هواياتى وكان يأتى لى بالعوامل المساعدة ذلك افادنى فى الوسط الفنى يعنى جميع الفنانين معظمهم كان حياته الموسيقى فقط لكن أن يتقابلوا مع شخص يفهم فى كل شىء يعنى كانوا يسألونى واجيبهم ذلك شىء جعلنى اصادقهم بسرعة ويصادقونى يعنى احسوا بأنى شخص خبير فى كل شىء لا عازف عادى فقط .
وهناك الكثير والكثير ولكن لا اطيل عليكم , وعزائى انه اليوم فى الفردوس مع القديسين
اليكم اطيب تحياتى احبائى
|
العرض العادي
