أستاذي الجميل
،
كانت المرّة الأولى التي أعرف أن ذلك الرجل الوقور المهيب ، الذي أراه كل يوم ،
هو الشاعر عبد الفتاح مصطفى ،
بالمرحلة الثانويّة ، و قد بدأ شغفي بالكهرباء ... حتى عرف عني أني مستعد لأي مصلحة نور "جدعنة" ....
(هيّ ماكانتش جدعنة قوي يعني ، بس كلهم جيراني و صحاب ابويا ...... ياللا زي بعضُه)
و كان لي شرف إعداد الإضاءة بالمصلى الذي حدثتكم عنه
كان أبناء الأستاذ عبد الفتاح أكبر مني سناً ، و قد أطلقوا لحاهم (كوالدهم ، عليه رحمة الله)
و ذات ظهيرة ، جاءنا أثناء العمل ،
كان يرتدي البدل الكاملة بغير ربطة عنق
(زي الجميل فؤاد المهندس ، الذي كان يقاربه في حجم الجسد)
و قف ينظر .... ثم قال: مايكروفون لأ
فأطرق الجميع يتبادلون ابتسامات التعبير عن الطاعة
،
بعدها بكام سنة ، لما جَت رجلي على ماسبيرو
كنت بروح كل فترة أسجل مع أستاذتنا الست هدى العجيمي ، ببرنامج كان يذاع بعد نشرة أخبار خمسة العصر
(توقيت رخم طبعاً ، لإن إذاعة ام كلثوم بتكون ابتدت تلوّعنا)
مازلت أحتفظ بتصاريح دخول ماسبيرو ، بمصر ، بتوقيع : الرائد - وقتها - علاء بسيوني
لاقيت الطابور (على المصعد) طويل ، رحت اطلع على السلم ، لاقيت الأستاذ نازل ،
(عايز اقول لحضرتك إني عمري ما شفته بيضحك )
تراه جادا كمن يفكر بوضع خطة مستقبلية
قلت له: ازيّك يا أستاذنا ....
قاللي: إنت بتعل إيه هنا ؟ إنت مش كهربائي ؟
،
كيف تذكرني ؟ .... شغلني ذلك السؤال عن الرد
حتى لمحت سيدنا الشيخ ابو العينين شعيشع ، قادماً من البهو ، فقلت له: أصل الشيخ ابو العينين عنده نجفة بتكهرب ، هروح اشوفها ...!
و عدت أقبل يدي سيدنا الشيخ ابو العينين ، الذي أتشرف بمعرفته منذ مايزيد عن خمسة عشر عاماً ، عن طريق أسرة سيدنا الشيخ عبد العزيز علي فرج ، عليه رحمة الله و رضوانه ، و أنعم بلقاءه في زياراتي مصر ،
هو رجلٌ عذب الروح ، باسم الوجه ، ليّن الجناح
بآخر زيارة منحني شرف صعود السندرة للإستماع إليه و هو يتلو سورة الجمعة
بباحة مسجد ستنا السيّدة زينب ، عليها سلام الله و رضوانه
،
عرض عليّ الصديق (ذلك الوقت) الأستاذ عبد الناصر عوض ،
( كان بيقدم برنامج جماهيري "تحت الشمس" وقتها) ،
أن أتقدم لاختبار المذيعين ، و أيّده كلٌ من الأساتذة : هدى العجيمي ، و صديقي خالد الكيلاني - مساعد رئيس تحرير مجلة اكتوبر ، حالياً . و كان وقتها يعمل بالإعداد الثقافي بالإذاعة و التليفزيون المصري. و الأستاذ يسري العذب ، الذي كان يقوم بالنقد و النصح ببرنامج "مع الأدباء الشبّان" ، وكان قد حصل على درجة الماجستير - وقتها - و سجل الدكتوراه ، في الأدب
،
لكن ما أخافني
(علاوة على نكات عمّنا مصطفى حسين - ساكن أغاخان ، الساحل ... برضو) ،
أن الأستاذ عبد الفتاح مصطفى ، عضو أو رئيس بلجنة الإختبار (...)
قالوا لي : ده راجل طيّب ، و ما لكش دعوة ، الأستاذ فاروق شوشة أو الأستاذ محمد إبراهيم أبو سنة ... واحد منهم بيكون موجود في اللجنة
،
ساعتها كنت اعرف إنهم ممكن يسألوك ، مثلاً :
ماهي عاصمة جمايكا ؟ أو ماهي عملة هايتي ؟
أو مين مدير أمن الوادي الجديد ؟!
،
صاحبي ، صديق أبناء الأستاذ عبد الفتاح ، طلب مني نروح نزوره بالبيت
قلت له: لو كان لسة ساكن في أول دور ، كان ممكن ... علشان لما يحدفنا من الشباك تبقى سهلة
،
ذلك كان انطباعي عن الأستاذ عبد الفتاح مصطفى ، من فرط ما كان يبدو عليه من شدة ، في المرات التي رأيته فيها
،
و قد سمعته بحديث إذاعي ذات مرّة ، فلم أزداد إلا تعميقاً لفكرتي عنه ، رحمه الله
قال بذلك الحديث ، أنه بعد أن أنهى إلقاء كلمات أغنيّة "لسة فاكر" على مسامع الست .... سألها:
أيوة يا ست ! ، فين الجزء اللي حضرتك عايزة تعدّليه ؟
فقالت له : جزء إيه ؟! يا أستاذ ؟
قال: أعرف أن حضرتك - دائما - تغيّري بعض الكلمات ...
فقالت له: إلاّ دي يا أستاذ
،
و كانت "لسة فاكر" واحدة من الحالات النادرة التي لم تجد فيها أم كلثوم حاجة لأي تعديل
،
،
،
إيه ده ؟! .... البندول رَكـَن
.