الفنان الاماراتي الراحل عبدالله حميد

[بوحميد الظاهري]

كـفـانـي مـاجـرى مـنـك

كلمات الشاعر الاماراتي سالم أبو جمهور

الحان الموسيقار عيد الفرج

فقدته «الساحة الغنائية الإماراتية»
عبد الله حميد.. غيّبه الموت وأنصفته أغانيه الأصيلة


عبدالله حميد في آخر حواراته مع «الاتحاد»
تاريخ النشر: الإثنين 21 أكتوبر 2013
فراس جبريل

غيّب الموت واحداً من أصحاب الأصوات الحانية المميزة في ساحة الغناء الإماراتي والخليجي والعربي، وفناناً تميز بقوة إحساسه ورهافة أغانيه التي كانت تعبر عن أبناء جيله في حقبة عاصر فيها كبار المطربين الخليجيين والعرب، وقد أطلق أولى أغنياته العاطفية المؤثرة عام 1983 بعنوان «كفاني»، التي كتب كلماتها الشاعر الإماراتي سالم أبو جمهور ولحنها الموسيقار عيد الفرج، وعلى الرغم من هذا الغياب المفاجئ، للفنان عبدالله حميد الذي ودعه المشهد الإماراتي مؤخراً، إلا أن صوته العذب لم يزل عالقاً في كل القلوب المحبة لفنه الجميل.

بغياب الفنان عبدالله حميد، فقدنا واحداً من زمن الفن الجميل، فقدنا صوته الشجي المعبر والنغم الأصيل ويكفي أن من أهم ميزات المطرب الراحل عبدالله حميد أنه كان مخلصاً لفنه مهموماً بقضاياه، يحرص على أن يقدم أغنيات من نبع إحساسه المتفجر بالحب والأمل والعشق والألم في بعض الأحيان، فقدم لنا صورة مضيئة للفنان الذي يحترم فنه وجمهوره عبر سنوات عاشها في محرابه الخاص، لكنه في النهاية ودعنا بهدوء تاركاً خلفه رصيده الفني الثري، والذي سيظل الذكرى الخالدة التي تحيي فنه.

عزاؤنا للفن الإماراتي




وعن رحيل عبدالله حميد، يقول حسين الجسمي: رحمة الله عليه فقد كان من الفنانين الذين حافظوا على الأغنية الإماراتية بأصولها وآلاتها التي ورثناها عن الأجداد، كما كان امتداداً للفن الأصيل، حيث تعلمنا منه الغناء الصحيح، وعزاؤنا هنا للفن الإماراتي وللأجيال التي عاشرته، وأتمنى لأهله وجماعته الصبر والسلوان.
وفي اتصال هاتفي مع الفنانة أريام، قالت: فقدنا واحداً من الأسماء الفنية التي قدمت أغاني وطنية جميلة، معبرة عن حزنها قائلة: أقدم أحر التعازي لذوي الفقيد، ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته.

بشكل مفاجئ

أما عبدالمنعم العامري، فيقول: الفنان عبدالله حميد رحمة الله عليه من الأشخاص الذين أصابهم المرض قبل فترة وبشكل مفاجئ وذهب للعلاج في كوريا الجنوبية، لكن قدر الله كان الأسبق ووافته المنية في هذه السن، فقد كان من الفنانين الذين قدموا الأغاني الوطنية والأغاني الخاصة بدعم المنتخب الوطني الإماراتي، إلى جانب أنه تميز بالأغنية الإماراتية التي عاشت بين جمهوره وأهمها «كفاني» التي تعد من أشهر أعماله.

ويضيف العامري: حميد من الفنانين الذين ظهروا بوقت الفنان الراحل جابر جاسم رحمه الله، ونحن لا نملك الآن سوى الدعاء له بالمغفرة وأن يكون مثواه الجنة وأن يصبر أهله بهذا المصاب.




آخر حواراته مع «الاتحاد»
في آخر حوار له نشر في جريدة «الاتحاد» بتاريخ الثلاثاء 17 يناير 2012، أبدى عبدالله حميد شيئاً من العتب المحبب على نسق فني مهيمن لا يراعي حقبات ماضية شكلت جزءاً حيوياً من التاريخ الفني، يحيره ذلك التغاضي المجحف عن أصوات شجية كانت لها بصماتها الواضحة في دنيا الطرب والغناء، يتذكر زملاء له من أصحاب المواهب الحقيقية كيف أصابهم الإحباط ودفعهم للتخلي عن أحلامهم الفنية، يتحدث عن خالد محمد، وإبراهيم الماس، وسالم عثمان، وغيرهم من رفاق الدرب الطويل، يصنفهم كعلامات على جيل فني منسي حكم عليه بالتلاشي والانحسار، ويستغرب كيف أن بلداناً كثيرة تحتضن فنانيها حتى عندما يبلغون من العمر عتياً، يشير إلى السيدة فيروز التي لا تزال تقيم الحفلات، وتحظى بحضور قياسي في حفلاتها، بالرغم من تقدمها في السن، كذلك الأمر بالنسبة إلى الفنان وديع الصافي وسواهما كثير، ويتساءل حميد، كيف يتم التغاضي عن أبناء جيلنا، ونحن ما زلنا في مرحلة نستطيع عبرها العطاء والإجادة، بل يسعنا الزعم، ومن دون مبالغة، أننا يمكننا أن نشكل إضافة ذات شأن إلى اللوحة الفنية المعاصرة، يسعنا الجزم، يتابع حميد بثقة، أن قديمنا يمنح الجديد نكهة متفردة قد لا يسعه إدراكها من دوننا. وأضاف حميد حول تقييمه لواقع الفن الإماراتي: أرى أن الفن الإماراتي يسود ساحة الغناء الخليجي راهناً، ويفرض وجوده على مساحات أخرى من الوطن العربي.

الابتعاد عن الساحة

لأن عبدالله حميد، يؤمن بأن الفن هواية في البدء والخاتمة، فهو لم يشأ احتراف الفن، فقد عمل موظفاً في رئاسة القسم الموسيقي في وزارة الثقافة، ليكتشف لاحقاً صعوبة التوفيق بين الوظيفة وبين العمل الفني، خاصة عندما اضطر للتوقف عن ممارسة الغناء لظروف عائلية ومهنية طيلة عقد من السنين امتد بين الأعوام 2000 و2009، لكن عزيمته وثقته بقدراته الفنية شجعتاه على العودة مجدداً إلى المضمار الفني بعد تقاعده من الوظيفة، مدركاً أن لديه ما يقدمه في سياقه، وعن هذه الحيثية يقول حميد: أعرف أنني تخلفت عن الركب، وأن الذاكرة الفنية قصيرة المدى، وهي لا تختزن الكثير، كما أدرك أن الزمن الحالي هو غيره بالأمس، وأن هناك وجوهاً وأصواتاً تأخذ فرصتها راهناً، لكنني مع ذلك مؤمن بوجود مكان لي، وأصر على أن أشغله.

نعي عبر «تويتر»

نعى عـدد من فنـانـي الإمارات الفنان الراحل عبدالله حميد عبر برامج التواصل الاجتماعي «تويتر»، حيث قال الفنان عيضة المنهالي في تغريدة له عبر حسابه «اللهم اغفر لعبدك عبدالله حميد المرزوقي ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس».

وقالت الفنانة أروى أحمد عبر حسابها الشخصي: «رحيل فنان من فناني الزمن الجميل في الإمارات... الفنان القدير عبدالله حميد .. وداعاً وإلى جنـات الخلد».