ثلاثون سنة مرت على رحيل شيخ الطرب الشعبي،
"القاعدة المصرية للأغنية الشعبية" كما أسماه الأديب الراحل طه حسين،
المطرب القدير محمد عبد المطلب
كم جميل أن نستعيد اليوم سيرته ونقلّب أرشيفه، وذكرياته وأغنياته
وآراء فيه، فيمثل أمامنا مشهد طربوشه المتمايل فوق رأسه، مع كل "قفلة" تطريبية،
أو "عُربة" موال.
وكم مؤسف أن لا ينال حقه من التكريم والاحتفالات أسوة بغيره
من رموز النهضة الغنائية، ربما بسبب الظروف السياسية المعقدة التي يمر بها العالم
ا لعربي منذ سنوات، لكنه يبقى رمز الطرب الشعبي، وموال الأغنية العربية، الذي ملأ
ليالينا طرباً وطيبة، طوال عقود استمرت منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
عاش محمدعبد المطلب عبد العزيز الاحمر، فقراً مدقعاً حتى الجوع،
قبل أن ينال الغنى والثراء. تدرج في عالم الغناء من كورس سنّيد، ثم زامل كبار المغنين
حتى وصوله إلى مصافهم فينظر الجمهور العريض الذي توّجه على الاغنية الشعبية
وعامله معاملة الكبار احتراماً وحباً لأعماله، لكنه تميز عن الفنانين باستمرار
اعتباره ابن البلد البسيط، العشري، الشهم الناطق بلسان حال البسطاء والمتعبين
والمغرمين في أبسط مبادئهم وعيشهم، حتى إن رمضان لم تكن له نكهة من دون "طِلب".
وبعد أن كان يحلم بمجرد مرافقة عبداللطيف البنا في الأفراح "..
ليس لشيء سوى الاستمتاع بصوت عم عبد اللطيف، وإن كان عبد اللطيف
يقذفونه بالجنيهات الذهبية فلا مانع لدي من أن يقذفوني بالبيض والطماطم..."،
وإذ به بعد حين يحتل مكانة لدى عشاق الطرب فيقذفونه بالجنهيات الذهب.
وأخيراً، ثلاث أمنيات رحل من دون تحقيقها،
فيلا وسيارة فخمة ومائة ألف جنيه في البنك.
الصوت الشعبي المُحكم
امتلك محمد عبد المطلب صوتاً متماسكاً قوياً، محكم السبك، واضح النبرة،
واسع المساحة، سليم المقامات، مع بحة رجولية محببة، غير مسبوقة، وأسلوب أداء خاص
لم يقلد فيه أحداً من سابقيه ولامجايليه، ينضح حلاوة وشغفاً وعفوية، يجعل جمهوره يضج
ويصيح ويتأوه كلما تصاعد موالأ و قفل جملة لحنية أو صوت مؤثر في معان تمس عمق الإنسان.
ما تزال بحته ماثلة في الأسماع، وصوته الأجش، العريض، الجهير، معششاً يتردد في الضلوع،
نشتاق اليه فنستعيده في كل مناسبة، وحين نسمعه تزدحم أمامنا الصور والمشاهد من
ذاك العهدالجميل، عهد الفن العالي. عهد النغمة الغنية بالمقامات والنغمات والايقاعات،
والكلمة المشحونة بالعواطف، الثرية بالمفردات. عهد الصوت البليغ القادر على استحضار
لحظات السلطنة والارتجال من المخزون الداخلي والارتحال في عالم الأنغام،
فيسافربسامعه في سماوات الأحلام والآمال. عهد الحب الرومنسي الحقيقي
الخالي من المصالح والغايات.
كل ذلك ينطبق على فن الراحل الكبير محمد عبد المطلب، الذي أسس لقاعدة شعبية عريضة
في كل البلدان العربية، والجميع يستقبل صوته بالحنين نفسه، والعشق،والهوى ذاته،
وإن في اعتقادنا ان مكانته لدى "بلدياته" المصريين، قد تكون مختلفة عما نحمله
نحن في حنايانا لهذا المطرب الشعبي والقدير.
في رأينا، ونكاد نجزم إن محمد عبد المطلب رفع من مستوى الأغنية الشعبية في مصر
كلاماً ولحناً وأداءً، حتىصار علامة بارزة ومدرسة تحتذى، صحيح إن فنه لم يأت من فراغ،
لكن حين نتأمل نتاجات رحلته الغنائية، نجد أنه ربما نهل أيضاً بمدرسة الحكواتي وهي مدرسة
في فن التأليف الروائي الشعبي وفن الإلقاء، لذلك رفض الركاكة في كلام أغنياته والضعف
أوالابتذال فيها، ورفض السهولة والبساطة المتمادية في الألحان وتكرار الجملة الشعبية.
الحكواتي ما يزال حتى اليوم يحتل مكانة لدى العامة في مصر، يستمعون إلى الحكايات
مثل سيرة أبي زيد الهلالي وعنترة وعبلة غيرها. يخاطب الجمهور العريض المحتشد
أمامه في ليالي رمضان الطويلة، يجلس أمامه مشدوداً يتابع تفاصيل الرواية بكل أحداثها
المفرحة والمحزنة والمأسوية، ولكي يضفي عليها الحيوية، يتغنى أحياناً ببضعة مقاطع
غنائية فطرية اللحن والأداء ترافقه آلة شعبية هي "الربابة" غالباً أو "الأرغول"
مع طبل أو آلات إيقاعية أخرى.
وقد يكون "طِلب" نهل من الروحية الفطرية لهذه المدرسة، من هنا ربما يبدو أداؤه بالنسبة للبعض،
قريباً من أسلوب الحكواتي ،. أداء سلس، واقعي، وكأنه يترنم برواية من روايات العشق والغرام والمغامرة،
وقد يكون هذا صحيحاً للبسطاء، إلا أن الصحيح أيضاً إنه كان يتقن النغمات ويتلاعب بها حسب مزاجه
وسلطنته، بل ويزيد في الانتقالات المقامية في المواويل بشكل لم يسبقه ولم يشبهه فيه أحد يتمثل بإمكانيته
في الجمع بين القدرة الأدائية الفطرية، والخبرةالمقامية العلمية، وهذا بالتالي يظهر وكأن ما يغنيه بسيط وسهل،
لكن أهل العلم المقامي يعرفون إن في بعض أداءاته صعوبات تقنية وجماليات ذات خصوصية
لدى الفنان،وبصمة خاصة به.
من هنا ندرة تقليده من جيل المغنين الجدد، وقلة منهم من توصل في نبرته وفي طريقته من طريقة ونبرة وصفات صوت عبد المطلب،
في وقت تمكن مطربون من تقليد فنانين كثر من الجيل القديم بشكل أو بأخر، مثل محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ.
وربما الوحيد الذي اقترب من عبد المطلب نبرةً وأسلوباً إلى حدّ بعيد، هو المغربي فؤاد زبادي، الذي ظهر قبل سنوات
عبر دار الأوبرا المصرية، ومايزال مسجوناً في إطار المطرب الشعبي الراحل.
إضافة إلى أن "طِلب" كان يختار كلمات أغنياته، بذوق المثقف ابن البلد، ومن صميم يوميات الأخير،
وهو الرائح الغادي، في الأحياء الشعبية ، لم يبتعد عن أولاد حتته، وساكنيها، بقدر ما كان يقتربمنهم أكثر،
كلما سافر وارتحل في البلاد، بل يبقى في الأذهان: "ساكن في حي السيدة" وينادي بمبادئ "الناس المغرمين"،
و يسأل عن "بياع الهوى راح فين" أو بساطة العاشق "ما بيسألش علي أبداً"، والقائمة تطول وتتعدد
الأغنيات لكن عبق الأحياء الشعبية وروائحها ماثلة فيها، ولابد أن تخطر في البال مشاهد حي الحسين
والسيدة زينب وخان الخليلي وشارع محمد علي والمقاهي وروادها من أولاد البلد الطيبين
من خلال جمله الغنائية والموسيقية.
ولم يقلل من شأن المغني المبدع تغيرات طرأت على صوته، في سنواته الأخيرة،
وتكاد هذه التغيرات لا تؤثر على عناصره التعبيرية وخبرته وإحساسه سوى فقدانه بعض
لمعان الصوت الذي كان في البدايات حيث الوضوح والصفاء واتساع المساحة الصوتية.
وهو نتيجة فهمه الفطري لهذا الأمر حاول في أدائه أن يلجأ إلى التعبير الزخرفي
وتجميل اللحن بابتكار تفاصيل تزويقية تضفي على الأداء روحاً متجددة
وتعطي المغني فرصة الانطلاق بمهاراته في التصرفات اللحنية
وتفننه وإحساسه في التعبير الذي يغني به.
مدرسة طِلب
تعاون عبدالمطلب مع محمود الشريف الذي أثمر باقة متنوعة من أجمل شعبيات الغناء العربي
يعتبره بعض النقاد من أكثر الثنائيات نجاحاً وانتشاراً، وبرأي آخرين إن ما يميز أسلوب عبدالمطلب
في الغناء، وما يجعله مدرسة احتذت بها أصوات عديدة جاءت فيما بعد، هو أسلوبه في استخدام صوته
وتحكمه في خروج الصوت وتقطيع الأنفاس، وفي عناصر التعبير ومن خلال تفخيم بعض الكلمات والحروف
ووضوح النطق والتحكم في التنفس ومراعاة زخارف الصوت وتحليات الأداء وهي طريقة تميز
أداء عبد المطلب ، سار عليها من بعده بعض الأصوات في بداياتها. على سبيل المثال شفيق جلال
ومحمد رشدي ومحمد العزبي وعزت عوض اللهوابراهيم عبد الشفيع وغيرهم".
بدايات
بدأت قدرات عبد المطلب الفطرية تظهر منذ نشأته في "شبراخيت"، جنوب الاسكندرية،
وما لبثت أن بدأت المهارات في الأداء والتدريب على نطق الحروف وإصلاح مخارج الألفاظ
مع حفظه وتلاوته للقرآن الكريم في قريته، إلا أنه لم يكمل دراسته إذ انشغل في سماع الأغاني
عبر جهاز "غرامفون" قديم كان يمتلكه صاحب مقهى القرية، حيث كان يبث بضع
أسطوانات لمشاهير العشرينيات من القرن الماضي من بينهم أغاني عبد اللطيف البنا
المطرب المفضل لدى عبد المطلب، وكذلك عبد الحي حلمي ومطرب الآهات محمد أنور.
البنّا كان المدرسة الأولى لعبد المطلب تعلم فيها ملكات الأداء وقدرات التعبير وأساليب إتقان الغناء
فحفظ أغنية البنّا المشهورة "قاضي الغرام" وبقي يرددها ويندمج
معها حتى بلغ شوطاً في قدرة التعبير وجودة التقديم.
وحين انتقل إلى القاهرة بقيت متعته في التردد على المقاهي وسماع الاسطوانات والانتظام في حلقات
الإعجاب التي كانت تحيطب من يقدمون المواويل والحكاوى الشعبية في مقاهي ذلك الزمن.
في أواسط العشرينات اقتنع داود حسني بصوت عبد المطلب فضمه إلى "الكورس" الذي كان يسمى حينها "المذهبجية"
نظراً إلى أدائهم المذهب بعد انتهاء المطرب من كل غصن أو مقطع من الأغنية ، ويعترف عبد المطلب بفضل
حسني في تعرفه إلى أصول الغناء، وفهم المقامات وأساليب الغناء الشرقي .
عبد المطلب يروي بدايته في القاهرة
"... ركبت الترام لأول مرة في حياتي وانكفأت على وجهي عندما ساردفعة واحدة وكنت وقتها أقف على السلم، نظرت فوجدت الناس حولي لمساعدتي وكمية منالبن فوق جبيني لوقف النزيف وضعتها سيدة رحيمة لا أعرفها صرخت وهي تدق على صدرها.. اسم الله يا ضنايا! .. بعدها وصلت إلى اللوكاندة العثمانية بالعتبة وهناك استأجرتحجرة ضيقة بخمسة قروش.. هل أصفها لك .. ليس هناك أبلغ من وصف شاعر البؤس عبد الحميدالديب في حجرة مماثلة كان يسكنها:
لكم كنت ارجو حجرة فأصبتها بناء قديم العهدأضيق من ثقب
تراني بها كل الأثاث فمعطفي فراش لنومي أو وقاء من برد
أماوسادتي بها فجرائد إذ تبلى على حجر صلد
ونمت في هذه الليلة حتى الصباح وكان ذلكبالتحديد في 4 أكتوبر عام 1925، وفي الحجرة ذاتها وعندما استيقظت لم أركب الترامهذه المرة خوفاً من ألا أجد تلك اليد الرحيمة التي وضعت لي البن لتضمد جراحي بلأخذتها "كعابي" ووصلت إلى معهد الموسيقى وبدأت أتردد عليه...
كان الموسيقار محمدعبد الوهاب يومئذ يقوم بزيارة المعهد لإجراء بروفات أغانيه في إحدى القاعات ومن هنابدأت علاقتي به..لم تكن متينة.. تعمقت أكثر عندما انتابتني حالة من اليأس والضياعحيث لم يكن لدي يومها رأسمال ولا حتى قرش صاغ واحد أدخل به مطعم فول وأتناولإفطاري..يومها سرت إلى شارع توفيق حيث كان مكتبه وشكوت له حالي .. أعطاني عشرةجنيهات وقرر أن يضمني إلى أفراد فرقته برتبة "مذهبجي" يعني كورس..
مقاطعته لعبدالوهاب
يكمل "طٌلب" حكايته،يقول:
"...وظللت في هذه الرتبة حتى خاصمت عبد الوهاب بسبب سفره إلىباريس لتحميض فيلم "الوردة البيضاء" وأخذ غيري بعد أن وعد أن يأخذني.. لذلك قررتمخاصمته والانفصال عنه والغناء بمفردي في الصالات والملاهي".
قبل عمله في كورسمحمد عبد الوهاب، كانت كازينو بديعة مصابني محطة، هامة، منحته الخبرة في الغناء،زامل مطربين كانوا في بداية مسيرتهم الفنية: فريد الأطرش ابراهيم حمودة، محمودالشريف، محمد فوزي....وغيرهم، وكان مثلهم آتياً من خارج القاهرة، من بلدة شبراخيت،باحثاً عن فرصة للغناء. ويقول في هذا:
"هناك غنيت كل أغاني عبد الوهاب القديمة،ثم غنيت كمطرب مستقل "كان ليه خصامك ويايا يا ناسيه حبي وهوايا" وبدلاً من أنيقذفني الناس بالبيض والطماطم كما كنت أتوقع حدث لي تماماً ما كان يحدث لعبد اللطيفالبنا فإذا الناس تخلع علي من فرط الطرب أغلى ما يرتدونه وتقذفني بالجنيهاتالذهبية... وعرفت النقود طريقها إلى جيبي للمرة الأولى..".
وهكذا شق "طلب" طريقهووقف في مصاف الكبار وتجاوز شهرة مطرب الموال عباس البليدي، ليسمى "مطرب الموالالأول".
ملحنون في حياة عبد المطلب
ثنائي عبد المطلب ومحمود الشريف
في العام 1932 جاء إلىالقاهرة من الاسكندرية الملحن محمود الشريف وبدأ يزاول نشاطه في ملاهي القاهرة وشدانتباهه صوت عبد المطلب وطريقة أدائه للموال الشعبي الأصيل، فعهد إليه المؤلف محمدعثمان خليفة أغنية "بتسأليني بحبك ليه" لكي يغنيها ابراهيم حمودة، لكن بعد أن فرغمحمود الشريف من تلحينها وجد إن اللحن مناسب لصوت محمد عبد المطلب، ومن هنا كانتانطلاقة جيدة له خاصة بعد أن سجلها على أسطوانة أتاحت له الشهرة.
في أواخرالثلاثينات، بدأ عبد المطلب مرحلة جديدة في الغناء، أكسبته شهرة واسعة وكان رفيقاًللملحن محمود الشريف، ومن صالة بديعة مصابني بدأت صداقة عميقة بين (طلب) و محمودالشريف فطار صيتهما معاً، في غنائيات مبدعة أحبها الناس خاصة في لحن "ودع هواكوانساه وانساني" الذي كتبه محمد علي أحمد، "إسأل مرة علي"، "يللي سقيتني الهوى"، "بياع الهوى"، "يا سايق الجندول عدي"، "يا اهل المحبة".
استمرت الصداقة والأخوةبينهما فترة طويلة وكانت تعتبر مثالاً للصداقة النادرة وخاصة في الوقت الذي هجر عبدالمطلب الفن بعد فشل إنتاجه لفيلم "تاكسي حنطور" و"الصيت ولا الغنى" وخسر فيهما كلما كان يمتلك، ثم بعد أن أصبح عبد المطلب عديلاً لمحمود الشريف في زيجة عبد المطلبالثالثة والأخيرة. ويعتبر محمود الشريف من أهم الملحنين الذين غنى لهم.
حملة ضد منير مراد
عندما التقى طلب المحلن منير مراد، داربينهما الحوار التالي:
ـ إيه يا منير مش عايز تدخل التاريخ.
تحت أمرك يا ابونور.
ـ إذا أردت أن تدخل التاريخ فعليك أن تقوم بلحن لعبد المطلب.
قال منيرمراد ضاحكاً
هذا شرف كبير لي يا ابو نور. ثم قام مراد بتلحين عدة أغنيات كييختار منها ما يصلح لعبد المطلب.. وفي آخر لحظة قال منير مراد لطِلب:
أنا مشعايز أعمل لعبد المطلب لحناً تقليدياً. عايز أعمل له حاجة جديدة تختلف عما يغنيه.
فما كان من عبد المطلب إلا أن أعطى كلمات "الليل" وهي شعبية تقول:
الليلموال العشاق
وجناح الشوق والأشواق
وانا ليلي يا عيني طويل
صابر والصبرجميل....
وبعد أن قرأ منير مراد الكلمات قال لي ـ حسب طِلب ـ :
سوف أقومبتلحين هذه الكلمات بطريقة "الجيرك". (ذات إيقاع غربي، كان سائداً في تلكالفترة.
وفعلاً قام مراد بتلحين كلمات الأغنية الشعبية على هذه الطريقة ثم أسمعاللحن لعبد المطلب الذي قال فور سماعه:
ـ إيه الحكاية يا منير.. عايزني أغني "خواجاتي" على آخر الزمن؟؟؟
أنا عايز اقدم حاجة جديدة معاك. فرد عبد المطلببطريقته الساخرة:
ـ روح يا منير أعط هذا اللحن لفرانك سيناترا.
حاول منيرمراد اقناعه بغناء هذا اللون الجديد لكنه فشل. وبدأ عبد المطلب حملة سخرية واسعة ضدمنير مراد وكان يروي لكل من حوله وفي كل مناسبة وبطريقته الساخرة قائلاً: منير مراديريد أن ألبس "برنيطة" على آخر الزمن.. وعايزني أغني بالافرنجي.
ودارت الأياموسمعت المطربة شريفة فاضل اللحن وأعجبها وسجلته ونال شهرة ونجاحاً منذ أول حفل غنتهفيه، وفيما بعد كان عبد المطلب يود إنتاج فيلم "5 شارع الحبايب" فطلب من بليغ حمديأن يلحن له أغنية للفيلم على طريقة "الجيرك" ولما قيل له بأنه رفض أغنية "الليل" لأنها على إيقاع "الجيرك"، قال بكل طيبة:
ـ ما ليش نصيب فيها.. مبروك على شريفةفاضل.
كمال الطويل
جميعنا تقريباً نعشق لحن "الناس المغرمين". لكن ربما غالبيتنا لا يعرف إنه اللحن الوحيد الذي وضعه عملاق آخرمن عمالقة التلحين العربي، كمال الطويل.
هذا اللحن الخلاق يعتبر من قلة نادرة منأصوات الرجال التي لحن لها الطويل إلى جانب ألحانه العديدة المبدعة لعبد الحليمحافظ وأصوات نسائية عدة.
هذا اللون الغنائي الذي دمج فيه الملحن القدير، كمالالطويل، الشعبي بالتطريبي، اعتبر من أكثر الألحان التي ساهمت في خروج عبد المطلب منالحدود المألوفة للغناء الشعبي.
رياضالسنباطي
لعل أشهر العلامات الغنائية في مسيرة طِلب الفنية، أغنية "شفتحبيبي" التي وضع لحنها الموسيقار الكبير رياض السنباطي الذي كان يخلص في ألحانه وفيتقديم النصيحة للأصوات التي تؤدي ألحانه. ورغم إن النصح أفادت عبد المطلب في غنائهحتى آخر عمره، إلا أن أغنية "مخاصمنا ومش بيكلمنا" التي وضعها له السنباطي لم تحققالنجاح نفسه الذي حققته الأولى أيام كان صوته الجهوري يهز من يستمع إلى "شفتحبيبي".
ملحنون آخرون
تعاون محمد عبد المطلبمع ملحنين آخرين إلى جانب محمود الشريف ومحمد عبد الوهاب الذي لحن له في البداية "كان ليه خصامك ويايا" من كلمات علي شكري.
ولعلنا لا ننسى أغنية "حبيتك وبحبكوحا حبك على طول" التي تعد محطة في سلسلة نجاحات "طلب"، وهي من لحن عزت الجاهلي. ومنهم سيد مكاوي في أغنيته "إسأل مرة على" وبليغ حمدي الذي لحن له "حبيبتي يا مصر" وأحمد صدقي وعبد العظيم محمد ومحمد الموجي وعبد الرؤوف عيسى الذي لحن "يا حاسدينالناس" ومحمد فوزي الذي لحن "ساكن في حي السيدة" ولحن حسين جنيد "ما بيسألش عليأبداً".