عالم مقام الشوق أفزا

[بحري]

والآن ...

إلى قالب الموالات والذي يعرف بمصطلح الاتراك بغزل شوق أفزا ( مثلا )


موال غزلي تركي وبعنوان ( آي غونول الله يجين )
وهوعلى مقام الشوق أفزا ويؤديه المغني إيزاك الغازي أفندي

وباقتدار كبير وبصوت مطواع , ويتابعه في التقسيم عازف قانون
محترف وكبير


مما لاحظته وفي كلا هذين الموالين أن العازفان كانا يقفان عن العزف تماماً عندما كان المغني يغني , ثم يتابعان الترجمة في العزف , ويقومان بالتقسيم عندما يقف ويسكت المغني عن الغناء


كما لاحظت بأن عازف القانون كان يقسم وبِنَفَس هو أقرب ما يكون فيه إلى النّفس العربيّ منه إلى التّركي , وبروح شرقية كلاسيكيّة مطربة ومشرقة

[بحري]

موال غزلي رائع وعلى مقام الشوق أفزا يؤديه باقتدار الحافظ يسار ويرافقه بالعزف على آلة الطنبور , الطنبوريّ والملحن التركي الكبير جميل بن توفيق بك الطنبوريّ وضمن اسطوانة تركية قديمة

ومطلع العنوان هو ( ساني زولفون )

[بحري]

لم يتبقّ لديّ من شواهد تلحينيّة وعلى مقام الشوق أفزا سوى ما يتعلّق بقالب السماعي وقالب الميدحال
وسأرفع ذلك غداً إن شاء الله

[ولدعلي]

بارك الله فيك شيخنا .. دراسة علمية جبّارة وغاية في الروعة والإبداع .. ماشاء الله وبدون مجاملة فأنت بشخصك المتواضع تعتبر أكادمية علمية وثروة ثمينة للموسيقى الشرقية ..

[بحري]

في القائمة هذه أربعة سماعيات وعلى مقام الشوق أفزا وهي هذه :

1- سماعي الشوق أفزا لمحمد سعيد دده

2- سماعي الشوق أفزا للكماني آيدين أوران

3- سماعي الشوق أفزا لأديم شاهين

4- سماعي الشوق أفزا لمظفر بير تان

وأما امبراطورها فهو سماعي الشيخ الناياتي سعيد دده وهو ينتهي في التسليم بطريقة مقام الشوق أفزا وبأسلوب العجم عشيران

تنبيه :

تحليل هذا السماعي جاء وفقاً لما ورد في هذا التسجيل والذي يحمل عنوان :
( سماعي الشوق أفزا وضمن اسطوانة تركية قديمة ) حتى يتفق زمنه مع زمن الشرح وبالدقائق والثواني


سماعي الشوق أفزا للناياتي سعيد دده

أول معرفتي بالشوق أفزا ومنذ حداثة سني كانت عن طريق هذا السماعي العجيب , حيث أثّر فيًّ تأثيراً بالغاً , وترك فيّ شعوراً غريباً وإحساساً مقشعراً لا ينفكُّ عنّي مدى الدهر وكلما سمعتُ ألحانه وترديده , وتفكرتُ في أجزائه وتراكيبه .


حيث أذهب بالخيال معه إلى صور وجدانية ومشاعر وذكريات غريبة عجيبة , يأتيني عبقها من الماضي السحيق , وتعُجّ صورها بمختلف ألوان ونكهات الأسى والألم والحزن الدفين , كما لا تخلو تلك الصور من بعض مواطن اللذة المنعشة , والنشوة االمصَحِّية , كنزول ماء بارد على قلب مضنى ظمآن ٍ مشى طويلاً في حرِّ هاجرة محرقة , وخصوصاً فيما ورد ضمن الخانة الثالثة منه وفيما قبل نهايتها تحديداً والإقتراب من التسليم .

حقيقة ... هذا السماعي هو مما لا تنقضي عجائبه , ولا تفنى تأثيراته , وهو أعظم ذكرى لمن ألقى السمعَ وهو شهيد



الخانة الأولى والتسليم :

يبتدئ أول صوت في مجرى اللحن من نقطة صوت ( الفا ) قافزاً إلى صوت الكردان وبنفس الأسلوب والبداية التي وردت في بشرف نعمان آغا .. لو تذكرون ..

ولدى الرجوع إلى تاريخ ِ ولادةِ ووفاةِ كل ٍ منهما , نجد أنَّ الشيخ سعيد دده هو من تأثر بهذا الإستهلال والإقتباس منه

لأنَّ الطَّنبوريّ نعمان آغا كان من المعمّرين حيث ولد سنة 1750 م وتوفي سنة 1843 م أي عاش 93 عاماً ,
أما الشيخ سعيد دَدَهْ النَّاياتي فقد ولد سنة 1809م وتوفي سنة 1853 م
أي توفي شابا حيث عاش 42 عاماً فقط

وربما لو عاش أكثر لكان قد أسعد البشرية الموسيقية بفنه وتلحينه وإبداعه المنقطع النظير , فسماعيه اليتيمُ هذا هو من أشهر ما ذكر على هذا المقام , فكلما ذُكِرَ المقام خطرَ على الذهن والخيال سماعي الشيخ سعيد دده هذا رحم الله الإثنين وأنزل على روحَيْهما شآبيبَ مغفرته ورضوانه


نعود للحديث عن السماعي :


قلنا بأن السماعي يبتدئ في أول صوت منه بعلامة الفا ثم يقفز إلى ملامسة صوت الكردان ليهبط من بعدها متلاعباً وملامساً لدرجات وأصوات الفا دييز والفا ودرجة المي ..

ليتصاعد من الأخيرة تلك رويدا رويداً حتى يصل مجدداً إلى ملامسة صوت الكردان مع صنع حجاز مصور عليه ومستقراً في نهاية مطافه على صوت العجم ( السي بيمول )

ثم يتابع هبوطه لعمل حجاز على صوت الفا وليصعد مجدداً وبحركة سريعة خاطفة لملامسة صوت يعلو فوق صوت الكردان بنصف درجة وهو ( الدو دييز الجواب ) ثم ليهبط بشكل قفز بين العلامات ومن الأعلى ( الدو دييز الجواب ) وحتى صوت الفا

لكنه وقبل أن يقف على الفا , يشير إلى ملامسة الأصوات التي تدل على نكهة العجم وهي ( صوت الكردي والمي بيكار ) وليهيئ الدخول في مجرى ومقتضيات التسليم البديع والذي جاء بصفوة ونكهة مقام العجم وبإيراد مقشعر ومهيب , وواقد لجذوة الإحساس , ومفزعه من مرقده

وأجمل ما في كل سماعي هو تسليمه وقد جاء التسليم مع الخانة الأولى وفيما ها هنا وفق َ أحسن ِ اتّساق , وأجمل نظام , و أبدعَ كينونة , وأعظم إيراد
الخانة الأولى والتسليم كان في بداية التسجيل وحتى ( 56 ثانية ) منه

الخانة الثانية والتسليم :

ابتدأت في ( 57 ثانية ) وانتهت في الدقيقة والخمسين ثانية ( 1, 50 ثا ) من التسجيل
وقد جاء مجرى اللحن فيها من ضمن قرارات المقام وكما تقتضيه قواعد وضوابط تلحين السماعيات وبما استلزمه الشعور الإنساني الطبيعي وسلّمتْ به أحاسيس الفطرة السليمة
حيث كان الخوض والمجرى ضمن أصوات حجاز الفا وحساسه , والتصاعد شيئاً فشيئاً حتى الوصول إلى عفقة حجاز كار الفا
ثم الهبوط من جديد إلى أن يصل إلى قراره وهو حجاز الفا وليأتي من بعدها التسليم للعجم عشيران

الخانة الثالثة والتسليم :

ابتدأت الخانة الثالثة من زمن ( 1, 51 ثانية ) وانتهت في ( 2 , 45 ثانية ) من التسجيل

والخانة الثالثة هذه , بديعة جداً , وهي ( بذوقي ) أفضل ما جاء في كل السماعي , حيث ابتدأت وبمناطق الجوابات العالية والحادة في المقام وكما يقتضيه ويتطلبه تلحين السماعي وشروطه

وابتدأت تلك الخانة اللحن من صوت المحير ( جواب الري ) وتماشت ما بين هبوط وصعود وبعمل ما يشبه أصوات الكردي وضمن المناطق الجوابية طبعا

ثم ارتقى اللحن , حتى وصل ذروته وأوجه في الصعود و إلى السقف المسموح به تلحينياً وللساز ( أي التأليف الآلي ) وهو صوت جواب الحسيني ( جواب L )


بينما المسموح به ضمن التلحين الغنائي هو الوصول إلى صوت وجواب النّوى ( الصول )
ثم ليهبط اللحن من الجوابات الحادة تلك وبأسلوب مشوق لذيذ , وحركات عذبة جميلة


وبإضفاء صبغة ِ برودة ٍ في الطبع , وإنعاش ٍ لذيذ ٍ للرُّوح وبعد كل تلك الإحماءات الحادّة والإنفعالات العالية
وبما يشبه الهبوط في شكل وأسلوب مقام الماهور حتى يصل به المطاف إلى استلام التسليم , وجمعُهُ تحت َ خانة ( لذَّة ِ النَّعيم )


الخانة الرابعة والتسليم :

ابتدأت الخانة الرابعة من زمن ( 2 , 46 ثانية ) وانتهت في ( 3 , 33 دقيقة ) وليأتي من بعدها التسليم وبما تبقى من الزمن وضمن ملف هذا التسجيل الأسطوانيّ الأنيق

والخانة الرابعة جاءت طبعاً وفق معايير تلحين السماعيات حيث يتم دوماً وضمن الخانة الرابعة بتغيير شكل الإيقاع والإنتقال معه إلى ميزان إيقاعيّ مختلف عن إيقاع وميزان السماعي والذي سمّي باسمه طابعُ اللحن والعمل

والخانة هنا جاءت على إيقاع ثلاثيّ الخطا وبأسلوبه البطيئ وهو إيقاع الفالص 3\4
أو قلْ إن شئت َ وكما يدونه الأتراك باليوروك سماعي والمرقم بمقياس 6\4
أي هو من مضاعفات الثلاثة

وقد حوى مجرى اللحن في الخانة الرابعة من هذا السماعي على حركات ضمن حجاز الفا وحساساته والهبوط السريع و الخاطف , لملامسة صوت العشيران ( السي بيمول ) وقد صوِّرَ عليه سلم مقام النَو أثر
وضمن الهبوط بحركة رشيقة لاهية

ثم ليصعد إلى عمل حركات وضربات على أوتار حجاز الفا وما فوقه وبإبراز إحساس مفعم بالحزن والشجو الحزين

إلى أن ينتهي كل ذلك ويقف على حجاز ( الفا ) ثم ليأتي التسليم من بعدها وينتهي معه هذا السماعيّ النادر والنّفيس


وأما سماعي الشوق أفزا للكماني آيدين أوران فهو أيضاً رائع ومؤثر وينتهي في تسليمه بطريقة الشوق أفزا وبأسلوب مقام العجم عشيران

وهذه بعض التسجيلات لسماعي الشوق أفزا للنيازي سعيد دده
وأولها وأهمها هو تسجيل قديم ورائع وضمن اسطوانة تركية

[بحري]

تسجيل لسماعي الشوق أفزا لمحمد سعيد دده وبأداء مجموعة وفرقة ( غونول مقامي )
وقدمت المجموعة أكثر من ستين حلقة تلفزيونية تحدثت فيها عن المقامات الموسيقية وذكرت عدة شواهد على كل مقام

وكان من بين المجموعة الناياتي والأسطا أحمد شاهين

[بحري]

سماعي الشوق أفزا للناياتي سعيد دده وبعزف جميل لإحدى الفرق الموسيقية التركية

[بحري]

سماعي الشوق أفزا لسعيد دده وبأداء مجموعة وفرقة الشيف مصطفى دوهان ديغمان

[بحري]

الخانة الأولى والتسليم للسماعي وبعزف ناي , ولاحظت بأن هناك عدم دقة في تناول العلامات الموسيقية في الخانة الأولى للسماعي , ثم اعتدلت في التسليم

[بحري]

سماعي الشوق أفزا للكماني آيدين أوران وهو من مواليد 1937
واعتزل العمل في إذاعة اصطمبول سنة 2002 وما زال حيّا يرزق
وسماعيه هذا هو من السماعيات الموفقة جداً وضمن هذا المقام , وقد جاء التسليم فيه والقرار وبأسلوب ( النّو أثر )