تجلس وحيده تَنضو عَنْ عُنقها قلائد الحزن والكآبه ، تنظر إلى ساعتها بين الفينه والأخرى ،
مازال موعده لم يحن بعد ، هذيان يلوح إلى جفونها غفوه ..ما كادت أن تستفيق من غفوتها خلال دقائق إلا أن
أكتظ المكان بالناس. وأضحى محشرا حقيقيا..انتابها شعوراً غامضاً وهى تموج وتترنح فى وجوههم ،
فدنت منها إلتفاته صعقت عيناها ؛وفغرت فاهها لهذه الصدفة التى رممت مشاعر مسفوكة من زمن .
أطالت النظر إليه لتتفحص قسمات محياه ، وما أضافه الزمن الحائر من لمسات عليها ... وسيما يافعا لم
يتغيربه شئ سوى بعض الشيب الذى تمرد على خصلات شعره . فى نفس اللحظة وجه نحوها سهم
نظرة تلقفتها بلهفه _ تقاذفه الخطوات نحوها وما ان اقترب منها حتى
أوقد هذا الجرح القانى خلف ضلعها الإيسر من جديد ؛
سألها عن حالها ؟
ردّت وهى تتلعثم بين شهقات مكتومة : أنت ..! آآراك مِنْ جديد بعد هذه المده
إبتسم قائلاً : وما الذى تغير فى غيابى
قالت : لم يتغير شئ البته
نعم ..ما زلتِ كما رأيتكِ أخر مرة جميلة رقيقة ، أتعلمين بعد أن فقدت أمل لقائكِ مرة أخرى ..إلا أن
طيفكِ كان يرافقنى راشاً فوق صحراء غُربتى رهاماً وبَرَدْ.
فارت منها بقايا تنهيده ، لبوحه الذى سقسق فى شرايينها حنين مخضب بشجن وألم سنين..
لفحتها خصلة من شميم العِطر... امراة اقتربت منه وهى تبتسم ، أمسك بيدها ومضى فى طريقهما ؛
باعث لها ابتسامه أبت أن ترحم بالها ... ظلت عيونها تُلاحقهما ؛حتى تلاشى ظليهما مع هذا الصفير الذى
أقتلع أخر جذور الأمل مؤذن موعد الرحيل. أسرعت لتلحق به تطرد النعاس عن جفونها وصدى كلماتها
الآخيرة يرتجف .. لم يتغير شئ البته !
تمــــت .....
فى 1/ 9/ 2009