كان الملا عثمان الموصلي من مجيدي تلاوة القرآن الكريم تجويدا وصوتا. سمع به السلطان فدعاه إلى اسطنبول ليكون مؤذنا في قصر يلدز، قصر السلطان. عمل هكذا لردح من الزمن ولكن روح الزهد الصوفي تمردت على حياة القصور فكرّ راجعا واستقرّ في حلب حيث أصبح شيخ الطريقة الصوفية هناك. وتميز بها بصوته وإجادته لفنون المقام. حلم ذات يوم ورأى في منامه الرسول
صلى الله عليه وسلم يعاتبه على عدم زيارته لقبره في المدينة. استفاق من نومه وعقد العزم على الحج إلى بيت الله العتيق وزيارة قبر الرسول.عاد إلى حلب, ويظهر أن معاتبة الرسول ظلت تشغل باله وتضرب على أوتار روحه الفنية. سرعان ما تفتق ذلك عن أغنية نظمها ولحنها وغناها وضمنها فلسفة المتصوفة بإدماج الحب بالإيمان وحب الله بحب الإنسان، والشوق لله ورسوله بالشوق للجمال والكمال. انها الاغنية الشهيرة "زوروني كل سنة مرة" التي قلما يوجد عربي لا يتغنى بها, ولاسيما بعد ان غنتها فيروز. نعرفها كاغنية رومانطيقية عن حبيب يعاتب حبيبه, ولكننا علمنا الآن ان الحبيب المقصود هنا ليس سوى حبيبنا محمد بن عبد الله. لقد اخذتها فيروز من سيد درويش الذي غناها في العشرينات بعد ان التقى الملا عثمان وسمعه يغنيها فطرب لها واقتبسها فاخذت مكانها بين العشاق.
هذه المعلومات التي نقلتها بتصرف من مقال للاستاذ خالد القشطيني في صحيفة الشرق الاوسط الصادرة في لندن, سمعها الاستاذ القشطيني من الفنانة الفلسطينية الجامعية ريم كيلاني في نطاق محاضرة القتها في لندن وتحدثت فيها عن دراسة تقوم بها حاليا عن سيد درويش.