ثانيا :- قصيدة مالك بن الريب ( منتديات العز الثقافية )
ألا ليتَ شِعـري هـل أبيتـنَّ ليلــةً
بجنب الغضَى أُزجي الِقلاصَ النواجيا
فَليتَ الغضى لم يقطع الركبُ عرْضَـه
وليت الغضى ماشـى الرِّكـاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى
.مـزارٌ ولكنَّ الغضـى ليس دانيــا
ألم ترَنـي بِعتُ الضلالـةَ بالهــدى
وأصبحتُ في جيش ابن عفّانَ غـازيا
وأصبحتُ في أرض الأعـاديَّ بعد ما
أرانـيَ عن أرض الآعـاديّ قاصـِيا
دعاني الهوى من أهـل أُودَ وصُحبتي
بذي (الطِّبَّسَيْـــنِ) فالتـفتُّ ورائيا
أجبتُ الهـوى لمّا دعانـي بزفــرةٍ
تقـنَّعـتُ منهــا أن أُلامَ ردائيــا
أقول وقـد حالتْ قُـرى الكـُردِ بيننا
جـزى اللهُ عمـراً خيرَما كان جازيا
إنِ اللهُ يُرجعنـي من الغـزو لا أُرى
وإن قـلَّ مالي طالِبـاً ما ورائـيـا
تقـول ابنتـيْ لمّا رأت طولَ رحلتي
سِفــارُكَ هـذا تاركـي لا أبا ليـا
لعمريْ لئـن غالتْ خراسانُ هامتـي
لقـد كنتُ عن بابَـي خراسان نائيـا
فإن أنجُ من بابَي خراسان لا أعــدْ
إليهـــا وإن منَّيتُمونـي الأمانيـا
فللـهِ دّرِّي يـوم أتــركُ طائعـاً
بَنـيّ بأعلـى الرَّقمتَيـنِ وماليــا
ودرُّ الظبَّـاء السانحـات عشيــةً
يُخَبّـرنَ أنّـي هـالك مَـنْ ورائيـا
ودرُّ كبيــريَّ اللذيــن كلاهـما
عَلــيَّ شفيقٌ ناصـح لـو نَهانـيا
ودرّ الرجـال الشاهديــن تَفتُُّـكي
بأمـريَ ألاّ يَقْصُـروا مـن وَثاقِيـا
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحابتي
ودّرُّ لجاجاتــي و درّ انتِهـائيــا
تذكّرتُ مَنْ يبكـي عليَّ فلم أجــدْ
سوى السيفِ والرمح الرُّدينيِّ باكيـا
وأشقـرَ محبـوكاً يجـرُّ عِنانــه
إلى الماء لم يترك له الموتُ ساقيـا
ولكنْ بأطراف (السُّمَيْنَةِ) نســوةٌ
عـزيزٌ عليهـنَّ العشيــةَ ما بيــا
صريعٌ على أيدي الرجال بقفـــزة
يُسّوُّون لحـدي حيث حُـمَّ قضائيـا
ولمّا تـراءتْ عنـد مـَروٍ منيتــي
وخلَّ بها جسمي، و حـانتْ وفاتـيـا
أقول لأصحابي ارفعـونــي فإنــّه
يَقـَرُّ بعينـيْ أنْ (سُهَيْلٌ) بـَدا لِيـا
فيا صاحبَيْ رحلــي دنا الموتُ فانزِلا
برابيــةٍ إنـّـي مقيــمٌ لياليــا
أقيماعلــيَّ اليـوم أو بعضَ ليلــةٍ
و لا تُعجلانـي قـد تَبيَـّن شانِيــا
وقوما إذا ما استلَّ روحــي فهيِّئـا
لِيَ السِّـدْرَ والأكفـانَ عنـد فَنائيـا
وخُطَّا بأطراف الأسنّــة مضجَعـي
ورُدّا علـى عينـيَّ فَضْـلَ رِدائيــا
ولا تحسدانـي بـاركَ اللهُ فيكمــا
من الأرض ذات العرض أن تُوسِعا ليا
خذانــي فجرّانـي بثوبـي إليكمـا
فقـد كنتُ قبل اليوم صَعْبـاً قِياديـا
وقد كنتُ عطَّافاً إذا الخــيل أدبَرتْ
سريعاً لدى الهيجا إلى مَنْ دعانيــا
وقد كنتُ صبّاراً على القِرْنِ في الوغى
وعن شَتْميَ ابنَ العَمِّ وَالجارِ وانيـا
فَطَوْراً تَراني في ظِـلالٍ ونَعْمـــَةٍ
وطوْراً تراني و العِتـاقُ رِكابيــا
ويوما ترانــي في رحاً مُستديـرةٍ
تُخرِّقُ أطـرافُ الرِّماح ثيابيـــا
وقوماً على بئـر السُّمَينة أسمِعــا
بها الغُرَّ والبيضَ الحِسان الرَّوانيـا
بأنّكمــا خلفتُمانــي بقَفـــْرةٍ
تَهِيـلُ عليّ الريحُ فيها السّوافيـا
ولا تَنْسَيا عهــدي خليليَّ بعد ما
تَقَطَّـعُ أوصالي وتَبلى عِظاميــا
ولن يَعـدَمَ الوالُونَ بَثَّا يُصيبهــم
ولن يَعدم الميراثُ مِنّي المواليــا
يقولون: لا تَبْعَــدْ وهم يَدْفِنوننـي
وأينَ مكانُ البُعـدِ إلا مَكانيـــا
غــداةَ غدٍ يا لهْفَ نفسي على غدٍ
إذا أدْلجُوا عنّي وأصبحتُ ثاويــا
وأصبح مالــي من طَريفٍ و تالدٍ
لغيري، وكان المالُ بالأمس ماليـا
فيا ليتَ شِعري هل تغيَّرتِ الرَّحـا
رحا المِثْلِ أوأمستْ بَفَلْوجٍ كما هيا
إذا الحيُّ حَلوها جميعاً وأنزلــوا
بها بَقـراً حُـمّ العيـون سواجيا
رَعَينَ وقد كادَ الظلام يُجِنُّهـــا
يَسُفْنَ الخُزامـى مَـرةً و الأقاحيا
وهل أترُكُ العِيسَ العَواليَ بالضُّحى
بِرُكبانِها تعلـو المِتـان الفيافيـا
إذا عُصَبُ الرُكبــانِ بينَ (عُنَيْزَةٍ)
و(بَوَلانَ) عاجوا المُبقياتِ النَّواجِيا
فيا ليتَ شعري هل بكـتْ أمُّ مالكٍ
كما كنتُ لو عالَوا نَعِيَـّكِ باكِيـا
إذا مُتُّ فاعتادي القبـورَ و سلِّمي
على الرمسِ أُسقيتِ السحابَ الغَواديا
على جَدَثٍ قد جـرّتِ الريحُ فوقه
تُرابـاً كسَحْق المَرْنَبـانيَّ هابيــا
رَهينة أحجــارٍ وتُرْبٍ تَضَمَّنتْ
قرارتُها منّي العِظـامَ البَواليـــا
فيا صاحبـا إما عرضتَ فبلِغـاً
بني مازن والرَّيـب أن لا تلاقيــا
وعرِّ قَلوصي في الرِّكاب فإنـها
سَتَفلِقُ أكبـاداً وتُبكـي بواكيــا
وأبصرتُ نارَ (المازنياتِ) مَوْهِناً
بعَلياءَ يُثنى دونَها الطَّرف رانيــا
بِعودٍ أَلنْجوجٍ أضـاءَ وَقـُودُها
مَهاً في ظِلالِ السِّدر حُوراً جَوازيا
غريبٌ بعيدُ الدار ثاوٍ بقفــزةٍ
يَدَ الدهـر معروفاً بأنْ لا تدانيــا
اقلبُ طرفي حول رحلي فلا أرى ..
به من عيون المُؤنسـاتِ مُراعيـا
وبالرمل منّا نسوة لو شَهِدْنَنـي
بَكينَ و فَدَّيـن الطبيبَ المُداويــا
وما كان عهدُ الرمل عندي وأهلِهِ
ذميماً ولا ودّعـتُ بالـرمل قالِيـا
فمنهنّ أمي وابنتايَ وخالتــي
وباكيـةٌ أخرى تَهيـجُ البواكيــا
يتبع بقية نصوص القصائد ( 3)