كتاب شيخ المنشدين
تحية لكل اعضاء المنتدى الكرام هذه المرة انا ارفع للمنتدى بعد ان تعودت ان احمل من هذا المنتدى العريق وهذا الكتاب الذي ارفعه لكم هوعن حياة فنان ليبي قد لا يعرفه اغلب الليبيين وهو الفنان مختار شاكر المرابط والكتاب من تاليف الاستاذ الاديب الكبير علي مصطفى المصراتي ولا اعرف اذا كان تم رفعه من قبل ..........فمنكم الشكر ان احسنت ومنكم العفو ان اخطأت وقد وضعت ملخص للكتاب لمن يحب ان يطلع على محتواه قبل تحميله
مختار شاكر المرابط
ولد مختارالمرابط سنة 1891 م في مدينة طرابلس , تشرب الفن منذ كان شابا في مدينة طرابلس , ودفعه شعور جارف إلى دروبه ومسالكه وهو دون الخامسة والعشرين, في بلد ومجتمع تثقله قيود التقاليد وطبائع التزمت والتخلف, نشأ مختار المرابط في مجتمع, الجودة والإتقان في العمل تكسب الإنسان شهرة حتى في ابسط المهن.. الجودة والإتقان حتى ولو في دائرة المحاكاة والتقليد , فالعامل الذي يصنع رداء حريرا شعبيا على النول قد لا يجدد ولا يبتكر فيه لكن إجادته في التقليد والمحاكاة تجلب له الشهرة .
وكان الفتى مختار الولهان بالغناء والطرب , يغني لنفسه ولأصدقائه, في السهرات الخاصة والتي كانت عبارة عن زرادي في البساتين, يوم أن كان الفن هواية ورغبة, فكان هو المطرب والمنشد في كل الحفلات بمناسبة أو بدون مناسبة, أعراس .. ختان.. قدوم .. توديع ..عـودة من الحج .. بناء منزل .. أمسيات طليقة في البساتين تمتد فيها السهرة وتتواصل أكثر من ليلةحسب المناخ الفني والمزاج
وكان الفن المصري آنذاك له أنصاره وإتباعه في مدينة طرابلس قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها, وكان الغناء في طرابلس مثله مثل الغناء في مصر قبل اختراع المذياع وانتشار مكبرات الصوت, يعتمد على قوة الحنجرة , وحضور المغني وقوة صوته .
كان مختار المرابط يتمتع بحنجرة صافية, وذاكرة قوية, كان حاضر البديهة, سريع الجواب, جيد الحفظ, وخاصة للأدوار والتواشيح , والطقاطيق الخفيفة, والطويلة, وكان يجيد تقليد فطاحل المدرسة القديمة في الغناء المصري, أمثال ــ عبد الحي حلمي ـــ وعبده الحامولي ــ والشيخ المنيلاوي ـــ وخاصة سيد الغناء لديه ــ الشيخ الصفتي ـــ الذي كان يحفظ كل أدواره ويؤديها بإجادة تامة , وعمل على نشرها في مدينة طرابلس, وسيد درويش ــ والشيخ السبع ـــ وأبو العلا محمد ـــ و داوود حسني ـــ ومحمد عثمان , فقد كان مختار المرابط يحفظ لكل هؤلاء وتأثر بهم .
ويذكر ان أول دور غناه في مطلع شبابه وكان من ادوار الشيخ سيد الصفتي دور..هاجر الغرام, ودور كان مشهور في ذلك الوقت ( قبل ما أتميل للمحبة ) وانسجم في الغناء والأداء وتفاعل واهتز طربا وزاد على الدور مقاطع وأبياتا من عنده .
وكان يحفظ ما يزيد عن مئة دور , يحفظها عن ظهر قلب , يرتبها بلا أرقام ولا ملفات, كل دور له خانته وسلسلته وقفلاته , ويحفظ إلى جانب ذلك أكثر من خمسين قصيدة يوم أن كانت الأغنية تأخذ زادها من القصائد , وكان يحفظ إلى جانب هذا العديد من ألوان التواشيح الأندلسية, وكان مختار المرابط من طبعه الانسجام في الغناء, والانسجام في الغناء دلالة على المقدرة الفنية وعلامة على التفوق والصدق الفني , وكما يصنع الممثل المندمج من زيادة أو خروج عن النص, هو أيضا كان في لحظات الانسجام والأداء يزيد كلمات من عنده يرتجلها عفويا ويظل يسبح ويتمايل بين أهات وليالي حتى يخرج على الوقت المحدد له في الإذاعة, وكانت وصلته نصف ساعة وهي اكبر فترة كانت تعطى لمطرب ولكنه كان يراها فترة قليله, بالنسبة لانسجامه حتى انه كان يقول هذه مدة (( ما اتسخنش ))
وهو يرى أن المطرب لابد أن يسخن أولا ... وهذا يتطلب وقتا أطول من التمهيد والدندنة, ولابد من الوصول إلى مرحلة السلطنة , والسلطنة من الاصطلاحات التي زالت بزوال أصحاب السلطنة والانسجام الفني الذين يذوب الوقت عندهم .
ورغم أن حفلاته الأسبوعية الثابتة تقدم يوم الاثنين مساء إلا انه كان يطلب من بعض أصدقائه إن يطلب من الإذاعة إعادة حفلات المرابط .
وكان من الذين يطرب لهم .. محمد عبد الوهاب خصوصا في قصيدة شوقي (خدعوها بقولهم حسناء) , وهو يكره أن يقف على المسارح ويتهرب من الفن الحديث المعاصر, و كان يفضل الحفلات الخاصة والغناء أمام ميكروفون الإذاعة مباشرة على الهواء ويكره التسجيل لسببين:
مادي ومعنوي ويشرح ذلك قائلا ان التسجيل من ناحية قاضيا على السلطنة والاندماج والانسجام ويحرمه من التجديد والانطلاق , وتكسير الوقت , والحاجز الزمني لقد كان يخشى التسجيل على شريط او اسطوانة فهو يغني كل مرة على الهواء خير من ان يسجل له ثم يستغني عنه ولعل هذا سر ضياع كثير من اغانيه وهو في اوج شهرته الفنية .
وكان يعجبه من المطربين الطرابلسيين ــ محمد سليم ـــ لأنه يراه من المحافظين على أصول الفن القديم ويرى أن أعظم الفن اعتقه , وكان يطرب للاغاني المرزقاوية والفزانية بصفة عامة لما تحمله من مضامين الأصالة في الفن الشعبي, وكان معجبا بالمطرب محمد مرشان.
وفي عام 1935 م وقبل الحرب العالمية الثانية سافر مختار المرابط إلى ألمانيا بمناسبة احد المعارض , وهناك سجل عشرة اسطوانات, وهي تعد في عالم الغناء من التراث الضائع فقد كان في ريعان فنه, ومازالت حنجرته تحتفظ بدفئها .. وكان في أوج التوهج الفني ولا يعرف احد هل سجلت له بدون علمه , أو انه لم يستطع أن يعترض على التسجيل, لان السلطات التي عملت على سفره مع الفرقة الموسيقية هي التي فرضت عليه ذلك , وقد يكون اتخذ قرار العزوف عن التسجيل بعد عام 1935 م. وقد قاربت مدة إقامته في ألمانيا الخمسة أشهر أو تزيد, أحيا فيها عدد من الحفلات الغنائية , وكان المطرب الوحيد الذي سجل في بلاد بيتهوفن وباخ و هايدن .
كان يهوى لعبة الشطرنج, لعبة الصمت والتأمل والمناورة والخبرة الطويلة, وان كان بحكم التعود يفضل الدندنة على الصمت, كان أكولا بصورة عجيبة, ويطلق عليه معارفه وأصدقاءه عن طريق المداعبة ( فاقون ) ومعناها قصعة لأنه كان في مرحلة من مراحل عمره يتناول في الوجبة الواحدة قصعة كاملة بمفرده, يجيد اللغة التركية, وقد يستخدم مفرداتها في حياته اليومية ويعرف قليلا من الايطالية .
وعندما زارت المطربة منيرة المهدية مدينة طرابلس في مطلع العشرينيات, وهي تحمل لقب سلطانة الطرب, قبل أن تنتزع منها اللقب والعرش أم كلثوم,غنت على ــ مسرح الميراماري ــ وغنى مختار المرابط أمامها, وأمام فرقتها في بستان السيد قنابة, وكانت القصيدة التي غناها موشح ( حسب الأفكار ) للسيد الصفتي , وأعجبت المطربة المصرية بالمطرب الطرابلسي .
كان لا يحب السينما, ويستغرب كيف يجلس المتفرجون في الظلام طيلة ساعات العرض , وله حادثة طريفة حصلت بالإذاعة ــ عندما كانت بالصمعة الحمراء ــ فقد كانت المقاعد العادية لا تناسبه , لذلك فصل له مقعد خاص ولكن يبدوا أن النجار لم يأخذ المقاس مضبوطا , وجعل له مسندين, وجلس مختار المرابط بجسمه الضخم وانحشر في الكرسي , ولكنه بعد قليل تضايق وتململ في جلسته وأراد النهوض ولكن الكرسي أطبق عليه واستغاث يطلب النجدة وتأخر ت حفلته عن موعدها الإذاعي , حتى استعان بزملائه للخروج من الكرسي , ثم فرشوا له بساطا صغيرا ,فوجد راحته على الأرض .
وعن سؤال وجه إليه في لقاء عابر ؟؟؟
هل أحببت الفن ؟؟ أجاب
أحببت الفن ... وبه مغرم , وضيعت فيه شبابي وزهرة عمري ...
تزوج مختار المرابط بعد طول صعلكة على دروب الفن وكان صاحب أسرة عطوفا حنونا على أهله وله أربعة أبناء, والغريب أن هذا المطرب الذي كان يجيد اللهجة المصرية كأنه احد أبناء النيل لم يزر مصر مطلقا .
كان مختار المرابط يرتدي الزي الوطني , والجبة الفضفاضة التي كان يرتديها وجهاء مدينة طرابلس , وكان يرتدي الجرد أيضا ولم يلبس البذلة والطربوش طوال حياته .
كان رقيق الروح ,ذو ظرف ورشاقة نفسية قد لا تتلائم مع مظهره الخارجي , فقد كان ضخم الجثة , متكامل البناء الجسمي ــ بدين سمين, وشحيم لحيم , وقد غدت هذه الظواهر له في أواخر أيامه تهدلا وترهلا . ظريف المعشر , حلو النكتة , حاضر البديهة , كان طيب الروح , مفتوح النفس , لا تراه مقطبا أو متجهما ,.
كان يحمل على أكتافه أكثر من سبعين عاما ولازال صافي الصوت واضح النبرات , تفرغ للمساجد والمدائح والأذكار والقصائد النبوية , كان معتزا بنفسه , يحاط أينما حل بمظاهر الإجلال والاحترام .... وصفه الفنان العارف الجمل قائلا :
"الشيخ مختار هو حامل لواء الفن طوال حياته وهو سيد لكل وزن من الطبقة الأولى والوزن هو روح الفن "
وافته المنية في 11 ــ 6 ـــ 1968 م بعد سنوات من العطاء و الغناء .....
|
رد: كتاب شيخ المنشدين
معلومات جميلة عن فنان قلما يتذكره الجميع
العرض العادي
