فى رثاء اللغة العربية
فى مجلس علم سأل سائل عن معنى كلمة ومدلولاتها وأصلها ومشتقاتها,فانبرى أحد المستعربين (أدعياء العربية من غير أهلها) على عجل قائلا ...أنا لها أنا لها ,, وأتحفنا العالم العلامة والبحر الفهامة بفيض من الجهل والزيف والادعاء ,ظنا منه انه قد ملك ناصية العربية وأن لا أحد يعرف مثلما عرف وأن ما يقوله هو ما استكن فى روائع علوم العربية ولما يكتشف كثيره إلى الآن, وهو ما قعد عن إدراكه أبو على الفارسى وأبو عمرو ابن العلاء ومن جهله أبو الطيب المتنبى على شهرته وجبروته ,وما عز على سيبويه وأبى الأسود الدؤلى وعيه وفهمه ,وما أخفاه خلف الأحمر وضن به حماد عجرد من مكنونات العربية وذخائرها ,لقد كان ذلك الرجل قد أدرك شيئا من العربية إبان عمله مدرسا بالمرحلة الابتدائية ,وحفزه ظن السوء إلى تخيل أن لا أحد غيره يمكنه الإبحار في عبابها ,بعد تلك الفيوض التي علمها وتعلمها من كتب العربية في المرحلة الإعدادية والثانوية, التي اضطراضطرار إلى الاستعانة والتزود بها فى رحلته المعرفية الغراء ,ومضى يقول ويقول , ويصول ويصول دون أن يأبه ,أو يتحرز ,رغم أن بعضا من أحباء العربية الذين تذوقوها بالفطرة من النظارة,قد أبدوا دهشتهم وامتعاضهم مما يسمعون ,بعد أن استاءت فطرتهم وجحظت عيونهم من غرابة ما تصك به آذانهم , أما أهل العربية ومريدوها فقد أخذتهم الدهشة والفجأة,وتواتر البلاء وتواليه,فأعجزهم ذلك البلاء فاصطبروا عليه الى أن يغور, لقد صمت ذلك المستعرب دهرا وحين نطق ,نطق خللا وبلاء وكفرا ... وكنا ممن اصطبر على ذلك البلاء ولفحته تلك الضراء ورضي بالنازلة والقضاء, بعد أن فجعنا بكلامه ,وبكونه من المحسوبين ظلما وعدوانا على العربية ومعلميها و أهلها,,وعندما انتهى , انطلقت تلك الأبيات وحالنا معها أقرب إلى الهذيان من هول ما صدمنا به ذلك المستعرب وسجلها أحد الحاضرين وفيها أقول متحسرا متألما كسيرا كسيفا متصدعا متفجعا:
أنت لها أنت لها
ياويلها يا ويلها
من أهلها من أهلها
درس الكثير علومها
أشعارها آدابها
لكنهم من حظها
جهلوا بها , طمعوا بها
فبدت صريعة عزها
يا ويلها يا ويلها
حسناء عز نظيرها
قد رامها خطابها
يا ويلها يا ويلها
إذ ليس فيهم كفؤها
يا ويلهها يا ويلها
من ذا يطيق مهرها