* : أحسن القصص (الكاتـب : حازم فودة - - الوقت: 02h09 - التاريخ: 29/04/2024)           »          هيام يونس( 28 جانفي 1948 ) (الكاتـب : عثمان دلباني - آخر مشاركة : ابوايوب1966 - - الوقت: 01h20 - التاريخ: 29/04/2024)           »          عبــد محمد (الكاتـب : قصي الفرضي - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 23h46 - التاريخ: 28/04/2024)           »          اغانى وطنيه لتونس الخضراء (الكاتـب : كويتى - - الوقت: 23h42 - التاريخ: 28/04/2024)           »          المطربة الهام (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : غريب محمد - - الوقت: 19h13 - التاريخ: 28/04/2024)           »          انطوانيت اسكندر (الكاتـب : كوكب الطرب - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 16h46 - التاريخ: 28/04/2024)           »          محمد قنديل- 11 مارس 1929 - 9 يونيو 2004 (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 16h38 - التاريخ: 28/04/2024)           »          حلقات إذاعية نادرة (الكاتـب : حازم فودة - - الوقت: 16h30 - التاريخ: 28/04/2024)           »          الثلاثى المرح - ثلاثى النغم (الكاتـب : MOHAMED ALY - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 16h26 - التاريخ: 28/04/2024)           »          هــاني الشمــوسـي (الكاتـب : نجم العيداني - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 16h17 - التاريخ: 28/04/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > مجلس العلوم > موسوعة سماعي > ص

ص حرف الصاد

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 30/03/2006, 07h49
Ossama Elkaffash Ossama Elkaffash غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:393
 
تاريخ التسجيل: janvier 2006
الجنسية: مصريية
الإقامة: كرواتيا
العمر: 66
المشاركات: 141
افتراضي صبري مدلل

الحاج صبري مدلل هو آخر شيوخ الطرب في سوريا. ولد في حي المشارقة في حلب عام 1918. اكتشفت موهبته أثناء تجويده القرآن الكريم في المسجد. درس الغناء على الملحن الشهير عمر البطش، وبرع في فن الموشحات والقدود. غنى في إذاعة حلب لفترة قصيرة، ثم أسس فرقة لاداءالتراث في حلب باسم فرقة صبري مدلل للاغاني التراثية . وقد ترك قيادتها عام 1985 و خلفه في القيادة الفنان محمد حمادية.

اعتزل الغناء عام 2001

توفيّ رحمه الله رحمة واسعة عام 2006

موشحات صبري مدلل
هنـــــــــــااااا
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg sabri_moudallal.jpg‏ (4.0 كيلوبايت, المشاهدات 63)
نوع الملف: jpg Sabriportrate1.jpg‏ (28.9 كيلوبايت, المشاهدات 47)

التعديل الأخير تم بواسطة : نور عسكر بتاريخ 13/09/2015 الساعة 19h20
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01/09/2006, 09h34
adham006
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي صبري مدلل ... المؤذن الصغير

صبري مدلل
خلال زيارتي إلي المانيا (الشرقية) عام تسعين، صحبت الروائي عبدالرحمن منيف، منذ أن عرفته كان له صلة خاصة بالطرب، كما أن زوجته تتمتع بصوت جميل وتتقن الغناء، حدثته عن هيامي بمدرسة الغناء العربي في حلب، خاصة صباح فخري، وافقني وقدم لي شريطا يحوي حفلة في هولندا لمطرب، قال رحمه الله إنه اسطورة في الغناء العربي الكلاسيكي، قال لي بلهجته المختصرة، الدالة: لابد أن تسمع صبري مدلل..
هكذا بدأت صلتي بهذا الفنان الكبير والانسان الجميل، اقتنيت المتاح من تسجيلاته، وفيلما تسجيليا رائعا أخرجه الفنان محمد ملص، وجدت متعة اضافية في رؤيته، عندما يغني يتحول جسده إلي موسيقي، إلي نغم، إلي ان رأيته شخصيا علي مسرح الاوبرا عام 1996 في بواكير مهرجان الموسيقي العربية الذي بدأه الدكتور ناصر الانصاري، سافرت خلفه بصحبة يوسف القعيد ويوسف ابورية وعزت القمحاوي إلي قصر بنها الثقافي، حيث تقرر احياء حفلة هناك، قبل اللقاء اجتمعنا به، حاورته، سألته عن الشيخ علي الدرويش الموسيقار الحلبي الذي جاء إلي مصر نشرت دراسة عنه في أخبار الادب، والموسيقار محمد البطش أحد من علموه، تطلع إليٌ بنظرة جانبية وطربوشه الاحمر مائل قليلا، قال 'الله.. أنت بتفهم..' ثمة شيء ربط بيننا، حضور الرجل عتيق، أصيل، فريد، هو نفسه مجموعة مقامات تجسدت بشرا، انسانا.
في حوار له مع محمد ملص، يقول ان والده عندما تزوج رحل إلي مكة للحج وهناك دعا الله ان يهبه عشرة اصواتهم جميلة، غير أنه لم يرزق الا بطفلين، أحدهما توفي ولم يعش الا صبري الذي اتضحت موهبته منذ سن مبكرة، خاصة عندما بدأ يعتلي المئذنة للأذان، بلغ من جمال صوته ان الناس كانوا يجتمعون في الطريق لسماعه. تعلم الموسيقي والمقامات من الموسيقار محمد البطش، الا أنه ظل حتي الثمانينات لاينشد الا الموشحات الدينية، بدأ غناء الادوار والقدود الحلبية بعد سن الستين، ثم ذاع صيته وطبعت اغنياته في اسطوانات عرفت جيدا في مختلف أنحاء العالم.
منذ عامين زرت حلب، وأقام حارس تراثها الفني والمعماري الصديق محمد قجة حفلا خاصا في بيته، فاجأني عندما وصلت قائلا إن صبري مدلل عندما علم بقدومي قرر أن يأتي تكريما لي، جاء الرجل بصحبة بعض أفراد فرقته، لقد نقل خبرته إلي كل منهم، والآن أصبح بعضهم ذائع الصيت ومنهم عمر سرميني. قال لي الرجل انه لم يغن منذ عامين، لكنه جاء خصيصا من أجلي، وأنه سيغني، من حسن حظي ان صديقي الكبير محمد قجة قام بتسجيل تلك الليلة كاملة، وارسل لي قرصين مدمجين اعتز بهما كثيرا، وفي أوقات فراغي أحن إلي صبري مدلل، فأجلس للفرجة والاستماع معا، لرؤيته والاستمتاع بصوته وقدرته الرائعة علي اداء الادوار الصعبة، وإضفاء شخصيته الخاصة عليها. استمعت منه إلي ادوار سيد درويش، وعبده الحمولي، وأم كلثوم، وبالطبع اشهر ما في التراث الحلبي، انه حامل تراث طويل تختلط فيه عناصر شتي منذ العصور القديمة، في الموسيقي التي أحبها، في الاداء الخاص له، تأثيرات سريانية، بيزنطية، عربية، مصرية، امتزجت كلها عنده، هو سليل اعظم من اثروا الغناء العربي، والموسيقي العربية.
صحيح اننا لم نلتق الا مرات معدودات، لكن الرجل ادرك حبي وتقديري له، يكفيني فخرا أنه غني لي رغم مرضه. لكن للصلة أبعاد أعمق بكثير، صوته معي، أعمل عليه عند جلوسي في البيت للقراءة، أو الكتابة، صحيح ان المحبة كانت علي البعد، لكن خلو العالم منه مس مني وترا، وبث في روحي شجنا.

جمال الغيطانى
المصدر :
أخبار الأدب
akhbarelyom.org


التعديل الأخير تم بواسطة : هامو بتاريخ 11/05/2009 الساعة 21h25
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01/09/2006, 10h28
adham006
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي مشاركة: صبري مدلل ... المؤذن الصغير

صباح فخري ينعي الراحل صبري مدلل
الصوت البهي المخضرم

صباح فخري الحياة - 22/08/06//


صبري مدلل من جيل الأوائل وهو أكبر من تقويمنا. ولكن سأسمح لنفسي أن أقدم شهادة فيه نظراً الى ما تربطني به من محبة وصداقة تعودان الى العام 1956 عندما التقيته للمرة الأولى عند تأسيس إذاعة حلب بعدما كنت أسمع به فقط.
يتمتع صبري مدلل بصفتين كإنسان وفنان. مدلل الإنسان طيب القلب، متواضع، صاحب نكتة وظل خفيف، محب للناس بسيط، وفيه طفولة وسذاجة.
أما مدلل الفنان فأعتقد انه أكبر من أي تقويم، فهو حافظ موشحات وأدوار وأغانٍ قديمة للرعيل الذي سبقه. ولديه مخزون كبير من الأوزان والإيقاعات. ويمكننا القول ان صبري مدلل بلغة المهنة «ابن صنعة» فهو رجل مخضرم يملك أداء جميلاً ويغني في شكل جيد على رغم انه في الثمانينات من العمر.
أسس في نهاية مشواره فرقة انشاد تغني موشحات دينية، وكان أحد المريدين في هذه الفرقة حسن الحفار وعبدالوهاب الحلاق. لديه ألحان دينية ما زالت تغنى وتردد في الحفلات والأفراح.
رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.

المصدر:
alhayat.com

التعديل الأخير تم بواسطة : هامو بتاريخ 11/05/2009 الساعة 21h27
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01/09/2006, 10h38
adham006
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي مشاركة: صبري مدلل ... المؤذن الصغير

صبري مدلل يودع حلب .. في احتفاليتها عاصمة للثقافة الإسلامية


حلب

ثقافة
الثلاثاء 22 -8-2006

بيانكا ماضية

رحل الفنان الكبير صبري مدلل الذي قدم خلال مسيرة حياته الفنية الكثير الكثير , ليس لمدينة حلب وحسب , وإنما للعالم أجمع , وكان سفير مدينة حلب إلى كل دول العالم حيث غنى وأنشد وأطرب الناس بصوت رخيم كان قد صقله منذ الصغر من خلال تعلم القرآن الكريم والإنشاد .

ولد صبري مدلل في الدار العربية التي تقطنها عائلة المدلل في حي الجلوم من مدينة حلب عام ,1918 ورثّه أبوه كثيراً من أخلاقه مع الاستقامة والأمانة والتواضع وحب العلم .. واكتشف الوالد/ أحمد / جمال صوت ابنه باكراً, من خلال قراءة القرآن لدى شيخ الكتاب,ثم من خلال إنشاده بعض التواشيح في حلقة الذكر التي كان يصحبه إليها, وهو لم يتجاوز السادسة, وفي الثانية عشرة دفعه إلى المعلم / عمر البطش / الذي رعاه وقاده إلى الطريق التي تابع فيها حتى أضحى نجماً وعلماً يشار إليه بالبنان ..‏



ارتاد صبري حلقات الذكر, وسمع وحفظ وتأثر بأساتذة عصره, وفي العام 1949 دخل إذاعة حلب مع المجوّدين من المطربين, فغنى على الهواء من ألحان بكري الكردي أغنيتين / ابعتِ لي جواب / و / يجي يوم وترجع تاني/ وهما للشاعر حسام الخطيب , ثم ترك الإذاعة لينشئ فرقة إنشاد ويختص بالغناء الديني..‏



كانت الفرقة تحيي الحفلات الدينية وحفلات الطرب مع الفرقة الموسيقية. التزمت الفرقة بإحياء حفلات المولد وحلقة الذكر في أكثر من جامع في حلب. وفي جامع الكلتاوية تعرف الباحث الموسيقي البلجيكي/ كريستيان بوخه / بالفرقة فسجل لهم أسطوانتهم / مؤذنو حلب / .. وفي العام ,1975 نظمت لهم حفلة في باريس كانت فاتحة عهد جديد للإنشاد الديني في أوروبا, ثم دعيت الفرقة إلى مهرجان الموسيقا العربية / 1986 / , فأثبتت قدرتها, وظهرت أهمية الحاج صبري كقائد لها ..‏



حافظ الحاج صبري على ما ورثه من أساليب الأداء والغناء والانتقاء, فلم يخرج عن الجمل الموسيقية القديمة, ولم يتصرف فيها إلا في حدود الجماليات, وما يتناسب وإمكانياته الصوتية العالية التي دربها أحسن تدريب , وكان لا يعجبه من الألحان إلا الرصين, ولا يقنعه سوى ما أتقن صنعه, واستكمل حظه من المراجعة والتنقيح والتدبيج , وهذا ما انعكس إيجاباً في ألحانه , لقد استلهم ما خزنته ذاكرته من أعمال / سيد درويش والقصبجي وعبد الوهاب وزكريا أحمد وداود حسني/ فأعطى لوناً جميلاً, في أثواب لم يعرفها الإنشاد الديني قبلاً ولم يعهد مثلها في قوالبه ..‏



وقد أصدر الباحث الموسيقي المعروف محمد قدري دلال وبمناسبة اختيار حلب عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2006 دراسة تحليلية موسيقية لتراث مدينة حلب فقدم في كتابه «شيخ المطربين صبري مدلل وأثر حلب في غنائه وألحانه» سيرة هذا المغني الذي أبهر الشرق والغرب بأسلوبه الغنائي التراثي المبدع, حيث يستعرض من خلال الدراسة أبرز التواشيح والقدود والألحان وعلوم المقامات والقوالب اللحنية التي قدمها المدلل ومزجها مع الطرب الأصيل, ويذكر الباحث أن صبري مدلل له مع طول النفس قصة طريفة حيث روى له أن الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب لما غنى قصيدته المشهورة «يا جارة الوادي» واصل البيت.‏



(وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيني في لغة الهوى عيناك)‏



اكتشف المدلل أن عبد الوهاب لم يغنها مستمراً نفسه على كامل الجملة بل أنه يتنفس قبل كلمة «عيني» والقصة لا تعني شيئاً عند الكثير, لكنها تعني عند مزاولي الغناء الكثير, وقد تمرن المدلل عليها واستطاع غناءها بنفس واحد, لقد استطاع الحاج صبري مدلل الذي يعتبر آخر شيوخ الطرب في سورية أن يحافظ على المدرسة الحلبية في الغناء التراثي ويحلق في صوته النادر إلى بوابات العالمية.‏



وهناك قصة أخرى ذكرها صبري مدلل عن الشيخ بكري الكردي وهي أنه عندما ذهب لزيارته وهو على فراش الموت حيث زاره برفقة المرحوم عبد الرؤوف حلاق وهو منشد بفرقته فدخلا على الشيخ بكري وبعد الحديث طلب الشيخ بكري من صبري أن يسمعه آخر ألحانه , فتبسم صبري وقال له : وأنت على هذه الحال يا أبا مصطفى ? فقال ) عن لي يا أبو أحمد , أريد أن أموت وأنا عم أسمع ( فنزل الشيخ صبري عند رغبته وأسمعه موشحاً , فتبسم وقال لصبري ) أحسنت يا أبو أحمد فرحتني الله يفرحك ( .‏



أما فرقة صبري مدلل فهي من أعرق الفرق السورية , التي تؤدي الفن بشك¯له التقليدي, وبأصول¯ه من الال¯تزام إل¯ى الارتجال .‏



? أسس الفرقة شيخ الفنانين والمنشدين صبري مدلل عام /1954/ واعتزل الغناء عام /2001/ .‏



? استلم إدارة الفرقة الفنان محمد حمادية عام /1985/ وأدخل عليها عدة تطورات , فكانت متميزة في الأداء والأسلوب , وكانت محط إعجاب النقاد والجمهور.‏



? تكريماً من أعضاء الفرقة لمؤس¯سها, وعرفاناً منهم بالجميل له تم تبديل اسم الفرقة من فرقة التراث لتحمل اسم مؤس¯سها الفنان الكبير صبري مدلل.‏



? نالت الفرقة سمعةً عربية وعالميةً من خلال المشاركات المتكررة في أكبر المهرجانات والمؤتمرات والظاهرات الفنية العربية والعالمية, ونالت عددا ً من شهادات التقدير والتكريم, فقد أدت الفرقة على مسارح كل ٍ من )فرنسا- ألمانيا - سويسرا - النمسا - بلجيكا - هولندا- بريطانيا - اليونان - أسبانيا إيطاليا - هونغ كونغ - لبنان - الأردن - مصر- تونس- المغرب - الكويت - الإمارات العربية - وقطر( بالإضافة للمشاركات المحلية .‏



? تتألف الفرقة من :‏



1. فرقة الغناء : وتضم نخبة من أصحاب الأصوات الجميلة في حلب, وتؤدي الموشحات والأدوار والقدود الحلبية والأغاني الشعبية والقصائد والمواويل,بالإضافة لفرقة الإنشاد التي تؤدي الإنشاد الديني والصوفي وحلقات الذكر والمدائح النبوية .‏



2. فرقة الدراويش : وهي الفرقة التي تؤدي الحركة الدورانية الصوفية بمرافقة الأناشيد الدينية والصوفية , وهذا اللون له شهرته العالمية. .‏



3. الفرقة الموسيقية : وتمثل التخت الشرقي, وتؤدي المؤلفات الموسيقية الشرقية والعربية بالإضافة إلى مرافقة فرقة الغناء بالعزف.



التعديل الأخير تم بواسطة : صالح الحرباوي بتاريخ 28/04/2010 الساعة 18h40
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01/09/2006, 10h42
adham006
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي مشاركة: صبري مدلل ... المؤذن الصغير

رحل عن 88 سنة في بلدته حلب ... صبري المدلل شيخ المنشدين العرب طوّع المقامات بصوته الفريد
حلب – وضاح محيي الدين الحياة - 22/08/06//


شيعت حلب ابنها الفنان المبدع صبري المدلل الذي توفي مساء السبت الفائت عن عمر ناهز 88 سنة، ودفن في أقدم مقبرة في حلب وهي مقبرة «الصالحين».
ولد صبري مدلل في حلب عام 1918 مع دخول فيصل الأول سورية، في حي المشارقة. كان والده يعمل في الزراعة والتجارة... تعلم على الشيخ في الكتّاب وبرع في ترتيل القرآن، ومن هنا اكتسب قوة الصوت وجماله... كان والده صديقاً لعلاّمة حلب والشرق الموسيقي عمر البطش، الذي سمع الفتى مرة فأعجب بصوته وقام بتدريسه أصول الغناء، وكان يتقاضى عن كل درس مبلغ 50 قرشاً سورياً، وكان ذلك عام 1930، وهذا المبلغ كما يقول صبري كفيلاً بإعالة أسرة ثلاثة أيام. وبعد دروس عدة أعفاه عمر البطش من الأجر كونه تلميذاً متفرداً في التلقي والحفظ.
عند افتتاح إذاعة حلب عام 1949 استدعاه استاذه عمر البطش مع مجموعة من فناني الشهباء ومطربيها، وعلى رأسهم بكري الكردي للعمل معه وكان نشاطاً متميزاً لهذه الإذاعة الفتية وسجل فيها أغاني وأقام حفلات على الهواء مباشرة. ولسوء الحظ لم يحفظ منها أي أغنية. وأعطاه بكري الكردي ألحاناً عدة، لحن «ابعتلي جواب» الذي أشهره ثم غناه بعده محمد خيري وصباح فخري.
ثم كان نجاح آخر في لحن «يجي يوم ترجع تاني»، ثم عمل مع الملحن إبراهيم الدرويش وكاتب إذاعة حلب آنذاك مهوى أفئدة مطربي سورية ولبنان ومصر. في عام 1954 ترك الإذاعة لخلاف مع إدارتها الجديدة واتجه للعمل الحر «بائع مواد غذائية في حي الجديدة» كما كان يقول. وتابع صبري مسيرته. وظل يعشق الكلمة واللحن. وزاره المطرب المنشد ومبدع المدائح النبوية المرحوم فؤاد خانطوماني وعرض عليه تأسيس فرقة إنشاد ديني لمدح محمد (صلى الله عليه وسلّم). ولأنه كان أشهر من أنشد هذا الفن الخاص في بلاد الشام بعامة وحلب بخاصة هنا بدأت نقطة التحول في حياته وأسس فرقة في العام 1954 شاركه فيها: خانطوماني، عمر النبهان، أحمد المدني وكلهم رحلوا.
في مطلع 1960 قدم صبري لحناً لفرقته بعنوان «صلاة الله ذي الكرم على المختار في القدم» فكان أول لحن منهجي لمدائح الرسول وأدخل أدوات عدة لضبط الايقاع كالدف والطبل. وتتالت العروض على فرقته وطافت شهرته الوطن العربي. وجدد الفرقة بأصوات شابة (عبدالرؤوف حلاق، عبدالمهيمن قباني أبو الورد، حسن الحفار، محمد الصابوني وعمر الصابوني).
العام 1974 كانت نقطة تحول في حياة الفرقة، فبعد عشرين سنة من تأسيسها انطلقت نحو العالمية حين سمعها المستشرق الفرنسي السوري الأصل كريستيان بوخه فأثارت إعجابه بفنها وأصالتها ودعاها الى فرنسا عام 1975، وكانت حفلة للذكرى يقول صبري مستذكراً ان كل من حضرها من العرب والمسلمين أبكاه بمدح الرسول.
في عام 1982 اختلف صبري مادياً مع صديقه وتلميذه حسن الحفار، فانفصلت العُرى، وأسس حسن فرقته الخاصة ثم عاد صبري بعد تحريض ابن اخته الفنان محمد حمادية وأسس فرقة جديدة شاركت في حفلات في ألمانيا وفرنسا وهونغ كونغ ولبنان وتونس والمغرب، ونال صبري إعجاباً وشهرة كبيرين.
ولعل المشاركة في «مهرجان الأيام الموسيقية العربية» في باريس مع صباح فخري ووديع الصافي والقارئ الشهير عبدالباسط عبدالصمد أطلقته كأشهر منشد للمدائح في العالمين الإسلامي والعربي. يقول صبري: «بعدما سمع عبدالباسط صوتي في مدح الرسول، قال لي إذا كان صوتي معجزة في قراءة القرآن الكريم فإن صوتك هدية الله لعباده لتمدح مصطفاه محمد (صلى الله عليه وسلّم)».
عاش صبري في حي الجلوم في دار عربية شرقية، ومات فيها. ومن غرائب الصدف انه لم يتعلم النوطة الموسيقية كتابة بل حفظها عن ظهر قلب مما يدل على موهبته الفريدة.
سألته مرة ما أحب الأصوات إليك أجاب: صباح فخري ومحمد خيري، لطفي بوشناق وعبدالوهاب وأم كلثوم وماري جبران وفيروز ونور الهدى ووديع الصافي وصباح وسعاد محمد. أما من الأصوات الجديدة فكاظم الساهر ونبيل شعيل وملحم بركات.
وسألته: من هم أصدقاؤك يا شيخ صبري؟ ضحك، وقال: كل من أحب صوتي. ولكن خلال مرضي الأخير لم يبق إلا القلائل،
رحل صبري المدلل بجسده لكنه باقٍ بفنه وروحه وضحكته الهادئة وطربوشه الأحمر القاني المائل على رأسه وصوته الشجي
المصدر:
http://www.daralhayat.com/society/08...664/story.html
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01/09/2006, 11h22
adham006
Guest
رقم العضوية:
 
المشاركات: n/a
افتراضي مشاركة: صبري مدلل ... المؤذن الصغير

صبري مدلل .. الصوت الذي سكت...
من الإنشاد الديني إلى الغناء التراثي



الاربعاء 23/8/2006م
أحمد بوبس


برحيل شيخ المطربين صبري مدلل,تكون الساحة الغنائية العربية قد خسرت حارساً وحافظاً مهماً للتراث الغنائي العربي عامة والحلبي خاصة,ومؤدياً متقناً له,فصبري مدلل يمثل بحق ذاكرة قوية لتراثنا الغنائي العربي,استوعبه استيعاباً كاملاً,وقدمه بصوته القوي الجميل,ونشره ليس في الوطن العربي فقط,بل في أنحاء العالم فكان الفنان الراحل سفيراً فوق العادة لهذا التراث الفني العظيم.




‏‏ وإذا كان المسجد هو المدرسة التي تخرج منها كبار الملحنين العرب أمثال زكريا أحمد وأبي العلا محمد وسلامة حجازي,فإن صبري مدلل لم يشذ عن هذه القاعدة,فمنذ صغره كان يحضر حلقات الذكر,وكانت تشده الأناشيد الدينية فيها,كما كان يبهره الأذان فيذهب إلى الجامع ليسمعه عن قرب,وكان يحلم أن يؤدي الأذان,وفي العاشرة من عمره تحقق حلمه,فقد سمعه شيخ الجامع,وأعجب بجمال صوته,فسمح له أن يؤدي الأذان,وفي سن الخامسة عشرة من عمره,أصبح مؤذن جامع العبارة,وتعرف على عمر البطش,وتعلم على يديه الموسيقا والغناء,فأتقن القدود والموشحات الحلبية,كما تتلمذ على أيدي علي الدرويش وابنه نديم وبكري الكردي,وما لبث أن أصبح مؤذناً للجامع الأموي الكبير في حلب,ووجد في الإنشاد الديني مجالاً رحباً لإظهار مواهبه في الغناء.‏‏

وفي عام 1945 أخذه معلمه عمر البطش إلى إذاعة حلب,فانضم إلى الكورس مردداً,كما كان يؤدي الغناء الإفرادي,فيغني القدود والموشحات,لكن والده لم يرض عن ذلك,فترك صبري الإذاعة واستعاض عنها بتأسيس فرقة للإنشاد الديني عام ,1954وانخرط في الفرقة كبار المنشدين في حلب أمثال حسن الحفار ومحمد وعمر صابوني وفؤاد خانطون وغيرهم,وقدمت الفرقة الكثير من الحفلات في مختلف المناطق السورية,واستمرت الفرقة دينية لمدة عشرين عاماً,وفي عام 1975 شهدت قفزة نوعية,حيث أدخل صبري مدلل إليها فرقة موسيقية,وبدأ بتقديم الغناء التراثي الطربي إلى جانب الإنشاد الديني.‏‏
وكان في ذاك العام يزور حلب الباحث الفرنسي كريستيان بوخيه,وسمع الفرقة في إحدى حفلاتها,فأعجب بها,ودعاها إلى باريس لإحياء عدة حفلات لتبدأ الفرقة بذلك مسيرتها العالمية,وفي عام 1985 قام صبري مدلل بقفزة جديدة في فرقته,فتوسعت في عدد أفرادها وامتد أداؤها إلى كل ألوان الغناء العربي,وأدخل إليها الرقص الشعبي الحلبي مثل رقص السماح والمولوية والسيف والترس واللعب بالبنود,وفي ذاك العام سمع الفرقة وشاهدها الباحث الموسيقي السوري حبيب توما المقيم في أوروبا,فأعجب بها وبأداء صبري مدلل,فدعاه مع فرقته للاشتراك بمهرجان الفن الآسيوي في هونغ كونغ,وتتالت بعدها مشاركة الفنان الراحل وفرقته في مهرجانات وجولات أوروبية,وشملت جولاتها فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والنمسا وسويسرا واليونان.‏‏

‏‏ وعلى الصعيد العربي شارك صبري مدلل وفرقته في العديد من المهرجانات الكبيرة,ففي عام 1994 شارك في مهرجان بيت الدين في لبنان,وفي عام 1996 شارك بمهرجان جرش في الأردن,وفي تونس شارك أكثر من مرة بمهرجاني المدينة وقرطاج,وفي نفس العام 1996 شارك في المؤتمر والمهرجان الخامس للموسيقا العربية في القاهرة,ويومها كتب عنه جمال الغيطاني في يومياته في صحيفة الأخبار القاهرية يقول: ثمة شيء في صوته وهيئته يذكرنا بصالح عبد الحي,لكنه أكثر حيوية,وإذا كان صباح فخري امتداداً معاصراً للغناء التراثي القديم,فإن صبري مدلل هو التراث نفسه يمشي على قدمين,ويتنفس برئتين,ويشدو بحنجرة قوية متمكنة رائعة الجمال).‏‏





‏‏ أما آخر مشاركات صبري مدلل العربية,فكانت في مهرجان القرين بالكويت عام 1998 فأبهر الكويتيين بأدائه الرائع,وتحدثت عنه الصحف الكويتية مطولاً,من ذلك ما كتبه عبد المحسن الشمري في صحيفة القبس,ومما قاله صبري مدلل الذي عجنته الأيام بحب الفن والغناء الأصيل,قدم لجيل هذه الأيام من أصحاب الأصوات اللاهثة درساً في الأداء).‏‏


وعلى الصعيد المحلي فإن مشاركته بمهرجان الأغنية السورية مع فرقته عام ,1998عندما قدم أولاً وصلة من القدود والموشحات الحلبية,ثم قدم لوحة المولوية كاملة,وحملت مشاركته عنوان (سهرة حلبية) وكانت أجمل أيام المهرجان وفي عام 2000 كرمه المجمع الموسيقي العربي في مؤتمره السادس الذي انعقد في دمشق وقدمت له التكريم الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية,وكانت وقتها وزيرة الثقافة.‏‏

وعلى الصعيد الشخصي فقد تعرفت على صبري مدلل منذ نحو خمسة عشر عاماً,وكان لي شرف المشاركة معه ببرنامج (خليك بالبيت) في نيسان عام .1998‏‏


***‏‏

شهادات‏‏


خلوق ومهذب‏‏
صباح فخري:‏‏


صبري مدلل رحمه الله أخ وزميل عزيز وهو أكبر مني, كان من الجيل الذي قبلنا, عملنا معاً في إذاعة حلب ضمن الكورس وهو استاذ كبير ومتمكن من الايقاعات والنغمات, وحافظ لكثير من التراث الغنائي العربي مثل الموشحات والأدوار والقصائد. وهو ابن صنعة متمكن من صنعته, استمر في الغناء حتى مابعد الثمانين من عمره, وهذه حالة نادرة.‏‏
أبو أحمد رجل بسيط وطيب وكان يتمتع بخفة دم ومتواضع وكانت تربطني به علاقة جيدة غير باقي الزملاء.‏‏



رحمه الله واسكنه فسيح جنانه‏‏


خسارة للفن‏‏

ابراهيم جودت:‏‏

عملنا معاً في إذاعة حلب ضمن الكورس لعدة سنوات وتعرفت عليه شخصياً ضمن الكورس. كان من الأصوات الجميلة جداً والمتمكنة ثم عمل مؤذناً في جامع العبارة, بعدها انتقل إلى الغناء, كان فناناً متميزاً وقوياً بالنغمات والأوزان وعلى الصعيد الشخصي, كان إنساناً خلوقاً ومهذباً. ومهما تحدثنا عنه لانوفيه حقه, رحيله خسارة لفن الغناء الأصيل, ولنا نحن كفنانين .. رحمه الله.‏‏

حافظة خطيرة‏‏



أمين الخياط:‏‏


صبري مدلل رحمه الله من الفنانين المخضرمين المهمين, تعرفت عليه منذ نحو سبع عشرة سنة. في الجانب الإنساني كان رقيقاً شفافاً, لايحمل أي حقد للناس ومحباً وودوداً لمن حوله.‏‏

وفي الجانب الموسيقي كان متمكناً من فنه تمكناً غير عادي في المقامات والنغمات ولديه حافظة خطيرة.‏‏

فهو يحفظ الكثير الكثير من الأدوار والموشحات والقدود الحلبية وله حضور متميز, واللافت للنظر أنه استمر في الغناء مابعد الثمانين من عمره. وهذه حالة نادرة بين المطربين.‏‏

رحم الله صبري مدلل وأتمنى من الجيل الجديد أن يتخذه قدوة وأن يحتذي به وأن يبقى لنا رمزاً ومثالاً.‏‏

أسلوب خاص‏‏

عبد الفتاح قلع جي:‏‏

خسرت الحياة الفنية الموسيقية والغنائية برحيل صبري مدلل واحداً من أكبر أعلامها المبدعين.‏‏

تميز صبري مدلل بصوته القوي, وحفظه الواسع للتراث وقدرته الفائقة على التصرف في اللحن , والجمع بين الطرب والتعبير, وبراعته في الألحان الكبيرة والدارجة حسب مناخات الحضور كما تميز أيضاً بأسلوبه الخاص في اللحن والأداء شكلاً ومضموناً, وإنه بلباسه التقليدي وطربوشه الأحمر وحركات جسمه الجليلة, تشعر وكأنه يطير في فضاءات النغمات التي يؤديها بأشكال مبدعة مختلفة حتى لتحس بأن جسمه كله قد تحول إلى ايقاع, وأنه يختزل المقامات في الروح والجسد معاً.‏‏

هذا الاسلوب الخاص والمنفرد يظهر أيضاً في تناوله لقصائد وأغاني الأعلام مثل أم كلثوم وغيرها حتى لتشعر بأن اللحن الذي يجيد التصرف فيه بأسلوبه ما خلق إلا هكذا, وهكذا الكبار يرحلون وتبقى الأصوات الكبيرة والذكريات العظيمة خالدة أبداً.‏‏

ظاهرة غير عادية‏‏

سهيل عرفة:‏‏

فقد احتفظ بقدرته على الغناء والوقوف على المسرح لساعات طويلة حتى مابعد الثمانين من عمره محمد عبد الوهاب كان دون سن الستين عندما توقف على الغناء , وتحول الى التلحين استطاع أن ينشر التراث الغنائي في العالم من خلال جولاته على الكثير من الدول الاوروبية . كما زار العديد من الدول العربية‏‏

رحمه الله.. ورذا كان قد رحل عنا بجسده , فسيبقى بينننا بروه وصوته فهو أحد حملة لواء التراث العربي مثل صباح فخري . هو أحد التلاميذ النجباء لعمر البطش وبكري الكردي.‏‏

والمعروف أنه اشتهر متأخراً مع أنه بدأ مسيرته مع الغناء من الخمسينات.‏‏

***‏‏

في موشح الوداع‏‏

ˆ محمد قجه‏‏

تسعة عقود من عمر شيخ المطربين, وأيقونة الإنشاد الديني (صبري مدلل) ابن المدينة العريقة في شتى مناحي الفنون (حلب المحروسة).‏‏

رحلة بدأها مؤذناً في جامع (قسطل الحجارين) في ثلاثينيات القرن الماضي.. وانتقل صوته الساحر بالآذان عبر مساجد عدة منها جامع العبارة, وأهمها الجامع الأموي الكبير, حيث كان يحلو للشيخ صبري أن يجلس أسفل المئذنة وهو يسفح نظراته المتأملة في باحة الجامع الواسعة.. تحط فيها أسراب الحمام الوديعة, وتتناثر هنا وهناك حلقات المنشدين, أو المتحلقين حول شيخ يسألونه ويستفتونه في أصغر الأمور.‏‏

يجلس الشيخ صبري.. وطربوشه الأحمر يهتز مع حركة رأسه الدائبة, وكأن الطرب كان يشمل كيانه كله وليس صوته وحنجرته فحسب.‏‏

نشأ صبري مدلل موسيقياً على يد العلامة عمر البطش, ومنذ مطلع الثلاثينيات كان صبري مدلل يتلقى دروس الموسيقا لدى الشيخ عمر البطش وكانت أجرة كل دقيقة درسية (نصف ليرة سورية), ولكن الشيخ عمر قرر تلقينه الدروس مجاناً نظراً لتفوقه وتميزه.‏‏

وكان لقاؤه بعد ذلك بالمطرب والملحن الكبير بكري الكردي, ثم محمد خير وصباح فخري, وسلسلة لا تنتهي من رجالات الطرب والإنشاد الديني والذكر الصوفي.‏‏

ومنذ أواسط الخمسينيات شرع صبري مدلل في التفرغ للمدائح النبوية من خلال فرقة أسسها لهذا الغرض.. وبدأ يلحن وتتوسع فرقته وتتبلور ميزاتها, وتخرج من هذه الفرقة أصوات ساحرة في مجال الإنشاد منها حسن الحفار وعبد الرؤوف حلاق.‏‏

وكان لابد لهذه الفرقة أن تخرج من نطاق المحلية إلى النطاق العربي والعالمي, فرأينا الشيخ صبري وفرقته يجوبون أقطار العالم, وهو يحمل طربوشه المتميز وينتقل عبر القارات يهز المشاعر بأدائه الساحر الصادق الذي ينفذ إلى الوجدان ويحرك كوامن الحس الإنساني.‏‏

ترك الشيخ صبري أكثر من ثلاثين لحناً في التواشيح الدينية لعل من أشهرها:‏‏

- أنا الإسلام رباني.‏‏

- إلهنا ما أعدلك (من شعر أبي نواس).‏‏

- أحمد يا حبيبي.‏‏

- بلبل الأفراح غرد.‏‏

- ظهر الدين المؤيد.‏‏

- على بيت الله.‏‏

- يا نبي سلام عليك.‏‏

- ميلاد أحمد.‏‏

ولقد كانت رحلات الشيخ صبري إلى مسارح العالم الكبرى القاهرة وباريس وبرلين وسواها مناسبة نقلت هذا الفن الأصيل إلى أنحاء العالم.‏‏

رحمك الله يا أبا أحمد.. أيها الشيخ المدلل الذي حمل في صوته وملامحه صورة التراث.. وبقي بيته في حي (الجلوم) العريق منطلقاً تخرج منه الفنانون والمنشدون ونشروا وهجهم الفني عبر العالم.‏‏

***‏‏

في كتاب وفيلم‏‏

بمناسبة احتفالية حلب عاصمة الثقافة الاسلامية هذا العام صدر في حلب كتاب عن الفنان الراحل بعنوان شيخ المطربين صبري مدلل وضعه الموسيقي الحلبي محمد قدري دلال وتضمن الكتاب فصولا لدراسات تحليلية موسيقية لتراث حلب الغنائي وتأثيره على صبري مدلل سواء في غنائه أو ألحانه.‏‏

وفي الفصول المخصصة للحديث عن صبري مدلل تحدث محمد قدري دلال عن أسلوب صبري مدلل في الغناء فقد حافظ على ما ورثه من أساليب الغناء ولم يتصرف إلا في حدود الجماليات ولم يخرج عن الألحان المدونة وتمتع في غنائه بفصاحة اللسان ووضوح اللفظ وسلامة مخارج الحروف ساعده في ذلك تجويده للقرآن الكريم وأدائه للأذان لسنوات طويلة كما أنه أجاد الارتجال في الغناء والارتجال غناء لأبيات شعرية غير ملحنة ويؤديها المطرب بلحن مرتجل.‏‏

وفي فصل آخر تحدث الكتاب عن منهج التدوين والمعالجة الموسيقية لتواشيح صبري مدلل وأورد هذه التواشيح بالكلمات والنوتة الموسيقية مع تحليل موسيقي لكل منها.‏‏

في عام 1999 قام المخرج محمد ملص باخراج فيلم عن الحاج صبري مدلل بعنوان حلب مقامات المسرة وأنتج الفيلم بالتعاون بين شركتي سويدي فيلم في أبو ظبي ودنيا فيلم في دمشق وكان عمر صبري مدلل واحدا وثمانين عاما ومدة الفيلم ثلاث وخمسون دقيقة والفيلم عبارة عن بورتريه عن صبري مدلل نتعرف من خلال شخصيته على المدرسة الحلبية في الغناء وتم عرض الفيلم بعد انتاجه في المجمع الثقافي في أبو ظبي بمناسبة معرض الكتاب.‏‏

***‏‏

التكريم النبيل‏‏

قلائل جدا.. هم الفنانون الذين يكرمون وهم على قيد الحياة, فدائما يتم تذكر المبدعين وتكريمهم بعد رحيلهم إلا أن السيد الرئيس بشار الأسد غير هذه العادة حين قام بتكريم عدد من الأدباء والفنانين وهم أحياء فشاهدوا تكريمهم بأم عينهم, ومن هؤلاء الفنان الراحل صبري مدلل.‏‏

فقد كانت لفتة كريمة من السيد الرئيس نحو سفير الغناء التراثي الأصيل صبري مدلل مرتين:‏‏

الأولى عندما أجري لصبري مدلل عمل جراحي في أحد مشافي حلب فكلف محافظ حلب أن يعوده ويطمئن على صحته وارسل له باقة من الزهور باسمه, والمرة الثانية عندما كرمه وأهدى له منزلا في منطقته حلب الجديدة, وكان ذلك في حزيران من عام .2001‏‏

فبتوجيهات من السيد الرئيس أقيم احتفال كبير في حلب لتكريم صبري مدلل حضره رئيس الوزراء آنذاك مصطفى ميرو ومحافظ حلب وجمهور كبير, وفي الحفل تم تقديم شهادة تقدير للفنان الكبيرة على عطاءاته في مجال الغناء إضافة إلى المنزل الهدية.‏‏

وكان لهذا التكريم وقع رائع في نفس الفنان الراحل, ووقتها قال في تصريح صحفي: ( إنها لسعادة كبيرة تغمرني الآن, اهتز لها وجداني من الأعماق,وقد عبر السيد الرئيس بشار الأسد في هذه المناسبة عما يكنه للفنانين من تقدير ومحبة.‏‏

لقد منحني هذا التكريم دفعة جديدة وقوية لتقديم المزيد من العطاء والتفاني في الاستمرار بالغناء, إنه أعادني إلى عزيمتي قبل ثلاثة عقود خلت).‏‏

***‏‏

ملحناً‏‏

اشتهر صبري مدلل منشدا ومطربا ومؤذنا لكن قليلين يعرفون أنه كان ملحنا مجيدا واقتصرت ألحانه على الأناشيد والتواشيح الدينية, وبلغ عددها ستة وثلاثين نشيدا من أشهرها ( أحمد يا حبيبي), (أشرقت أنوار نبينا), (إلهي ياسميع يا بصير), ( أنا الإسلام رباني) وغيرها...‏‏

ومعظم أناشيد صبري مدلل الدينية في قالب الطقطوقة, أي أن النشيد أو التوشيح يتألف من مذهب وأغصان, حيث يقوم المرددون بتكرار المذهب بعد كل غصن بينما لا نرى تواشيح في قالب الموشح أو قالب القصيدة رغم أن أشعار العديد منها باللغة الفصيحة.‏‏

وتنوعت مواضيع هذه التواشيح ما بين مدائح نبوية مثل ( أحمد ياحبيبي), (في هوى خير العباد), (يانبي سلام عليك) وما بين ابتهال لله عز وجل مثل (الهنا ما أعد لك), (ياإلهي ياسميع يا بصير), (يامن يجيب إذا دعاه) وتناول في تواشيح مناسبات دينية مثل ليلة القدر كما في توشيح (الليلة ليلة القدر).‏‏

وأنشد لشهر رمضان المبارك ( رمضان كريم) وغيرها..‏‏

والذي يستمع إلى ألحان صبري مدلل يلمس قوتها إضافة إلى جزالتها وسلاستها وهذا ما ساعد على انتشارها حتى أن هذه التواشيح انتشرت بين فرق الإنشاد الديني في مختلف المناطق السورية, وحتى في فرق البلدان العربية المجاورة دون أن يعرفوا أنها من ألحان صبري مدلل, وقد جمعت هذه التواشيح في كتاب وصدرت مسجلة بصوت صبري مدلل في أسطوانة ليزرية















رد مع اقتباس
  #7  
قديم 27/07/2007, 17h02
الوحدة الوحدة غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:50273
 
تاريخ التسجيل: juillet 2007
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
العمر: 46
المشاركات: 7
افتراضي صبرى مدلل

صبري مدلل .. الصوت الذي سكت...من الإنشاد الديني إلى الغناء التراثي
برحيل شيخ المطربين صبري مدلل,تكون الساحة الغنائية العربية قد خسرت حارساً وحافظاً مهماً للتراث الغنائي العربي عامة والحلبي خاصة,ومؤدياً متقناً له,فصبري مدلل يمثل بحق ذاكرة قوية لتراثنا الغنائي العربي,استوعبه استيعاباً كاملاً,وقدمه بصوته القوي الجميل,ونشره ليس في الوطن العربي فقط,بل في أنحاء العالم فكان الفنان الراحل سفيراً فوق العادة لهذا التراث الفني العظيم
وإذا كان المسجد هو المدرسة التي تخرج منها كبار الملحنين العرب أمثال زكريا أحمد وأبي العلا محمد وسلامة حجازي,فإن صبري مدلل لم يشذ عن هذه القاعدة,فمنذ صغره كان يحضر حلقات الذكر,وكانت تشده الأناشيد الدينية فيها,كما كان يبهره الأذان فيذهب إلى الجامع ليسمعه عن قرب,وكان يحلم أن يؤدي الأذان,وفي العاشرة من عمره تحقق حلمه,فقد سمعه شيخ الجامع,وأعجب بجمال صوته,فسمح له أن يؤدي الأذان,وفي سن الخامسة عشرة من عمره,أصبح مؤذن جامع العبارة,وتعرف على عمر البطش,وتعلم على يديه الموسيقا والغناء,فأتقن القدود والموشحات الحلبية,كما تتلمذ على أيدي علي الدرويش وابنه نديم وبكري الكردي,وما لبث أن أصبح مؤذناً للجامع الأموي الكبير في حلب,ووجد في الإنشاد الديني مجالاً رحباً لإظهار مواهبه في الغناء.‏‏
وفي عام 1945 أخذه معلمه عمر البطش إلى إذاعة حلب,فانضم إلى الكورس مردداً,كما كان يؤدي الغناء الإفرادي,فيغني القدود والموشحات,لكن والده لم يرض عن ذلك,فترك صبري الإذاعة واستعاض عنها بتأسيس فرقة للإنشاد الديني عام ,1954وانخرط في الفرقة كبار المنشدين في حلب أمثال حسن الحفار ومحمد وعمر صابوني وفؤاد خانطون وغيرهم,وقدمت الفرقة الكثير من الحفلات في مختلف المناطق السورية,واستمرت الفرقة دينية لمدة عشرين عاماً,وفي عام 1975 شهدت قفزة نوعية,حيث أدخل صبري مدلل إليها فرقة موسيقية,وبدأ بتقديم الغناء التراثي الطربي إلى جانب الإنشاد الديني.‏‏
وكان في ذاك العام يزور حلب الباحث الفرنسي كريستيان بوخيه,وسمع الفرقة في إحدى حفلاتها,فأعجب بها,ودعاها إلى باريس لإحياء عدة حفلات لتبدأ الفرقة بذلك مسيرتها العالمية,وفي عام 1985 قام صبري مدلل بقفزة جديدة في فرقته,فتوسعت في عدد أفرادها وامتد أداؤها إلى كل ألوان الغناء العربي,وأدخل إليها الرقص الشعبي الحلبي مثل رقص السماح والمولوية والسيف والترس واللعب بالبنود,وفي ذاك العام سمع الفرقة وشاهدها الباحث الموسيقي السوري حبيب توما المقيم في أوروبا,فأعجب بها وبأداء صبري مدلل,فدعاه مع فرقته للاشتراك بمهرجان الفن الآسيوي في هونغ كونغ,وتتالت بعدها مشاركة الفنان الراحل وفرقته في مهرجانات وجولات أوروبية,وشملت جولاتها فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والنمسا وسويسرا واليونان.
وعلى الصعيد العربي شارك صبري مدلل وفرقته في العديد من المهرجانات الكبيرة,ففي عام 1994 شارك في مهرجان بيت الدين في لبنان,وفي عام 1996 شارك بمهرجان جرش في الأردن,وفي تونس شارك أكثر من مرة بمهرجاني المدينة وقرطاج,وفي نفس العام 1996 شارك في المؤتمر والمهرجان الخامس للموسيقا العربية في القاهرة,ويومها كتب عنه جمال الغيطاني في يومياته في صحيفة الأخبار القاهرية يقول: (ثمة شيء في صوته وهيئته يذكرنا بصالح عبد الحي,لكنه أكثر حيوية,وإذا كان صباح فخري امتداداً معاصراً للغناء التراثي القديم,فإن صبري مدلل هو التراث نفسه يمشي على قدمين,ويتنفس برئتين,ويشدو بحنجرة قوية متمكنة رائعة الجمال).‏‏
أما آخر مشاركات صبري مدلل العربية,فكانت في مهرجان القرين بالكويت عام 1998 فأبهر الكويتيين بأدائه الرائع,وتحدثت عنه الصحف الكويتية مطولاً,من ذلك ما كتبه عبد المحسن الشمري في صحيفة القبس,ومما قاله : (صبري مدلل الذي عجنته الأيام بحب الفن والغناء الأصيل,قدم لجيل هذه الأيام من أصحاب الأصوات اللاهثة درساً في الأداء).‏‏
وعلى الصعيد المحلي فإن مشاركته بمهرجان الأغنية السورية مع فرقته عام ,1998عندما قدم أولاً وصلة من القدود والموشحات الحلبية,ثم قدم لوحة المولوية كاملة,وحملت مشاركته عنوان (سهرة حلبية) وكانت أجمل أيام المهرجان وفي عام 2000 كرمه المجمع الموسيقي العربي في مؤتمره السادس الذي انعقد في دمشق وقدمت له التكريم الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية,وكانت وقتها وزيرة الثقافة.‏‏
وعلى الصعيد الشخصي فقد تعرفت على صبري مدلل منذ نحو خمسة عشر عاماً,وكان لي شرف المشاركة معه ببرنامج (خليك بالبيت) في نيسان عام .1998‏‏

***‏‏
شهادات‏‏
خلوق ومهذب‏‏
صباح فخري:‏‏
صبري مدلل رحمه الله أخ وزميل عزيز وهو أكبر مني, كان من الجيل الذي قبلنا, عملنا معاً في إذاعة حلب ضمن الكورس وهو استاذ كبير ومتمكن من الايقاعات والنغمات, وحافظ لكثير من التراث الغنائي العربي مثل الموشحات والأدوار والقصائد. وهو ابن صنعة متمكن من صنعته, استمر في الغناء حتى مابعد الثمانين من عمره, وهذه حالة نادرة.‏‏
أبو أحمد رجل بسيط وطيب وكان يتمتع بخفة دم ومتواضع وكانت تربطني به علاقة جيدة غير باقي الزملاء.‏‏
رحمه الله واسكنه فسيح جنانه‏‏
خسارة للفن‏‏
ابراهيم جودت:‏‏
عملنا معاً في إذاعة حلب ضمن الكورس لعدة سنوات وتعرفت عليه شخصياً ضمن الكورس. كان من الأصوات الجميلة جداً والمتمكنة ثم عمل مؤذناً في جامع العبارة, بعدها انتقل إلى الغناء, كان فناناً متميزاً وقوياً بالنغمات والأوزان وعلى الصعيد الشخصي, كان إنساناً خلوقاً ومهذباً. ومهما تحدثنا عنه لانوفيه حقه, رحيله خسارة لفن الغناء الأصيل, ولنا نحن كفنانين .. رحمه الله.‏‏
حافظة خطيرة‏‏
أمين الخياط:‏‏

صبري مدلل رحمه الله من الفنانين المخضرمين المهمين, تعرفت عليه منذ نحو سبع عشرة سنة. في الجانب الإنساني كان رقيقاً شفافاً, لايحمل أي حقد للناس ومحباً وودوداً لمن حوله.‏‏
وفي الجانب الموسيقي كان متمكناً من فنه تمكناً غير عادي في المقامات والنغمات ولديه حافظة خطيرة.‏‏
فهو يحفظ الكثير الكثير من الأدوار والموشحات والقدود الحلبية وله حضور متميز, واللافت للنظر أنه استمر في الغناء مابعد الثمانين من عمره. وهذه حالة نادرة بين المطربين.‏‏
رحم الله صبري مدلل وأتمنى من الجيل الجديد أن يتخذه قدوة وأن يحتذي به وأن يبقى لنا رمزاً ومثالاً.‏‏
أسلوب خاص‏‏
عبد الفتاح قلع جي:‏‏
خسرت الحياة الفنية الموسيقية والغنائية برحيل صبري مدلل واحداً من أكبر أعلامها المبدعين.‏‏
تميز صبري مدلل بصوته القوي, وحفظه الواسع للتراث وقدرته الفائقة على التصرف في اللحن , والجمع بين الطرب والتعبير, وبراعته في الألحان الكبيرة والدارجة حسب مناخات الحضور كما تميز أيضاً بأسلوبه الخاص في اللحن والأداء شكلاً ومضموناً, وإنه بلباسه التقليدي وطربوشه الأحمر وحركات جسمه الجليلة, تشعر وكأنه يطير في فضاءات النغمات التي يؤديها بأشكال مبدعة مختلفة حتى لتحس بأن جسمه كله قد تحول إلى ايقاع, وأنه يختزل المقامات في الروح والجسد معاً.‏‏
هذا الاسلوب الخاص والمنفرد يظهر أيضاً في تناوله لقصائد وأغاني الأعلام مثل أم كلثوم وغيرها حتى لتشعر بأن اللحن الذي يجيد التصرف فيه بأسلوبه ما خلق إلا هكذا, وهكذا الكبار يرحلون وتبقى الأصوات الكبيرة والذكريات العظيمة خالدة أبداً.‏‏
ظاهرة غير عادية‏‏
سهيل عرفة:‏‏
فقد احتفظ بقدرته على الغناء والوقوف على المسرح لساعات طويلة حتى مابعد الثمانين من عمره محمد عبد الوهاب كان دون سن الستين عندما توقف على الغناء , وتحول الى التلحين استطاع أن ينشر التراث الغنائي في العالم من خلال جولاته على الكثير من الدول الاوروبية . كما زار العديد من الدول العربية‏‏
رحمه الله.. ورذا كان قد رحل عنا بجسده , فسيبقى بينننا بروه وصوته فهو أحد حملة لواء التراث العربي مثل صباح فخري . هو أحد التلاميذ النجباء لعمر البطش وبكري الكردي.‏‏
والمعروف أنه اشتهر متأخراً مع أنه بدأ مسيرته مع الغناء من الخمسينات.‏‏

***‏‏

في موشح الوداع‏‏
تسعة عقود من عمر شيخ المطربين, وأيقونة الإنشاد الديني (صبري مدلل) ابن المدينة العريقة في شتى مناحي الفنون (حلب المحروسة).‏‏
رحلة بدأها مؤذناً في جامع (قسطل الحجارين) في ثلاثينيات القرن الماضي.. وانتقل صوته الساحر بالآذان عبر مساجد عدة منها جامع العبارة, وأهمها الجامع الأموي الكبير, حيث كان يحلو للشيخ صبري أن يجلس أسفل المئذنة وهو يسفح نظراته المتأملة في باحة الجامع الواسعة.. تحط فيها أسراب الحمام الوديعة, وتتناثر هنا وهناك حلقات المنشدين, أو المتحلقين حول شيخ يسألونه ويستفتونه في أصغر الأمور.‏‏
يجلس الشيخ صبري.. وطربوشه الأحمر يهتز مع حركة رأسه الدائبة, وكأن الطرب كان يشمل كيانه كله وليس صوته وحنجرته فحسب.‏‏
نشأ صبري مدلل موسيقياً على يد العلامة عمر البطش, ومنذ مطلع الثلاثينيات كان صبري مدلل يتلقى دروس الموسيقا لدى الشيخ عمر البطش وكانت أجرة كل دقيقة درسية (نصف ليرة سورية), ولكن الشيخ عمر قرر تلقينه الدروس مجاناً نظراً لتفوقه وتميزه.‏‏
وكان لقاؤه بعد ذلك بالمطرب والملحن الكبير بكري الكردي, ثم محمد خير وصباح فخري, وسلسلة لا تنتهي من رجالات الطرب والإنشاد الديني والذكر الصوفي.‏‏
ومنذ أواسط الخمسينيات شرع صبري مدلل في التفرغ للمدائح النبوية من خلال فرقة أسسها لهذا الغرض.. وبدأ يلحن وتتوسع فرقته وتتبلور ميزاتها, وتخرج من هذه الفرقة أصوات ساحرة في مجال الإنشاد منها حسن الحفار وعبد الرؤوف حلاق.‏‏
وكان لابد لهذه الفرقة أن تخرج من نطاق المحلية إلى النطاق العربي والعالمي, فرأينا الشيخ صبري وفرقته يجوبون أقطار العالم, وهو يحمل طربوشه المتميز وينتقل عبر القارات يهز المشاعر بأدائه الساحر الصادق الذي ينفذ إلى الوجدان ويحرك كوامن الحس الإنساني.‏‏
ترك الشيخ صبري أكثر من ثلاثين لحناً في التواشيح الدينية لعل من أشهرها:‏‏
- أنا الإسلام رباني.‏‏
- إلهنا ما أعدلك (من شعر أبي نواس).‏‏
- أحمد يا حبيبي.‏‏
- بلبل الأفراح غرد.‏‏
- ظهر الدين المؤيد.‏‏
- على بيت الله.‏‏
- يا نبي سلام عليك.‏‏
- ميلاد أحمد.‏‏
ولقد كانت رحلات الشيخ صبري إلى مسارح العالم الكبرى القاهرة وباريس وبرلين وسواها مناسبة نقلت هذا الفن الأصيل إلى أنحاء العالم.‏‏
رحمك الله يا أبا أحمد.. أيها الشيخ المدلل الذي حمل في صوته وملامحه صورة التراث.. وبقي بيته في حي (الجلوم) العريق منطلقاً تخرج منه الفنانون والمنشدون ونشروا وهجهم الفني عبر العالم.‏‏

***‏‏
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26/10/2007, 19h13
الصورة الرمزية mghazel
mghazel mghazel غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:96834
 
تاريخ التسجيل: octobre 2007
الجنسية: تونسية
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 2
Post رد: اعمال الفنان صبري مدلل

صبري مدلل:
سيد الارتجالات وصانع الوَجْد والسرور

تحقيق: بسام لولو

انعجن صبري مدلل بهواء مدينته حلب، وتبلل بمطر مزاريبها، واستظل من شمسها في ركن من مساجدها أو تحت إحدى ياسمينات دورها، واكتوى بلواعج أشواقها، والتقى كبار فناني مدرستها،



وغاب أخيراً في تربتها، وخلال كل ذلك ما كان يفعل شيئاً إلا الغناء، حتى يخال المرء أن صوته لا يقل أثراً في حجارة حلب عن هوائها وشمسها ومطرها، وحتى صارت أشرطته مثل فستقها وزعترها وصابونها وحلوياتها يرسلها الحلبي بفخر إلى أحبته في أصقاع الدنيا. لذلك ما كان بإمكان أي عمل موسيقي أو أدبي أو تشكيلي أو سينمائي أو صحفي أن يتناول صبري مدلل بمعزل عن مدينته، لكن أحد سمّيعته، قال: من المستحيل على أي عمل أن يصل إلى قامة الشيخ صبري، إذ بقيتُ أبحث عن سر بهاء شخصيته، فلم أستطع أن أمسك بتلابيبها. لذلك ما كان همنا في هذا العمل إلا أن نحاول الإجابة عن سؤال: من هو صبري مدلل إنسانياً وفنياً؟ من خلال بعض المصادر التي تحدثت عن سيرته، واللقاء بعدد من الفنانين والباحثين والسميعة الذين عايشوه عن قرب، وبعض مما قيل فيه، فإلى هذه المحاولة:

سيرة ذاتية

من كتاب "شيخ المطربين صبري مدلل وأثر حلب في غنائه وألحانه" لمحمد قدري دلال، وكتاب"مئة من أوائل حلب" لعامر مبيض، وبعض المصادر الأخرى، حاولنا أن نتعرف إلى بعض من سيرة صبري مدلل الذاتية: ولد الشيخ صبري عام1918، في أسرة حلبية متدينة، فقرأ القرآن منذ صغره على يد الشيخ أحمد المصري الذي اكتشف جمال صوته فأوكل إليه مهمة الأذان، قبل أن يتتلمذ موسيقياً على يد الشيخ عمر البطش، فتأثر به كثيراً، كما تأثر بالعديد من أعلام الموسيقى والغناء في حلب، ومنهم الشيخ بكري كردي، وراح ينشد ويغني في الزوايا والتكايا والمساجد وحفلات الموالد والأعراس، إلى أن أنشئت إذاعة حلب عام1947، فكان واحداً ممن غنوا على هوائها المباشر عام 1949، لكنه سرعان ما أطاع والده في التخلي عن العمل فيها خشية أن يصير مطرباً، وهو الأمر الذي ما كانت تفضّله الأسر المتدينة، فعاد إلى الإنشاد الديني عملاً بالمبدأ القائل: "مدّاح طه لا يُضام"، وأسس فرقة تتابع عليها كبار المنشدين مثل أحمد السمان المدني وفؤاد خانطوماني وعمرنبهان ثم عبدالرؤوف حلاق وزكريا مكي ومحمد وعمر صابوني وحسن حفار.. وانتهت بأن تسلم ابن أخته الفنان أحمد حمادية إدارتها. وقد خاض المدلل بجدارة غمار التلحين، فلحن أربعين عملاً دينياً، باستثناء واحد كان غزلياً. لكن النقلة النوعية في حياة المدلل حدثت عندما تعرف إليه أحد الموسيقيين الأجانب، هو كريستيان بوخه، فقدمه إلى الجمهور الفرنسي، لتتتالى بعد ذلك حفلاته في العديد من الدول العربية والأجنبية مثل ألمانيا وهولندا والنمسا واليونان وبلجيكا وسويسرا والصين وتونس ومصر والكويت ولبنان والإمارات العربية المتحدة. حافظ الشيخ صبري على ما ورثه من أساليب الأداء والغناء والانتقاء، فلم يخرج على الجمل الموسيقية القديمة، ولم يتصرف فيها إلا في حدود الجماليات، وما يتناسب مع إمكاناته الصوتية العالية التي دربها أحسن تدريب، وكان لا يقنعه من الألحان سوى ما أُتقنَ صنعه، واستكمل حظه من المراجعة والتنقيح والتدبيج، وهذا ما بدا واضحاً في ألحانه.. وقد استلهم ما خزنته ذاكرته من أعمال سيد درويش والقصبجي ومحمد عبدالوهاب وزكريا أحمد وداود حسني فأعطى لوناً جميلاً لأثواب لم يعرفها الإنشاد الديني قبلاً ولم يعهد مثلها في قوالبه. وقد جعل المدلل من سهرة السبت من كل أسبوع علامة فارقة في مدينة حلب على مدى 15سنة، فكانت تستقطب كبار فنانيها ومبتدئيهم وسميعتها وضيوفها من سفراء وفنانين ومثقفين. وخلال كل ما تقدم ظل الشيخ صبري يتحرك مثل نواس بين منزله في حي الجلّوم، وبين دكانه الذي يبيع فيه صابون الغار الحلبي في حي الكلاسة، وبين المساجد التي عمل فيها مؤذناً، والتي كان آخرها الجامع الأموي الكبير في حلب، حيث كان يؤذن فيه الظهر والمغرب والعشاء فقط.. وقد جعل من كل مكان يحط فيه مدرسة فنية يقصدها ويؤمها طالبو العلم، إلا المكفوفين فقد كان يقصدهم في معهدهم الخاص بهم ليعلمهم أصول الغناء والإنشاد على أمل أن يحصلوا بذلك على مصدر رزق لهم. كُرِّم المدلل من الرئيس السوري 2001 ، ومن كل من التقاه أو سمعه أو سمع عنه، سواء بالحب والتقدير، أو بتخليد ذكره في الصحافة والأدب والتشكيل والسينما والدراسات الموسيقية. شيّعته حلب إلى مثواه الأخير في مقبرة "الصالحين" في 19-8-2006

طفل كبير

البعد الروحي والإنساني في شخصية صبري مدلل، تكلم عنه المخرج السينمائي محمد ملص الذي استطاع بعبقرية فذة أن يمسك بأحد مفاتيح هذه الشخصية من أول سؤال لها في بداية فيلمه الوثائقي عنها، عندما قال لصبري: من أنت؟ فأجابه: "أنا صبري مدلل المنشد الحلبي ومُدْخِل السرور إلى قلوب الناس"، فكشفت هذه الإجابة، فيما كشفت، عن البعد الإنساني العميق لهذا الرجل الذي كرّس عمره ليكون منشداً وباعثاً على السرور، فما كان من ملص إلا أن قبض عليها، وصاغ منها عنوان فيلمه "حلب.. مقامات المسرّة". وفي الوقت الذي يقدّر فيه ملص أن من سوء حظ الكثيرين، من خارج حلب، أنهم لم يتعرفوا إلى صوت المدلل إلا متأخراً في أواخر السبعينيات، يرى أن النصر الكبير الذي حققه صبري هو أنه استطاع أن يرفس سنوات العمر، وألا ينكسر أمامها، فظل ينشد ويبعث السرور، عبر صدق وجمال الصوت والكلمة واللحن، معلناً عن روحه في قدرتها على تجاوز جحود الأزمنة، وتدفقها بالحياة والكرم، وإصرارها على الجمال والتألق. وللكشف عن المزيد من طبقات شخصية المدلل، يتحدث ملص بحميمية عن اللحظات الدافئة والجميلة، في الفترة التي أمضاها، ليلاً ونهاراً، في بيت المدلل الذي وضع نفسه بين أيدي فريق الفيلم، فكان ملص كلما دلف إلى دهليز من دهاليز شخصية المدلل، وجد ذاكرة أمينة ووفية للإنشاد ببعديه الديني والغزلي، وإرادة في التعبير عنه بأصالة وصدق، لحماية هذا التراث الغنائي الخاص الذي يتناثر في أرجاء وهواء مدينة حلب العريقة، فكان يفوح بعطر صوته أمام الكاميرا والأنوار والأجهزة في أوقات التحضير لالتقاط لحظة له، وهو يمسك بالدف ليستعيد على مسامع الفريق مقاماً من المقامات. إلى جانب هذه الذاكرة الحية يرى ملص في المدلل طفولة نابضة، وهو يرتدي"جلابيته" الجميلة، ويقفز على السرير ليلتقط صورة من على الجدار، ولينفخ الغبار عنها، ويقول: "هذه الصورة لي وأنا في باريس، أو مصر.."، أو وهو يلتقط صورة أمه من بين صوره التي بعثرها على السرير، ليقول عنها: كانت لا تقدم لي العشاء، إلا إذا غنيت لها! وعن علاقة المدلل بمدينته ومجتمعها، يتحدث ملص عن التصوير في الشارع، فكان مع فريقه، يتجلل ببهاء قامة المدلل وطربوشه الأحمر القاني، وكانت تكل أيديهم من مصافحة الناس، وهم يعبرون الأسواق، من بيت المدلل إلى مئذنة الجامع الكبير، ليعلن أذان الظهر، فكان بمجرد أن ينبث بكلمات الأذان الأولى، يجلل حلب بصوته وهو يدعوها إلى الصلاة. ولأنه لم يقدر للكثيرين أن يروا الفيلم، فقد ظل السؤال: هل استطاع أن يصل إلى قامة صبري؟ في الإجابة عن هذا السؤال يرى ملص أنه كسب صبري مدلل، وحقق ما يصعب تحقيقه، بجهود وعون أخيه الشاعر الإماراتي أحمد السويدي، لكن كلام ملص ظل يحمل شيئاً من حرقة وغصة على واقع هذه الأمة الذي حال دون توصيل هذا الإنجاز. فملص يرى أن الأزمات في منطقتنا العربية، كثيراً ما تكون ظالمة وجاحدة وناكرة عندما تنثر الرمال فوق العطاءات وفي هواء اللحظات المتألقة في حياة المجتمعات، لكن ملص يؤمن بقدرة التاريخ على إزاحة الغبار عن قاماته، من مثل عباقرة الموسيقى النادرين الذين أسسوا ما سمي بمدرسة حلب في الغناء، وهم: علي وإبراهيم الدرويش وعمر البطش وبكري كردي. وفي نهاية حديثه يؤكد ملص أهمية صبري مدلل في أنه الحافظة أو الذاكرة التي فقدناها والتي نحتاج إليها في كل الأزمنة. نهاية جيل لتوصيف الجانب الفني في شخصية صبري مدلل، كان لنا وقفة مع فواز باقر؛ دكتور في الهندسة المعمارية وباحث في علم الموسيقى، مهتم في العلاقة بين العمارة والموسيقى، وعازف عود ذو سمعة ناصعة، رافق صبري مدلل في عدد من حفلاته، فقال عن صبري: إنه من أفضل مؤذني ومنشدي ومطربي وملحني حلب المبدعين، استطاع بما يملكه من موهبة وروحانيات وخيال وخبرة وحسن أداء وصوت أن يشق طريقاً مباشراً وسريعاً من قلبه إلى حلقه، مستغنياً بذلك عن الطرق الإجرائية الموسيقية، ومستفيداً في ذلك من عمله مؤذناً، ومعبراً في صوته عن كل ما يتحلى به من صفات الكرم والعفوية والشفافية والطيبة واللطف ودماثة الروح. ويلفت باقر الانتباه إلى أن كون صبري ملحناً لا يقل عنه مؤذناً أو منشداً؛ إذ إن جملته اللحنية لا تقل مستوى وجمالاً عن جملة كبار ملحني الموسيقى العالمية، بما تنطوي عليه من خيال وكثافة، ويدلل باقر على ذلك بجلسة جمعته مع صبري وعدد من الموسيقيين الفرنسيين الذين تحدثوا فيها عن لحن سمعوه لأحد الموشحات القديمة، وسحر ألبابهم، فكانت دهشتهم كبيرة عندما عرفوا أن صاحب اللحن هو صبري مدلل الجالس معهم.. بهذه التوصيفات يرى باقر أن صبري ظُلم عندما قَصَره بعضهم على أنه موضوع فلكلوري سياحي.. وبهذه التوصيفات يعلن باقر برحيل صبري نهاية جيل مؤمن بموسيقاه الشرقية كما هي، ومكتف ومملوء بها بانسجام مطلق، من دون أي شعور بالنقص.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22/07/2008, 15h37
abosamer abosamer غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:261482
 
تاريخ التسجيل: juillet 2008
الجنسية: كويتية
الإقامة: الكويت
المشاركات: 1
افتراضي رد: صبري مدلل

عثرتُ على ضالتي في هذا المنتدى الرائع للحديث عن هذا العملاق صبري مدلل " أبو أحمد " رحمه الله تعالى0
وكنت أتمنى من معاصريه في عمره المديد أن يسهموا في الكتابة عن جوانب كثيرة في حياته لم يعرفها محبوه0
وقد وجدت على أحد المواقع طرفا من سيرة صبري مدلل لعلها تشكل اضاءة تتبعها اضاءات كثيرة لأنه يستحق بجدارة رحمه الله تعالى


**************************


(المنشد المبدع صبري مدلل )
مروان قدري مكانسي
ما كنت يوماً أجيد الكتابة في الرثاء ، لأنني أجد يراعي عاجزاً عن الإحاطة بأسرار الخلق ،ولا يحيط بأسرار البشر إلا الله ، والكتابة إن لم تكن كافية وافية فمن العبث إرباك القارئ الكريم بها ، ولكن الراحل اليوم هو علم من أعلام حلب الشهباء ، إنه الفنان الكبير : صبري مدلل .
وقد قررت أن أكتب عنه اعترافاً بفضله علي ، فلقد تشرفت بالتلمذة على يديه منذ أن كنت هاوياً لفنه البديع والذي كان يفوح به في كل مساجد حلب وأحواشها العريقة ،وكان يشرف بعد ذلك على ألحاني التي كنت ألحنها للبراعم المسلمة في السبعينات .
كانت أول زيارة لي في منزله العامر في حي الجلوم عام1974 م حيث صحبني إلى بيته عبد الرحمن ابن جار المرحوم الأستاذ صبري مدلل و كان زميلي في مراحلي الدراسية ، ضرب عبد الرحمن موعداً مسبقاً معه قائلاً : إن لي زميلاً نديَّ الصوت ، مفتوناً بك يريد أن يتعرف عليك عن قرب ...
وجاءت الموافقة على الزيارة بعد صلاة العصر من يوم الجمعة ، وصحبني في زيارتي هذه : بالإضافة إلى الوسيط الصديق عبد الرحمن أخي برهان وشخص ثالث .
دخلنا البيت واستقبلنا الراحل بابتسامته المعهودة ،فهو طيب المعشر ، خفيف الظل ، جمّ التواضع ، وكان يوجه الحديث ـ أولاً ـ إلى عبد الرحمن يسأله عن أخباره وأخبار والده و... ثم سأله فجأة : مَنْ مِنْ هؤلاء الذي حدَّثتني عنه ؟ فأجابه على الفور : هذا ( وأشار إلي ) ، تعرّف بي (وكان قد فرغ قبل أيام من تلحين نشيده الرائع : جينا المدينة وقدمه مع فرقته المتألقة قبل يوم واحد في فرح أحد الأحباب ) ،قال لي : هل تحفظ شيئاً من أعمالي ؟ وبمكر الصبيان وقتذاك قلت له : نعم ، قال : وما ذاك ؟ قلت : جينا المدينة .
تعجب ضاحكاً : وهل كنت أمس في بيت الشيخ ( أبي الجدايل ) ؟ قلت : نعم لأن العريس ( زكريا فتلون) صاحب أخي الكبير وقد دعينا لفرحه ، قال : وبهذه السرعة حفظت الموشح ؟ قلت : سجلته وكررت سماعه اليوم حتى تمَّ حفظه . قال : إذن نسمع .
وبدأت أشدو به ـ مرتبكاً ـ في البداية كتلميذ فاشل أمام أستاذه ، وشعر الراحل بذلك ، فلما أنهيت المقدمة أوقفني ثم قال : لا عليك اشرب قليلاً من الماء ، ثم قام وأحضر الدف وقال : هيا بنا نعيده من البداية .
أعدته من البداية ، وكان يشاركني أحياناً ، ويهزُّ بطربوشه أحايين أخرى إلى أن انتهينا منه ، عندها أثنى عليَّ مشجعاً ومستزيداً ... وهنا تدخل عبد الرحمن قائلاً : يا عم إن مروان يجيد الضرب على الدف أيضاً ، قال : عجيب وممن تعلمت الإيقاع أيضاً ؟ قلت : منكم يا سيدي . قال كيف تمَّ ذلك وأنا ما رأيتك إلا الآن ؟قلت : من ترددي على جامع الروضة كل ثلاثاء أجلس وأراقب أصابعك .. قال ضاحكاً : عفريت أنت ؟ ثم قدَّم لي دفه وقال : هيا أسمعنا ، فأنشدته من ألحانه ـ وكان الخجل قد فارقني لحظتها ـ هلمَّ انشد يا حادينا ، وشرعت أقلد بعض حركاته الصوتية ، وكان المرحوم يحرك طربوشه ويتمايل ويشاركنا حتى فرغنا فقال : أنت موهوب يا ولدي ، وأحب أن تزورني باستمرار في جامع العبارة فأنا موجود هناك كل يوم بين المغرب والعشاء .
كانت هذه هي الزيارة الأولى وكانت فاتحة لزيارات متتابعة كثيرة امتدت سنوات إلى أن غادرت سورية عام 1980 م .
ولد الفنان صبري مدلل عام 1918 م في البيت الذي زرناه فيه في حي الجلوم بحلب ، وكان والده الحاج أحمد لمح فيه جمال الصوت فدفعه إلى الكتَّاب ليحفظ القرآن ويجوده ، ولما تجاوز مرحلة الطفولة دفعه إلى الفنان الكبير عمر بطش ليتعلم منه أصول الفن وأسراره فحفظ على يد أستاذه كل الموشحات والقدود التي كانت سائدة يومئذ ، كما تعلم منه المقامات والإيقاعات ولازمه إلى أن فارق الحياة سنة1952 م ثم أنشأ لنفسه فرقة يشدو بها في الأفراح والمناسبات ، وعمل مؤذنا في أشهر مساجد حلب كالأموي الكبير والعبارة والكلتاوية .. وأثرى الإنشاد الديني حتى بلغ مجموع ما لحنه 36 لحناً لعل من أبرزها : في هوى خير العباد ، شع نور الإسلام ، أنا الداعي بإيماني ، قسماً بالشفع وبالوتر ... إلى غيرها من الأعمال الرائعة التي تناقلهاا الفنانون عنه .
وفي يوم الاثنين 27/ رجب 1427 هـ الموافق لـ 21/ آب 2006 م يوم الإسراء والمعراج هذه المناسبة السنوية العظيمة التي اعتاد الفنان الراحل أن يصدح فيها بمديح المصطفى صلى الله عليه وسلم مشيداً بفضائله ومترنماً بعظمة هذه الليلة المباركة شاءت إرادة الله أن يرحل أستاذي عن هذه الدنيا ، فرحمة الله عليك - أيها الفنان العظيم التي بلغت مدائحه وأناشيده الخافقين وكان علماً رائداً في فن الابتهالات والأناشيد الإسلامية - و مغفرته ورضوانه . وإنا لله وإنا إليه راجعون .


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 28/10/2010, 07h53
براء السيد براء السيد غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:459796
 
تاريخ التسجيل: septembre 2009
الجنسية: سورية
الإقامة: سوريا
المشاركات: 86
افتراضي صبرى

قال لي صبري مدلل
كاتب النص الروائي المعروف جمال الغيطاني



عندما قال لي الصديق محمد قجة رئيس جمعية العاديات أن صبري مدللسوف يجئ الليلة إلي البيت في سهرة محدودة العدد، تقتصر فقط علي الأصدقاء المقربين،بصراحة فرحت في زمن قل فيه الفرح.
صبري مدلل أحد أعظم المطربين الحافظين للغناءالعربي الأصيل، حتي بداية التسعينيات لم أسمع به. كنت أعرف صباح فخري منذ الستينياتنجم الطرب العربي، ابن حلب، ذا الشهرة الواسعة الآن، سمعته لأول مرة في معهدالموسيقي العربية بالقاهرة، لفت نظري جمال صوته ونقاؤه. وقدرته علي الأداء السليم،وبلوغ صوته أقصي درجات الارتفاع، مع هدوء الملامح فكأنه يتنفس بشكل طبيعي، مازلتأذكر أداءه لآهات رائعة، رغم كل ماسمعت بعدها إلا ان تلك الآهات ماتزال تتردد فيوعيي وتلامس ذاكرتي عند لحظات الشجن الحاض علي الاستدعاء. لم يأت صباح فخري إليالقاهرة فيما تلا تلك الزيارة التي كانت في نهاية الستينات علي ما أذكر إلا وسعيتإلي الاستماع اليه. بل كنت أحرص علي الحجز في الصفوف الأولي حتي أراه عن قرب، ولمأعرف بوجود تسجيل له هنا أو هناك إلا أقتنيته، ومن الأماكن التي أقتنيت منها عدةساعات نادرة لصوته معرض لبيع التسجيلات الغنائية في بغداد، كان في ميدان يقع عليامتداد شارع الرشيد، ربما ساحة الرصافي، أو الزهاوي، لا أستطيع التذكر الآن، كاناسمه 'أنغام التراث' وكان به أندر تسجيلات الغناء العربي، إلي درجة انني اقتنيت منهتسجيلات لمطربين مصريين وسوريين، ومن شتي الاقطار العربية لم أعرف بوجودها فياذاعات عربية، كان يدير المعرض شاب اسمه سمير، وكان المكان ملتقي للمطربينالعراقيين القدامي، أذكر انني التقيت في منتصف الثمانينات بمقريء المقام العراقيالشهير يوسف عمر قبل وفاته بشهور، كان المعرض يستمد تسجيلاته من فنان عراقي كبيراسمه محمد القيسي، كان ممثلا ومطربا، وكان حجة في الغناء العربي، أنشأ مكانا جميلاعلي نهر دجلة، 'المقهي البغدادي' زينه بصور كبار المطربين العرب، بدءا من يوسفالمنيلاوي، والشيخ سلامة حجازي، محمد القبنجي وام كلثوم وغيرهم، كان رجلا صاحبرسالة، أن يحافظ علي المقام العراقي، وعلي بعض تفاصيل الحياة البغدادية القديمة،وكان يقيم في المقهي حفلات طرب لكبار منشدي المقام العراقي، وكان جهده خاصا، لم يكنله صلة بجهة رسمية، ولم يكن موقف الاجهزة الثقافية وغير الثقافية منه وديا، بعدرحيله استمر المقهي البغدادي، واخبرني من زار بغداد بعد الاحتلال أن مكانه صار مأويلبعض من لا مأوي لهم. كان محمد القيسي من كبار حفظة المقام العراقي والطرب العربي،وحدثني عنهم واحدا، واحدا، وكان يعتبر معجزة الغناء العربي قد تحققت في اثنين،الأولي أم كلثوم، والثاني محمد القبنجي، ورغم روعة اداء القبنجي التي وصلت الينا منخلال تسجيلات متخلفة تقنيا، إلا أنني لم استطع أن أجد مناطق الشبه أو التماسبينهما، ربما قصد المرحوم محمد القيسي التمكن والقدرة. لم يحدثني عن صبري مدلل، لميسمع به، لسبب بسيط أن صبري مدلل لم يبدأ الغناء إلا في نهاية الثمانينات، لكنه كانمعروفا مشهورا في حلب مسقط رأسه، وملعب صباه، ومكانه الذي توحد به، كان مؤذناشهيرا، رائع الصوت، ينتظر الناس الأوقات الخمس للآذان حتي يستمعوا إلي جمال آذانهوروعة صوته، حتي إنه عند اعتلائه المئذنة كان المرور يتوقف في الشارع لكثافةالزحام، كان يحفظ الأدوار القديمة والموشحات، في حلب مناخ فني خاص، مامن عائلةعريقة إلا والغناء جزء من تراثها، في مداخل البيوت تعلق الآلات الموسيقية. ولكمحفلت وتحفل المدينة بالأصوات الجميلة، الطب والموسيقي عناصر أساسية في فن الحياةالذي يتقنه الحلبيون، كان صبري مدلل مثل أهل حلب، لكنه تميز بينهم بجمال الصوتوالقدرة، ليس في حلب تراث، إنها التراث نفسه، حيا يسعي، ولأن حلب ملتقي طرق وبشروقوافل وجيوش، وأجناس، فقد عمقت فيها روح التعايش، تعايش أعراق مختلفة، لكل منهاموسيقاه وغناؤه، هكذا اختلطت وتداخلت الموسيقي التركية بالعربية بالسريانيةبالبيزنطية، بموسيقي العابرين الذين لا يقيمون لكنهم يودعون أثرامنهم.

***

لم يبدأ صبري مدلل في الحفلات العامة إلا في عمر متقدمجدا، بعد السبعين. عرفته لأول مرة عندما أهدانا أخي وصديقي عبدالرحمن منيف تسجيلالصبري مدلل. كنت أحدثه عن هيامه بالغناء العربي القديم. عندما قدم إليٌ هذاالتسجيل، بهرت بصوته وقدراته وجماله، يقول صبري مدلل، إن والده عندما سافر إلي الحجدعا الله في الكعبة أن يهبه صبيا صوته جميل، هكذا تحقق الدعاء بمجئ صبري، عندما ذهبالصبي إلي المسجد ليتعلم لاحظ الشيخ جمال صوته، فطلب منه أن يؤذن، هكذا بدأت علاقةصبري مدلل بالآذان، ثم اقترح عليه الشيخ أن يصحبه إلي فنان حلبي شهير هو عمر البطش،قال انه سيتقن عنده الأدوار القديمة والألحان الجميلة والطقاطيق والأغاني التيستدخل المسرة إلي قلوب الناس، وبالفعل ذهب صبري إلي عمر البطش، بدأ يعلمه الموشحات،كل أسبوع ثلاثة دروس، بعد عدة أسابيع قرر الفنان ألا يتقاضي من جدي القروش القليلةالتي كان يحصل عليها مقابل الدروس، قال له إن صوته جميل يستحق العنايةوالتدريب.
في سنة 1940، فتحت إذاعة حلب، كانت الإذاعة في شارع سكندرون، صحبه عمرالبطش إلي الإذاعة، استمع إليه المدير، سجر به جدا، استمر العم صبري عشر سنوات يؤديالطرب الشرقي الأصيل، بعد عشر سنوات طلب منه والده أن يترك الإذاعة، كان الأب قدبدأ يتقدم في السن، وكان بدأ يقلق من مستقبل ابنه كمطرب للأدوار والقصائد العاطفية،طلب منه أن يترك الإذاعة، فقال له صبري مدلل: حاضر.. مثل مابدك.
هكذا توقف عنالغناء في الإذاعة، وتفرغ لإحياء الحفلات الدينية الخاصة، وإدارة محل البقالة الذيكان يمتلكه والده.
كانت والدته تحب الغناء، وكان يغني لها يوميا، يقول صبري مدللفي الفيلم البديع الذي أخرجه عنه محمد ملص، أن اليوم الذي لم يكن يغني فيه لها كانتلا تعد له طعام العشاء 'ما تعشيني'. بعد وفاة والده بسنوات، وبعد أن استأذن منه فيحلم ليلي، عاد صبري مدلل إلي أداء الأدوار والموشحات والقصائد، بدأ بعد سنالسبعين.
استمعت إلي كافة التسجيلات التي اتيحت لي وعشقت صوته، فيه مالا أقدرعلي شرحه بالألفاظ، العتاقة والحيوية، إلي أن رأيته علي خشبة مسرح الأوبرا فيالقاهرة منذ أعوام قليلة، وفي بداية عام سبعة وتسعين جاء مرة أخري وكان بين برنامجهأن يقدم حفلا في بنها، وسافرت مع أصدقائي يوسف القعيد وعزت القمحاوي للاستماع إليه. فكان الوقت يناير والبرد شديدا، وكنت أفكر في استقبال الجمهور بمدينة بنها التيتبعد حوالي خمسة وأربعين كيلومترا عن القاهرة، كان الحفل في قصر ثقافة بنها، وقبلبدايته التقيت بصبري مدلل وأعضاء فرقته.
لصبري مدلل حضور قوي، بحلته الكاملةوطربوشه الأحمر الذي يذكرني بطربوش أبي الذي كان حريصا علي تنظيفه والعناية به وكيهفي محل متخصص بسوق الغورية، كان الطربوش لازما للموظفين والعاملين في الدولة، وكانالمشي بدونه يجشعر الإنسان أنه يمشي عاريا، بعد ثورة يوليو اختفت الطرابيش، ومنالنادر رؤية إنسان الآن يرتدي طربوشا، لذلك رغم قوة حضور صبري مدلل فإنه يبدو حاملاللماضي معه، ثمة شيء يذكرني بالمطرب المصري صالح عبدالحي، شيء لا أستطيع تحديدهتماما، لكن صبري مدلل أكثر حيوية، انه يتفجر بالطاقة عند الغناء، يبدو وسط فريقهمتوجا، رئيسا، مركزا وبؤرة، وعندما يندمج فإن حضوره المادي كله يتحول إلي موسيقي،فكأن جسده مركب من مقامات وليس من أعضاء. مازلت أذكر لقاء الجمهور به في بنهاوانفعاله بما قدم صبري مدلل، في فيلم مقامات المسرة لمحمد ملص يتحدث صبري مدلل عنأساتذته في الطرب باحترام عميق، ومن خلال فرقته يبدو حرصه علي إتاحة الفرصة للأصواتالجديدة، الجميلة، ومنهم من ذاع صيته الآن مثل عمر سرميني ومحمد حمادي الذي يتوليأعمال الفرقة التي تحمل اسم صبري مدلل وتقدم ما اشتهر به حتي وإن لم يشارك معهملمرضه منذ عامين، عندما تحدثت إليه في بنها، نظر إليٌ نظرة جانبية، إنها جزء منحضوره وتكوينه، قال لي بعد أن أجاب علي بعض أسئلتي:
'
أنت بتفهم فيالطرب..'
ابتسمت، فتلك شهادة أعتز بها، ويبدو أن اسمي علق بذاكرة الرجل، لذلكرحب بالحضور إلي ذلك الحفل الخاص في بيت الصديق محمد قجة. جاء من أجلي وعندما دخلإلي صالة البيت الأنيق، بدا لي أقصر قامة مما رأيته وأنحف. منذ عامين يعاني المرض،وأجري عمليات جراحية، تصدر الصالة وكان بصحبته أربعة أعضاء من فرقته، عازف العودعبدالرحيم عجين، والمطرب حسام عجين، والمطرب ضياء قباني ومدير الفرقة محمد حمديةوشارك المطرب والموسيقار الصاعد حسن فجة، كانت مباراة في فن الغناء والطرب الحلبيالأصيل. جاء الأديب وليد إخلاص وزوجته، وانضم إلي فريق صبري مدلل الابن الأكبرلمحمد قجة، حسن الذي هجر الهندسة وتفرغ للتأليف الموسيقي والغناء، وهو صاحب صوت لهشأن.
أن يصغي الإنسان إلي مطرب كبير في حفل خاص جدا لا يضم إلا أهل البيت وعدد،محدود، جدا من الأصدقاء، تلك تجربة شديدة الخصوصية. بدأ الحفل بمشاركة رمزية منصبري مدلل، فهو واسطة العقد، ومركزه، يلفظ كلمة أو جملة، لم يكن في كامل لياقتهالصحية، ولكن مع تقدم الليل، وتبادل الأدوار والغناء، جلجل صوته الجميل اندمج وهيمنبخبرته وروعته، لم أكن مطربا عظيما للغناء العربي القديم، ولكن كنت أري تواصلارائعا بين أجيال مختلفة، وهذا ما أدي إلي انتقال الألحان الموغلة في القدم من عصرإلي عصر، ومن وقت إلي وقت، أما ذروة التكريم الذي حظيت به فجملة قالها صبري مدللأثناء لحيظات راحة:
'
والله لم أغن من سنتين..'
ولم يكن لديٌ إلا تمني الشفاءله والعمر المديد!
__________________
قال كونفوشيوس: (لو أردت أن تعرف مقدار رقي أمة من الأمم فاستمع إلى موسيقاها).
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 02h42.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd