* : محمد شريف (الكاتـب : loaie al-sayem - آخر مشاركة : اسامة عبد الحميد - - الوقت: 23h50 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سعاد محاسن (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 19h25 - التاريخ: 27/03/2024)           »          الشيخ محمد صلاح الدين كباره (الكاتـب : احمد البنهاوي - آخر مشاركة : kabh01 - - الوقت: 09h52 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سلمى (الكاتـب : حماد مزيد - آخر مشاركة : عطية لزهر - - الوقت: 09h18 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سمير غانم- 15 يناير 1937 - 20 مايو 2021 (الكاتـب : محمد البتيتى - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 01h14 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سلوى رشدي - مونولجست (الكاتـب : حازم فودة - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h43 - التاريخ: 27/03/2024)           »          الثنائي سعد و اكرام (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h09 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سعاد وجدي (الكاتـب : نور عسكر - - الوقت: 23h25 - التاريخ: 26/03/2024)           »          خالد عبدالله (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : محمود نديم فتحي - - الوقت: 23h11 - التاريخ: 26/03/2024)           »          علي سعيد كتوع (الكاتـب : abuaseem - - الوقت: 22h03 - التاريخ: 26/03/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > الجنوب العربي و الجزيرة العربية > اليمن السعيد > مقالات وبحوث

مقالات وبحوث فيما يختص بالفن اليمني

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 29/10/2010, 20h36
علوي الكاف علوي الكاف غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:113224
 
تاريخ التسجيل: novembre 2007
الجنسية: يمنية
الإقامة: اليمن
المشاركات: 1,429
افتراضي الشاعر والمؤرخ اليمني عبد الله بن محمد با حسن

إعداد الأستاذ الباحث :
عبدالله صالح حداد

الشاعر والمؤرخ عبدالله بن محمد باحسن
عبدالله بن محمد باحسن

بلبل الشحر الصداح


عبدالله بن محمد باحسن : قال عنه الاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف : (( هـذا العلم الشامخ ليس مجهولا للكثير من أبناء هذه المدينه العريقه , وليس بالمجهول في أقاليم اليمن الأخرى , ولا فـي جهات عالميه اخرى كان اليمنيون المهاجرون يرتادونها , أنه الـــفنان الذي إشتهر بكنية إسرته باحسن , الفقيه القاضي الأديب المؤرخ الملحن الموسيقارعبدالله بن محمد باحسن ))

وهـو من أهالي مدينة الشحر , ولد بها عام 1861م وتوفي بها في عام 1347هـ 1928م . وقبر بقبة الشيخ عبدالله محمد باهارون المجاورة لمسجده المشهور بالشحر . وينـسب الى آل جمل الليل العلويين . وهم آل محمد الشهير ب( جمل الليل ) بن حسن ( المعلم ) الى آخر النسب , وسبب اللقب , إن جده كان يتخذ الليل كله صلاة , فسمي جمل الليل , أي أنه يتخذ الليل جملا يركبه حتى الفجر , وجـده الخامس سالم بــن عبدالله بن محمد هو من يدير الشحر وتوفي بها سنة 1099هـ 1687م , وإذا عرف الناس هذه الصفات الحميده التي تحلى بها في حياته ونال بها المجد والشهرة وانها كانت بجده وأجتهاده , فإن ذلك لــن يتآتى الا بالتلقي على أيدي العلماء والمربين ! فمن الذين على ايديهم تلقى مغارسه الاولى ؟

أن دراسة هذا الجانب تعني دراسة الطور الأول لثقافة الرجل , على أن دراسة نتاجاته الادبيه والتاريخية ستكون المرآة التي بواستطتها نستشف ثقافته فـي أطارها الاكمل والتـــي لابد وأن تنعكس على نشاطه الثقافي والاجتماعي في بيئته التي عاش فيها

وأول مايلـفت نظرنا العبارة التي وردت في ترجمته بكتاب ( تاريخ الشعراء الحضرميين ) لعبدالله بـن محمد السقاف : (( أنه قرأ القرآن في إحدى المعلمات ( كتاب ) فـي الشحر , كما أحكم الخط وأتقنه كتابة وفهما )) ومــا إن يشب حتى يقول : (( وعلى علماء الشحر وصوفيتها ملتقطاته )) لكنه يغض الطرف عــن ذكر هؤلاء الذين كانت على أيديهم مغارس النجابه

على أن العلامة عبدالله سالم عيديد كان شيخه الدائم , وكان أحد علماء الشحر والمتوفي بها عام 1888م . حيث كان يتبعه وهـو يلقي دروسا من علومه في مساجدها وخاصة مسجدي الشيخ الغالبي والشيخ أحمد , وعليه تخرج في أنواع شتى من العلوم فقها وحديثا وتفسيرا ونحوا وغيرها وقد رثاه بقصيده منها :
له الجاه والقدر الرفيع على الــورى وكم ذا له فضل يضيق على العد
أذا جاء أهل الفخر يعلون فخرهم علونا به فخرا على القبل والبعــد
وقد ذكر باحسن نفسه عددا من معلميه بالشحر منهم :-
" والده محمد بن عبدالله باحسن الذي لانعرف الكثير عنه الا انه توفي على السفينة وهـو في أوبته مــن مهجره بأرض الصومال ودفن بمدينة شقرة
" محمد بن أحمد بن محمد الشاطري ويكفينا منه قوله عنه العلامة
" ناصر بن صالح بن الشيخ علي الذي قال عنه (( قاضي الشحر العلامة صاحب مدرسة السوق المـعروفة اليوم بمسجد المدرسة )) .
" محمد بن سالم باطويح : وصفه بقوله العلامة النحوي وهو صوفي مغال

كما عدد من شيوخه ومعلميه ثلاثة أخرين ليسوا من أهل مدينته لكنه قال : (( إنهم مكثـوا فترات طويله بالشحر وقد درست عليهم في تلك الفترات )) وأولهم العلامة علوي بن عبدالرحمن المشهور , وكان كثـير التردد على الشحر وقد ساهم بقسط وافر في نجاح مدرسة مكارم الأخلاق الأهلية بالشحر عند أفتتاحها في 14 نوفمبر 1918م . قال باحسن إنـه قرأ عليه ديوان أبن معتوق وشرح المحلى على المنهاج وقد مدحه بقصيدة جميلة هي في ديوانه . وتوفي بتريم عام 1922م , ومنها :

تفجرت منه أنهار العلوم فيا لله من كوكب وقاد في الظلم
وثانيهم العلامة عبدالقادر بن أحمد بن طاهر قال عنه , أنه كتب الكثير من قصائده , ومنها قصيدة فـي والده محمد , وان له ديوان شعر
وثالثهم القاضي عبدالله بن محسن السقاف وهو من أهالي سيئون توفي بها عام 1896م وهو قاض وإبن قاض , وروى باحسن طرفا من حياته في سلك القضاء وإختلافه في بعض المسائل مع قاضي الشحر العلامة ناصر بن الشيخ علي وكان شاعرا

ونضيف بإنه تلقى الفقه والتصوف على يد العالم سالم بن محمد باوزير , وهو من غيل باوزير , وقـد تدير الشحر حتى قبيل وفاته كما يذكر باحسن في تاريخه

وكان عبدالله باحسن قد توجه الى سيئون ليدرس برباط العالم الصوفي الشاعر علـــي بن محمد الحبشي الذي أفتتحه رسميا في عام 1878م . ونحن في الحقيقه نعرف الكثير عن المعهد وصاحبه الذي يمكننا أن نعطيه صفة العالم دون خوف أو وجل , ويكفي باحسن فخرا أن يكون الحبسي أستاذه وشيخه , وفـي هذا المعهد وجد الأاتذة والطلاب وتلقى فيه المزيد من العلم والمعرفه , ووجد العديد من الأصدقاء مختلفي المـيول والاهتمامات في شتى صنوف العلم والمعرفه فكانت أولى المفاتيح اثقافته العامة , وقــد كتب باحسن قصيدة جميلة في شيخه الحبشي , وهي التي نسبها الأستاذ عمر بن ثعلب خطأ ليزيد بن معاويه والتي مطلعها :
جاءت تجر ذيول التيه والعجب هيفاء مياسة الأعطاف كالقضب

وإذا كان هذا هو دور التلمذه فإن باحسن قـد أعتمد التثقيف الذاتي وأن نتاجاته الأدبيه خير دليل لنا لسعة أطلاعه وعمق ثقافته فـي أكثر مـن علم . ولعل تاريخه المسمى (( النفحات المسكيه في أخبار الشحر المحميه )) وهو مخطوط ينبئنا عن بغيتنا , حيث نجد تراجم للعديد من العلماء ورجال الدين والقضاة والخطباء والوعاظ والقادة ورؤساء الدول والوجهاء والتجار وغيرهم , رغم إن التركيز على علماء ومشايخ مسقط رأسه مدينة الشحر . وإذا كان ليس في إمكاننا أن نلم بكل من وردت أسمائهم فـي الكتاب أو تعذرنا بأن ذكر هؤلاء لايدل على قراءة مؤلفاتهم فإن الكتاب برمته يعطينا صورة صادقه لمستوى علمه وثقافته وسعة أطلاعه فـي علم التاريخ واللغة والأدب وخاصة الشعر وعلوم الدين ,وعيه فإننا نقتصر على المراجع التي رجع اليها وهو يحبر كتابه حيث يقول في مقدمته : (( فنقلت حينئذ ماتيسر لـــي جمعه من الكتب المعتمده مثل : المشروع الروي لمحمد الشلي , والنور السافر لعبدالقادر العيدروس , وكنز الـبراهين لشيخ الجفري , والجوهر الشاف لعبدالرحمن الخطيب , وشرح العينيه لأحمد الحبشي , وغاية القصد والمراد لمحمد بن سميط , وبهجة الفـؤاد وبغية المراد له , وعقد اليواقيت لعيدروس الحبشي , هذا مع ماحصلته من كتب متفرقه وماأستفدته وتلقيته عن الثقات الأجواد على سبيل البحث بحسب الأجتهاد )) . ولن نقف طويلا عند تاريخه فـمن أراد الإستزاده فعليه الإطلاع عليه . ومثل ذلك في ديوانه المخطوط , وعلينا أن نأخذ طرفا من هنا ومن هناك .

إن معرفته بالكتب وأصحابها واضح العلامات بين القسمات , فـقد أنبأنا إنه على إطلاع على العديد منها والتي حازت على إعجابه لفوائدها الجمه , وكتب عنها القصائد التي تدلنا على أهميتها , فعلى أثر قراءته لكتاب (( حياة الحيوان الكبرى )) للدميري , أعجبه أحد الابيات الشعريه الواردة فيه فكتب على وزنه ورويه قصيدة , وعندما قرأ كتاب (( الفتاوى )) لأبن حجر الهيتمي , كتب قصيدة فيه , منها قوله :
هذي فتاوى شيخنا الحبر الذي خاض بحور الـعلم بإستمرار
تنقل لــه الاقدام سعيا عندما تطلب جواهره لمن هو شاري

ولقد أشار في قصيدة أخرى الى أهمية الكتاب بإعتباره مصدر العلوم والثقافه وهو المرجع الأساسي لصحة المعلومات ومنها :
هذا الزمان الذي فيه مـن جا رقص كلين يلقـى قياسه زاد وإلا نقــص
تغلطت فيه بين الناس جمع الحصص معاد حد لي يفند أو يقع ع البخــص
زمان أعوركم خاتم ولافـيه فـص أهله يروجون وسط البحرمثل الرمص
لعاد تنكر على من عض والا قبص كله سلك فيه خذ تحقيق منـي بنـص
كلين يحكي و( الكتب ) في الرصص . . .

وكان يحث أهل مدينته على طلب العلم وحب التعليم , فمن قصيدة له قوله :
أطلبوا العلم ياأخواني وشيدوا مبانيـه وأنشروا رايته فالفوز في العاقبه فيه

الى قوله :
ذا وفـي الشحر هذا الوقت بانت مخافيه وأنتشر مختصر بافضل وأظهر معانيه
والمهـذب ومنهاج النـواوي وتـنبـيه زان وادي ســعاد آلاف الله يـمليـه
بالعلوم التــي أهـله دواما ترقــيه كي يرى في جميع القطر ماشي يدانيه...
وقد كتب مرثيه غراء في العلامة محمد عمر بن سلم (1274- 1329 ) (1857-1911م) صاحب رباط الغيل وكان باحسن زميل العلامه بن سلم بمدرسة الشيخ ناصر ويكبره بأربع سنوات , لكن بن سلم درس بالأزهر وتوفي بالغيل ومنها قوله :
في نصرة الدين الحيقي ذأبه حتـى غذا يزهو به الاسلام

إلى قوله :
من ذا يقوم بمثله بين الورى يسعى على نشر العلوم دوام
فلتبكه كتب العلوم بسيطهـا ووجيزها فـقـد علاها قتام..

ولعل أبسط مايقال , إن معارضاته للقصائد وتذييلها وتشطيرها وتخميسها , وغير ذلك مما عرف عـند أكثر شعراء عصره , طريقة سلكها الشاعر باحسن , وهي على الأقل , إذا لم نحسن الظن بالقصائد المعاره , تدل على أن الاديب على أطلاع بما يدور في عالم الأدب والشعر والفكر , سوى كـان مما قيل حديثا أم كان أستدعاء لقصائد شعراء سابقين , فهي بلا شك تأتي لأسباب وجيهه عنده , يدل عليها عصره ومايدور فيه أو من خلال ماتطرحه نفس القصائد من قضايا وأفكار وأهداف , ولـربما أبدل غرض قصيدتة , فـقـد عارض قصيدة الشاعر الصوفي جابر رزق المشهورة في الاوساط الصوفيه :
بصاحب التاج والمعراج مول العلامة وآلـه خـــير آل

وهي مديحة في النبي صلى الله عليه وسلم , فجعلها باحسن غزليه :
قال المعنى الشجي من لاتهنى منامه في دائر العشق حال

وعارض قصيدتين آخريتين له , منها :
ياحبيب الـقـلب مـاهذا يكون أن دمع العين عاخدي هتون
مـثـل العـيون ............ قد فنا صبري وقل الاحتيال

فقال باحسن معارضا :
شـرفـوني سادتي بالملتـقى أن لذع الحب ماله من رقى
يـاهـل الـبقاء ........... أي وربي إنـه يورث هيام

وعارض الآنسي الأبن الصنعانيه :
يا جزيل العطاء نسألك حسن الختام فرج الهم وأكشف مضيقه

فقال باحسن :
قمري البان غـرد حـسان النظام حرك القلب وأكشف حقيقه

كما عجز وصدر قصيدة عمر بن الفارض (( غيري على السلوان قادر )) وذيل بيتيه الشهيرين :
وحــياة أشـواقي إلـيك وحـرمة الصبر الجميل
ما أستحسنت عيني سـواك ولا صبوت الــى خليل

وعجز وصدر قصيدة عبدالرحمن بن مصطفى العيدروس وحاكاه في قصيدته التي ذكر فيها نــسبه , وعجز قصيدة الشاعر الصوفي أبوبكر العيدروس العدني , وخمس قصيدة الصوفي مـحمد عـلي السودي , وغير هذا . قال أبن عبيدالله في ( أدام القوت ) : (( وقــد أعانه على الاجادة في شعره إنه قلما سمع قصيده أعجبته الا عارضها ونسج على منوالها )) .

أن القراءة المتأنية لقصائد ديوان الشاعر باحسن تنبيك عن علم الرجل وسعة ثقافته وحجم قاموسـه وعمق أفكاره , أننا نلمس تأثره بالقرآن , بل والتراث الاسلامي بأجمعه , وقضايا التراث الشعبي بجـــميع عناصرهمن مثل وحكمه وحكاية واسطورة وغيرها .

ونـــحن هنا محتاجون لأن نتذكر قصيدة الشاعر حسين أبوبكر المحضار التي ألقاها في الأحتفال بالذكرى الخمسين لرحيل باحسن والذي أقـيم بالشحر مساء يـوم السبت 24/12/1977م وتعليق الأســتاذ بامطرف عليها وهي واردة مع التعليق , بمقدمة ديوان المحضار ( أبتسامات العشاق ) . ومنها قول بامطرف عن باحسن أنه (( أطلع على ديوان عنترة العبسي وغيره ودواوين الحماسة والغزل والتصوف , كما نرى ذلك واضحا فيما خلفه لنا من أشعار)) . ونحن في الحقيقه نتفق معه في رأيه المطروح حول القصيدة , وقـد ساق لنا حجته التي إستند إليها فقال : (( لقد كان باحسن أديبا واسع الأطلاع ومؤرخا وفقيها , وإذا أردت أن تعرف سعة إطلاع الرجل فأرجع الى قصيدته التي قالها في السابع عشر مـــن شهر شعبان عام 1318هـ , أي وعمره أربعون عاما )) وهو يوافق 11/12/1900م . والقصيدة تحتل الورقة (167) مـن ديوانه المخطوط ومطلعها :
عرفنا لما فيك معنى الصحاح بشاهـد ماقـاله الجـوهري

ولأن المقام لايسعنا لذكرها والتعليق عليها , نحيل الراغب في الأطلاع عليها الى المحاضرة التـي ألقاها كاتب السطور مساء يوم الاربعاء 16/5/2001م بالأمسية الثقافيه الشهريه لرباط الشحر وهي مطبوعة ومنشوره

لـقـد ذكر الشاعر باحسن في هذه القصيدة العديد من شعراء العصر الأموي مـن العشاق المتيمين كالمجنون , وقيس بن ذريح , وإبن حزام , ومالك الجعدي , وذي الرمه , وكذلك الأشتر النخعي , والبحتري , والجعبري , والشوبري , والجوهري صاحب القاموس , والأشعري صاحب المذهب وغيرهم .

ونحن هنا نضرب صفحا عن الأخطاء النحويه والصرفيه والعروضيه الواردة في القصيدة , وقــد فندها الأستاذ محمد بامطرف قائلا : (( إننا نلاحظ إن باحسن لايحترز من الأخطاء اللغوية والعروضية فـي عدد من قصائدة الفصحى , وهذه طريقة إتبعها مثله بعض الفقهاء الحضارمة في قصائدهم , لأنهم لـم يكونوا شعراء مبدعين , ولكنهم أنما كانوا نظاميين مقلدين .. وفي القصيدة تكلف أركب الشاعر مراكب خشنة , وهي في نظرنا ركيكة المبنى رغم إن معانيها جيدة .. وهـي تكشف لنا جانبا مــن ثقافة الشاعر باحسن ومــن عقيدته )) .

معاش باحسن
نحن لم نستطع التعرف على النشاط الأجتماعي الذي مارسه الشاعر بعد الأكتفاء بالــزاد التعليمي لمعاش أسرته , وحول هذه المسألة قال الأستاذ بامطرف : (( لقد عاش باحسن عمره فقيرا إلا من دخل زهيد يأتيه من مصدر خاص لايكاد يفي بحاجاته الضرورية )) وحتى هذا المصدر لـم نستطع تحديده , وربما كان هذا المصدر نفقة شهرية تأتيه من أخيه محمد بن محمد المهاجر بشرق أفريقيا ولكن أخوه توفي بالشحر في 15 شغبان 1318هـ(1900م) وربما يكون هذا المصدر هو ريع أرض زراعية بالديس الشرقية آل إليه والى أمه وأختها من أخيهما محمد بن أبي بكر الشاطري , وربما غير ذلك . ويضيف الأستاذ بامطرف : (( وكانت ترد إليه بعض الهبات من المعجبين بشجاعته وفنه فيجود بالجانب الأكبر منها على المحتاجين من خاصته )) , بيد أن الشاعر كان عزيز النفس حتى أن بعض قصائده تجعلك تظن أنه ذا مال وفير ومنها قوله :
لا مهمه من الدنيا ولا قلة اليد أنـما الله وهـاب

وكان صديقه شيخ بن حسين البيتي يعلم حاله تماما , وهو من أهالي ( محمده ) بحجر ومـن تجار مدينة ممباسة بشرق أفريقيا , ولهذا طلب منه التوجه إليه واعدا إياه بترتيب معاش له يكفيه ويطيب له الأقامه هناك , فكتب إليه قصيدة طويله , كانت على سبيل المذاعبة , وأدرجها في ديوانه المخطوط ومنها :
حلفت بالمصطفى مانغبط أهل البقـش لو كان ماكان نا دور لأهل الطرش
حب المساكين ذي هم ساكنين العشش لو يوم صبحت واحد قال حيا منين...

وقد يشتد عليه الحال فيضيق بما آل إليه أمره , فيتوجه الى من يراه المنقد , فقال مخاطبا العلامه محمد بن طاهر الحداد :
سيد من الشحر كيسه ياحبيبي خلي

فأجابه في الحال :
الله يجعله مـن خيرات ربي ملـي

ولعل باحسن لايقصد زاد الدنيا ولكنه يقصد زاد الآخرة
إن قارئ الديوان يلاحظ في كثير من القصائد بل أغلبها الشكوى من الزمان وأهله , ثم أنه مــدح السلاطين آل القعيطي وكبار رجال الدولة والمشائخ والتجار , قال قصيدة لأحد التجار :
ضقت ذرعا مما أقاسي فيـو مي قمطرير وليلتي درعــاء
جاء شهر الصيام والحال إني من عنا البعد قد غشاني البكاء

قال أحد الرواة إنه باع قطعا أرضية , ربما ثلاث , هن المجاورات بيته الذي يقع بحي غقل باغريب , ربع الرقه , فالحي يقسم الى أرباع , والرقه عذه تعرف برقة باحسن , ولاندري إن كانت تنسب إليه أو الى أحد من أفراد أسرته السابقين , ربما جده المعروف بالسخي , وكان تاجرا رؤوفا محسنا بالمعوزين مـن أهل بلدته . وفي عام 1911م باع الأرض الزراعية بالديس الشرقية , فأوقــف حاكم الشحر البيع بحجة أن ثلاثة قراريط من أربعة وعشرين قيراطا من الماء المباع وقف على أحد مساجد الشحر , ثم سجنه , وقــد أرجع باحسن ثمن المباع الى المحكمة . والقصة معروفة , فقد كتب باحسن رسالة أو مقامة حول هذه القضية بعنوان : ( تنبيه العقلاء بشرح ماجرى على بعض أبناء الفضلا ) حررها في القعدة عام 1330هـ أكتوبر1912م

ولاندري أن كانت القضية كلها من قبيل كيد السلاطين ورجال الدولة لباحسن لموقف سابق فــي خلاف بين الاسرة الحاكمة كما سيأتي , أم إن باحسن فعلا قــد أرتكب خطأ في البيع , وفـي رأينا أن هذه الرسالة تستحق بحثا قضائيا , وهي مخطوطة بمكتبة الاحقاف بتريم تحت رقم (2914) مجاميع .

وقـد أشار باحسن فـي هذه الرسالة بأنة تم تعيينه فـي عام 1325هـ(1907م) عضوا بالمحكمة الشرعية بالشحر , بعد أن رشحه زميله العلامة محمد عمر بن سلم , وإن السلطان صالح بـن غالب القعيطي أضاف أليه وظيفة عقود الأنكحه بالشحر , وقد قام بهما خير قيام , لكنه كان يديع بين حاشية السلطنة مامعناه , أنهم ليسوا عبيدا لأحد , وأن الرق في الأسلام شئ غير هذا , وأنما هم أحرار , تمت سرقتهم/أختطافهم من عائلاتهم وقبائلهم من على السواحل الإفريقيه , ولهذا فهو مستعد لتزويجهم دون أذن سيدهم , وهو بهذا يكون مثل من يقف بيد الدولة القعيطية ويحرض حاشيتها على التمرد , وكانت الدولة القعيطية ودويلات أخريات في المنطقه عملت بنظام الأنكشاريه إقتداء بدول أخرى سبقتها الى ذلك , وهي أشبه بالمليشيا في وقتنا الحاضر , ولو طال عمر الشاعر باحسن الى مابعد عام 1937م أي بعد معاهدة الأستشارة مع الحكومة البريطانية وإلغاء نظام المماليك والكيلة , ووقوف هؤلاء ضد ألغاء النظام والكيلة , لوضعت الحكومة القعيطية والبريطانية تاجا على رأسه

وقد خاض باحسن تجربة في السياسة حيث وقــف مناصرا لحسين ومنصر أبناء عبدالله بن عـمر القعيطي المتوفي في الشحر في 25نوفمبر1888م , في أحداث مايعرف ب( فتنة القعطة ) فكتب قصيدة مهنئا الأمير حسين بعد عودته من المفاوضات التي جرت بينه وأخيه من جهة وعمهما السلطان عوض بــن عمر القعيطي , وكانا يطالبان بنصيبهما من إرث والدهما في حكم حضرموت , ويظهر إن باحسن إغتش بأخـبار الشارع , ولم يقدر الوضع .

وفي يونيو 1902م تم غحضار الأمير حسين عنوة الى عدن ثم ألحق به أخاه منصر , ونفيا الى الهند . وعلى الراغب في الإستزادة الرجوع الى كتاب د . محمد عكاشة ( قيام الدولة القعيطية والتغلغل الأستعماري في حضرموت ) .

ولعل باحسن لم يدرك اللعبة السياسية الدائرة أنذاك , ولم يفهم مسألة وقوف البريطانيين مع السلطان عوض فـي أحداث الأستيلاء علـى مدينة المكلا وكذلك المعاهدات التي أبرموها معه , معاهدة الصداقة , ثم معاهدة الحماية , إن ضحالة تجربته السياسية جعلته يخرج منها بصفقة المغبون . ولــقد حاول بعد ذلك أن يحسن علاقاته بالسلاطين فلم يلق إلا أذنا صماء وذهبت جهوده أدراج الرياح , فقد كتب عددا مــن القصائد أرسلها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة , لكنه لم تفده شيئا , والمسألة تحتاج الـى بحث مستقل خاصة وأن كل القصائد مدرجة بالديوان .

ويظهر أن رجال السياسة يمكنهم أن يتسامحوا إلا مع من وقف ضدهم , فقد عانى باحسن مـن هذه المسألة حتى وفاته رحمه الله , وقد تمثل ذلك في التجاهل الذي عاملته به السلطه ورجالها , وانعكس ذلك على بعض الذين يدورون في فلكها , فقد تجاهلته اللجنة الأهلية التي شكلت بمدينته للنهوض بالمسألة التعليمية والتي أثمرت جهودها بأفتتاح مدرسة مكارم الأخلاق في 14نوفمبر1918م حيث لم يدرج ضمن قوائمها , ولـــم ترشحه حتى ليكون عضو هيئة التدريس بها , وربما يكون للحنة موقفا غير سياسي وهو موقفه مــن الغناء وممارسته كما سيأتي .

هجرته الى شرق أفريقيا
ويبدو أن ظروف المعاش في مدينته قد قست عليه فـي أيام من حياته , ففكر فــي أن يسلك سبيل الهجرة , فهاجر الى شرق إفريقيا . والمشهور بين الناس أنه سافر مرة واحدة , لكن عبارة السقاف فـي كتابه ( تاريخ الشعراء الحضرميين ) تقول : (( نشاهده في تبعية أبيه وكنفه إلى مماته بالبحر بالقرب من قرية شقرة في أثناء عودته من زنجبار , ودفنه بشقرة سنة 1296هـ)) وهـذا يوافق عام 1879م , وعمره آنذاك ثمانية عشر عاما , فإذا فرضنا إنه كان بصحبة والده , فلا يمكن أن نعدها هجـرة عمل , وعلى آية حال فإن رحلته الاخيرة ذكرها في مقامتين أدبيتين هما :
1 متاعب الاسفار في رحلتي الى جزيرة زنجبار
2 أطلاع الأحياء على إمتحان الدنيا .
وقد كتبها عام 1342هـ (1923م) اما الأولى فلايعرف متى كتبها , وفيهما يشير الى أسباب هجرته بقوله : (( مــر علينا وقت عبوس ومنحوس , ونحن فـي الشحر جلوس , فعزمت على أن اسافر وأجاهد )) , وإذا كان هذا سببا عاما فإن السبب الخاص (( تنغص معاشنا , وجــرأة أوباشنا , وقصدنا من هذه الجهات مايسد الفاقات )) , أو قوله : (( يقول من عضه الزمان بناب أسنانه وسـل عليه سيف بغيه وعدوانه )) , ثم أشار الى مكان توجهه (( وتوجهت الى زنجبار فـي أحدى السواعي الكبار , ولما كانت هذه الجزيرة أحدى مواقع هجرة أهل الشحر , قال : (( ولا اللائق بأهل الشحر الا السواحل )) , ويظهر أن باحسن لم تكن لديه رغبة في السفر ولكن الظروف أرغمته على ركوب أهوال البحر (( وقد قـال صاحب العلم والمكرمه سيدنا عمر بامخرمة :
مانبا الهند لو تمطر علينا بفضه مانبا إلا الوطن لو عضنا الجوع عضه
فالعزيز من عزته بلاده وعزها ...)) , ويبدو من خلال ماذكره في مقامتيه إنه قاسي الآمرين ولـم يستفد من هجرته هذه شيئا يذكر , ففكر في أمر العودة (( فطفقت أترقب وقت الذهاب , قانعا مـــن الغنيمة بالأياب )) ومع ذلك فإن اموره ميسرة في بلاده على قل العمل (( أن كان الا عتق الحلوق , وخياطة الشعوق , وكسي المحارم والاولاد الصغار, فـهـذه أمور ميسرة فـي الشحر ولاعليها غبار , والله يستر على قـل الغمار )) .

(( في عام 1321هـ (1903م) قال قصيدته الرمزيه :
مابهند فتنت بـل بسعاد مذ سبتني بحسنها الوقاد

فمن هي ياترى سعاد التي فضلها على هند ؟ هنا توريه أدبيه لطيفةيجب أن نوضحها , لقد أغراه بعض أهالي الشحر على السفر الى الهند سعيا وراء كسب العيش فأبى , وفضل البقاء في الشحر ( سعاد ) , رغم ضائقة العيش التي بلاها في الشحر . فالمفاضلة هنا ليست بين غانيتين ولكنها بين مدينتين سعاد الشحر ومدينة بمبي )) بامطرف , باحسن ص8 .

لقد أكتفى باحسن بنيابة عقود الانكحه , وإمامة مسجد عبدالله العيدروس وهــو أحد قدماء صوفية حضرموت المتوفي بتريم سنة 865هـ(1466م) , وكان يقع بالقرب من مسكنه بحي عقل باغريب , وبإقامة حضرته الاسبوعيه . وكان حاديا يضرب الدف ( الطار ) وينشد الأشعار الصوفية المغناة وبعضها من كلماته وألحانه , يساعده في ذلك صوته ( الحسن الشجي) كما وصفه عبدالله السقاف في تاريخ الشعراء (ج5/62 ) . ثم أنه تفرغ للتأليف وكتابة الاشعار وبالذات شعر الأغنيه وتلحينه فـي قوالب جميلة جعلت أفئدة جمهرة مـن الناس تأوي اليها بعد تقديمها على تخت عناصرها من جماعة سعى هـو الى تكوينها من أبناء مدينته , وكان هو من يتزعمها ويعلن نشاطها , إعتمادا على علمه ووجاهته وأنتمائه الى مرتبته العليا في السلم الأجتماعي وشجاعته ووقوفه كالجبل الأشم رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين .

مؤلفات باحسن :
لباحسن مؤلفات فــي الادب والتاريخ , لكننا وكما أشرنا سابقا , لن نقف عندها طويلا , وسنكتفي بالتعرف عليها : النفحات المسكية في تاريخ الشحر المحمية والجزء الثاني يحمل العنوان التالي : النفحات المسكية في أخبار الشحر المحمية . ويلاحظ أن المؤلف إقـتصر علــى النفحات وبالاخص المسكية منها . وهو مخطوط يقع في جزئين تحتفظ بهما مكتبة الاحقاف بتريم تحت الرقمين (2201و2202) , وبالجزء الثاني بعض الاوراق المفقوده . وفـي أخره جاء إنه فرغ مـن تبيضه بفاتحة شهــــر الحجة 1322هـ(5 فبراير1905م) , وقد قسمه الى أربعة ابواب ومقدمه :
الباب الاول : ذكر فيه أولياء مدينة الشحر وقال (( وهو جل الغرض من هذا الكتاب )) ولهــذا أستغرق الجزء الاول كله و(135) صفحة من الجزء الثاني .
الباب الثاني : ذكر فيه مساجد مدينة الشحر العامرة والمندرسة , وقد أتى في (11) صفحة فقط .
الباب الثالث : وذكر فيه من ملك مدينة الشحر من الملوك العظام , ابتداء من السلطان أبوطويرق بن بدر عبدالله الكثيري , الذي تولى الحكم عام 927هـ(1521م) , وانتهى الى أيام السلطان عوض بن عمر القعيطي , وبالتحديد الى 17 شوال 1322هـ(24/11/1904م) , وقد أستغرق منه (62) صفحة .
الباب الرابع : وهو ختم الكتاب ذكر فيه ماظفر به من التواريخ التي قيدها بعض التقات , ويقع في (26) صفحة . وهذاحسبما وضعته من ترقيم لنفسي . والكتاب مرجع هام لايمكن الأستغناء عنه .

المقامات الأدبية :
كتب عبدالله باحسن عددا من المقامات الشعبية , كما كتب صديقه الاول الشاعر سعيد علـي بامعيبد عددا أخر وشاكلهما أخرون , وكانت تلقي في الجلسات على الحاضرين ((على سبيل التنويع او التجديد فــي مواد الانس والمباسطة التي تدور في تلك الجلسات الاخوانية )) بامطرف , الـرائد باحسن ص12 , ولاندري كم عدد المقامات التي كتبها باحسن , لكني أحتفظ بثلاث منها :

" إطلاع الاحياء على أمتحان الدنيا , وهي المسماة ( تقريع الآذان في بعض عجائب الزمان ) وقد كتبها في 25 سفر 1342هـ(16/10/1923م) وقد تحدث عنها الاستاذ علي أبوبكر الصبان فـي الاحتفال بذكرى الشاعر الخامسة والخمسين , ونشر حديثه ضمن كتاب خاص بالمناسبه صدر بآلة النسخ عام 1983م .

" المقامة الشحريه الشهيرة في الجهة الحضرمية : وقد كتبها الشاعر في 8 شعبان عام 1343هـ(3/3/1925م) .

" نقل الأخبار القادمة فيما جرى بين المعالمة , ولايعرف متى كتــبها , وقـد أورد صاحب كتاب ( تاريخ الشعراء الحضرميين )ج5/63 , مقتطف منها كنموذج للنثر .

" متاعب الاسفار في رحلتي الى جزيرة زنجبار , ونظن بانها المشهورة بالمقامة ( السواحلية ) وهي مـن محفوظات الاديب المؤرخ محمد عبدالقادر بامطرف , وقــد تحدث عنها في كلمته بالحفل المذكور أعلاه ونشرت بكتاب ( باحسن الرائد والفنان ) .

" تنبيه العقلاء بشرح ماجرى على أبناء الفضلاء , وهـي رسالة كتبها في 13 القعدة 1330هـ( 13/10/ 1912) ومن محفوظات مكتبة الاحقاف للمخطوطات بتريم , تحدث فيها عما حدث له شخصيا وهو يعمل قاضيا بالمحكمة الشرعية بالشحر , بسبب وكالته في بيع أرض زراعية واقعة بالديس الشرقيه . ويقال أنه ترك العمل من سلك القضاء أحتجاجا على وقف البيع وسجنه , بعد أن عمل به مدة خمس سنوات .

ديوان الشاعر :
أبقت لنا الايام مائتين وسبع وثلاثين ورقة من ديوان الشاعر المخطوط ويلاحظ أن اول قــصيدة دبجتها قريحة الشاعر كانت في عام 1302هـ(1884م) وقـد امتد التدفق الشعري عنده حتى عام 1344هـ(1925م) , وقد آل الديوان الاصل الى الهيئة العامة للأثار والمخطوطات والمتاحف اليمنية بعد شرائه من مالكه محمد عبدالله الهدار , زوج إبنة الشاعر باحسن , وقـد كتبت نسخة الديوان بخط نسخي فــي الـقرن الرابع عشر الهجري , وعناوينها بالحمرة , ويليه ورقتان قيل إنهما بخط الشاعر ويشتمل على شعره الفصيح والحميني .

وقصائد الديوان قيلت في المناسبات ومنها مدائح ومراثي وأخوانيات ومنها نصائح وشكوى الزمان وأهله , ومنها قصائد غزلية تغنى بها هو نفسه وجماعته , وأنتشرت عن طريق الغناء الى خارج اليمن , قال هو عنها : (( قد بدأت لهم بعضا من القصائد الفريدة فأنتشرت حتى بلغت الى الجهات البعيدة )) . وقد أشرنا فيما سبق الــى رأي الأستاذ بامطرف من أن الأستاذ باحسن لايحترز مـن الأخطاء اللغوية والعروضية فــي عدد مـن قصائده الفصحى , وباحسن نفسه يؤكد ذلك , فهو يقول : (( وربما رآى بعض من إخواننا الكرام إن بعض القصائد لم تقم على جادة الأعراب ويحسب ذلك خلل في النظام , وأنا أعلم ذلك وأعرف ماهنالك , غير إني لم أتكلف على تصليح حركات العوامل إعتمادا على ماقال القائل يغتفر للناظم مالايغتفر للناثر , مع ان العمدة في حفظ المعنى )) , ويعلل ذلك بقــوله : (( أن ذلك واقـع على وفق الوارد الرباني )) . ورغم هـذا وذاك فإني أتمنى أن يقف المؤرخون والباحثون عند تاريخه ويتعرض الأدباء والنقاد لأدبه وشعره , فإن هذا العلم لم يعط حقه ولـم يحظ بدراسة نتاجاته الادبية والتاريخية الى يومنا هذا .

نشاطاته الفنية :
مما تيسر لنا قرأته نكون قد حصلنا على ألمامة ببيئة الشاعر السياسية والثقافية , وتعرفنا علــى نشاط الرجل في أكثر من مجال منها مشاركته في الفقه وعمله بالقضاء ونشاطه الثقافي وسعة اطلاعه ومشاركته بالتأليف الأدبي المتمثل في المقامات والشعر وكذلك التاريخ , ولكننا لم نتطرق الى نشاطه الفني فــي الغناء والموسيقى . (( والواقع أن كثيرا من صفات فناننا باحسن جديرة بالأكبار , ولكنا على الخصوص نكبر فيه خصلتين : أولاهما , تمرده على العقليات المتحجرة في مجتمعه , وثانيهما نضاله فــي سبيل أن يعلو شأن الفن في بلدته ... إن التمرد على الأفكار المتعفنة والنضال في سبيل تطوير وتحسين حياة الإنسان في شتى أبعادها كانا عماد الترقي فـي كـل العصور )) بامطرف ( الرائد ص9 ) . ولقد إجتمعت هاتان الصفتان فـي الشاعر باحسن عندما آمن برسالة الـفن فأخلص جل نشاطه في سبيله , وملك لأجل ذلك شجاعة نادرة لم تثنه عنها غضبة كبير ولاأعتراضة أمير , وفـي ذلك يقول :
وإني لاأبالـي يابـن وذي أسار الجيش أم أزمع أميره
ومن يكلح الي بعين عـز أراه بمنظر العـين الكبيره
ومن يكلح الي بعين نقص أراه بمنظر العـين الحقيره

وكان قد ثار عليه المتزمتون ونشروا عنه أحقر الشائعات للنيل من سمعته , وذلك بسبب نشاطه الفني , وبلغ بعضهم إن واجهه بأعتراضاته فقال :
أنا الذي للعشق قلبي وكـــن سالك ولاشئ قط عاقـه
غير إن به من فعل هذا الزمـن أحوال توجب لأحتراقـه
غايته أن الامر فـيه أعتــجن والزين ناقص فـيه واقه..

وعندما كتب الأستاذ بامطرف كتابه ( الشاعر الغزل ) قال : (( لم يتعرض لا خو علوي , ولا خو عيديد في تريم لما تعرض له باحسن من نقمة وكيد وتشويه سمعه ومحاربه في الرزق في مدينة الشحر من قبل المتزمتين وكانوا جميعهم من الأقربين اليه , وطفق كالطود الشامخ مؤمنا بفنه ومؤديا رسالته , فكان محل الأحترام والتقـدير من عموم أهل مدينته )) .
وكيف اصطباري حيث زادت بليتي وقد مسني من أهل بيتي وبلدتي..الخ

إن ايمان باحسن برسالة الفنون إيمانا راسخا , لهذا تحمل فـي سبيلها كل مشقة وصـمد صمود الجبال , أسمعه يقول :
لي قلب في العشقة مولع هكذا روعي بدر
أهوى المغاني والغواني صيرن حالي بشر

وكان يعلن ذلك صراحة فقد قال في إحدى مقاماته : (( وأنما أنا من طلبة العلم والتعليم , وعلى الأشعار والألحان مخيم ومقيم )) .

وعلى الرغم مــن إن كتاب الصوفي الشهير عبدالسلام النابلسي ( إيضاح الدلالات في سماع الألات ) المنتشر بينهم , فإن لهم أراء فـي الالات الموسيقيه التي توارثها الناس خلفا عن سلف والتي تصاحب نغماتهم على شعر أغانيهم في مختلف المناسبات , فكانوا يقــرون الطار ( الدف الكبير ) والمطرق في السماع الصوفي وكذلك المذروف ( القصبة ) فــي حالات خاصة , أما قرينة المزمار ( المجوز ) فأنهم يعتبرون أنغامه صدى لأصوات الشياطين , ويتسامحون فـي الهاجر والمرواس ( طبول ) فـي بعـض الرقصات , أمــا القنبوس ( العود القديم ) والربابه والكمان والسمسمية فأنهم ينكرونها ويستنكرون التعامل معها , وكـان المتزمتون والجامدون فـي مدينة الشحر يغالون فـي ذلك , وماحدث مع الفنان باحسن خير دليل على ذلك . وكان هؤلاء لـم يظهروا أي نوع مـن المعارضة عندما كان باحسن يجتمع بفرقة مــن أصدقائه , هــم فـي الاصل من يشاركه في السماع الصوفي ( الحضرات ) التي كانت منتشرة في الشحر وفـي غير الشحر من مدن وقرى محافظة حضرموت . وهـذا الامر أنقلب عليه بعد أن كل فرقة أخرى من أبناء بلدته وهي التي (( وهبت نفسها لتطوير الفن الغنائي ونظمه وتلحينه في قوالب تستهوي قلوب الجماهير وتدخل السرور عليهم )) , ولم يكن فن الغناء بدعة في مدينة الشحر ولافـي غيرها من أجزاء محافظة حضرموت , ولم تكن الآلات الموسيقية المذكورة وغيرها على خلاف أو فراق من فن الأغنية , ولكن هجوم هؤلاء المغالين الشرس كان لباحسن نفسه الذي يرون أنه أرفع مـن أن يرمي بنفسه في هذه المزالق , ثم لكونه يعلن ذلك في غير مواربة ويضرب بأوهامهم عرض الحائط .

وإذا وصف باحسن بإنه كثيرا مايتجمل بالصبر فإنه أحيانا يشن عليهم حربا مضادة فـي بعض قصائده , ويجالدهم بالحجج الدامغة , ومن هذه المجالدات أن يخط بقلمه الجميل كتاب ( بوارق الألماع في تكفير مـن يحرم السماع ) الذي ألفه أبوالفتوح أحمد محمد الغزالي المتوفي سنة 520هـ(1126م) وهو أخو حجة الاسلام محمد بن محمد الغزالي , ونسخة باحسن هذه محفوظة بمكتبة الاحقاف للمخطوطات بتريم تحـت رقم (26) مجاميع , وقـد كتبها عام 1306هـ(8/1889م) أي وعمره ثمان وعشرين سنة .( جعفر القاف , باحسن من أنصار الغناء ) .

وهناك تعليق لشيخ الالام العلامة محمد علي الشوكاني على كتاب أبوالفتوح الغزالي , قال فيه : (( وهذه التسميه في غاية الشناعة )) , ولكنه كان يذكر في ذلك الكتاب مثلا : إنه صلى الله عليه وسلم سمع الجواري يغنين بالدف كما في حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء ( أخرجه البخاري وغيره ) , ثم يقول بعده : ( فمن قال أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع حراما , ومامنع عن سماع حرام , واعتقد ذلك , فقد كفر بالأتفاق ) وساق الأدلة علـى هذا المساق : ( انظر كتابه إبطال دعوى الإجماع على تحريم مصلق السماع , ص27 ) .

لقد ناضل باحسن في سبيل ذلك نضال الابطال , وحقق نصرا مؤزرا , وكان قد سبق أهل زمانه فــي إدراك قيمة الفن وضرورته , وان ماتمتع به الفنانون الذين أتو بعده , لم يكن إلا بعد أن مهد لهـم هـذا المــبدع العبقري السبيل فخرجوا الى الجماهير معلنين فنونهم التي تطورت فيما بعد الى المخادر المعروفة

بيئة الفنان باحسن :
قال معبد الرائد الاول للموسيقى والغناء العربي : (( أصل الغناء جميله وفروعه نحن )) وفي قوله تتجلى حقيقة إن الفنان إمتداد للفنان , إذ أن العصر الذهبي للموسيقى الـذي بزغ فـيه الموصلي وأبنه و زرياب ومــن عاصرهم لم يكن إلا ثمرة الفن الاموي الذي سبقهم واتاح لهم الظروف للتطوير والنماء والتجديد .

ولـم يكن باحسن وصحبه ومـن عاصره إلا أمتدادا لفنون أزدهرت وتطورت وتراكمت منذ وقت طويل كانت ثمرته أشارات الى الرقص والغناء في القرن العاشر الهجري , وإذا خبت وجد هذه الفنون , فإن السبب يكمن فـي إنتشار موجة التصوف العارمة التي أجتاحت عموم محافظة حضرموت , ألا أنها لم تنقطع وإنما ظلت تمارس بعيدة عن الأضواء وفي الأماكن الخاصة .

إننا نعلم بعدم وجود كتب ودراسات أرخت للفن , ونعلم أيضا أن مؤلفات باحسن لــم تحبر لأجل الـفن وتاريخه , ومع ذلك سوف نبحث فيها عن أخبار الفن والفنانين .

ففي مقامته المعروفة بالسواحلية , قال معللا رغبته في العودة الى مسقط رأسه : (( فالشحر فـيها حسن المنقلب , وفيها الأسمار والطرب , بين الفوف والمداريف والأوتار , حنُة الهاجر( باغبار) , مع الأخوان والاخيار , أهل الصمل والدرق والشفار , وخاصة في ليالي القمر السيار )) .

وهو هنا يذكر نوعين من الفنون : الفنون الطربية أي الأغنية ومايرافقها من الآلات الوترية وآلات النفخ والآلآت الإيقاعية , ثم الفنون الشعبية وهي على أقـل تقدير رقصتي العدة والشبواني , لأنه ذكر أدوات الرقصه : الصمل والدرق والسكاكين والآلة الرئيسية فيها وهي (الهاجر) الطبل الكبير , وخص منها المشهور بإسم ( باغبار ) هاجر عدة حي عقل باعوين .

وقد كتب قصيدة بمناسبة قـدوم المطرب عبدالرحمن بـن حسن بن الشيخ أبوبكر المعروف فـي مهجره بمدينة بومبي الهندية بعبدالرحمن اليماني , وقـد توفي بمارس(1902م) بمسقط رأسه الشحر بعــد مضي سنتين وأشهر من قدومه , وقد وصفه بإنه المطرب المغني العازف على العود الذي يتفوق على كبار الفنانين قديما وحديثا في الأداء على الألحان صوتا وعزفا . وأفاد بإنه حضر وأستمع لفنه في روحات كان يعقدها الفنان , ونحن نعلم أن الفنان الكويتي عبداللة الفرج قد عرف الفنان عبدالله الرحمن بمدينة بومبي وصاحبه وقد تتلمذ عليه وأخذ عنه الكثير من الأغنيات اليمنية كلمة ولحنا وطريقة آدائها .

وعندما ذكر في كتابه التاريخي السيخ أحمد بلفقيه المولود بالشحر والمتوفي بإندونيسيا عام 1289هـ /1872م أشار بإنه يحيي الليل بطـوله على رنات الوتر . وكان يطربه فيه أخوه محمد الذي يسمي عوده الطربي ( أنس السامعين ) ويضيف السقاف فـي تاريخ الشعراء الحضرميين بإن محمد هذا صاحب صوت شجي وهــو مطرب مبدع

وقـد كتب باحسن في هذا الكتاب ترجمة لجده عبدالله بن أبي بكر المتوفي في الشحر عام 1781م , وقال عنه : (( كان شغوفا يحب الغناء والألحان الشجية والأصوات المطربة , وكــان أكثر مايهوى أصوات الشـرح واللعب عليه وهـو المعهود على قاعدة أهل الجهة الحضرمية )) وهو المعروف كما أظن بأصوات الزفين , وفـي كتاب السقاف تاريخ الشعراء الحضرميين ترجمة لعبداللة باحسن نفسه قال فيها : (( وإذا لم يجد من يطربه ويشجيه تغنى بصوته الشجي كوراثة عن أبيه وجده )) . ومن هنا نعلم أن أباه وجده كانا على صلة بالفن وانه نشأ في بيت للفن , للموسيقى والغناء نصيب منه , إضافة الـى الامتداد عند بافقيه وأخيه محمد وعبدالرحمن اليماني , وهـناك آخرون لكننا لانعلم صلته بهم , وتتضح صلته غير المباشرة بمن سبقوه فقد ذكر الفنان الشاعر أحمد بن زمل وأورد له قصيدة في تاريخه , وعرف الفنان الشاعر خوعلوي وعارضه في إحدى قصائده

ونعتقد إن هناك فرق وأفراد يغنون أغنيات ترد الى المنطقه من خارجها , علاوة علــى ماينتج محليا , وعلى وجه الخصوص من جاليتنا في الهند ومن مصر , فـقد أكثروا من تقديم أغاني يحي عمر ومن قصائد البهاء زهير وعبدالرحمن العيدروس نزيل مصر . أما الاغنـية المعروفة بالصنعانية , فـهي واردة لامحالة والتأثر بهـا واضح . وكنا قد قدمنا نماذج مـن معارضات باحسن لقصائد شعراء هذا اللون مـن طربية وصوفية , وتحضرني الان قصيدة أحمد بن حسين المفتي(ت 1294هـ-1877م) والذي يعرف بالإبي لنشأته ببلدة إب القريبة من تعز , وكان من الشعراء المبرزين في عصره , وهو صاحب الغنائية الشهيرة ( صنعاء حوت كل فن ) ومطلعها :
يقرب الله لي بالعافية والسلامة وصل الحبيب الأغن

وقد حقق ديوانه الدكتور محمد عبده غانم وأعطاه عنوان تلك الأغنية( صنعاء حوت كل فن ) , وفــي صفحه(45) منه وتحت رقم(22) قصيدته التي مطلعها :
لك الجمالة ويهناك الظفر والبشائر ملكت قلب العميد

فعارضها باحسن بقصيدة أشتهرت كثيرا ونقلت الى الخليج وتغنوا بها هناك وهي :
لك البشارة ملكت القلب باطن وظاهر فأحكم على ماتريد

نعم لقد تركت الأغنية اليمنية وخصوصا الأغنية الصنعانية تأثيرا عليه , شارك فـي ذلك المداحون الذين يجوبون اليمن كله عرضا وطولا وهـم يتغنون بالقصائد مع ضربهم بالطارات , وإذا قيل لنا أن كثيرا مـن هـذه القصائد تنسب للشاعرجابر رزق( ت 1904م ) الذي نشأ في صنعاء وتصوف وأرتحل الى تهامة وسكن الحديدة , فإن هذا الشاعر الصوفي قد زار مدينة الشحر عام 1216هـ-1898م , وليس لدينا شك في أن الشاعر باحسن قد حضر معه عدة جلسات على الأقل جلسات الصوفية التي تعرف بالحضرات وقـد عرف قصائده ربما قبل زيارته وقد عارض ثلاث منها .
وفي ديوانه ذكر لعدد من الفنانين العرب الأوائل ومنهم : أبو عباد معبد بن وهب , الشهير بمعبد , وهو المغني الأول في العصر الأموي والذي شارك فــي تشجيع جنازته الخليفة الأموي الوليد الثاني بنفسه . وإسحاق الموصلي وأبنه إبراهيم وهما من أشهر المغنيين في العصر العباسي . وأبوعيسى المفضل بن هارون المشهور بإبن هارون . وبدعة الحمدونية المغنية الشاعرة والاديبة . ويحيى .

الالفاظ الدالة على الغناء والاته :
إذا كانت لفظة ( الطرب ) دالة على الغناء , فإن التطريب هو من الصوت وتحسينه , فالمطرب هو الذي يطرب غيره بحسن صوته وغنائه , وعلى ذلك فإن كل الالفاظ الدالة على الطرب وتحسين الصوت تدخل فـي هذا المعنى . وإذا نظرنا الى ديوان الشاعر عبدالله باحسن فسنجد كثيرا مــن الالفاظ الداخلة تحت هذا المعنى وعلينا ضرب الامثلة :
( مطرب , ردد , شل , لحن , صوت , ناح , دان , سجع , نسنس , طاب , السمر , الغناء , المغاني , غنى , شجاني , حرك , السماع , حادي , رنات , نغم , شدى , ترنم وغيرها ) .

وهناك ذكر للآلات التي تساعد هؤلاء المطربين لزيادة التطريب , وقـد ذكر باحسن بعض الآلات الموسيقية التي كان يستعملها ويعزف عليها الفنانون الذين عاصرهم من أفراد فرقتيه الصوفية والطربيه والآخرون ومنها :
( العود , الموتر , الوتر , الاوتار , المزهر , الزاهر , عـود الوتر , عود الطرب , مزمار , الـمدروف , يدرف , القصبه , الطار ( الدف ) , الساج ( طبل ) , المرواس ( طبل صغير) ...) .

وقـد سجلنا هذه الالفاظ كما وردت في بعض أبيات قصائد الشاعر , دون أي تدخل منا , وكان أختيارنا عشوائيا ودون ترتيب , ولم نكتب الالفاظ المكرره , وقد لاحظنا فيما وقفنا عليه مـن قصائد الديوان عدم ذكر لفظة ( القنبوس ) ولا الربابة ولا الكمان أو الكمنجة ولا السمسمية ولا آلات إيقاعية أخرى معروفة فـي المنطقة , وذكر ( الهاجر ) في أحدى مقاماته , اما في الشعر فهو ( الساج ) أي الطبل الكبير .

المطربون والمغنون المعاصرون لباحسن
الشعر ليس تاريخا ولكنه من المصادر الهامة للتاريخ , وأن كان مـن المصادر الثانوية , فالشعر ديوان العرب لأنه سجل لأخلاقهم وعاداتهم بل هو صورة لحياتهم في مختلف النواحي . ولما كان الغناء وموسيقاه لاينظر الى محترفيه نظرة تقدير واحترام , لانرى فـي كتب التاريخ المحلي من ألتفت الى هؤلاء بقصد الإشادة بهم وبفنهم من قريب أو بعيد , وحتى كتاب تاريخ باحسن , فبالرغم من أنه فنان ويهتم بالفن فإننا لانراه يؤرخ له ولا لأصحابه , وإذا ذكر أحدهم فإنما أتى ذكره عرضا , والذين ذكرهم قليل وكلهم منشدون , ونحن نعذره لأن كتابه كان لعلماء المدينة ومشايخها . ولـم يرتق أحد عندنا بالفنانين الى مرتبة المشيخه والعلم . لهذا كان التوجه الى ديوان الشاعر للبحث عن أسماء هؤلاء المطربين والمغنيين والعازفين من الذين عاصرهم الشاعر وذكرهم في شعره قصدا وبدون قصد .

والمعروف إن الشاعر عبدالله باحسن كون فرقة للغناء من عدد من أبناء مدينته الشحر , كلهم آمنوا برسالة الفن وضرورة أعلانه والرفع من شأنه وتوطيده ونشره بين أوساط الجماهير . وقد أشار الأستاذ محمد بامطرف الى أعضاء هـذه الفرقة التي كانت تعرف ب(البشكة) ثم أطلق عليها تسمية(الجماعة) , على أثر قصيدة لعضو الجماعة الشاعر سعيد بن علي بامعيبد , وقد أرسلها مع الربان حاج بن طرش والد الفنان عبدالله حاج , وربان السفينة(نور البحر) الملقبة( الصرك ) , وكان بامعيبد بمدينة بومبي والسفينة متوجه منها الى المكلا , فخاطبه بامعيبد قائلا :
مرعلى الشحر وأنشد عارئـيس (الجماعة) نعم(بوعيدروس)في الانس ماأطوله باعه
وإن حضرت الصفاء أقعد ولو نصف ساعه عندهم بايشل منك الهموم (إستماعــه)

وكانت الجماعة مكونه من :
" عبدالله باحسن نفسه وكان شاعرا وملحنا ومغنيا حسن الصوت
" سلطان بـن الشيخ علي وكان مغنيا جيدا وملحنا وعازفا ممتازا على العود القديم , وقـد جلب معه عودا هنديا يقرب كثيرا من العود المحلي( القنبوس ) . وقد أوقع هذا بعض المؤرخين والكتاب فـي وهم جعلهم يعتقدون أن الفنان سلطان أول من أدخل العود والعزف عليه الى حضرموت , وهو خطأ شائع . وتـوفي في مهجره بمدينة بومبي عام 1904م .

" سعيد علي بامعيبد , صديق باحسن الأول وهو أحد الفاعلين المهمين من الجماعة وهو مــن رشح الفنان سلطان لعضوية الجماعة , وكان مؤرخا وأدبيا وشاعرا وملحنا وتوفي بالشحر عام 1921م .
" سعيد عمر بن عقيل وكان منشدا مشهورا في الأحتفالات ورواية للشعر .
" أحمد عمر باقيسي وكان مغنيا عذب الصوت يشارك في تلحين وغناء أصوات رقصتي العدة والشواني .
" عبود بامعبد وكان ناقرا على الدف وكان حسن الخط إذ يقوم بكتابة القصائد ويوزعها علــــى أعضاء الجماعة وينشرها بين هواة الغناء
" صالح أحمد الحامدي وكان عازفا ممتازا على الكمنجه وملحنا وقد هاجر الى شرق أسيا .
" حسين أحمد الحامدي شقيق صالح , وكان شاعرا رقيق الاداء , عاد من مهجره أندونيسيا وتـوفي بسيئون عام 1946م .
" عبدالنعيم خميس وكان عازف الجماعة الأساسي عـلى القنبوس ( العود المحلي ) وهو والـد الفنان القدير سعيد عبدالنعيم وتوفي بالشحر في نحو 1934م
" عبدالنعيم فرج الله وصفه الأستاذ بامطرف قائلا : (( أقدر من عرفت من أهالي الشحر في وقته تعاملا مع المدروف والمزمار )) وقد أسس بناته الثلاث فرقة نسائية عرفت بفرقة ( نعيمات ) أشهر مـن كن يؤدين رقصة ( الفلاتي ) الشجية غناء وضربا على إيقاعاتها . وأبنه نافخ القصبة فـي فرقة الزربادي بالشحـر وتوفي في نحو1942م .

ونحن إذا رجعنا الى قصائد الديوان لانجد ذكرا إلا لأربعة هـم : المطرب سلطان بن الشيخ علـي وقد نظم باحسن قصيدة في سمر معه كما يقول في الديوان وقد ذكره بالأسم ( سلطان بالصوت ناح ) . وذكر أحمد باقبيسي وسعيد بن عقيل كل على حده في قصيدتين , ذكر باقبيسي فـي قصيدة شكوى وموقف من أهل زمانه , وبن عقيل في قصيدة جاءت في شكل نصيحة . أما عبود بامعبد فقد ذكره في قصيدتين جاءت الأولى في شكل نصيحة وكانت الثانية من قصائد سمر قناصة الوعول الجميلة المعروفة بقصائد ( بني مغراة ) .

وفي الديوان ذكر لمغنيين ومنشدين أخرين عرفهم , ربما كانوا من الفرقة الاخرى وهم : بكران عمر باجمال وكان منشدا حسن الصوت , يجيد العزف على القصبة والتوقيع علـى الإيقاعات المختلفة . والـمنشد سالم مبارك بامعلم , والمغني ابن رجب الذي يغني على الساج أي الطبل الكبير ( الهاجر ) , والمـغني سالم عبدالله محروس الذي يغني على المرواس , وذكر أيضا عازف القصبة سالم صالح ومنشدا أخر أسمه عوض .

وقـد سبق أن ذكرنا أن الشاعر كتب قـصيدة ترحيبا بمقـدم الفنان عبدالرحمن حســن المعروف بعبدالرحمن اليماني مـن مومبي بالهند . وإذا لم يذكـر باحسن أعضاء أخرين من جماعته وكان منهم صديقه الأول بامعيبد فإنه لــم يذكر أخرين كانوا من أعمدة النشاط الفني فـي مدينته ومنهم على سبيل المثال الفنان صالح باسلوم ملحن أغنيته الشـهيرة ( ماللرشا المعسول حلـو القوام ) والشاعر المطرب عبدالحبيب أحـمد الجحوشي , والفنان الكبير المعروف بالمطرب الشحري سعيد عوض كاوره الذي صحب المستشرق النمساوي لندبرج الى بلده ثم أستقر معه في مصر .

وقد ألتفت الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه الى هذه المسألة (( إن سعيد لم يشر فيما يظهر الى حركة الطرب التي شهدت إزدهارا كبيرا فــي مدينة الشحر على أيدي جماعة الشاعر الغنائي الكبير عبدالله باحسن والمطرب الشهير سلطان بن الشيخ علي . ( مجلة المنتدى , دبي عدد(52) نوفمبر1985م)

اخطاء ونسيان وضياع
نحن في الحقيقة نستطيع أن نعد مايزيد على ثمانين نصا من قصائد الشاعر باحسن التي نعتقد إنها نظمت أساسا لتغنى , ولكن اللاتي بقين مرددات على ألسنة الفنانين تقترب مـن الثلاثين قصيدة , اما باقــي الاغنيات فلم نعد نسمعها وربما يكون السبب في ضياع ألحانها , وهناك أغنيات وردت في قائمة أغنيات الفنان الكبير محمد جمعة ولم يعد يذكرها أحد مثل أغنية ( خبري يانسمة السحر)

إن الاغنيات التي تقدم على ثلاثة او اربعة الحان أو قالبين إيقاعيين , لدليل اخر على أن هذه الالحان أو هذه القوالب الإيقاعية إنمـا وضعت لأغنيات أخرى , ومنها التي لدينا نصوصها وضاعت ألحانها . لكـن المتأخرين لم يحافظوا على الاصول فضاعت كما ضاع الكثير من قبلها وبعدها , فمثلا أغنية ( يشوقني برق ) تغنى بثلاثة ألحان وعلى الإيقاع العوادي أو الإيقاع الخيالي , وقـل مثل ذلك في أغنية ( لك البشارة ) وأغنية ( مايس القد ) وغيرها

هذا ماأكده لنا الفنان فرج محفوظ بن ياقوت , وتـفضل مشكورا بأن أسمعنا تلك تلك الألحان , حدث كل ذلك بسبب غياب التوثيق وعدم الأهتمام بالحقوق الفكرية والأدبية لعموم الآدباء والـفنانين , وعدم ضبطها بالنوته .

ومن تلك الأخطاء في نسبة قصائد الشاعر لغيره وهي واردة في ديوانه المخطوط الذي نعتقد أننا لم نجد فيه أية قصيدة تنسب لغيره , ومن ذلك وعلى سبيل المثال أغنية ( جاءت تجر ذيول التيه والعجب ) التي نسبت ليزيد بن معاوية الخليفة الاموي , وكذلك أغنية ( صفق لي ياحمام ) ومطلعها :
يامن له في سويدا القلب داخل محله إني بكـم مغـرما

وتنسب للفنان سلطان بن الشيخ علي , ولكن المشهور بين الناس أنها من ألحانه فقط .

وقد ثار نزاع بمنتدى الشاعر المحضار رحمه الله حول نسبة أغنية ( يشوقني برق ) وتشكك الأستاذ بامطرف حول قصيدة ( قال الذي قد هام ) وقال : (( تنسب له )) بسبب عدم كتابة ناسخ الديوان عبارة (( وله رضي الله عنه )) وكان من عادته أن يكتبها بالقلم الأحمر , فسقطت منه .

ثم أن قصيدتين لاتنسب له وهما ( الهاشمي قال شل الصوت ) و ( خبري يانسمة السحر ) والاخيرة ذكرها العماري في كتابه ( الوتر والدان ) وبها أخطاء كثيرة . وفــي الخليج العربي لاينسبون لـه قصيدته ( يامن بسم الرنا قـطع علائق فـؤادي ) .

وهنا قصائد مغناة تنسب له وهـي لغيره ومنها : تملكوا عـقلي وهي لأبي الغوث التلمساني . وأتاها رسولي وهي لاسماعيل بن المقري اليمني . وسباني مهفهف عشية وهي لعبدالرحمن بـن مصطفى العيدروس المصري . وصدق الواشون وهي لبهاء الـدين زهير . وقـال الذي هـو فـي بحور وهـي لسعيد مـبارك مرجان( الشحر ) . وأهيل النقاء قلبي لشاعر مجهول , وأشارت بالمساء لمجهول ايضا .

أما ألحان أغنيات باحسن فهي مسألة شائكة للغاية , لأن الناس هنا في حضرموت لايعطون الالحان وواضعها أية أهمية ويسمونه على الصعيد الشعبي( منوع ) أو ( مصنف ) ولكن عزائنا إن لهذا الامر مثيل فـي أكثر أقاليم الوطن العربي آلا ماندر . وفي هذه القضية تحدث الاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف فـي لقاء نشر أثر وفاته , قـال فيه : (( الاستاذ محمد جمعه على مافيه من قدرة على التغني لـم يلحن الا القليل مـن الاغاني ... ولكن أغـلب القصائد التي كان يغـنيها لملحنين أخرين أمثال سلطان بن الشيخ علي وسعيد علي بامعيبد وعبدالله باحسن ... ولانستغرب جهلنا بمعظم ملحني أغاني جمعه , ولانذهب بعيدا , فـلو تسنى لـنا الاطلاع على كتاب الدكتور محمد عبده غانم ( شعر الغناء الصنعاني ) الذي ذكرت فـيه حوالي مائة أغنية , لوجدنا إن ثلاث أو أربع قصائد معروف ملحنها . أما السبعة والتسعون أغنية الاخرى , فالناس على جهل تام بملحنيها )) ( من صحيفة الشرارة , عدد 594 , الاربعاء 6يوليو 1988م ) . ورغم ذلك فإن المتذوقـين لفن الاغنية يقرون بمقدرة الثلاثة على التلحين ويضيفون صالح الحامدي وصالح باسلوم الذي كان من حسن حظه أن يحفظ أسمه مقرونا بلحن أغنية ( ماللرشا المعسول ) , إلا أن هذا لايعني أنه لم يكن هناك ملحنون آخرون , ولو أقتصروا على تلحين واحدة أو أثنتين ولـم تخلد الـذاكرة أسماءهم , والامـر ساري الـى يومنا هذا , فالاختلاف وارد في أسماء ملحني بعض من أغاني الشاعر الملحن حداد بن حسن الكاف , والقليل من أغنيات الشاعر الملحن حسين أبوبكر المحضار , ولـن يحل هذا الإشكال إلا التوثيق , فالفنان باحسن وغيره كثيرون جدا لم تدرس الحان أغانيهم لهذا نكون قد ظلمناهم لضياع هذه الالحان ولتركها نهبا للاخرين المدعين بإنها من ألحانهم , لكن أغنية ( ماللرشا ) فـلن يضيع لحنها بفضل جهـد الفنان العدني عبدالقادر أحمد قائد الذي دون نوتتها وفـقا وأداء الـفنانة الكبيرة فتحية الصغيرة علـى مقام الحسيني إيقاع دسعة اولى ( إيقاع صنعاني ) , ونشرها بالعدد الثالث من مجلة ( الفنون) عدن , مايو1988م , وقد حفظ مشكورا والى الأبد حق الفنان صالح باسلوم وهو من أهالي الشحر

لـقد بلغت الاغنية الحضرمية بعناصرها الرئيسية فـي تلك الفترة مرحلة عالية من الازدهار والرقي الفني والحضاري , وكانت سيـدة الموقف الاغنية الطربية التي يمكـننا تصنيفها على أساسها الإيقاعي الـى العوادي الخفيف والعوادي الثقيل والخيالي وأضربه والبهراوي المشتق من الخيالي أيضا . بالإضافة الى إيقاع الزفين ( شرح رجال ) بقالبيه الذي عـرف فـيما بعد ( بالصوت ) خاصة فـي الخليج , وإيقاعات الاستماع بقوالبه , وأغنيات سمر القنيص ( قناصة الوعول ) المشهورة بقصائد ( بني مغراه ) بقوالبه الثلاثة التي يعزف عليها بمرواس واحد , وكذلك إيقاعات الرقصات الشعبية الكثيرة والمتنوعة .

هذا ولاننسى المشاركة بنظ القصائد وتلحينها على إيقاعات اليافعي والصنعاني , وكان متأثرا باللون المعروف بالأغنية الصنعانية

وقـد سبق وان أشرنا إنه عارض بعضها ويخمس ويشطر بعضها ويذيل بعض الابيات المشهورة , ومنها قصائد جابر رزق والآنسي والمفـتي والسودي والعيدروس العدني والعيدروس المصري . كـما أنـه وصحبه قـد وضعوا الحانا طربية لكثير من قصائد شعراء من غير اليمن كإبن الفارض وإبن عربي والحلاج والتلمساني والنابلسي والبهاء زهـير والجعبري والشبراوي والحاجري والسروجي وشعـراء مـن العصور الجاهلي والاسلامي والعباسي .

ولنقف قليلا عند مؤثرات اللون الهندي في الاغنية الحضرمية , فالمعروف أن هناك علاقات تجارية قديمة بين الشعبين اليمني والهندي , وقـد تطورت فيما ألحقها من السنين وكانت التجارة اليمنية القديمة تعتمد أساسا على الوساطة بين الهند ومايليها وبـين بلـدان البحرالابيض المتوسط , حيث شهدت الـموانئ اليمنية أزدهارا ملحوظا , غير أن معارفنا الاكثر دقة عن هذا النشاط أنما تعود الى ( البريبلوس ) حوالي مطلع القرن الثالث الميلادي الذي يشير الى البضائع الهندية فـي الموانئ اليمنية , وعليه نجد الافـراد والجالـيات اليمنية والهندية يتبادلون الإقامة كل في بلد الآخر .

وأستمرت هذه العلاقات في التطور والنما الى حال التاريخ , وكانت لهذه العلاقات تأثيرات في أكثر من مجال في العادات والملبس والغذاء ومختلف الفنون مـن البناء وحتى الغناء . فـفي الاغنية أتخذت ثلاث أتجاهات منها التأثير اللغوي , فقد دخلت كثير من الالفاظ في شعرنا المغني مثلا نجد في أغنية يحيى عمر :
حاضر باش هندي( برابر شاباش)
او : قال اسمع صاحب ( شلوه ) قم إطلع
أو : جوب قال صبر( كروه ) يارجال

وقصيدة عبدالرحمن بن مصطفى العيدروس : (( وقلت ايضا ومزجت آخره باللغة الهندية :
متى القرب من خير خشق ( هويقا ) فنار النوى في فؤادي ( جليقا )
أيـاراحلا نحـو ذاك الحـــمى توقف قليلا فهم بي ( شليقا.. ))
( من ديوان تنميق الاسفار ص 130)

ثم إن هناك من قدم الاغنية الهندية الصرف لغة وموسيقى أو مترجمة أو بأختيار النصوص العربية المناسبة للحن الهندي المنتقى والمختار . أما الاتجاه الثالث وهـو الاهم فـقد أدخلت بعض الضغوط الإيقاعية الطربية وهــو مايعرف عند الموسيقيين بالزخرفة , ولكن إذا درس اللحن ونظام الإيقاع المصاحب , فـنجد عروبته الأصيلة , وهو كثير عندنا وعند غيرنا , لكن بعض الفنانين يؤدون بعض الاغنيات بهنك هندي وهذا ايضا مؤثر قوي جدا , وهو الذي جعل الكثيرون يعتقدون بإن هذا اللون هندي وهو خطأ فادح , ونجد ذلــك عند الفنانين المشهورين أمثال محمد جمعة وعند عبدالقادر بامخرمة وأحمد القعطبي وصالح العنتري وحمودي عطيري ومحمد سعد عبدالله ومحمد البربراوي وعند عبدالقادر جمعه وعبدالرب ادريس وغيرهم كثير .

وكان الرائد سلطان بن الشيخ علي يجيد الاغنية الهندية , وعلى آية حال فإن الامر يحتاج الى بحث أعمق .

أغنيات باحسن المشهورة
وهنا نرى أنه مـن الافضل أن نكـتب مطالع أغنيات الشاعر باحسن التي ظلت تردد علـى ألسنة الفنانين هنا في اليمن وخارجها , لأننا نلاحظ إن كثير منهم وهم الأولى بمعرفة شعراء أغنياتهم لايعلمون عنهم شيئا , فعندما سئل الفنان أحمد أحمد قاسم بعد الإنتهاء من أغنية ( ماللرشاء ) قال : ( إنها من التراث ) . وكتب الفنان أيوب طارش مثل ذلك القول على الألبوم الذي ضم أغنية باحسن ( قال الذي قد هام في حب الذي تيمه ) , ولاحظت أيضا أن كتب صدرت هنا وأخرى فـي الخليج ونشرت أغنياته ولم تنسبها له , وبتـقـادم الزمن سوف تنسب كلها للتراث مع إننا نعرف صاحبها

وهذه الأغنيات المشهورة :
* عليك العمـد يارب لاخاب من قصد
وحاشا يـرد كل من قصد نحو بابك

* رب إني قصدت الباب والامر مشتد ياغني كـل طـلاب
يارجائي إذا مـاالحال أمسى منكـد من عوارض وأسباب

* مايس الـقـد فـتنة للعباد مـن رأى مايس الـقد إفـتـتن
مالك الحسن لي ماله مضاد ناعس الطرف ذي الوجه الحسن

* لك البشارة ملكت القلب باطن وظاهر فأحكم على ماتـريد
ومـاتملـكته إلا بتـصريف قـادر فأرفق بصب عـميد

* جاءت تجر ذيول الـتيه والعجب هيفـاء مـياسـة الاعطاف كـالقـضب
تختال في مشيتها زهو وقد خجلت شمس الضحى إذ نفت عن وجهها الحجب

* شفك الحسن من بديع المحيا جل من أنشاك بشرا سويا
مالـليلى ومـالسعدى ولبـنا من جمال ومالهند ومـيا

* يامن له في سويداء القلب داخل محله إني بكم مغرما
أنتم مرادي ومطلوبي بل القصد كـله فحبكم معـنما

* ياأحيـباب لـقد شاب مفـرقي مما أعاني
أي ودمع العين سحاب بل وقد جرح جفاني

* قال بن لشراف ياقلبي الحزين أصبر عسى الصبر يعقبه الظفر

ومنها :
وبعد ياقـرة العـين اليـمين يافايق الـغـيد يازيـن الحـور
يا يوسف الحسن ياأنس الحزين يابهلكي ياهـركلي في الصور

* يامنائي تلف جسمي وشاهدي مولاي أن ذا مـايفـيـدك
إنني مت فـي عشقتك مابين إحـياي شف لميت عميدك

* يقول بن هاشم نسيم الغبش جاني بأخبار المسرة
فقلت ياحيا بمن قـد طرش يامرحبا ألفين مـرة

* نعـم طيب الانفاس قد زارني سرا به زالت الادناس في السر والجهرا
ودير رحيق الكأس وأسقاني الخمرا فياما أحيلا الكاس أورثـني سكـرا

* خبري يانسـمة السـحـر عل أن تـشفين بالخـبر
إن فـي أحشاي نار أسـا في فؤادي ترمي بالشرر

* يوسف الحسن دفاق العيون الكحيلة ساحر الطرف هذا
من يعثكل على مثانه سينه والطويلة خامر الجعـد هذا

* يالله يـارب يامـن لـك علينا لطايف أنت الـولي اللطيف
سالك تسامح وتغفر ذنب من كان خايف في يوم هائل مخيف

* يقول بن هاشم كفا ماجرى يافايق الغـيد الحساني
أنا الذي لحمي جميع إنبرى فالجسم بالأسقام ضاني

* الهاشمي قال شل الصوت مطرب شــجاني عساه يطفي الوقود
في الليل حرك على صوت الطرب والمغاني بوقت مطلع سعود

* يامن بسهم الرنا قطـع علائق فؤادي وشل منه ثلاث
العقل والروح والمهجة وناوي عنادي وشب فيهن ثلاث

* البارحة حرك المطرب لواعج شجوني نكش علــى الجراح
بيتت سهران حتى النوم جنب عيونـي من حين بالصوت ناح

* شرفوني سادتي بالملتقى إن لدع الحب ماله من رقا
يـا أهـل الـبقــا أي وربي إنه يورث هيام

* قال الذي هام في حب الذي قـد تيـمه أهيف ترف فتان نعسان العيون المسقمه
زين القبل حلو المقل ياليتني كنت ألتمه ريقه عسل صافي ولكنه علي حــرمه

* يقول بن هاشم تريف البدن أبدى الجفا بعد الصداقه
فقلت يافتان مـاذا حـسن من علمك فعل الحماقه

* ياربنا سالك بحق السر من طاسين وميم وحق ايات المثاني ذي لها القدر العظيم

ومنها :
قال الشريف الهاشمي من هو على عهده مقيم إن الهوى والعشق في قلب المغنى سين ميم

* يامن على صدي أسل السنان إنــي ذخيلك الأمان الأمان
يامن يرى ذلي وضعفي لـه حاشاك أن صيرتني كالمهان

* حنانيك أن الصب فيك مولع وبالصد منكم صار قلبي مصدع
ومن كثرة شوقي المتيم انـه يبيت ولم يـرق له قط مدمع

* يشوقني برق من الحي لامـــع لعل بـه تبدوا الربى والمرابع
وحيث طرا عرف النسيم اذا سرى تذكرت ماتحويه تلك المواضع

* ماللرشا المعسول حلو القوام جوز في العشقة عذابي
امـا يخاف الله هـذا الغلام أما كفاه جـور مابـي

* صلوني فإن القلب فيكم مــذاب وأحشائي فيها حرقة وألتهاب
ومن صدكم لم يرق لي قط مدمع وعقلي غذا للبين فيه أضطراب

* سباني مهفهف عجيب القوام جميل المحيا كبدر التمام
لـه طلعة حين يبدو الـدجا محا نوره غيهبات الظلام

مطربون غنوا لباحسن :
لقد أنتشرت أغنيات عبدالله باحسن في كثير من البلدان خصوصا لدى جالياتنا المنتشرين فـي مـدن بالهند وشرق أسيا وشرق أفريقيا , وقد أنتشرت أيضا في أغلب مدن وموانئ جزيرة العرب . وقـد غنى لـه العديد مـن الفنانين بها , لكننا سوف نقتصر على مـن ثبت لدينا عبر السماع المباشر والتـسجيلات القديمة والحديثة أو قرأنا ذلك فـي الكتب والدراسات أو النشرات الإعلامية من محافظة حضرموت :

غنى له الفنانون : عمر محفوظ غابه , محمد جمعه خان , عبدالله حاج بن طرش , يسلم عبدالله دحي , سعيد خميس عبدالنعيم , كرامة سعيد مرسال , سالم سعيد علي , محمد سالم بن شامخ , مفتاح سبيت كنداره , أبوبكر سالم بلفقيه , عبدالرب سـعدالله أدريس , محفوظ محمد بـن بـريك , أحمد يسلم زبير ( بدوي ).. وغيرهم

ومـن بقية محافظات اليمن : فضل ماطر الملقب بلبل عـدن , طه محمد خليل , أحمد عـوض الجـراش , أبراهيم محـمد الماس , أحمد عبيد القعطبي , محمد سعد عبدالله , أحمد بن أحمد قاسم وزوجـته الفنانة فتحية الصغيرة , ايوب طارش عبسي .

وقـد هاجرت أغاني الشاعر الفنان عبدالله الى الخليج ووصلت بطريق مباشر وغير مباشر وأنتشرت هناك كثيراومن أشهر من غنى له :
في الكويت الفنانون : يوسف البكر وعبداللطيف الكويتي وعوض الدوخي ومن خلفهم .
وفي البحرين الفنانون : محمد بن فارس وضاحي الوليد ومحمد زويد ومن جاء بعدهم . وفــي عمان الفنان راشد سالم الصوري ولم نستطع التعرف على غيره .

في ذكرى وفاة الشاعر :
أغلب أهالي مدينة الشحر يكنون حبا كبيرا لفنانهم الشاعر عبدالله محمد باحسن , وكـان مبعث ذلك الحب والاحترام والتقدير والاعجاب بشجاعته وبالجهد العظيم الذي قدمه في سبيل الفن الغنائي , والاعلاء من شأنه , لهذا كان الناس على علـم ببعض أخباره وأشعاره , وكـان الشباب منهم يتسقطونها من كبار السن , ولكن بتقادم السنين أخذت هذه المعلومات عـن حياة الشاعر واغنياته شعرا والحانا تبتعد عـن الحقيقة , بـل وتختلط بالخيال والاكبار , ومن ذلك ان نسبوا له ماليس له من قصائد الشعراء الاخرين , ومقابل ذلك أخـذت الذاكره تفقد ماادخرته وخزنته شيئا فشيئا .

وبعد مضي عشرين عاما مـن وفـاة الشاعر باحسن , صدر كتاب ( تاريخ الشعراء الحضرميين ) للمــؤرخ عبدالله محمد السقاف , وقـد وصل الكتاب بأجزائه الخمسه الـى المكتبة السلطانية بالشحر فـي 13/8/1948م . وكان المؤلف قـد قـدم نسخا منه للسلطان صالح بـن غالب القعيطي الذي تفضل مشكورا بتوزيع بعضها علـى المكتبات السلطانية بواسطة ناظـر المكتبات بالسلطنة . وجاءت ترجمة الشاعر باحسن بالصفحات (60 , 71 ) مـن الجزء الخامس مـن الكتاب أشار فيها المؤلف الى أسم الشاعر ونسبه وميلاده ووفاته ومكانهما واساتذته ورحلاته ومؤلفاته ,التاريخ والمقامات والديوان , ونشر مقتطفا من مقامته ( الاخبار القادمه فيما جرى بين المعالمه ) كنموذج لنثره , وأختار نماذج مـن أشعاره , وأفادنا بإنه إطلع على مؤلفاته ومنها الديوان , في حين أن الشاعر المؤرخ عبدالرحمن ابن عبيدالله السقاف الذي قد إنتهى مـن تأليف كتابه ( إدام القوت معجم بلدان حضرموت) في 2 ابريل 1948م والـذي ظل مخطوطا حتـى صدر أخيرا بتحقيق أبراهيم أحمد المقحفي بمشاركة حفيد المؤلف عبدالرحمن حسن في عام 2002م عن مكتبة الارشاد بصنعاء , وذكر فيه الشاعر باحسن عند ذكره لمدينة الشحر قائلا : (( مؤلف تاريخ الشحر وصاحب الاشعار الرقيقة التي لايزال يتغنى بها أهـل المكلا والغيل والشحر فـي مجالس أنسهم وأفراحهم , ولاأدري هـل جمعها ديوان أم لاتوجد إلا في صدور الاشخاص ))وظل كتاب ( تاريخ الشعراء الحصرميين) المصدر الوحيد لحياة الشاعر ليس لاهل الشحر ومحافظة حضرموت , ولكن لكل الكتاب والصحفيين ومنهم خير الدين الزركلي فـي كتاب ( الاعلام ) وعمر رضا كحاله فــي كتابه ( معجم المؤلفين ) وأصبحت مؤلفاته مصادر للمؤرخين والادباء ومادة لكتب الفهارس ومصادر الفكر والثقافة في اليمن .

وفـي عام 1977م جاءت فكرة إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الفنان فـي مسقط رأسه الشحر , وبدأ تجسيد الفكرة بتشكيل لجنة مـن عبدالله صالح حداد وعلي ابوبكر الصبان ومحمد سقاف الهدار الـتي واجهت صعوبات كثيرة كـان أهمها عدم الإطلاع على مؤلفاته وأخذت تتسقط أخباره وأشعاره مـن الرواة والفنانين , وكانت الحصيلة كتيب صغير طبع بإلة النسخ لايخلو مـن هفوات وأخطاء , لكن المهم هو إقامة الحفل الـذي جاء على شقين ( ادبي وفني ) وكان ذلك مساء يوم السبت 24/2/1977م الذي بدأ بكلمات المسئولين وتوزيع ورقة عليها نبذة قصيرة عن الفنان , ثم ألقي الاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف كلمة موجزه ومركزه عن الفنان , وألقى الشاعر حسين المحضار والشاعر الاديب عوض أحمد حميدان ( المعلم ) والشاعر سالم محمد مفـلح وغيرهم من الشباب قصائد بالمناسبة , وكان هـذا هو الشق الادبي من الامسية , أما الشق الاخر فكان أمسية غنائية أحيتها فرقة الشاطئ الموسيقية بالشحر , قدم فيها المطربون بالمدينة باقة مختاره مـن قـصائد الشاعر المغناة , فأشترك الفنان سعيد عبد النعيم بأغنـيتين ( سباني مهفهف ) و ( مايس القد ) وقدم الفنان سالم سعيد علي أغنية ( لك البشارة ) والفنان محمد سالم بـن صالح أغنية ( عليك العمد ) والفنان سهل محمد بن اسحاق أغنية ( قال الشريف ) .

وقد حضر الامسية بشقيها الادبي والفني جمهور غفير من أهالي الشحر , وكانت أمسية لم تنسى من ذاكرة عشاق فن باحسن , وكان مـن نتائج هذا النشاط أن اتخذ قرارا بإحياء ذكرى باحسن مـرة كـل خمسة أعوام , تعثر الاحتفال الثاني بالذكرى الخامسة والخمسين بسبب رغبة لجنة الاحتفال في أن يكون على مستوى المحافظة , وأمام الإصرار نجح الاحتفال فـي السنة التي تليها حيث أقيم مساء يوم السبت29يناير 1983م أي الذكرى السادسة والخمسين . وتميز الحفل بكثرة المشاركين من الاساتذة المتحدثين ونوعية الحاضرين . فـفي الشق الادبي شارك الاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف بحديث بعنوان ( المقامات الشعبية فـي مجالس باحسن ) وتحدث الاستاذ عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي عـن ( باحسن الصورة والواقع) وشارك الاستاذ جعفر محمد السقاف ببحث بعنوان ( باحسن مــن أنصار الغناء ) وتحدث عبدالله صالح حـداد تحت عنـوان ( باحـسن والمهتمين باعماله) وتحدث الاستاذ علي أبوبكر الصبان عـن ( باحسن في شرق افريقيا ) , وألـقى الشعراء حسين أبوبكر المحضار وعوض أحمد حميدان ( المعلم ) وعـوض سالم عبدن وسالـم محمد مـفلح قـصائد بالمناسبة . وقد جمعت كل فعاليات الندوة فـي كتيب صدر فـي مارس 1983م على آلة النسخ , ثم صـدر مطبوعا على دار الهمذاني بعدن بعنوان ( باحسن الرائد والفنان ) عام 1985م بعد أن تم حذف بعض الابحاث وأضيف اليه بعضا من قصائد الشاعرالمغناة وكـان الاجمل في شق الحفل الفني أن قـدمت بعض أغنيات الشاعر بالطرق التقليدية وإن أقتصرت على أصوات الزربادي بقوالبه الثلاثة : مدخل , مخرج , وموزعي . وقدمت اخريات بإيقاعات ساحلية ( بحري ) وأخرى بإيقاعات الزفة الدوعنية وقد شارك فيه الفنانان سالم سعيد علي ومحفوظ محمد بن بريك . وعلى أثر ذلك تكونت فرقة فنية شعبية أطلق عليها فـرقة ( باحسن الشعبية ) وكان على رأسها الفنان الكبير سعيد عبدالنعيم والتي أعتمدت على الآلات الإيقاعية وآلة القصبة كآلات تقليدية متوارثة , وكانت هذه الآلات من اللاتي أستخدمها باحسن وصحبه ومن سبقهم .

وقدمت هذه الفرقة العديد من الاغاني لباحسن وغيره من محافظة حضرموت ومـن بقية المحافظات اليمنية الاخرى ومـن خـارج اليمن وسجلت لتلفزيون عدن وشاركت في أكثر من حفل منها على صعيد المحافظة ومنها مهرجان الاغنية الشعبية ومهرجان الموشح اليمني وكان ذلك بعـدن . قـدمت تلك الاغنيات على أصوات الطرب القديمة : كـصوت الزفين وأصوات الزربادي وأصوات الاستماع والزفة والاصوات الشعبية المستخلصة مـن إيقاعات الرقصات الشعبية . وهذه الفرقة لم تلق أي إهتمام يذكر , فلم تستمر أكثر من عامين وإنتهت , الآ ان عناصرها لازالوا أحياء وبالإمكان أحياءها ولن يتطلب الامر الا البسيط من الاهتمام والدعم

إن مما أفتخر به وأعتز أن يتاح لـي الاشراف والمتابعة وتنظيم هـذه الاحتفالات في ذكرى الفنان الملحن الشاعر الاديب عبدالله محمد باحسن لـقد أعتمد المحتفون لإحياء ذكرى باحسن على كـتاب ( تاريخ الشعراء الحضرميين ) للسقاف , وهو أول من ترجم باحسن كما نظن , وقد أشار بأن وفاته 22ربيع ثاني عام 1347هـ , وعلى أثر أستلامي لكلمة الاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف التي ألـقاها في الذكرى الخمسينية , وجدت أن هـناك رواية أخرى تـفيد بإن وفاته 17ربيع ثاني 1947م . ولـما أطلعت علـى كتابه التاريخي ( النفحات المسكيه...) وجدت علـى غلافه (( وكانت وفاة جامعه فـي ربيع ثاني لعله لأربع وعشرين ليلـة مضت منه سنة 1347هـ)) لكن على مانظنه الورقه الاخيره من الديوان مايلي (( تـوفي العـم عبدالله محمد باحسن في بندر الشحر يوم الإثنين الساعة التاسعة عربي( توقيت غروبي ) عصرا , 27 شهر ربيع ثاني سنة 1347هـ...)) . ونلاحظ أن الجميع متـفق على الشهر والعام , وبالـرجوع إلى جداول وتـقاويم السـنين ومايوافقها من السنين الهجرية والميلادية , رأينا سقوط رأي السقاف لأن يوم الإثنين لايمكن أن يكون 22ربيع ثاني لعدم الدقة في قوله ( لعل ) , أما الرواية الثالثة فهي في رأينا الاصح لأنها بـقلم زوج أبنة الشاعر محمد عبدالله الهدار , ولأن الديوان كان بحوزته حتى آل الى الهيئة العامة للأثار , ثم أنه يتفق وجداول التقاويم فيوم الإثنين هو 17ربيع ثاني 1347هـ ويوافق 1أكتوبر1928م وهو مانرجحه

الختــــام :
وبعد فهـذه محاوله للتعريف بالفنان الملحن الشاعر عبدالله باحسن , الذي لم يؤخذ حقه كعلم , وكان من أهدافي أن يتحمس من لديه أمكانية دراسة جوانب هامة من حياته , وحياة مـن عاصره , وخاصة الناحية الفنية التي لم يعطها أحد أي أهتمام , وكان نشاطه الفني بمعية جماعته شكلت مدرسة فنية كبيرة تركت تأثيرا عميقا على المراحل اللاحقة نقلها إلينا تلاميذ تخرجوا منها , وقد تفضل الاستاذ المؤرخ سعيد عـوض باوزير بذكر أغلبهم في كتابه ( الفكر والثقافة في التاريخ الحضرمي ) , لكننا نضيف مارواه لنا المؤرخ المحلي الشيخ سالم هلال الحبشي وكان من جماعة باحسن , الذي رأى بنفسه الفنان العظيم محمد جمعه خان أكثر من مره , وهو يقوم بزيارة الفنان عبدالنعيم خميس في داره بالشحر وهو عضو أساسي لجماعة باحسن الفنية , وبـهـذا نستطيع القول بإنه قد كرع بنفسه من المعين الخالد أبدا

لقد كان باحسن رحمه الله محبا لمسقط رأسه مدينة الشحر , وقد ذكرها كثيرا فـي قصائده ومنـها اشارته إليها فـي أغنيته ( مابهند فتنتن بل بسعاد... ) , وكان محبا لفن الاغنية وقاسى في سبيل ذلك كثيرا , ولم تكن هذه المحاوله والاحتفاء به وبذكراه الا بعضا من جميل نسديه اليه

أن هذا العمل سيحقق نسبة كبيرة من النجاح لو رافـقه تدوين موسيقى لكل ألحان القصائد المغناة , ولكن هذا جهد المقل .

وأخيرا أقدم شكري لكل الذين كتبوا عن باحسن وعما يتعلق بمحاولتي هذه , فقد أغرت على كتاباتهم , وأخص بالذكر أستاذي محمد عبدالقادر بامطرف الذي أعتمدت عليه أعتمادا كليا من خلال كتبه المخـطوطة والمطبوعة ومحاضراته ومقابلاته الصحفيه وأحاديثه المباشرة ورسائله الشخصية ووثائقه الخاصه , كما أشكر الدكتور سعيد سالم الجريري والراوي عبدالله عمر الحضرمي اللذان أستعنت بهما .

ولا أنسى الأستاذ / بدر جعفر بن عقيل رئيس تحرير ( شبام ) والطاقم الذي يعمل معه , فلولاهم لما نشر مابين أيدينا الأن .

عبدالله صالح حداد
(( تم نقل محتويات هذا البحث من الملحق الثقافي لصحيفة شبام اليمنية , الملحق الثقافي العدد (23) أكتوبر 2003م , المكلا محافظة حضرموت الجمهورية اليمنية ))


مع تحيات / عـلوي الكاف
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg عبد الله صالح الحداد.JPG‏ (15.4 كيلوبايت, المشاهدات 21)
نوع الملف: jpg نسخ من بلبل الشحر باحسن 001.jpg‏ (27.7 كيلوبايت, المشاهدات 32)

التعديل الأخير تم بواسطة : بو بشار بتاريخ 17/02/2014 الساعة 03h14 السبب: تنسيق النص
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19/02/2014, 17h05
الصورة الرمزية بو بشار
بو بشار بو بشار غير متصل  
طاقم الإشراف
رقم العضوية:6480
 
تاريخ التسجيل: novembre 2006
الجنسية: كل العرب اخوانى
الإقامة: بلاد العرب اوطانى
العمر: 74
المشاركات: 3,698
افتراضي رد: الشاعر والمؤرخ اليمني عبد الله بن محمد با حسن

لا اخفيك سرا اخى الفاضل علوي الكاف
لقد استمتعت بقراءة النص

الشكر لك وايظا للأستاذ الباحث عبدالله صالح حداد
على هذا البحث الجميل
__________________
http://www.sama3y.net/forum/signaturepics/sigpic6480_1.gif
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02/08/2016, 00h06
Habshiband Habshiband غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:771046
 
تاريخ التسجيل: août 2016
الجنسية: إماراتية
الإقامة: الإمارات
المشاركات: 4
افتراضي رد: الشاعر والمؤرخ اليمني عبد الله بن محمد با حسن

مجهود طيب لابد من قراءة الموضوع

ثم نعود للتعليق
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18/12/2018, 10h28
علوي الكاف علوي الكاف غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:113224
 
تاريخ التسجيل: novembre 2007
الجنسية: يمنية
الإقامة: اليمن
المشاركات: 1,429
افتراضي رد: الشاعر والمؤرخ اليمني عبد الله بن محمد با حسن

صورة نادرة لقصيدة الشاعر عبد الله محمد باحسن
بخط يده
مهداه من الباحث عبدالله حداد..Haddad131
( ياأحيبابي لقد شاب مفرقي
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg يااحيباب لقد شاب مفرقي ..باحسن.jpg‏ (1.04 ميجابايت, المشاهدات 15)
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 10h01.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd