* : سيد زيان- 17 أغسطس 1943 - 13 أبريل 2016 (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 23h26 - التاريخ: 24/04/2024)           »          أغاني بأصوات الفنانين غير المطربين (الكاتـب : د أنس البن - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 23h17 - التاريخ: 24/04/2024)           »          جمال سلامة -موسيقى الأفلام و المسلسلات (الكاتـب : smsm78 - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 23h01 - التاريخ: 24/04/2024)           »          نعيمة سميح ( 1954 ) (الكاتـب : جابر الحسيني - آخر مشاركة : benarbi - - الوقت: 22h09 - التاريخ: 24/04/2024)           »          شموس(شمس الضحى) (الكاتـب : jamal din - آخر مشاركة : benarbi - - الوقت: 21h52 - التاريخ: 24/04/2024)           »          أحسن القصص (الكاتـب : حازم فودة - - الوقت: 20h18 - التاريخ: 24/04/2024)           »          ألحان زمان (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : Dr. Taha Mohammad - - الوقت: 18h28 - التاريخ: 24/04/2024)           »          كروانة - بوسي - سيد زيان - فيصل خورشيد 1993 (الكاتـب : نور عسكر - - الوقت: 17h38 - التاريخ: 24/04/2024)           »          الغناء الثنائي (الديالوج أو الدويتو ) (الكاتـب : عمر كامل - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 16h39 - التاريخ: 24/04/2024)           »          أمَّا بَرَاوَة على أمَّا بَرَاوَة (الكاتـب : aburakan - آخر مشاركة : hisham mohammed - - الوقت: 15h26 - التاريخ: 24/04/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > مجلس العلوم > المكتبة > أشعار العرب

تنبيه يرجى مراعاته

تعلم إدارة سماعي، الأعضاء أن كل الملفات والمواد المنقولة من مواقع خارجية أو مواقع تخزين للكتب أو المتواجدة بكثرة على شبكة الإنترنت ... سيتم حذفها دون إعلام لصاحب الموضوع ... نرجو الإلتزام ... وشكرا


رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #11  
قديم 07/12/2007, 21h18
الصورة الرمزية عماد جمعة
عماد جمعة عماد جمعة غير متصل  
مميز
رقم العضوية:39570
 
تاريخ التسجيل: juin 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 53
المشاركات: 132
افتراضي رد: نازك الملائكة

آدم وحواء


حسبها أننا دفعنا إليها
ثمن العيش حيرة ودموعا
أيّ ذنب جناه آدم حتى
نتلقى العقاب نحن جميعا؟
وليكن آدم جنى حسبه فقـ
ـدان فردوسه الجميل عقاب
ا
حسبه يا حياة أن هبط الأر
ض ليحيا ويجرع الأوصاب
ا
حسبه أنه أتى الأرض مطرو
دا من الخلد مستطارا حزينا
حسبه ما رأى من الشرّ والإثـ
ـم وما ذاق من عذاب السنينا
ليت شعري ماذا يروق لعينيـ
ـه على الأرض بعد سحر السماء
كيف ينسى جمال فردوسه المفـ
ـقود في عالم دجيّ الفضاء
كيف ينسى الأمس الجميل ليهنا
بحياة موسومة بالشقاء؟
ليس يحيا فيها سوى الآثم الجبّـ
ـار يا رحمتاه للضعفاء
__________________
[



اهيــة قامـــــت مصـــر بتقلـــــــع توب الـــــــــــــــذل
اهيــة صحيـــــة مصــر يا نـــــــــاس قـــدام الكـــــــل
بتنــــادى فى المخلصـيــــن نصـــــارة او مسلميــــــن
نبــــت الغيطـــــان والطــين والنيــــل بوشــــة يطــــل
النــيل مــلى الشــــوارع رايــــح فيهـــــا وراجـــــــــع
النيــــل كـــرة السكـــــوت بيخـــــــرج من البيـــــــوت
النيــــــــــــــــــــــــل على الارض جــــــــــــــــــــــارى
بيزحــــــف من الحــــــوارى ويحـــــاصر القصـــــــور
النيـــــل سمــع غنانــا النيل هتف معانا بأصغر الكفوف
وهية قامت مصر ام القاعدين وبتتعايق بهلال وصليب
والنـيــــــــل بيقــــــــــول يا صبــــــــــاح الفــــــــــــــل
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 07/12/2007, 22h21
الصورة الرمزية عماد جمعة
عماد جمعة عماد جمعة غير متصل  
مميز
رقم العضوية:39570
 
تاريخ التسجيل: juin 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 53
المشاركات: 132
افتراضي رد: نازك الملائكة

آدم وفردوسه


حسبها أّننا دفعنا إليها
ثمن العيش حيرة ودموعا
أي ذنب جناه آدم حتى
نتلقى العقاب نحن جميعا؟
وليكن آدم جنى حسبه فقـ
ـدان فردوسه الجميل عقابا
أو لم يكف أّنه هبط الأر
ض ليسقى آلامها أكوابا؟
أو لم يكف أنه هبط الدنـ
ـيا طريدا من خلده الفينان
أو لم يكف أنه عرف الشرّ
وقد كان طاهرا في الجنان ؟
ليت شعري ماذا يروق لعينيـ
ـيه هنا في انغلاق هذا الوجود؟
كيف ينسى آفاق جّنته ما
ذا يغذي حنينه للخلود ؟
كيف ينسى الأمس الطليق ليهنا
بحياة القيود والأرسان ؟
أين ذاك الحسّ الرهيف ؟ هنا سجـ
ـن بليد مغّلف الجدران
ولماذا ينسى وهل في الثرى شيء
يعزّي عن حلمه المعسول؟
كلما لاذ بالخيال تجلى
لأساه ما كان من قابيل
أو لم تسمع الحقول صدى صر
خة هابيل حين خرّ قتيل؟ا
أو لم يشهد القطيع على الجا
ني ألم يبصر الدم المطلول؟ا
أين هابيل ؟ أين وقع خطى أغـ
ـنامه في الحقول والوديان؟
ليس منه إلا ضريح كئيب
شاده في العراء أوّل جان
وأتت ظلمة المساء على الحقـ
ـل وعاد القطيع من دون راع
ليس إلا قابيل يمشي رهيب الـ
ـخطو نهب الأفكار والأوجاع
يا لأحزان آدم عندما أبـ
ـصر بابنيه قاتلا وقتيلا
أيها المستطار لن تردع الأقـ
ـدار حتى إذا بكيت طويلا
ما الذي تنفع المدامع يا آ
دم؟ هل تدفع القضاء المريرا؟
إن يكن من فقدت أول مقتو
ل على الأرض فهو ليس الأخيرا
انها لعنة تظلّ على العا
لم مسدولة الدجى مكفهرّه
كلما ذاق قطرة من نعيم
أعقبتها من الأسى ألف قطره
كلّما اسدل الستار على حر
ب أطلت حرب وجاءت رزايا
رحمة يا حياة حسبك ما سا
ل على الأرض من دماء الضحايا
__________________
[



اهيــة قامـــــت مصـــر بتقلـــــــع توب الـــــــــــــــذل
اهيــة صحيـــــة مصــر يا نـــــــــاس قـــدام الكـــــــل
بتنــــادى فى المخلصـيــــن نصـــــارة او مسلميــــــن
نبــــت الغيطـــــان والطــين والنيــــل بوشــــة يطــــل
النــيل مــلى الشــــوارع رايــــح فيهـــــا وراجـــــــــع
النيــــل كـــرة السكـــــوت بيخـــــــرج من البيـــــــوت
النيــــــــــــــــــــــــل على الارض جــــــــــــــــــــــارى
بيزحــــــف من الحــــــوارى ويحـــــاصر القصـــــــور
النيـــــل سمــع غنانــا النيل هتف معانا بأصغر الكفوف
وهية قامت مصر ام القاعدين وبتتعايق بهلال وصليب
والنـيــــــــل بيقــــــــــول يا صبــــــــــاح الفــــــــــــــل
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 09/12/2007, 21h42
الصورة الرمزية عماد جمعة
عماد جمعة عماد جمعة غير متصل  
مميز
رقم العضوية:39570
 
تاريخ التسجيل: juin 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 53
المشاركات: 132
افتراضي رد: نازك الملائكة

أجراس سوداء


لنمت فالحياة جفّت وهذي الأ
كؤس الفارغات تسخر منا
وغيوم الذهول في أعين الأيـ
ـام عادت أجلى وأعمق لونا
وسكون الحياة في جسد الأحـ
ـلام لم يبق قطّ للعيش معنى
وفراغ الآهات أثبت أنّا
قد فرغنا من دورنا وانتهينا
وعميقا في الليل نسمع أقدا
م الليالي في رهبة ووجوم
ودويّ الأجراس ينذرنا أنّ ا
نتهينا من دورنا المحموم
أنّ ما في الكؤوس يوشك أن ينـ
ـضب إلا من حفنة من هموم
أنّ ما في العيون من عطش الأحـ
ـلام أمسى رماد حبّ قديم
وبعيدا في الجوّ تنذرنا الأصـ
ـوات أنّ الحياة عادت جنونا
أنّ لون الخيال قد حال وارتدّ
شحوبا وواقعا محزونا
أنّ "قبل" الرجاء أصبح "بعـ
ـد" فهو فكرة لن تكونا
أن شيئا في عمق أنفسنا يجـ
ـذبنا للمات, شيئا مكينا
ولماذا نبقى هنا ؟ أو لم نشـ
ـبع ونجر ونرو دون انتهاء ؟
أو لم ندرك النعيم وخمر النـ
ـصر والحبّ نابضا بالرجاء ؟
أو لم نعرف الأسى العاصر
نون والنوم بعد طول البكاء ؟
أو لم نشبع الوجود ومن فيـ
ـه احتقارا ونمض باستهزاء ؟
ولماذا نبقى هنا ؟ أسمع المو
ت ينادي بنا فلم لا نجيب ؟
لنمت فالرياح تجرح وجهيـ
ـنا ولون الدجى عمق رهيب
وهنا نحن متعبان غريب نـ
ـتعايى بنا الشباب الكئيب
وهنا نحن ميّتان وإن كا
ن لعرق الحياة فينا وجيب
"الغريبان" هكذا يهمس الليـ
ـل وأجراسه تلفّ الوجودا
أيها الليل لن يعيش الغريبا
ن ولن يلمسا مساء جديدا
خذهما أرخ جنحك الأسود الها
دىء حوليهما وحلّق بعيدا
خذهما عزّ أن يقولوا " غريبا
ن " وكانت أقصوصة لن تعودا
__________________
[



اهيــة قامـــــت مصـــر بتقلـــــــع توب الـــــــــــــــذل
اهيــة صحيـــــة مصــر يا نـــــــــاس قـــدام الكـــــــل
بتنــــادى فى المخلصـيــــن نصـــــارة او مسلميــــــن
نبــــت الغيطـــــان والطــين والنيــــل بوشــــة يطــــل
النــيل مــلى الشــــوارع رايــــح فيهـــــا وراجـــــــــع
النيــــل كـــرة السكـــــوت بيخـــــــرج من البيـــــــوت
النيــــــــــــــــــــــــل على الارض جــــــــــــــــــــــارى
بيزحــــــف من الحــــــوارى ويحـــــاصر القصـــــــور
النيـــــل سمــع غنانــا النيل هتف معانا بأصغر الكفوف
وهية قامت مصر ام القاعدين وبتتعايق بهلال وصليب
والنـيــــــــل بيقــــــــــول يا صبــــــــــاح الفــــــــــــــل
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 10/12/2007, 21h49
الصورة الرمزية عماد جمعة
عماد جمعة عماد جمعة غير متصل  
مميز
رقم العضوية:39570
 
تاريخ التسجيل: juin 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 53
المشاركات: 132
افتراضي رد: نازك الملائكة

احزان الشباب

يا هموم الشباب فين تكونيـن
أحرّ الهموم والأحزان ؟
أنت يا من يصوغك القدر الظالم
ليلا على الوجود الفاني
فيم لا تعصرين إلا صبانا
حسبنا يا أحزان ما ذقناه
سوف يطوي شبابنا الزمن المسرع
والحلم ينطفي ويضيع
فاتركينا رحماك ننعم به الآن
لننسى ما في غد سيكون
قبل أن تخمد الأماني ويفنى
في الدياجي شبابنا المغبون
أينما أتجه فثمّة أحزان
أراها ووحشة ووجوم
كلّ شيء أراه يملأني حزنا
ويأسا من مبهجات الحياة
ومعاني الفناء ألمحها حولى
في كل ما تراه عيوني
في دوّي الرياح في نغم الطيـر
وفي ظلمة المساء الحزين
ورأيت القبور تحت يد الريـح
وصوت الأمطار والأنواء
وإذا غنّت الحمامة في الوكـر
تبرّمت بالنشيد المثير
وإذا أقبل المساء ولفّ الـكون
بالصمت والدجى والهموم
وحملت العود الكئيب إلى الوادى
أغنّي شعري لضوء النجوم
كم شعوب غنّت له فمحاها
وهو ما يزال في ربيع صباه
نحن تحت الليل العميق ضيوف
وقريبا تدوسنا قدماه
أين أمضي يا ربّ أم كيف أنجو
من قيود الفناء والأيّام ؟
ضاق بي العالم الفسيح فيا للـهول
أين المفرّ من آلامي ؟
ويبيع الحياة بالمتع الحمـقاء
والإثم والأذى والغرور
ويرى اللهو في الحياة أمانيـه
ويدعو الخيال والشعر حمقا
ولأعش في ظلال وحدتي الخرساء
أبكي ولا مصيخ إلّيا
لا فؤاد ابثه المي المرّ
ولا خافق يحن علّيا
وعبرت الحياة كالشبح الضلـيل
في غيهب الوجود الفاني
يا ظلال الشباب فابقى إذا شئـت
معي أو فاسرعي بالرحيل
سوف أبني إذا رحلت شبابا
لفؤادي أعيش تحت سمائه
من رحيق الخيال والشعر والأنغام
أسقي الزهور في أرجائه
فليضع عمري الحزين كما شاء
فعندي من الشعور حياة
فإذا أدبر الشباب وآويـت
لظلّ المشيب والأسقام
ثم ماذا ؟ من قال إنّي سأبقى
في الوجود الحزين يا آمالي
كيف أدري أنّي سألبث فيه
ربما متّ في صباي الحالي
قبل أن أسمع الحياة أناشيـدى
ويصغي سمع الوجود إليّا
ربّما .. لست أعلم الآن شيئا
فلأعش في انتظار ما سيكون
ولتجىء بعدها المنايا كما ترجو
فما في الوجود ما يغريني
لست ألقى فيه حياة أغنّيها
فيا بؤس عمري المغبون
أو لم أرض عزلتي في ظلال الشـعر
والعود والخيال الطهور
فإذا ما أتممت لحني كما أهـوى
فماذا أريده من حياتي ؟
سوف ألقى الموت المحّبب روحا
شاعريا يحبّ صمت التراب
وفؤادا يرى الممات شبابا
للمنى والشعور أيّ شباب
وعزائي أنّي تركت ورائي
لحني السرمديّ ملء الوجود
لست وحدي التي تموت وما زالت
شبابا لم تسقه الأنداء
أذبلت عمرهم يد القدر الجانى
وكانوا نشيد هذي الحياة
يسكبون الشباب والحبّ والأحـلام
لحنا مرقرق النغمات
وإذا عاصف المنايا المدوّي
يتعالى على لحون الغناء
يا يد الموت فيم كان نصيب الشـاعر
الفذّ منك هذا التجنّي ؟
ألكي تكتبي الخلود لذكراه
على الأرض وهو غضّ يافع ؟
أم لكي تنقذيه من شجن العزله
والفكر والأسى والمدامع ؟
فتضّمين للدجى والمنايا
كلّ شاد في الأرض أو عبقريّ
أم ترى سنّة الوجود ترى ما
ليس يدري الأحياء أو يدركونا
وسواء على المقادير موت الشـاعر
الفذّ في الصبا أو حياته
فهو جسم على الثرى بشريّ
ضيّعته أحلامه وشكاته
وإذا عاش ما يشاء فما للـموت
في عمره الطويل يدان
نبئيني أهكذا الأمر يا أقـدار
أم ضللت في أفكاري
ليس تعنيه هذه الزهرة الحلـوه
ما دام في يديه سواها
وهو يجني منهنّ ما هو دان
منه ما دمن في الشّذى أشباها
أكذا تتركين حكمك للصدفه ؟
يا للشقاء والتنكيد
كلّ حيّ منا إذن ليس يدري
ما سيلقى في يومه من شقاء
فهو يحيا على شفا الألم الرائع
منذ الشروق حتى المغيب
كلّ يوم يقول : حان رحيلي
يا لهذا العمر الشقيّ الكئيب
حين ينجو الحيّ الشقيّ من الخوف
ويفنى في داجيات الفناء
تاركا هذه الحياة وما فيـها
من الزيف والأسى والظلام
لست وحدي التي تموت وما زالت
شبابا لم تسقه الأنداء
تعست هذه الحياة فكم قد
مات في ميعة الصبا شعراء
أذبلت عمرهم يد القدر الجانى
وكانوا نشيد هذي الحياة
يسكبون الشباب والحبّ والأحـلام
لحنا مرقرق النغمات
ويضيعون عمرهم وصباهم
ليصوغوا الحياة لحن صفاء
وإذا عاصف المنايا المدوّي
يتعالى على لحون الغناء
يا يد الموت فيم كان نصيب الشـاعر
الفذّ منك هذا التجنّي ؟
فيم لا تطفئين إلا مناه ؟
وهو في ميعة الشباب الأغنّ ؟
ألكي تكتبي الخلود لذكراه
على الأرض وهو غضّ يافع ؟
أم لكي تنقذيه من شجن العزله
والفكر والأسى والمدامع ؟
أم ترى تبخلين بالنغم العذب
على العالم الأثيم الشقيّ
فتضّمين للدجى والمنايا
كلّ شاد في الأرض أو عبقريّ
أم ترى سنّة الوجود ترى ما
ليس يدري الأحياء أو يدركونا
فهي تسري كما تشاء المقاديـر
وتصمي شبابنا المطعونا
وسواء على المقادير موت الشـاعر
الفذّ في الصبا أو حياته
فهو جسم على الثرى بشريّ
ضيّعته أحلامه وشكاته
فإذا مات في صباه فما اختارته
كفّ المنون للأكفان
وإذا عاش ما يشاء فما للـموت
في عمره الطويل يدان
نبئيني أهكذا الأمر يا أقـدار
أم ضللت في أفكاري
أترانا كالزهر يقطفه الفلاّح
في الفجر شاردا غير دار ؟
ليس تعنيه هذه الزهرة الحلـوه
ما دام في يديه سواها
وهو يجني منهنّ ما هو دان
منه ما دمن في الشّذى أشباها
أكذا يا أقدار ؟ ما أخيب المسـعى
إذن في ظلام هذا الوجود
أكذا تتركين حكمك للصدفه ؟
يا للشقاء والتنكيد
كلّ حيّ منا إذن ليس يدري
ما سيلقى في يومه من شقاء
ربما كانت المنّية في أولّ
ساع النهار أو في المساء
فهو يحيا على شفا الألم الرائع
منذ الشروق حتى المغيب
كلّ يوم يقول : حان رحيلي
يا لهذا العمر الشقيّ الكئيب
أفليس الممات في ميعة العمـر
إذن نعمة على الأحياء
حين ينجو الحيّ الشقيّ من الخوف
ويفنى في داجيات الفناء
تاركا هذه الحياة وما فيها
من الزيف والأسى والظلام
بين كفّ الرياح والقدر العاتى
ونوح الشيوخ والأيتام
__________________
[



اهيــة قامـــــت مصـــر بتقلـــــــع توب الـــــــــــــــذل
اهيــة صحيـــــة مصــر يا نـــــــــاس قـــدام الكـــــــل
بتنــــادى فى المخلصـيــــن نصـــــارة او مسلميــــــن
نبــــت الغيطـــــان والطــين والنيــــل بوشــــة يطــــل
النــيل مــلى الشــــوارع رايــــح فيهـــــا وراجـــــــــع
النيــــل كـــرة السكـــــوت بيخـــــــرج من البيـــــــوت
النيــــــــــــــــــــــــل على الارض جــــــــــــــــــــــارى
بيزحــــــف من الحــــــوارى ويحـــــاصر القصـــــــور
النيـــــل سمــع غنانــا النيل هتف معانا بأصغر الكفوف
وهية قامت مصر ام القاعدين وبتتعايق بهلال وصليب
والنـيــــــــل بيقــــــــــول يا صبــــــــــاح الفــــــــــــــل
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 04/09/2010, 11h42
الصورة الرمزية ليلى ابو مدين
ليلى ابو مدين ليلى ابو مدين غير متصل  
رحـمة الله عليها
رقم العضوية:528319
 
تاريخ التسجيل: juin 2010
الجنسية: مصرية
الإقامة: الكويت
المشاركات: 1,495
افتراضي رد: نازك الملائكة

أشواق وأحزان
نازك الملائكة



أين منّي حرارة الأمس والحا


ضر يمشي بين الأسى والخمود؟

أسفا للماضي الإلهيّ هل ما

تت أغانيه في فؤادي الوحيد؟

آه يا شاعري لماذا تهاوي

ت بعيدا وراء أمسي البعيد؟

وأنا لم أزل صلاة لعيني

ك وإعصار لهفة وشرود

***

آه هل غاب عن ظلام حياتي

كلّ ما كان لهفة وفتونا ؟

كيف ضاع الحبّ الإلهيّ يا طا

ئري الحرّ فانفجرت ظنونا ؟

وأنا لم أزل فؤادا على الشو

ق يداري غرامه المدفونا

ليتني كنت بحت يا حلم الرو

ح وأعلنت حبّي المكنونا

***

كيف مرّت أيّامنا كيف مرت

بين فكّ الأشواق والأحزان ؟

ملء قلبي وقلبك الحبّ والشّو

ق ولكن نلوذ بالكتمان

كّلما حدّثتك عيناي بالحب

أعاقب عينيّ بالحرمان

كيف يا شاعري كتمنا ولم يع

ص كيوبيد قبلنا عاشقان ؟

***

كيف ضاعت عواطفي ؟ كيف أنسوا

ك غرامي وحيرتي ووفائي؟

ملأوا قلبك النبيل أباطي

ل وصاغوا كواذب الأنباء

وقضيت الأيّام أذرف إحسا

سي دموعا وأستلذّ شقائي

لا لقاء غير الظنون ولا فر

حة غير الخيال والأصداء

***

أنت أنت الذي احتفظت بذكرا

ه فلم ينسها فؤادي الوفيّ

كيف غابت عن ذكرياتك أحلا

مي وشوقي وحبّي الروحيّ

شهد العود كيف علّمته حب

ك مثلي فهو المحبّ الشقيّ

شهد المعبد الكئيب لحبي

أن حبي مخلّد أبديّ

***

يا نشيدي متى ستأتيك الحا

ني فتصغي إلى هتافات حبّي؟

فيم أقضي الأيّام أكتم أشوا

قي وقد ضاق بالعواطف قلبي

ابدا نلتقي فأعرض حيرى

ولقلبي الكئيب أشواق صبّ

إنّها الكبرياء تمتلك الرو

ح فيبدو المحبّ غير محبّ

***

ضاع عمري الحزين في معبد الحز

ن وأذوته لهفتي وشكاتي

لم يزل حّبي العميق عميقا

لم تزده السنين غير ثبات

لم أزل تضحك النجوم وتبكي

وتغني على صدى آهاتي

لم أزل في الحياة ورقاءك الحي

رى وما زلت أنت حلم حياتي
****


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 04/09/2010, 11h50
الصورة الرمزية ليلى ابو مدين
ليلى ابو مدين ليلى ابو مدين غير متصل  
رحـمة الله عليها
رقم العضوية:528319
 
تاريخ التسجيل: juin 2010
الجنسية: مصرية
الإقامة: الكويت
المشاركات: 1,495
افتراضي رد: نازك الملائكة

إلى عيني الحزينتين
نازك الملائكة


عينيّ , أيّ أسى يرين عليكما


ويثير في غسق الدجى دمعيكما ؟

إني أرى خلف الجفون ضراعة

تستنطق الكون العريض المبهما

أفقان تحت الليل ألمح فيهما

قطرات ضوء يرتشفن الأنجما

الكون مبتسم فأيّة لوعة

يا مقلتيّ تلوح في جفنيكما ؟

مسكينتان , رأيتكما ما لا برى

جيل أقام على لضلال وحوّما

جهل الحقائق في الحياة , فلم يطق

عن زيفها هربا وعاش مهوّما

مسكينتان كتمتما حمم الأسى

فأبى تأوه خافقي أن تكتما

فإذا الدموع غشاوة رّفت على

جفنيكما , سيلا سخينا مفعما

ورأيتما , خلل الدموع , مفاتن ال

ماضي وطاف الشوق في أفقيكما

عبثا تصوغان التوسّل في الدجى,

قلب القضاء قضى بألا تنعما

عبثا , فيا عينيّ لا تتضرّعا

لا شيء يرجع بالجمال إليكما

حسبي وحسبكما الرضوخ لما قضى

قلب الليالي فارضخا واستسلما

كم حالم من قبلنا فقد المنى

فقضى الحياة لوحده متجّهما

يرعى الليالي مانحا ظلماتها

روحا مجنحة وقلبا ملهما

***

عينيّ , يا سرّ الطبيعة , حدّثا

ماذا وراء الكائنات رأيتما ؟

رفعت دياجير الحياة ستورها

لكما وابدت سرّها المستبهما

هاتا حديث الموت , هاتا سرّه

قد آن , يا عيني, أن تتكلما

ما شاطىء الأعراف ؟ ما ألوانه ؟

ما سرّه الخافي ؟ صفاه وترجما

في صدري الخفّاق قلب راعش

ما زال صبا بالمفاتن مغرما

لولاه , يا عينيّ , ما غنّيتما

بهوى الحياة ولا أصابكما الظما

عذرا إذا حمّلتما حزن الدنا

لولاي , يا عينيّ , ما حمّلتما

وكفى فؤادي , في الحياة , شقاوة

أنّي جنيت , مع الحياة , عليكما
*****
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 04/09/2010, 12h02
الصورة الرمزية ليلى ابو مدين
ليلى ابو مدين ليلى ابو مدين غير متصل  
رحـمة الله عليها
رقم العضوية:528319
 
تاريخ التسجيل: juin 2010
الجنسية: مصرية
الإقامة: الكويت
المشاركات: 1,495
افتراضي رد: نازك الملائكة

ليلة ممطرة
نازك الملائكة


الآن يا نجمي تغيب ,ولم يحن وقت الأفول ؟


الآن والليل الجميل يريق ضوءك في الحقول ؟

والزهر , تحت الليل , نشوان بمشرقك ؟

والنهر , والشطآن تضحك تحت أشجار النخيل

الآن تغرب ؟ يا لمأساة الجمال الذابل

يا نجمي المأسور في كفّ الضباب الشامل

يا فيلسوف الليل , يا سرّ الوجود الذاهل

عبثا أناشيدي إلى أضواء نجم آفل

عبثا سهرت الليل ارنو والتفجّع غالي

أتزوّد النظر الأخير إلى ضياك الشاحب

وأصوغ ألحان الرثاء على صباك الذاهب

وأحوك من دمعي الضياء لكلّ نجم غارب

رحماك يا نجمي الجميل متى نهاية ليلتي ؟

ومتى ستنقشع الغيوم وتستريح كآبتي ؟

قد شاق قلبي أن أحسّ الصمت تحت خميلتي

وتجوب عيناي الفضاء وفي يدي قيثارتي

ما زلت أنتظر السكون وليس غير صدى المطر

والريح في سمع المساء تئنّ ما بين الشجر

لا طير يمرح في الحقول ولا أريج ولا زهر

لا شىء غير صراخ رعد هاتف بأسى البشر

ومن الظلام تصاعدت آهات قمريّ الغصون

ذهبت بمكمنه الرّياح وعزّه المأوى الحنون

حيران , مرتعش الجناح , مجرح تحت الدجون

رحماك يا ربّ العواصف , حسبنا المطر الهتون

أين الفضاء الحلو , أين الصحو ؟ أين سنا النجوم ؟

من جمّع المطر الكئيب , وبثّ في الليل الغيوم ؟

يا ريح رفقا بي ورفقا بالعرائش والكروم

رفقا بقمري المروج فقد أمضّته الهموم

قد كان في قلبي أمان يا رياح فخنتها

قد كان في هذا المساء مفاتن فمحوتها

قد كان في المرج الجميل عرائش أذبلتها

قد كان في ثبج السماء كواكب أطفأتها

وبقيت , في الليل الكئيب , أصيخ للمطر الكئيب

وعلى فمي اللحن الغريب , يصوغه قلبي الغريب

وتلوح لي خلل النوافذ ظلمة الليل الرهيب

عبثا أغذّي موقدي فالآن ينطفىء اللهيب

قد حطّم الإعصار نافذتيّ وانطفأ الضياء

والآن لا أضواء حولي غير إبراق السماء

يا ضجّة الإعصار في الآفاق , يا مطر المساء

الآن ألتمس الرقاد إلى غد فإلى اللقاء
*****
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 04/09/2010, 19h56
الصورة الرمزية ليلى ابو مدين
ليلى ابو مدين ليلى ابو مدين غير متصل  
رحـمة الله عليها
رقم العضوية:528319
 
تاريخ التسجيل: juin 2010
الجنسية: مصرية
الإقامة: الكويت
المشاركات: 1,495
افتراضي رد: نازك الملائكة

النهر العاشق
نازك الملائكة


أين نمضي؟ إنه يعدو إلينا


راكضًا عبْرَ حقول القمْح لا يَلْوي خطاهُ

باسطًا, في لمعة الفجر, ذراعَيْهِ إلينا

طافرًا, كالريحِ, نشوانَ يداهُ

سوف تلقانا وتَطْوي رُعْبَنا أنَّى مَشَيْنا

**

إنه يعدو ويعدو

وهو يجتازُ بلا صوتٍ قُرَانا

ماؤه البنيّ يجتاحُ ولا يَلْويه سَدّ

إنه يتبعُنا لهفانَ أن يَطْوي صبانا

في ذراعَيْهِ ويَسْقينا الحنانا

**

لم يَزَلْ يتبعُنا مُبْتسمًا بسمةَ حبِّ

قدماهُ الرّطبتانِ

تركتْ آثارَها الحمراءَ في كلّ مكانِ

إنه قد عاث في شرقٍ وغربِ

في حنانِ

**

أين نعدو وهو قد لفّ يدَيهِ

حولَ أكتافِ المدينهْ؟

إنه يعمَلُ في بطءٍ وحَزْمٍ وسكينهْ

ساكبًا من شفَتَيْهِ

قُبَلاً طينيّةً غطّتْ مراعيْنا الحزينهْ

**

ذلكَ العاشقُ, إنَّا قد عرفناهُ قديما

إنه لا ينتهي من زحفِهِ نحو رُبانا

وله نحنُ بنَيْنا, وله شِدْنا قُرَانا

إنه زائرُنا المألوفُ ما زالَ كريما

كلَّ عامٍ ينزلُ الوادي ويأتي للِقانا

**

نحن أفرغنا له أكواخنا في جُنْح ليلِ

وسنؤويهِ ونمضي

إنه يتبعُنا في كل أرضِ

وله نحنُ نصلّي

وله نُفْرِغُ شكوانا من العيشِ المملِّ

**

إنه الآن إلهُ

أو لم تَغْسِل مبانينا عليه قَدَمَيْها؟

إنه يعلو ويُلْقي كنزَهُ بين يَدَيها

إنه يمنحُنا الطينَ وموتًا لا نراهُ

من لنا الآنَ سواهُ؟
***
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 04/09/2010, 20h06
الصورة الرمزية ليلى ابو مدين
ليلى ابو مدين ليلى ابو مدين غير متصل  
رحـمة الله عليها
رقم العضوية:528319
 
تاريخ التسجيل: juin 2010
الجنسية: مصرية
الإقامة: الكويت
المشاركات: 1,495
افتراضي رد: نازك الملائكة

شجرة القمر
نازك الملائكة


على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرْ


وغلّفها أفُقٌ مُخْمليٌّ وجوٌّ مُعَنْبَر ْ

وترسو الفراشاتُ عند ذُرَاها لتقضي المَسَاءْ

وعند ينابيعها تستحمّ نجومُ السَّمَاءْ

هنالكَ كان يعيشُ غلامٌ بعيدُ الخيالْ

إذا جاعَ يأكلُ ضوءَ النجومِ ولونَ الجبالْ

ويشربُ عطْرَ الصنوبرِ والياسمين الخَضِلْ

ويملأ أفكارَهُ من شَذَى الزنبقِ المُنْفعلْ

وكان غلامًا غريبَ الرؤى غامض الذكرياتْ

وكان يطارد عطر الرُّبَى وصَدَى الأغنياتْ

وكانت خلاصةُ أحلامِهِ أن يصيدَ القَمَرْ

ويودعَهُ قفصًا من ندًى وشذًى وزَهَرْ

وكان يقضِّي المساءَ يحوك الشباكَ ويَحْلُمْ

يوسّدُهُ عُشُبٌ باردٌ عند نبع مغمغِمْ

ويسْهَرُ يرمُقُ وادي المساء ووجْهَ القَمَرْ

وقد عكستْهُ مياهُ غديرٍ بَرُودٍ عَطِرْ

وما كان يغفو إذا لم يَمُرّ الضياءُ اللذيذ

على شَفَتيهِ ويسقيهِ إغماءَ كأسِ نبيذْ

وما كان يشربُ من منبع الماء إلاّ إذا

أراق الهلالُ عليه غلائلَ سكرى الشَّذَى

2

وفي ذات صيفٍ تسلّل هذا الغلامُ مساءْ

خفيفَ الخُطَى, عاريَ القدمين, مَشُوقَ الدماءْ

وسار وئيدًا وئيدًا إلى قمَّةٍ شاهقهْ

وخبّأ هيكلَهُ في حِمَى دَوْحةٍ باسقهْ

وراح يعُدّ الثواني بقلبٍ يدُقّ يدُقّ

وينتظرُ القَمَرَ العذْبَ والليلُ نشوانُ طَلْقُ

وفي لحظةٍ رَفَعَ الشَّرْقُ أستارَهُ المُعْتمهْ

ولاحَ الجبينُ اللجينيّ والفتنةُ المُلْهِمهْ

وكان قريبًا ولم يَرَ صيّادَنا الباسما

على التلِّ فانسابَ يذرَعُ أفْقَ الدُّجَى حالما

... وطوّقَهُ العاشقُ الجبليّ ومسّ جبينَهْ

وقبّلَ أهْدابَهُ الذائباتِ شذًى وليونهْ

وعاد به: ببحارِ الضِّياءِ, بكأس النعومهْ

بتلك الشفاهِ التي شَغَلتْ كل رؤيا قديمهْ

وأخفاه في كُوخه لا يَمَلّ إليه النَّظَرْ

أذلكَ حُلْمٌ? وكيف وقد صاد.. صادَ القَمر؟

وأرقَدَه في مهادٍ عبيريّةِ الرّوْنقِ

وكلّلَهُ بالأغاني, بعيْنيهِ, بالزّنْبقِ

3

وفي القريةِ الجبليّةِ, في حَلَقات السّمَرْ

وفي كلّ حقلٍ تَنَادَى المنادون: "أين القمر؟!"

"وأين أشعّتُهُ المُخْمليّةُ في مَرْجنا؟"

"وأين غلائلُهُ السُّحُبيّة في حقلنا؟"

ونادت صبايا الجبالِ جميعًا "نُريدُ القَمَرْ!"

فردّدتِ القُنَنُ السامقاتُ: "نُريدُ القَمَرْ"

"مُسامِرُنا الذهبيّ وساقي صدى زَهْرنا"

"وساكبُ عطر السنابِل والورد في شَعْرنا"

"مُقَبّلُ كلّ الجِراح وساقي شفاه الورودْ"

"وناقلُ شوقِ الفَرَاشِ لينبوعِ ماءٍ بَرودْ"

"يضيءُ الطريقَ إلى كلّ حُلْمٍ بعيدِ القَرَارْ"

"ويُنْمي جدائلَنا ويُريقُ عليها النُّضَارْ"

"ومن أينَ تبرُدُ أهدابُنا إن فَقَدْنا القَمَر؟"

"ومَنْ ذا يرقّقُ ألحاننا? مَن يغذّي السّمَرْ؟"

ولحنُ الرعاةِ تردّدَ في وحشةٍ مضنيهْ

فضجّتْ برَجْعِ النشيدِ العرائشُ والأوديهْ

وثاروا وساروا إلى حيثُ يسكُنُ ذاكَ الغُلامْ

ودقّوا على البابِ في ثورةٍ ولَظًى واضطرامْ

وجُنّوا جُنُونًا ولم يَبْقَ فوق المَرَاقي حَجَرْ

ولا صخرةٌ لم يُعيدا الصُّرَاخَ: "نُريدُ القَمَرْ"

وطاف الصّدَى بجناحَيْهِ حول الجبالِ وطارْ

إلى عَرَباتِ النجومِ وحيثُ ينامُ النّهَارْ

وأشرَبَ من نارِهِ كلّ كأسٍ لزهرةِ فُلِّ

وأيقَظَ كلّ عبيرٍ غريبٍ وقَطْرةِ طلِّ

وجَمّعَ مِن سَكَراتِ الطبيعةِ صوتَ احتجاجْ

ترددَ عند عريش الغلامِ وراء السياجْ

وهزَّ السكونَ وصاحَ: "لماذا سَرَقْت القَمَرْ؟"

فجُنّ المَسَاءُ ونادى: "وأينَ خَبَأْتَ القَمَرْ؟"

4

وفي الكوخِ كان الغلامُ يضُمّ الأسيرَ الضحوكْ

ويُمْطرُهُ بالدموع ويَصْرُخُ: "لن يأخذوك؟"

وكان هُتَافُ الرّعاةِ يشُقّ إليهِ السكونْ

فيسقُطُ من روحه في هُوًى من أسًى وجنونْ

وراح يغنّي لملهِمه في جَوًى وانْفعالْ

ويخلطُ بالدَّمْع والملح ترنيمَهُ للجمالْ

ولكنّ صوتَ الجماهيرِ زادَ جُنونًا وثورهْ

وعاد يقلِّبُ حُلْمَ الغلامِ على حدِّ شفرهْ

ويهبطُ في سَمْعه كالرّصاص ثقيلَ المرورْ

ويهدمُ ما شيّدتْهُ خيالاتُهُ من قصور

وأين سيهرُبُ? أين يخبّئ هذا الجبينْ؟

ويحميهِ من سَوْرة الشَّوْقِ في أعين الصائدين؟

وفي أيّ شيء يلفّ أشعَّتَهُ يا سَمَاءْ

وأضواؤه تتحدّى المخابئَ في كبرياءْ؟

ومرّتْ دقائقُ منفعِلاتٌ وقلبُ الغُلامْ

تمزِّقُهُ مُدْيةُ الشكِّ في حَيْرةٍ وظلامْ

وجاء بفأسٍ وراح يشقّ الثَّرَى في ضَجَرْ

ليدفِنَ هذا الأسيرَ الجميلَ, وأينَ المفرْ؟

وراحَ يودِّعُهُ في اختناقٍ ويغسِلُ لونهْ

بأدمعِه ويصُبّ على حظِّهِ ألفَ لعنَهْ

5

وحينَ استطاعَ الرّعاةُ المُلحّون هدْمَ الجدارْ

وتحطيمَ بوّابةِ الكوخ في تَعَبٍ وانبهارْ

تدفّقَ تيّارهم في هياجٍ عنيفٍ ونقمهْ

فماذا رأوا? أيّ يأسٍ عميق وأيّة صَدْمَهْ!

فلا شيءَ في الكوخ غيرَ السكون وغيرَ الظُّلَمْ

وأمّا الغُلامُ فقد نام مستَغْرَقًا في حُلُمْ

جدائلُهُ الشُّقْرُ مُنْسدلاتٌ على كَتِفَيهِ

وطيفُ ابتسامٍ تلكّأ يَحلُمُ في شفتيهِ

ووجهٌ كأنَّ أبولونَ شرّبَهُ بالوضاءهْ

وإغفاءةٌ هي سرّ الصَّفاءِ ومعنى البراءهْ

وحار الرُّعاةُ أيسرقُ هذا البريءُ القَمَرْ؟

ألم يُخطِئوا الاتّهام ترى? ثمّ... أينَ القَمَرْ؟

وعادوا حَيارى لأكواخهم يسألونَ الظلامْ

عن القَمَر العبقريّ أتاهَ وراءَ الغمامْ؟

أم اختطفتْهُ السَّعالي وأخفتْهُ خلفَ الغيومْ

وراحتْ تكسّرُهُ لتغذّي ضياءَ النجومْ؟

أمِ ابتلعَ البحرُ جبهتَهُ البضّةَ الزنبقيّهْ؟

وأخفاهُ في قلعةٍ من لآلئ بيضٍ نقيّهْ؟

أم الريحُ لم يُبْقِ طولُ التنقّلِ من خُفِّها

سوى مِزَقٍ خَلِقاتٍ فأخفتْهُ في كهفها

لتَصْنَعَ خُفّينِ من جِلْدِهِ اللّين اللَّبَنيّ

وأشرطةً من سَناهُ لهيكلها الزنبقي

6

وجاء الصباحُ بَليلَ الخُطَى قمريّ البرُودْ

يتوّجُ جَبْهَتَهُ الغَسَقيَّةَ عِقْدُ ورُودْ

يجوبُ الفضاءَ وفي كفّه دورقٌ من جَمالْ

يرُشّ الندى والبُرودةَ والضوءَ فوق الجبالْ

ومرَّ على طَرَفَيْ قدمَيْه بكوخ الغُلامْ

ورشَّ عليه الضياءَ وقَطْرَ النَّدى والسَّلامْ

وراح يسيرُ لينجز أعمالَهُ في السُُّفُوحْ

يوزِّعُ ألوانَهُ ويُشِيعُ الرِّضا والوضوحْ

وهبَّ الغلامُ مِنَ النوم منتعشًا في انتشاءْ

فماذا رأى؟ يا نَدَى! يا شَذَى! يا رؤى! يا سماءْ!

هنالكَ في الساحةِ الطُّحْلُبيَّةِ, حيثُ الصباحْ

تعوَّدَ ألاَّ يَرَى غيرَ عُشْبٍ رَعَتْهُ الرياحْ

هنالكَ كانت تقومُ وتمتدّ في الجوِّ سِدْرَهْ

جدائلُها كُسِيَتْ خُضْرةً خِصْبةَ اللون ِثَرَّهْ

رعاها المساءُ وغذَّت شذاها شِفاه القَمَرْ

وأرضَعَها ضوءُه المختفي في الترابِ العَطِرْ

وأشربَ أغصانَها الناعماتِ رحيقَ شَذَاهُ

وصبَّ على لونها فضَّةً عُصِرَتْ من سَناهُ

وأثمارها؟ أيّ لونٍ غريبٍ وأيّ ابتكارْ

لقد حار فيها ضياءُ النجومِ وغارَ النّهارْ

وجُنّتْ بها الشَّجَراتُ المقلِّدَةُ الجامِدَهْ

فمنذ عصورٍ وأثمارُها لم تَزَلْ واحدهْ

فمن أيِّ أرضٍ خياليَّةٍ رَضَعَتْ؟ أيّ تُرْبهْ

سقتْها الجمالَ المفضَّضَ؟ أي ينابيعَ عذْبَهْ؟

وأيةُ معجزةٍ لم يصِلْها خَيالُ الشَّجَرْ

جميعًا? فمن كلّ غُصْنٍ طريٍّ تَدَلَّى قَمَرْ

7

ومرَّتْ عصورٌ وما عاد أهلُ القُرى يذكرون

حياةَ الغُلامِ الغريبِ الرُّؤى العبقريِّ الجُنون

وحتى الجبالُ طوتْ سرّه وتناستْ خطاهُ

وأقمارَهُ وأناشيدَهُ واندفاعَ مُناهُ

وكيف أعادَ لأهلِ القُرى الوالهين القَمَرْ

وأطلَقَهُ في السَّماءِ كما كانَ دونَ مقرْ

يجوبُ الفضاءَ ويَنْثرُ فيه النَّدَى والبُرودهْ

وشِبْهَ ضَبابٍ تحدّر من أمسياتٍ بعيدهْ

وهَمْسًا كأصداء نبعٍ تحدّر في عمْق كهفِ

يؤكّدُ أنَّ الغلامَ وقصّتَهُ حُلْمُ صيفِ
*****
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 28/11/2010, 02h23
رياض*** رياض*** غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:507098
 
تاريخ التسجيل: mars 2010
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 5
افتراضي رد: نازك الملائكة

السلام عليكم

الشاعره نازك لملائكه متأصلة بالنفس العراقي

نازك جزء من تاريخ نفتخر به من رواد الشعر الحر

مع بدر شاكر السياب ....

الف شكر للمعلومات التي اطلعنا عليها
رد مع اقتباس
رد

Tags
نازك الملائكة 1923-2007


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 00h32.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd