قالوا عن الحاج العنقا رحمه الله
عبد القادر شاعو: رغبت دوما في مجالسة العنقا في مقهى مالاكوف.. لكن كنت أخجل من وجود عمي
ذكريات المطرب الكبير عبد القادر شاعو مع الحاج محمد العنقا رحمه الله كثيرة، يحتفظ بها باعتزاز كبير، قائلا: "استطيع القول ان الفقيد محمد العنقا كان شيخ القصبة الأول بلا منازع، كان متواضعا، وطنيا، ومحبوبا، عرفته في كونسيرفاتوار العاصمة، لقد كان أستاذي، وعلى يده تتلمذت، وقمت بأول خطواتي وأعمالي الفنية".
ويضيف: "رحمه الله، لقد مات جسديا، لكنه باق في قلوبنا وعقولنا، لقد توفي عام 1978، وبعد مرور أكثر من ربع قرن مازالت أغانيه تبث في التلفزيون والإذاعة، ومازال الناس يحتفون بها كثيرا، حتى من جيل الشباب، الذين يتابعون أغنياته بشغف، بل ويقلدونه أيضا في ادعاءاتهم الفنية".
وعنه شخصيا، قال عبد القادر شاعو: "صحيح أني لم أقلد الحاج محمد العنقا رحمه الله، فقد كنت أريد ان تكون لي شخصيتي الفنية المستقلة، لكني أعجبت به دوما وتأثرت بطريقته في الغناء والعزف.. لقد كان شخصية اجتماعية رائعة إلى جانب كونه فنانا مشهورا ومحبوبا".
ويحتفظ شاعو بذكرى طريفة عن الحاج محمد العنقا رحمه الله، حكاها لجريدة اليوم قائلا: "لقد كان يجلس بمقهى الفنانين بمالاكوف، مع كوكبة كبيرة من الأصدقاء، وكنت ارغب دوما بمجالستهم، كنت يومها اصغر سنا منه بكثير، حتى دعاني يوما إلى ان أجالسه. طبعا امتنعت، فانزعج الحاج محمد العنقا، لم أكن ارغب بإخباره، لكني اضطررت إلى ان اشرح له الأمر، فقلت له ان عمي يجلس بالمقهى ذاته، واني احجل من مجالسة العنقا بحضور عمي.. في ذلك الوقت كنا نخجل من ان نجلس في مقهى أو مكان يرتاده آباؤنا أو أعمامنا أو نحو ذلك، فقال لي: "سأطرد عمك يوما منه، حتى تتمكن من مشاركتنا القعدات"..
ويضيف: "لقد كان رحمه الله صاحب نكتة، فمرة زرته في داره، وكنت بصحبة الفنان الموسيقي المعتزل "محمد نجيب"، الذي حمل إليه شيئا من زيت الزيتون، وكان محتاجا إلى سيارته ليحمل صفيحة الزيت إليه، فلما صرنا عند بابه، سأله الحاج محمد العنقا: من معك؟ فقال: معي عبد القادر شاعو. فقال: إذن تفضلا.. كنت خائفا منه، خفت ان الفظ شيئا يزعجه، وبدأت أراقب كل ما يصدر مني من كلام، إلى ان قلت له: جبنا لك زيت قبايل، فأجابني على الفور: لا تكرر أبدا عبارة زيت قبايل، بل سمها دوما زيت زيتون، فماذا سيكون مصير القبايل إذا فصلتهم عن الزيت؟ وقد ضحكنا كثيرا على هذه النكتة".
عبد الرحمان قبي: الحاج محمد العنقا علمني أن أحفظ الأغاني عن ظهر قلب
عبد الرحمان قبي، شيخ الشعبي الكبير، يحتفظ هو الآخر بالكثير عن الفقيد الحاج محمد العنقا، روى لـ"اليوم" نادرة طريفة جرت له مع الفقيد، فقال: "العنقا كان شخصية غنائية وموسيقية كبيرة، وموهبة ربانية من بها على الجزائر، اذكر انه كان رجلا طيبا جدا، وكريما إلى أقصى حد، لم أصاحبه طويلا، لفارق السن بيننا، كنت يومها صغيرا، والتقيت به مرة في شراقة، بمركز راحة، وقمنا بحفلة صغيرة، لقد كنا تلاميذ نؤدي أغان، وفي نهاية الحفل، تقدم مني وقال: لا أريد ان أرى ورق الأغاني على الركح مرة أخرى.. غيبو لي خبرك.. لازم تحفظ.. راني نقوللك لازم تحفظ"..
طبعا كان الأمر غريبا ان يترك كل من كان معي، ويتوجه إلي أنا بالذات، ليأمرني بحفظ الأغاني، وعدم الاعتماد على النظر إلى الورق المثبت أمام الميكروفون، لقد تساءلت كثيرا عن ذلك وأنا في غاية الاستغراب، لكني أدركت معناها لاحقا.. لقد كان محقا، ولقد أرادني ان أصير إلى ما صرت إليه.. أكثر أغانيه التي كانت تبهرني هي 'المكناسية' إلى جانب أغان أخرى رائعة".
==
نجم الموسيقى الروحية العالمية الجزائري محمد روان يتبرك بمحمد العنقا ويقول: المندول إبداع العنقا .. والمشارقة لا يعرفونه
محمد روان، نجم الموسيقى الروحية العالمية الهادئة، له ذكرى خاصة مع الفنان الراحل محمد العنقا، مع أنه لم يدركه ولم يعاصره، وبفرح غامر رواها لـ"اليوم" قائلا: "لم اعرف الشيخ العنقا شخصيا، لكني تعرفت إلى ولده ووريث فنه الهادي العنقا، الذي كان لي معه موقف لا ينسى، فذات يوم ذهبنا لحضور حفل زفاف، وبعد انتهاء العرس وتوقف آلات العزف والغناء، تقدم مني الهادي، وابزر لي مندولا، وطلب مني ان المسه، لأنه المندول الخاص بالحاج، ففرحت كثيرا وتبركت به.. إنها لحظة لا تنسى، كأني قابلت فيها الحاج محمد العنقا شخصيا".
وأضاف: "لقد ادخل الحاج محمد العنقا رحمه الله آلة المندول إلى الفن الشعبي الجزائري، وأنا بدوري أريد ان أكمل عنه مشواره، بإدخال آلة المندول الجزائرية إلى موسيقى العالم العربي والغربي.. أقول المندول الجزائرية لان المشارقة لا يعرفونها، ولا المغاربة أيضا، واذكر ان نصير شما، العازف العربي الكبير على العود، اندهش لما رآها لأول مرة، وأبدى إعجابه بنوتاتها، قائلا أنها أول مرة يسمع فيها بالة المندول..