الرائعة عيون المها
مسـاؤكِ
ناعورةٌ من ضياءٍ
تُـذَرْذِرُ وجدانـها
في خَضيبِ الشفقْ
هذه عودة كما وعدتك لانتقائك الشفاف لهذه القصيدة والأغنية الراقية
إنِّي ألف أهواهُ
بهذا الجواب القاطع الحاسم
تنهي حالة التردد
وطوفان الأسئلة التي ملأت دنياها ووجدانها
لحظة ضرب موعد جديد مع حبيب قديم
ولعل تكاثر تلك الأسئلة والإستفهامات
لم تكن من أجل أن تتلقى جوابا حقيقيا واقعيا عنها
ولكنها كانت تحضيرات هاج بها الوجدان
للوصول إلى النتيجة المحسومة أساسا وهي أنها تحبه وأن هذا
الحب يسكن في خلجاتها
وحتى لو مرت عليه رياح عصفت به للحظات
لكنها لم تستطع اقتلاعه
بفعل تغلغله في وجدانها وتخلله لمسامتها
بل إنها تقرر بفعل امتزاج هذا الحب بخلاياها
أنه قدرها
وأنه نهر لاتملك تغيير مجراه
رغم كل تلك التساؤلات
لقد قرأت هذه التساؤلات باعتبارها أعذارا له على هجره لها
وأنها رغم هذا الهجر فإن استقرار حبه في وجدانها
يجعلها تختلق تلك الأعذار
وهذا هو أحد إبداعات نزار
الذي يتغلغل في وجدان المرأة ويفكك قصة الحب
ويضع إصبعه على الجرح تماما
فلا نكاد نقرأ الصورة الشعرية العميقة التي ينسجها بحروف
أنيقة وبسيطة ومتداولة
حتى نقول الله الله
ولا نكاد نقرأ الصورة الشعرية
حتى نجد أنفسنا موافقين بل ومندهشين لتطابق الصورة مع
حالتنا الفعلية والوجدانية
ولعل من أسرار شعر نزار
هو تطابق كثير من أفكار وقصص أشعاره على قصصنا الفعلية
باختلاف مستوياتها وعمرها الزمني
فليس منا من لم يمر بتلك الحالة من التردد المصطنع
بين الحب والكره
فنحن نتساءل كذبا بينما الحب يزقزق في سويداء القلب
وليس أدل على هذا إلا عبقرية نزار الذي أجرى القصيدة على لسان الحبيبة
والأنثى بطبعها تتمنع وهي راغبة
وتنكر وهي موافقة
وتقول لا في الوقت الذي تعني بها نعم
وكأنها تردد مع نزار في أحد قصائده
فحين أنا لا أقول أحبُّ
فمعناه أني أحبك أكثر
هذا فضلا عن مرور القصيدة برشاقة وعمق معا
على ما يسميه نزار أشياء صغيرة
ومن منا لم يتشكل حبه إلا من أشياء صغيرة
كلمة هنا ..وجلسة على شاطىء النيل هنا
وضحكة أو لمسة متبادلة
ومن متا لم تسعده وردة مجرد وردة واحدة أو كلمة يفهم منها
أن محبوبته تبادله الحب
وكذلك من منا لم تسعده لفتة صغبرة كقراءة قصيدة معا
أو دخول فيلم سينمائي
أو شراء هدية مهما كانت بساطتها
وبعد ذلك
وعند أول افتراق
تثور كل هذه الأشياء الصغيرة الكبيرة معا في الوجدان لتشكل
حالة الشجن الشفيف العميق
وبعض التمرد المشتق من الدلال الذي تتقنه المرأة احتجاجا على
لحظات الهجر والذي يبدو في هذا البيت على لسانها إذ تدعي
غداًَ إذا جَاءَ .... أُعطيهِ رَسَائِلَهُ
و نُطْعِمُ النـارَ أحلى ماكَتَبْنَــاهُ
وهيهات أن تفعل
لأنها تقول هذا وتحدق في نفس الوقت بالمرآة وتسألها
بأي ثوب من الأثواب ألقاه
فما أرق الحب وما أحلى شجونه
خلاصة القول
أن هذه الرائعة واحدة من روائع نزار
اتي سمعناها مرارا وتكرارا من الصوت الشجي الخلاب لنجاة الصغيرة
وبلحن هادىء رخيم يجعلنا في كل مرة نسمعه
لا نملك إلا أن نقول ثانية
الله الله الله