اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن العوض
الأستاد الكبير و القدير أحمد الجوادي
الحقيقة أنني بحت عنك كتيرا بعد دخولي لهدا المنتدى و خاصة بعد قراءتي للنوتات و المواضيع التي وضعتها به ... حقا انه لشيء مبهر ... فلا يسعني الا أن أشكرك على هدا المجهود الدي تبدله من أجل الموسييقين العرب ... و اريد أن أشير الا أنني و بعد قراءتي لبعض من نوتاتك فأنا منبهر جدا بسبب أنها واضحة و مكتوبة حسب قواعد و نظريات الموسيقى العالمية و حقا هدا شيء لا نجده عند أغلب المدونين في وقتنا الحاضر... فحقا انني أفتخر بأنني عضو في منتدى أنت من أساتدته الكبار
تحياتي لكم أستاد
|
الصديق العزيز الأستاذ حسن المحترم
كم سعدت بمشاركت وكلامك الجميل وسعدت جدا بتواجدك معنا. وفي نفس الوقت أعتذر عن تأخيري في الرد بسبب قلة تواجدي في المنتدى في الفترة المنصرمة.
نعم يؤسفني أن أقول بأن غالبية من يكتب النوتة وأقصد حتى المحترفين هم بعيدين عن نظريات الموسيقى العالمية، وذلك مرده لشيئين وهما:
أولا: قلة الدراسة وشحة المعلومات، وعدم محاولة الاستزادة من المعلومات. ليس من العيب أن يكون لدى الموسيقي خطأ أو أخطاء أو نواقص أو عيوب أو سوء فهم في النظريات، لكن العيب هو أن يصر على استخدام هذه الأخطاء والعيوب نفسها وهو لا يبحث ويطور معلوماته، وخصوصا اليوم فإن الإنترنيت قد فتح أمامنا الكثير جدا جدا من الأبواب التي كانت موصدة في السابق أو غير موجودة أصلاً.
ثانيا: غالبية من يدون النوتة (أعود وأكرر المحترفين) هم لم يعزفوا ويشاركوا في أي نوع من الأوركسترات سيمفونية (لا الكبيرة ولا الصغيرة)، ما يتسبب أنهم لا أو لم يشاهدوا نوتات لكبار المؤلفين أمثلا تشايكوفسكي وهايدن وهاندل وباخ وبيتهوفن وموتسارت وماهلر وشوبرت وبراهمز وغيرهم، ولا يطلعوا على كيفية الكتابة الصحيحة، هذا ما يجعلهم يبقون على متابعة النونتات المكتوبة فقط في يد الموسيقيين الذين يقومون بتدوين الموسيقى العربية، والذين معظمهم أصلا تنقصهم الكثير جدا من المعلومات النظرية ولديهم مشاكل كبيرة في فهم النظريات، وهذا بحد ذاته لا يدفعهم لأن يطوروا معلوماتهم. فعازف الأوركسترا أصلا قد اعتادت أعينه على النوتة الصحيحة، ولو وضعت أمامه نوتة فيها أخطاء نظرية فسوف يخطئ في القراءة.
ما يزعجني ويثير حفيظتي هو أن البعض يصرون متوهمين أنهم هم الصح، وموتسارت وباخ خطأ، وكل كتب النظريات خطأ، بل حتى القواعد الموضوعة والمرافقة لبرامج التدوين، تحديدا البرامج الكبيرة المعروفة مثل سيبيليوس وفينالي، كلها خطأ وهم الصح، والمصيبة الأكبر هي أنني أشاهد (بسبب بعدي عن عالمنا العربي) على شاشات التلفاز أحيانا كثيرة نوتة مكتوبة بخط اليد توضع أمام الفرق الموسيقية ونحن الآن في عصر الكومبيوتر، في حين أن برامج الكومبيوتر تساعد مساعدة هائلة. فأنا حينما أكتب عملا أوركستراليا (مثلا) مكون من آلات كثيرة، وهناك آلات تعزف نفس اللحن أو أن تعزفه أوكتاف أوطأ أو أعلى، فقبل الكومبيوتر حينما كنت أكتب للأوركسترا كنت أضطر أن أعيد كتابة الأجزاء المكررة عند الآلات الأخرى بيدي، وأعيد كتابة الأجزاء لكل آلة على حدة، أما اليوم فهو فقط نسخ ولصق (Copy-Paste) وينتهي كل شيء وتكرر عشرات البارات بلمح البصر في الآلة أو الآلات الأخرى. في السابق حينما كان لدي عشر بارات أو عشرين بار تعزف من الكمان الأول والكمان الثاني والفلوت والأوبوا والكلارينيت (على سبيل المثال)، كان علي أن أعيد كتابة هذه البارات لكل من هذه الآلات، لكن اليوم كل ما علي هو أن أضع الماوس على الآلة المطلوبة وأنقر على Paste أو طبعا بالمختصر أو Short-Cut وهو الحرف V لكي تلصق هذه البارات وذلك بعد تحديد البارات المراد إعادة نسخها، وفي الآيباد كل ما علي هو أن أضع اصبعي على المكان المطلوب، وتظهر مباشرة وبدون عناء ولا تفكير وبدون إضاعة وقت. ولو كان نقل اللحن لآلة تتطلب أن يكون العزف فيها أوكتاف أعلى فالعملية أيضا غاية في البساطة، فبرامج الكومبيوتر (والآيباد) اليوم أصبحت مثل اللعبة.
هناك نقطة أخرى مهمة وهي أن المكتبة العربية الموسيقية مدقعة الفقر بالكتب النظرية الموسيقية، أو ربما تكاد تخلو من كتب نظريات رصينة، وليس كما هو الحال في المكتبات الأمريكية أو الإنجليزية حيث العشرات بل المئات من كتب النظريات، وأكاد أجزم بأن هؤلاء الموسيقين لا يقتنون حتى كتاب واحد بالإنجليزية (أو الفرنسية) لنظريات الموسيقى، على أن يكون كتابا قيما، إذ حتى الكتب الأجنبية أحيانا لا تخلو من أخطاء وخصوصا الكتب التجارية، أي غير المدعومة من جهة أكاديمية رصينة.
المصيبة الأكبر بكثير هي أن هؤلاء هم الأغلبية في عالمنا العربي. لكن يجب أن أعترف بأن أمثالهم موجودين حتى في الغرب، لكنهم في الغرب نادرين للغاية. والمصيبة الأكبر هي أن العازفين قد اعتادت أعينهم على النوتات التي فيها أخطاء نظرية ولو كُتبت لهم بطريقة صحيحة لتضايقوا أو ربما أخطأوا في عزفها، حيث أن أعينهم اعتادت على ما هو غير صحيح أو الخطأ.
ونقطة أخيرة أحب أن أضيفها وهي: البعض يكتب الموسيقى العربية ضاربا الكثير من قواعد النظريات عرض الحائط ولو واجهته بأخطائه لقال لك:
هذه هي موسيقى عربية وليست غربية، وفلان كان يكتب هكذا!! وهذا أراه عذر أقبح من ذنب. هل يجب أن تكون موسيقانا العربية مليئة بالأخطاء؟ ألا يعيب هذا موسيقانا العربية؟ ألا يعيبنا هذا نحن كموسيقيين عرب وكعرب؟ ألا يوجه إلينا ملايين أصابع الاتهام، ونحن أصلا متهمين بكافة أنواع الاتهامات؟
ذكرتني بصديق عزيز جدا علي، هو ملحن عراقي معروف جدا وله المئات من الألحان الكثير جدا منها ألحان مشهورة، وكان يطور نفسه بنفسه أي أنه لم يدرس، وهو موهوبا جدا ولو أمسك بجريدة فهو سيلحنها على الفور. كان صديقي هذا يكتب نوتاته بنفسه.
حينما كنت في عمان/ الأردن كان يأتينا للاستوديو كاتبا نوتة لأغنية له، وقبل أن نبدأ العزف أقوم أنا بإصلاح الأخطاء النظرية التي فيها ليسهل علي عزفها، وبعد انتهائنا من التسجيل كان يحرص على أن يأخذ نوتتي ليدرسها ويتعلم من الأخطاء المصححة، ويأتي في يوم آخر بأغنية أخرى وكالعادة فيها أخطاء أخرى، وأقوم بإصلاحها، فيأتي لي ويقول: أنت قمت بإصلاح مثل هذا المكان بهذه الطريقة. فأضحك وأقول له: تلك كانت حالة أخرى مختلفة عن هذه الحالة وأشرح له، وبقي الحال على ما هو عليه إلى أن غادر كلانا الأردن.
لك مني خالص محبتي
أحمد الجوادي