ليلي مراد في ذكرى رحيلها

[MUNIR MUNIRG]

ليلي مراد في ذكرى رحيلها(1ـ2)
مثلت 27 فيلما لم يفشل منها واحد وأغنية قطعت علاقتها بالطويل

القاهرة ـ 'القدس العربي' 2008/12/12ـ من عبدالفضيل طه:
في مثل هذا الشهر رحلت عن دنيانا سندريلا السينما المصرية في القرن الماضي ليلى مراد - وكان النقاد قد أطلقوا عليها هذا اللقب منذ ظهرت لأول مرة على الشاشة الفضية بطلة أمام موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في فيلم 'يحيا الحب'.
والسبب في إطلاق هذا اللقب عليها ظهورها كفتاة بريئة أحبت عبد الوهاب واتسمت تصرفاتها في الفيلم بروح الفتاة المرحة الساذجة التي لم تختبر الدنيا بعد، كما غنت من ألحان عبد الوهاب أغنيات قمة في الرومانسية مثل:
'ياما أرق النسيم'، و'يا قلبي مالك كده حيران'، كما شدت مع محمد عبد الوهاب 'يادي النعيم اللي أنت فيه يا قلبي'.

انطلاقة

وقبل أن يختارها محمد عبد الوهاب لبطولة فيلم 'يحيا الحب'، كانت قد ظهرت في فيلم 'الضحايا' مع بهيجة حافظ حيث قدمت فيه أغنية 'شفت الحبيب'.
لكن انطلاقة ليلى مراد الحقيقية بدأت مع المخرج توغو مزراحي الذي احتضنها بعد فيلم 'يحيا الحب' وقدمها في خمسة أفلام ساهمت بشكل كبير في صنع شهرتها وهي: 'ليلة ممطرة' التي أخرجها وأنتجها توغو في سنة 1939 أي بعد فيلم 'يحيا الحب' بسنة واحدة، وقاسمها البطولة في هذا الفيلم يوسف وهبي وفي عام 1941 قدمها مع يوسف وهبي أيضا في فيلم 'ليلى بنت الريف' ثم في نفس الوقت اخرج لها: 'ليلى بنت مدارس' مع يوسف وهبي ومحسن سرحان وفي عام 1942 قدمها في فيلم 'ليلى' وهو الفيلم المقتبس من قصة 'غادة الكاميليا' من بطولتها مع حسين صدقي وهي القصة التي قدمت في العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية كما قدمت كأوبرا باسم 'لا تربيناتا' وشاهدتها مصر ببطولة رتيبة الحفني وبلغت ليلى مراد في هذا الفيلم قمة النضج الفني وكانت حديث النقاد والجماهير في تقمص شخصية الغانية التي عاشت حياتها في سرور وحبور واستهتار حتى داهمها المرض وهزمها بعد أن ضحت بحبها في سبيل إسعاد أهل من أحبت، ثم كان فيلم 'ليلى في الظلام' آخر ما قدم لها توغو وشاركها البطولة حسين صدقي وفيه أجادت دور الفتاة العاشقة العمياء التي أرادت أن تضحي بحبها لكن الحبيب يكتشف الحقيقة وأنها لم تعد ترى.
كانت هذه الأفلام الخمسة هي الانطلاقة الحقيقية والتي لم تنسها فنانتنا وفي حديث إذاعي لها مع الراحلة آمال العمدة، قالت ليلى مراد، أن صاحب الفضل الأول عليّ هو توغو مزراحي علمني كيف أقف أمام الكاميرا وكانت بدايتي الحقيقية كممثلة معه، ثم ذكرت بعد ذلك فضل زوجها أنور وجدي، وما قدماه معا في عدة أفلام ناجحة.
وكان أول فيلم مثلته بعد أن انتهى عقد احتكارها مع توغو مزراحي، من اخراج مخرج الواقعية كمال سليم وهو فيلم 'شهداء الغرام' من بطولتها مع إبراهيم حمودة وهو فيلم مقتبس من رائعة شكسبير المعروفة 'روميو وجولييت'.

أفلام ناجحة

تتابعت أفلام ليلى مراد بعد ذلك حتى بلغت 27 فيلما كان النجاح حليفها جميعا حتى 'شهداء الغرام' هذا الذي لم يجد إقبالا شديدا في أول عرض له وفي نفس الموسم سنة 1944 قدمت فيلم 'ليلى بنت الفقراء' مع أنور وجدي وأثناء تصوير الفيلم تم زواج ليلى بأنور ليكونا ثنائيا ناجحا بعد ذلك وكان الفيلم من أنجح الأفلام الغنائية في تلك السنة، وغنت فيه ليلى مجموعة من أنجح ماشدت به مثل 'ليلة جميلة يا محلاها'، 'فاتت وعمري ما انساها'، و'مش ممكن ها اقدر أصالحك'، كما غنى فيه المطربان اللبنانيان محمد سلمان ومحمد البكار وفي عام 1945 مثلت مع يوسف وهبي فيلم 'ضربة القدر' وفي 1946 قدمت مع أنور وجدي 'ليلى بنت الأغنياء' وفيه قدمت العديد من الأغنيات الناجحة مثل، يا 'شايلني باديك الاتنين'.
وفي نفس العام قدمت فيلما رائعا مع النابغة أحمد سالم وهو فيلم 'الماضي المجهول' من اخراج وبطولة أحمد سالم، ونال هذا الفيلم نجاحا كبيرا مع انه مقتبس من فيلم أجنبي، لكن مخرجه أحمد سالم استطاع أن يضفي عليه المحلية بشكل ضاعت فيه ملامحه الأجنبية، وكان من أسباب نجاح الفيلم الوجود الطاغي للفنانة ليلى مراد في تمثيل دورها وشدت فيه بعدة أغنيات خالدة مثل: 'حيران في دنيا الخيال'، و'أنا قلبي خالي ولا انشغل بك' من ألحان محمد فوزي الملحن الصاعد والناجح في تلك الأيام كما غنت له في نفس الفيلم 'منايا في قربك اشوفك سعيد' وغنت 'يا اللي غيابك حيرني'.
كما شدت في 'الماضي المجهول' هذا بجزء من أنشودة الفن لمحمد عبد الوهاب الدنيا 'ليل والنجوم طالعة تنورها'.
وفي عام 1947 قدمت مع أنور وجدي فيلم 'الهوى والشباب' ثم 'شادية الوادي' مع يوسف وهبي، و'قلبي دليلي' مع أنور وجدي، وهو أنجح أفلامها في تلك السنة وغنت فيه مجموعة من أشهر أغنياتها منها، 'أنا قلبي دليلي قاللي حتحبي' وهي الأغنية التي ترددها حتى الآن الكثير من مطربات هذا الجيل كما قدمت فيلم 'خاتم سليمان' مع يحيى شاهين.
وفي عام 1948 قدمت مع أنور وجدي أيضا فيلم 'عنبر' وفيه غنت 'سألت عليه قالوا مسافر'. وفي سنة 1949 مثلت فيلم 'غزل البنات' الذي كان حدثا في عالم السينما المصرية إذ جمع بين العـــديد من فطاحل الفن في مقدمتهم نجم الكوميديا الأول في ذلك الزمن نجيب الريحاني ومحمد عبد الوهاب الذي غنى فيه 'عاشق الروح' ويوسف وهبي الذي قدم فيه دورا صغيرا لكنه مؤثر.
وكان هناك حشدا من أمهر الفنانين، سليمان بك نجيب ومحمود المليجي وغيرهما، كما ظهرت فيه هند رستم في مشهد واحد ضمن الفتيات اللاتي كن مع ليلى مراد وهي تغني 'اتمخطري واتمايلي يا خيل'.

كيف مثل الريحاني؟

وحكت ليلى مراد عن ظروف اشتراك العملاق نجيب الريحاني في الفيلم بقولها، انها التقت صدفة بنجيب في أسانسير عمارة الإيموبيليا وقال لها بالحرف الواحد: ياليلى نفسي أمثل معك فيلما قبل أن أموت، وجاءت الفرصة - تقول 'عندما قررنا انتاج فيلم 'غزل البنات' ومن غرائب الصدف أن يموت نجيب بعد الانتهاء من تصوير الفيلم ليكون آخر لقاء له مع الجماهير'.
وعيني بترف

ومن القصص التي تروى عن الفيلم ما حكاه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب عن لحن 'عيني بترف' فقال: ان كثيرين عارضوا في أن يكون الريحاني مغنيا - مع ليلى في هذه الأغنية لكنني أصريت على ذلك خاصة وأن الأغنية تعبيرية أكثر منها تطريبية ولنجيب تجارب عديدة في مثل هذه الأغنيات عندما كان يقدم على مسرحه أوبريتات غنائية فيها الكثير من الأغنيات التعبيرية والأداء المنغم 'ريستائيف' الذي كان الريحاني استاذا فيه، ونجحت الأغنية في الفيلم نجاحا كبيرا كما يقول عبد الوهاب، وفي نفس العام مثلت مع محمد فوزي فيلم المجنون.
في عام 1950 كان فيلمها 'شاطئ الغرام' مع حسين صدقي ومحسن سرحان واستيفان روستي وزكي إبراهيم، وتحية كاريوكا، وفي هذا الفيلم تم تصوير مناظر خلابة في مصيف مرسى مطروح، وفيه لمع اسم أحمد صدقي كملحن ممتاز في أغنية 'يا مسافر وناسي هواك'.
وهناك الصخرة التي غنت عليها ليلى 'المية والهوا' لا تزال موجودة في موقعها والذي يطلق عليه حتى اليوم، شاطئ الغرام وقد بنى نادي الزمالك مصيفه هناك في مقابل هذه الصخرة التي أصبحت مزارا لكل من يذهب إلى هذا المصيف الرائع.

حبيب الروح

وفي عام 1951 قدمت ليلى مراد مع أنور وجدي 'حبيب الروح' وقام بألحان الفيلم الموسيقار رياض السنباطي بعد خلاف دب بين موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وأنور وجدي وكان المفروض أن يقوم عبد الوهاب بالألحان.
وفي نفس الموسم قامت ببطولة 'آدم وحوا' مع حسين صدقي و'ورد الغرام' مع محمد فوزي.

إعادة من القلب للقلب

في سنة 1952 انتجت الفنانة آسيا فيلم 'من القلب للقلب' بطولة صباح وكمال الشناوي، بعد أن انتهى تصوير الفيلم وأصبح معدا للعرض احترق.
فكان لابد من إعادة التصوير بالكامل ويبدو أن صباح اعتذرت فجاءت ليلى مراد بطلة للفيلم وفيه شدت بعدة أغنيات رقيقة منها: 'طمني أنا مش عارفاك ولا عارفة المكتوب لي معاك'، و'من القلب للقلب رسول' وفي عام 1953 مثلت مع أنور وجدي 'بنت الأكابر' وشدت بأغنية 'يا رايحين للنبي الغالي' وقامت ببطولة 'سيدة القطار' مع يحيى شاهين.
ومعه مثلت ايضا فيلم 'الحياة الحب' في عام 1954 وكان آخر فيلم لها في السينما هو 'الحبيب المجهول' واعتزلت السينما بعد ذلك واختفت من الوسط الفني ولم تظهر فيه إلا قليلا.

1500 أغنية

وبعيدا عن الأفلام، أثرت ليلى مراد الحياة الفنية للأغنية بحوالي 1500 أغنية لم تسقط منها أغنية واحدة، وكانت بدايتها في الإذاعات الأهلية ثم مع الإذاعة المصرية بعد افتتاحها في سنة 1934، وبدأت الغناء بالأدوار القديمة التي كان والدها المطرب المعروف في العشرينات زكي مراد يرددها وكان معظمها أدوار من ألحان محمد عثمان وعبده الحامولي والخضراوي والشيخ المسلوب وغيرهم.
كان من ضمن من غنت لهم المطرب والملحن داوود حسني وكان داوود من اصدقاء والدها وفي نفس الوقت من طائفة اليهود المصريين الذين كان منها ايضا زكي مراد، واضافة إلى ترديد ليلى الأدوار التي لحنها داوود حسني ألف لها خصيصا عدة طقاطيق في بداية حياتها نالت نجاحا كبيرا منها: 'حيران ليه' و'بين القلوب'، ولحن لها معظم أساطين الفن عندنا، محمد عبد الوهاب والشيخ زكريا أحمد ومحمد القصبجي ورياض السنباطي ومحمد فوزي وأحمد صدقي وبليغ حمدي وغيرهم.

هي والطويل

لحن لها كمال الطويل أغنية يتيمة هي 'ليه خليتني أحبك لا تلومني ولا أعاتبك'، وغنتها في أحد أفلامها، وأراد الطويل أن يسجل الأغنية بحذف كلمة، لكن ليلى مراد رفضت وأصرت على أن يكون التسجيل بنفس الكلمات، وثارت مشكلة بين الاثنين قام بعدها الطويل بإعطاء الأغنية لنجاة الصغيرة بعد حذف الكلمة إياها، ثم كانت قطيعة فنية بين ليلى والطويل حتى رحلت السندريلا عن دنيانا.
وفي حديث إذاعي للطويل أكد أنه لم يندم في حياته كما ندم على قطع علاقته الفنية بليلى مراد من أجل خلاف بسيط وتافه كما قال، وفقد بذلك التعامل مع صوت ذهبي نادر الوجود.

[MUNIR MUNIRG]

في ذكرى رحيلها '2- 2' ليل مراد ورثت الصوت الجميل من والدها وجدّها وأجادت كل أنواع الغناء وبرعت في الاستعراضات الغنائية
القاهرة - 'القدس العربي' 19/12/2008- من عبد الفضيل طه: عندما نتحدث عن الراحلة العظيمة ليلى مراد، لابد وأن نعود لأسباب تفوقها الفني وقدرتها على تقديم أصعب الألحان، وبداية لابد من أن نذكر أنها كانت تملك صوتا ذهبيا ملائكيا طبيعيا مع قدرتها على تلوين هذا الصوت حسب اللحن فإذا كان مرحا فأنك تسمع الأغنية وكأنك ترى جمال الطبيعة وإذا كان حزينا فأنك تسمع وكأنك ترى السماء ملبدة بالغيوم وأبواب الآمال مغلقة تماما.
من النوع الأول من غنائها: 'اضحك كركر أوعى تفكر'، و'شفت منام'، و'اتمخطري واتمايلي يا خيل وارقصي' و'يا عرايس الليل' و'ياها العصفور'، وغيرها، ومن النوع الثاني، 'يا اللي غيابك حيرني'، و'يا قلبي مالي كده حيران'، 'حيرت أفكاري وياك'، 'أروح لمين بس يا ربي'، 'أشكي الزمان اللي غدر بي'، و'يا حبيب الروح فين أيامك'، و'يا حارمني حنانك'، 'رجع لي حنانك نسيني هوانك'، وكانت مطربتنا من المطربات اللاتي لهن باع طويل في الغناء الاستعراضي، 'اللي يقدر على قلبي يخطفه وأنا أعيش وياه' وقد اشترك معها في هذا التابلوه الراقص الغنائي كل من إسماعيل ياسين ومحمود شكوكو وعزيز عثمان والياس مؤدب 'ايلي مهذب ساسون اسمه الحقيقي' ثم استعراض 'الشاغل والمشغول' واستعراض 'شفت منام واحترت أنا فيه دلوقتي حا احكي لكم عليه'، واشترك معها بالغناء كورال للأطفال، كما غنت أغنيات راقصة اشترك معها فيها راقصون وراقصات أجانب ومصريون، وكانت الصالات في ذلك الوقت منتشرة بكثرة في مصر، بعضها يقدم 'الدانس الأفرنجي' وصالات عماد الدين تقدم الرقص الشرقي وأيضا الأجنبي، وكان رجال السينما في تلك الأيام يستعينون بالنجوم من هؤلاء الراقصين والراقصات في الاستعراضات الغنائية، وبرز من الراقصين في فترة الأربعينات هذه الشقيقان علي ومحمود رضا وعادل أدهم الذي اصبح نجما سينمائيا كبيرا بعد ذلك، كما كان هناك الكثير من الأجانب المتمصرين أذكر منهم روبير واليكس واستر التي كانت تملك صالة 'للدانس' في شارع أبو السباع 'جواد حسني حاليا' المهم، أن أنور وجدي مثله في ذلك مثل كل مخرجي تلك الفترة، كان يستعين بهؤلاء في الاستعراضات التي يقدمونها او في الاغنيات المصاحبة للرقص 'الدانس' في الأفلام، وقدمت ليلى مراد الكثير من هذه الأغنيات مثل، 'احنا الاثنين والعين في العين'، 'هنا قلبين' و'أسعد حبيبين' و'أنا قلبي دليلي قالي حتحبي'.

الوراثة في حياتها

كانت قدرتها الفنية الصوتية هي سبب أول في تفوقها الفني، أما السبب الثاني فهو البيئة الفنية التي عاشت فيها، فكان لها أثر كبير في صقل وتنمية مواهبها.
ولدت فنانتنا في يوم 17 شباط (فبراير) سنة 1916 بحي الظاهر لوالد كان فنانا معروفا مطربا من الطراز الأول هو زكي مراد الذي اشتهر بأداء أصعب الأدوار الغنائية كما عمل بالمسرح الغنائي وسجل العديد من الأسطوانات واشتهرت الطقطوقة الشعبية التي سجلها في عشرينات القرن الماضي وهي: 'حبيبي أسمر اللون.. حبيبي الأسمراني' و'الله حبيبي عيوني سود، فيها الكحل رباني'.
ولعل زكي مراد وشقيقه نسيم كانا قد ورثا الصوت الجميل من أبيهما المغربي المنشأ وهو مردخاي أصولين الذي كان من تجار المغرب وفي نفس الوقت كان حزانا في المعبد اليهودي بالدار البيضاء أي مرتلا دينيا في الصلوات اليهودية، وكان زكي ثمرة لزواج مردخاي وله من الأخوة مائير وشوعا وفورنتين ونسيم ولم يرث الفن من هؤلاء سوى زكي ونسيم.
الأول، اشتهر في مصر كما قلنا والثاني هاجر إلى البرازيل حيث عمل بالفن هناك.

زكي في مصر

هاجر زكي مراد ونسيم الى مصر، وفي القاهرة تعرف على أسرة يهودية من حلب في سورية وتزوج من ابنتها وهي جميلة أم ليلى مراد وأنجب الوالدان بجوار ليلى أو 'ليلي' وهو اسمها الأصلي انجبا إبراهيم ومراد وموريس الذي غير اسمه بعد إسلامه إلى منير وهو الموسيقار المصري ذائع الصيت وملكة وسميحة والحقيقة ان كل هؤلاء ورثوا الصوت الجميل لكن لم يعمل بالفن منهم سوى ملكة وسميحة ومنير، ملكة اعتزلت مبكرا وسميحة كان لها وجودها الفني وقامت بدور البطولة في فيلم واحد هو 'طيش الشباب'، هاجرت بعد ذلك الى الولايات المتحدة ولم نعد نسمع عنها شيئا.
إذن هذه هي البيئة التي ولدت فيها ليلى مراد، أسرة تملك الحس الفني بالوراثة، والدها كان من أساطين المطربين في عصره ولم يكن يقل شهرة عن معاصريه من أمثال سالم العجوز وصالح عبدالحي ومحمد نجيب وغيرهم، وكان منزل الأسرة في حي الظاهر يستقبل العديد من كبار الفنانين مثل، صالح عبدالحي والشيخ زكريا أحمد ومحمد القصبجي وداود حسني، وغيرهم كثيرون، وعندما نستعرض أسماء اصدقاء والدها نجد كل واحد منهم له دوره الذي لا ينكر في دنيا موسيقانا العربية، زكريا أحمد كان تلميذا نجيبا لمدرسة المشايخ حافظ على نقاء النغمة المصرية حتى آخر يوم في حياته، أما محمد القصبجي فقد كان من الموسيقيين المجددين وهو دارس بعمق لموسيقى العالم الكلاسيكية والشعبية ايضا وقد كان هو الذي طور من صياغة المونولوج في الغناء المصري وكانت البداية في ان كنت أسامح وأنسى الأسية لسيدة الغناء العربي أم كلثوم رغم أن سيد درويش كان هو أول من صاغ أغنية من قالب المونولوج منها 'والله تستاهل يا قلبي'، و' يا اللي تحب الورد.. الورد هجرته ليه' وفهم داوود حسني الذي قدم أوبرا مصرية خالصة، 'شمشون ودليلة'.
كانت هذه الصحبة تجتمع في منزل أحدهم كل يوم، يوم يكون اللقاء في منزل زكي مراد، تدور المناقشات حول الموسيقى ثم يتبادل الجميع الغناء، وكانت الصغيرة 'ليلي' تسمع وتحفظ وتستوعب وبعد أن ينفض السامر تغني ما سمعته بإتقان كامل، وذات يوم سمعها والدها ففوجئ بأنها تملك صوتا ملائكيا ولأنه فنان فقد طلب من أصدقائه الفنانين سماع ابنته 'ليلي'، غنت الفتاة الصغيرة فأبدعت وسلبت لب أساطين الفن، وجد فيها كل من محمد القصبجي وداوود حسني كنزا فنيا عظيما، وكان للقصبجي فضل تقديمها لشركة بيضافون بشارع الموسكي لتسجل عشر أغنيات من ألحانه ما بين طقطوقة ومونولوج كما لحن لها داوود حسني أكثر من دور وطقطوقة ليكون انطلاقها بعد ذلك مدويا ورغم صغر سنها فقد استطاعت أن تجد لها مكانا وسط مطربات ذلك العهد مثل، أم كلثوم التي كانت قد تربعت بالفعل على عرش الغناء ومطربة العواطف ملك وسلطانة الطرب منيرة المهدية وحياة محمد ونجاة علي وغيرهن.
وكانت ليلى خفيفة الظل والدم مرحة فوجد فيها محمد عبدالوهاب ضالته التي يبحث عنها كبطلة لفيلم 'يحيا الحب' الذي كان بداية انطلاقها في عالم السينما.
قلنا أن ليلى مراد اشتهرت بخفة الروح والدم وكانت، بنت نكتة، كما نقول أي أنها تجيد إلقاء الطرفة في أي تجمع وكثيرا ما كان يجمع الفنانين سهرات وليالي في منزل أحدهم أو في منزل كبار الصحافيين في أربعينات القرن الماضي، وفي احدى سهرات منزل الصحافي الكبير محمد التابعي والتي قام بتسجيلها وإهدائها للإذاعة المصرية غنت ليلى مراد مع زكريا أحمد دورا من الحان زكريا أحمد وغنى ايضاً أنور وجدي الذي نال الكثير من النكات لعدم صلاحية صوته للغناء كما غنت تحية كاريوكا.
وعندما طلبوا من ليلى مراد أن تغني لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وكان ضمن الحاضرين داعبته بأغنية تقول فيها: 'عبدالوهاب، عبدالوهاب لابس قبقاب' على لحن شعبي مشهور في أربعينات القرن الماضي وهو 'سلم عليّ... لما قابلني وسلم عليّ' وقد أذاعت الإذاعة المصرية هذا التسجيل النادر والذي تم في أواخر الأربعينات من القرن الماضي في منزل التابعي كما قلنا وكانت سهرة جمعت الكثير من أهل الفن.

أسرة متماسكة

وليلى مراد من أسرة متماسكة، وكانت هي بعد وفاة والدها ربة البيت رغم أنها لم تكن الأكبر، احتضنت أخوتها فكان أصغرها مدير أعمالها والمتصرف في شؤونها حتى توفي وهو في عزّ الشباب وقد ترك في قلبها جرحا لم يندمل حتى وفاتها.
وكثيرا ما كانت تذكره وهي تبكي، كما عاشت معها أختها ملك حتى رحلت عن دنيانا قبل رحيل مطربتنا بشهور قليلة، أما منير وكان المصاحب لها في تاريخها الفني، فقد عمل مساعدا للإخراج مع زوجها أنور وجدي ثم تحول الى عالم الموسيقى ملحنا ومغنيا ليكون واحدا من ألمع الملحنين في خمسينات القرن الماضي وله عشرات الألحان الناجحة خاصة المرحة التي غنتها الفنانة المعتزلة شادية، كما قام منير بتمثيل دور البطولة في أكثر من فيلم، واشتهر بغناء الطقاطيق الخفيفة مثل تقليد الفنانين - وأشهر منير إسلامه وتزوج من الفنانة سهير البابلي ورحل قبل شقيقته بسنوات.

إسلامها

أشهرت ليلى مراد إسلامها سنة 1946 وكان السبب في ذلك دروس الدين التي كانت تسمعها من الشيخ محمود أبو العيون وفي أواخر أيامها كانت جلساتها الدينية مع الشيخ محمد متولي الشعراوي وظلت تؤدي فرائض دينها الإسلامي حتى انتقلت الى رحمة الله، لكن الإشاعات لاحقتها بعد موتها وقالوا انها ماتت على اليهودية وهو قول غير حقيقي تماما كما أشاعوا عنها يوما أنها تبرعت لإسرائيل وكانت شائعة مقصود بها تدميرها فنيا لكنها استطاعت أن تثبت براءتها واعتزازها بمصريتها وإسلامها. تزوجت الفنانة الراحلة ثلاث مرات الأول، كان الفنان أنور وجدي والثاني وجيه أباظة الذي رزقت منه بأبنها أشرف محمد وجيه وهو الآن مدير لواحد من أكبر فنادق مصر ثم تزوجت بعد ذلك المخرج فطين عبدالوهاب ورزقت منه بابنها زكي المخرج السينمائي المعروف حاليا.
وعاشت فنانتنا مسلمة راضية بقضاء الله وقدره رغم كل ما أشاعه المغرضون عنها حتى انتقلت إلى دار البقاء يوم 21 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1995 رحمها الله.

[سلوى خزبك]

الله يكرمك على هذه النبذة الجامعة الشاملة عن مطربة ارق من النسيم ولا اعتقد ان هناك من لا يحب فنها فجميع اغانيها فى قلوبنا ولم نشعر يوما انها غير مناسبة للزمن الذى نعيشه الان فالصغير والكبير يشعر بقربها من ذوقه

[waleed alrashed]

ولدت المرحومه ليليان زكى مراد المعروفه باسم ليلى مراد فى 17/2/1918 وهى اخت لخمسة اشقاء هم
مراد,ابراهيم,منير,ملك,سميحه وجميعهم ماتوا عدا سميحه . اعتزلت الفن فى 1958 وعادت للغناء باغنية العيش والملح
المصدر: موسوعة الغناء فى مصر للاستاذ محمد قابيل (صفحه259)