طال الموح
كلمات الشاعر الغنائى الكبير الأستاذ / محمد حقيق رحمه الله
ألحان الموسيقار / عبد الرحمن قنيوة
أداء الفنان/ خالد الزواوى
توزيع الفنان/ إبراهيم عمر
تحليل رائعة طال الموح
بقلم الأستاذ / الهادى محمد حقيق
يبدأ سيدي عبد الرحمن الأغنية بمقدمة موسيقية تبدأ اولا حرة منسابة دونما ضوابط من إيقاع وكأنها تقديم مرسل عام للكلمات وللفكرة وللروح .. لترافق لاحقا إيقاعا عريضا واسعا يريد إحتواء كل الوطن وتفاصيله .. مصحوبا بجمل موسيقية مختارة بعناية تليق بمكانة الوطن ومحبته في القلب .. موسيقى فخمة لكنها غير إحتفالية وغير فرحة .. وكأنما أراد الموسيقار لها أن تصبّ بالكامل في خدمة فكرة وكلمات وإحساس الأغنية من حيث أنها تتحدث عن الغربة والبعد والشوق للرجوع للوطن الحبيب .. بل أنه يؤكد على هذا الإحساس بالحنين من خلال أفرده لإحدى جمل المقدمة الموسيقية إبرازا خاصا من حيث عزفها بصولو من قبل آلة الناي ليعمّق من الإحساس بالحنين في نغمات وموسيقى المقدمة. وبعد أن يتجوّل بنا الأستاذ الموسيقار عبد الرحمن قنّيوه في مقدمته الموسيقية الشرقية الرائعة والتي تشير بوضوح إلى إمكانيات ملحّن شرقي خبير بدروب روح المقامية العربية الشرقية العريقة .. يتوجّه للعناية بإبراز الهويّة المحلية الخاصة بهذا الوطن الذي يتغنّى به .. وهل هناك أكثر خصوصية وتميّز وتفرّد من الإيقاع الليبي (العتبي) ليخبر السامعين بأن الوطن المعني هنا في هذه الكلمات وإن لم يذكر صراحة هو الحبيبة ليبيا .. وتبدأ الجمل الموسيقية هي الأخرى في المحلية فيبدأ السنكوب المشهورة به الموسيقى الليبية وتبدأ الجمل الموسيقية القصيرة الليبية المعهودة .. ولكنها ليست ذات الموسيقى الليبية الشعبية التي يتوجّه صوبها بعض الملحنين .. الموسيقى الليبية عند الموسيقار عبد الرحمن قنّيوة موسيقى تأخذ من التراث الموسيقي الليبي الشعبي ولكنها موسيقى مثقّفة .. أخذت من رصيد الموسيقى الشرقية الكثير لتصبح أكثر حداثة وأكثر قدرة على السير والإنتشار على مدى الوطن العربي لتقنع وتطرب وتوصل رسالتها الليبية مغلفة بمعرفة موسيقية شرقية واسعة .. وبأفق واسع يجعل من المادة المحلية مادة عربية بل وعالمية. ومنذ البدء مع المغنى تظهر وبوضوح قدرة الموسيقار قنّيوه على تفسير الكلمة بالموسيقى لتخبر السامع أن الملحّن هو في الحقيقة كاتب ثان للأغنية يحسّ بأدقّ أحاسيسها .. وفيما يبدع الكاتب بالكلمة ليشرح إحساسه بالمعنى فإن الملحن يبدع بالجملة الموسيقية الموضحة والشارحة والمتماشية مع مشاعر إيماءات الكلمة ومراميها .. فحتى يظهر لنا الأستاذ عبد الرحمن الفترة الزمنية الطويلة التي قضاها ذلك المتغرّب بعيدا عن الوطن فإنه يفسح لكلمة (طال الموح) ما يقارب الأربع ميزورات للدلالة على ذلك الطول موسيقيا .. وهو قريب لما قام به ملحن إحدى أغاني السيدة أم كلثوم في تفسيره لكلمة ( من زمان طال إنتظاري ) وأيضا ما قام إبن الموسيقار الفنّان الملحّن محمد قنّيوه في لحنه الجميل حول الوطن أيضا عندما أراد التعبير عن القدم . ويتابع الموسيقار قنّيوه إبداعه في هذه الأغنية في تخيّر أن تكون موسيقى ميلودي دعوة الغريب للرجوع لوطنه موسيقى هادئة غير آمرة ولا متعالية .. وإنما هي موسيقى نابعة من محب للوطن وله (للغريب) .. الحقيقة يمكن كتابة الكثير عندما تقتفي آثار مبدع أصيل صادق محب كالأستاذ الموسيقار عبد الرحمن قنّيوه .. ولكنني أكتفي بما ذكرت من بعض الأحاسيس التي جالت بخاطري وانا اعيد الإستماع للأغنية التي تشرفنا بعرضها في الخيمة الغنائية بالقاهرة والتي جذبت إلينا الأنظار من الفنانين والفنيين العرب الموجودين في الإحتفائية .. بجودتها وعمقها وجميل بنائها ورصانتها ورسالتها السامية .
بارك الله فيك أخي محمد على إدراج هذه الأغنية التي لم اجدها منذ أيام الخيمة ، وحفظ الله أستاذنا الموسيقار الكبير عبد الرحمن قنّيوه .. المبدع في صمت .. والمحبّ في صمت .. والرائع في صمت !! .. ربي يحفظه ويطوّلنا في عمره ..
بالطبع كاتب الأغنية .. حياة والدي رحمه الله .. والمطرب الفنّان خالد الزواوي .. والموزّع الرائع إبراهيم عمر كانت لهم بصماتهم المميزة في هذا العمل .. ولكنني أحببت في هذا المساء أن أتحدث على سيدي عبد الرحمن .. وإبداعات سيدي عبد الرحمن .. حفظه الله ورعاه