حقائق عن التكريم العالمي للموسيقار فريد الأطرش
منذ مدة تدورعلى الشبكة مجموعة معلومات عن التكريم العالمي للموسيقار فريد الأطرش ، تلقفها محبوه ونشروها على نطاق واسع دون التثبت من حقيقتها ومداها . شخصيا قرأت هذه المعلومات لأول مرة في ديسمبر 1987 في مقالة نشرها الصحفي فوميل لبيب في مجلة الشبكة بمناسبة الذكرى 13 لرحيل الموسيقار وكان الصحفي الراحل نفسه قد استقاها من نشرات لجمعية محبي فريد الأطرش بالإسكندرية التي كان يرأسها إبراهيم أرسلان .
تتبعت حقيقة بعض من هذه المعلومات ووقفت على مجموعة من الحقائق إرتأيت رفعها في هذه الصفحة المخصصة لتمييز الحقيقي عن الأسطوري في سيرة وفن الموسيقار فريد الأطرش
1- ميدالية الخلود الفني من فرنسا
ورد في أكثر من مصدر أن فرنسا منحت فريد الأطرش ميدالية اسمها ميدالية الخلود الفني لم ينلها إلا ثلاثة موسيقيين في العالم هم بيتهوفن وموزارت و شوبان ، بحثت عن هذا الوسام في قاعدة البيانات المخصصة للأوسمة الممنوحة من طرف الدولة الفرنسية في الميدانين المدني والعسكري فلم أجد له أثر وبمناسبة زيارتي لباريس في يوليوز الماضي زرت المتحف الوطني الفرنسي للنايشين والأوسمة
Musée National de la Légion d'honneur et des ordres de chevalerie
ولم أقف على أية إشارة لهذه الميدالية ، ثم علمت أن الدولة الفرنسية لا تمنح في مجال الفنون والآداب إلا وساما وحيدا تمنحه وزارة الثقافة الفرنسية هو وسام الآداب والفنون من ثلاث درجات : قائد / ضابط / فارس ، أشهر من ناله من العرب المطربة فيروز التي نالت وسام الفنون والآداب من درجة قائد سنة 1988 ونالت نفس الوسام من درجة ضابط سنة 1998 ، بعد البحث في أرشيف بعض المجلات الفنية الصادرة في السبعينات تبين أن الميدالية التي نالها فريد هي ميدالية الخلود الفني التي تمنحها جمعية الملحنين والمؤلفين وناشري الموسيقى بباريس ، وهي ميدالية تذكارية التي وإن شكلت اعترافا من هيئة غير حكومية أجنبية بفريد الأطرش ، فإنها لا تعني الشيء الكثير من منظور التقدير الموسيقي ، وحتى ما يقال إن فريد هوالعربي الوحيد الذي نال هذا الوسام الرفيع تبقى مسألة في الميزان بعد أن ذكرت بعض المصادر أن الموسيقار محمد عبد الوهاب نفسه نال نفس الميدالية عام 1978 بعد سنوات من وفاة فريد الأطرش .
2- نشر أعمال فريد الأطرش في الموسوعة الفرنسية
ذكر أكثر من مصدر سواء من الكتب والمجلات أو المقالات على الشبكة أن أعمال فريد الأطرش نشرت في الموسوعة الفرنسية l'Encyclopédie française ، أحببت التثبت من هذه المسألة فقصدت المكتبة الوطنية الفرنسية خلال زيارتي الأخيرة لباريس وصرفت نصف يوم وأنا أبحث في الجناح X من المكتبة المذكورة الذي يضم كل الموسوعات الفرنسية منذ القرن 18 إلى اليوم ، ووجدت أنه لا أثرلإسم فريد الأطرش في فهارس الموسوعة الشهيرة ب لنسكلوبدي فرنسيز التي توقفت عن الصدور سنة 1966 ولا في الموسوعات اللاحقة كموسوعة لاروس وغيرها ، والطريف في الأمر كله أنني توقفت على أن كثير من هذه الموسوعات وثقت لأعلام عرب أقل شهرة من فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم وبذلك سقط الاستدلال بهذه الموسوعات التي يتشدق بها طالبو الاعتراف من الغرب ، لكن هذا لا يمنع أن فريد نشرت أعماله في أوائل السبعينات في إحدى دوريات جمعية الملحنين والمؤلفين وناشري الموسيقى بباريس وهذه مسألة أخرى غير ذات أهمية كبيرة على إعتبارأن فريد حين صدرت هذه الدورية كان معروفا في فرنسا بما فيه الكفاية بسبب نجاح أسطوانة مايا كازابيانكا يا جميل و توزيعات فرانك بورسيل لبعض أعماله من خلال أسطوانة فسيفساء الشرق ثم حصوله نظير كل ذلك على الآف الفرنكات كحقوق الأداء العلني من الجمعية مصدرة الدورية نفسها ، وكانت ستكون لهذه العملية قيمتها الكبيرة لو نشرت أعمال فريد في مصر قبل تقديمها في فرنسا .
3- جائزة أعظم عازف عود في العالم من تركيا 1962
في النقاشات حول موقع فريد الأطرش بين أقرانه من عازفي العود الكبار، عادة ما يستدل عشاقه بهذه الجائزة للقول بتفوقه على الجميع ، لكنني أعتقد أن هذه الجائزة يجب أن ينظر إليها كجائزة تذكارية ورمزية منحت لفريد تقديرا لعبقريته في العزف على العود لا تفضيلا له على الآخرين لأن منطق الأمور يقتضي امتحان الجميع في مسابقة عامة وأمام لجنة مختصة ، وقد سبقني لمناقشة هذه المسألة المايسترو سليم سحاب في مقالته المثيرة للجدل فريد الأطرش رؤية أخرى حين أكد :
بالنسبة لهذه الجائزة أعتقد أن جائزة أحسن عازف عود قد منحت لفريد الأطرش فى تركيا، دون حاجة اللجنة للاستماع إلى أي عازف آخر...فمن هى هذه اللجنة التركية، وما هو المستوى الأكاديمى الذى تستند إليه لمنح مثل هذه الألقاب والجوائز؟ ومتى عقدت هذه المسابقة ؟ وما هى وقائعها الحقيقية؟
ما أود أن أخلص إليه من كل ما تقدم أننا كعشاق للموسيقى الشرفية لا ينبغي لنا أن نقيس اقتدار وعبقرية مبدعينا باعتراف الغرب أو تجاهله والدليل أن بعضا من هذه التقديرات أثبت الزمن أننا أعطيناها أكثرمن حجمها الحقيقي ، فلقد أقيمت الدنيا ولم تقعد حين نال عبد الوهاب الأسطوانة البلاتينية من الشركة البريطانية EMI والدين بالغوا في تقديرهذا الاعتراف أصيبوا بالإحباط حين نال عمرو دياب نفس الجائزة لا لاعتبارات فنية بحتة وإنما لتحقيقه أرقام قياسية في التوزيع ، رياض السنباطي منحته منظمة اليونيسكو جائزة موسيقي العالم سنة 1976 ، لكن هذه الجائزة لم تعرف بالسنباطي في العالم أكثر مما عرف به عمل اسمه الأطلال أبدعه شاعر اسمه إبراهيم ناجي وغنته مطربة الشرق الأولى أم كلثوم .