اثر نزولى من ( الميكروباظ ) الذى أشجانى سائقه بشرشحة مطربة
الأفراح و الليالى الملاح الست ( عديلة أم شفة ) .. و رغم شعورى بزلزلة فى
( اليافوخ ) و ( زنة ) متواصلة و ملحة فى قاع أذنى اليمنى .. الا أننى توجهت
الى عملى بنشاط وحيوية و بشاشة يحسدنى عليها البعض ..
و ما ان ألقيت تحية الصباح على زملاء المهنة .. حتى نما الى سمعى من ( ترانزستور )
الزميلة الفاضلة ( فيفى ) أغنية ( الجميز الجميز الجميز )..
استسلمت للأمر خانعا خاضعا أمام ( انشكاح ) الأخوة الزملاء و الزميلات
بدرة العصر من الشدو و الطرب .. حتى أننى لمحت ( بعين متلصصة و خبيرة )
احدى الزميلات الفضليات تهتز طربا ( لا أقصد الاهتزاز الوجدانى بالطبع )
و كعادتى ( طنشت ) مكتفيا بالروح الساخرة الكامنة فى عقلى الباطن..
مرددا فى منولوج داخلى ( هأأو... وانتو تفهموا ايه فى الغنا .. كلها كام ساعة
و أدخل منتدى سماعى .. و أعيش عيشة الملوك مع الفن .. و آهو بالمرة أنضف
ودانى = كانت ما تزال تزن = من العك والقرف المنتشر كانتشار الكيماوى فى
الطعام )
لم يتوقف ترانزستور الأخت ( فيفى ) عن قذف أذنى مباشرة و بالحاح يفوق
الحاح المذنب التائب بالدعاء الى الله بالمغفرة .. أخذ ( المطرب الخارق ) يبخ فى
نافوخى آخر صيحات الدلع و اللوع .. تلاه المطرب العملاق الذى وصل أجره
فى الليلة الى ما يعادل مرتبى المسكين فى عشرين عاما ..معاتبا حبيبته الخاينة
و محيطا اياها علما انه مش حايسكت على عملتها السودا ..
ساعتها اسودت الدنيا فى وجهى بسبب أذنى اللعينة .. أذنى المرفهة و ذوقى الذى
لا يتناسب و حداثة العصر و الاتجاهات الجديدة فى الغناء .. العيب منى لا محالة
وسائلت نفسى ( ماله المطرب كوكو المتغندر .. ألا تتساقط البنات المزز تحت
أقدامه فى الحفلات التى يحييها .. و ماله شاهنشاه الأغنية الفنان المغرد سوسو بؤة
ألم يقر النقاد بأنه رائد الغنوة الشبابية ؟!.. و مالها فوفو المتسنكحة !! ألا يتهافت
الشباب على ألبومها الجديد كتهافت قوى الشعب العامل على الرغيف أبو شلن ؟!
كيف استغلق على أمثالى مثلا أن الشكل لا ينفصل عن الموضوع فى الأغانى
المعاصرة .. و أن مفاتن المطربة الدلوعة تدخل فى نسيج العمل .. و أن سبسبة
شعر المطرب المتفرد ولى عهد الطرب لولو آيياه لا ينفصم بأى حال عن سياق البعد
الدرامى لروائعه الفتاكة ..
كظمت غيظى تجاه عدوانية الزميلة الفاضلة ( فيفى ) و هى عدوانية غير مقصودة على أى
حال.. و اكتفيت بالقاء واحدة من
الجمل الغامضة التى يحلو لى اسماعها للغير على سبيل السخرية المريرة (أخبرتكم
عن نزعتى الساخرة تلك قبل قليل ) .. استحضرت (تون) الحكمة فى أحبالى الصوتية
قائلا :
تعرفى يا أخت فيفى ان البنى آدم مننا ممكن يغمض عينه لكن مش ممكن يغمض ودنه ..
أدهشنى ردها السريع وكأنه جاهز مسبقا ( سد ودانك يا أستاذ ) ..
بالطبع تلا هذا الرد ضحكات مجلجلة تفاوتت ايقاعاتها بين القرار والجواب
و شعرت اننى وحيد منبوذ مرفوض مأفون ( حلوة مأفون دى )
بلعت الرد البليغ بابتسامة ساخرة مشفقة على الجهل و السلبية و فقدان ذائقة
الانتقاء !
أما أثناء عودتى فى رحلة ( الميكروباظ ) اليومية .. فقد أتحفنى ( عفريت الأسفلت )
بتحفة من تحف الأغانى المعاصرة لمطربة مجهولة ( الجهل منى بالطبع ) ..
أخذت المغنية المجهولة تردد :
المطربة : أصل انت غاوى شك
الكورس : شك شك شك شك
المطربة : دانا كلى يا روحى لك
الكورس : لك لك لك لك
المطربة : وانا قلبى تك تك
الكورس : تك تك تك تك
و بينما الأغنية ( السنتمنتالية ) تتصاعد فى أفق ( الميكروباظ )
صعد صوت أحد الركاب من خلفى مباشرة : الله ينور يا اسطى
أخيرا وصلت الى الحى الذى أسكنه .. و هبطت (أو قل فررت ) من المستطيل
الحديدى المسمى ميكروباس .. و قبل أن أدلف الى البيت .. مررت على حانوت
( حلوة حانوت دى ) عم صالح البقال لشراء بعض حاجيات البيت .. و بينما
ألقى عليه تحية الاسلام كان منشغلا عنى تماما و محدقا فى التلفاز مما أضفى
على ملامحه بلاهة مضاعفة .. أخذت أهزه من كتفه و كأنما أتأكد أنه ما زال
على قيد الحياة ( عم صالح .. ياااا عم صالح ) لم يدر وجهه عن الشاشة الفضية
قائلا باستهانة : أهلا يا أستاذ
استمحت للحاج صالح كل الأعذار حين التفتت الى الشاشة الفضية .. بينما كانت
( المزة ) صاروخ الغناء و سمهرية الطرب تتمايل و تتغنج بكلمات لم أعيها للتو ..
وقفت مشدوها بدورى بمحاذاة عم صالح متأملا فى الساقين اللتين كادتا ( حلوة كادتا )
أن تنكشفا تماما لولا ستر ربنا ..
لليوم العادى جدا بقية
الأسماء المذكورة محض خيال (الواقع ألعن )
__________________
شاء اللي شاء ،، و اللي داء ،، مِـن وَردِة الشـِّفة
نـَـهَـل نـبـيـذ لاِشـْـتِيـاء ،، نهـــرِين ،، و لـَم كـَـفـَّىَ
شـَـهَـقْ شـُعاع خِصرَهَا ،، سَرْسِـب نـَدَى مَصْهـور
وِ فْ كلّ سَـرسوب شُـعاع ،، مَـلايكة مُصْـطـَـفـَّــة
يا تـراب و مخلوط بماء ،، إزاى غـَوِيـت النـُّـــور
يـِفـُــــــــــور علـى سِحــرَها ،، و فِــيها يـِتخـَـفـَّـىَ
كمال