الملاك النائم

[فاتنة]

اللمـــلاك النــــائم


حان موعد انطلاق القطار في رحلته..يصعد الراكبون حاملين أمتعتهم الثقيلة مرافقين لأولادهم..
الكل يبحث عن مقاعد للجلوس..وسط زحمه الناس وأحاديثهم اللامتناهيه ..

يصعد عصام إلى ألعربه بقامته الطويلة والممشوقة..مثيرا انتباه الناس من حوله..وصل متأخرا فجميع المقاعد مملوئة بالناس..
احتار أي مكان يجلس فيه..توجه إلى العربة الأخيرة فوجد مقعدا شاغرا حيث تجلس الآنسة عبير..جلس أمامها محافظا على صمته..
متأملا ملامحها البريئة..بينما كانت تغط في نوم عميق..ووجهها مائلا إلى النفاذة التي بقربها..

تناول عصام دفتر رسوماته الصغير من محفظته..هذا الدفتر الذي طالما رافقه في رحلاته الطويلة..
رسوماته كانت معبرة..تملئها الصفحات بالوجوه والابتسامات..صور عديدة لأطفال يلعبون..ونساء في مختلف الأعمار..
امسك قلمه الأسود بخفه يده..وبدا يرسم خطوطه بإتقان..
إلى أن اكتملت الصورة كما أراد بكل ملامحها الجميلة..

كان المطر غزيرا في الخارج..مما أدى لإيقاظ عبير صاحبه الوجه النائم كما أطلق عليها صاحب الصورة.

تنظر إليه باستغراب متسائلة عن سبب تحديقه إليها..هل هو على معرفه بها من ذي قبل أم ماذا؟!..

عصام:أسف على تدخلي..فضولي جعلني أرسمك على دفتري..
عبير(تنظر إليه بأستغراب أكثر):هذا غير معقول..!كيف تسمح لنفسك أن تقوم برسمي بدون أن تعلمني..!!

عصام: معذرة يا سيدتي..فضول الفنان يمنعه من اخذ رأي الآخرين غالبا..فأول ما يقع نظرة على الصورة التي أمامه..ينسى كل شيء من حوله!
رأيت وجهك يبتسم لأوراقي ..فأغراني القلم متوسلا أن أطبع صورتك على الدفتر الأبيض..

عبير:وبعد أن اكتملت صورتي..أتسمح لي برؤيتها؟

عصام:تفضلي وأتمنى أن تنال إعجابك.

عبير(تنظر إلى الصورة فترتسم ابتسامه مشعه على وجهها):أنت فنان بارع..كيف استطعت رسمي بإتقان!

عصام:من يحب الفن ويسعى إليه..لا بد أن يتقنه..وخاصة إذا كانت امامة لوحة تنسجم مع الفن..وتتألق بين الصفحات..

عبير(تحمر وجنتاها خجلا ):أشكرك على المجاملة.

تمضي ساعة وهما يتعارفان على بعضهما..بأحاديثهم المتنوعة..يعجب بكلامها وتسحره ابتسامتها ..

يقف القطار في المحطة الثانية فينزل الركاب وراء بعضهم..ويبقى جزء آخر منتظرا للمحطة التالية..

يلاحظ عصام خاتم فضي في يد عبير..يثيره الفضول قائلا
_هل لي بسؤال شخصي إن كنت لا تمانعين؟

_تفضل..!

_هل أنت مرتبطة بشخص ما؟

_نعم أنا مرتبطة بأحد الضباط العسكريين..
لحظة صمت..تجعل كل منهما متأملا حبات المطر الهاطلة من وراء النافذة..
خاب أمله..عندما علم بخطوبتها..ربما تكون هي من يبحث عنها..لعله يجدها في حاله وزمن آخر..!

يقف القطار في المحطة الأخيرة..فيزل الركاب جميعهم..
حان وقت الوداع ..مد يده مصافحا إياها متمنيا لها بحياة سعيدة هانئة..

ينظر إليها كثيرا ..فتغيب عن أعينه وسط حشد كثير من الناس..تغيب تماما..يخرج صورتها من محفظته مخاطبا نفسه:ليتني التقيت بها من قبل ..لكنت ألان في كامل سعادتي وهيامي..!

أحيانا كثيرة يأتي القدر بعكس ما تتمناه النفس..
يسير ببطء شارد الذهن..متأملا لعله يجد من يبحث عنها ..
عندما يرسل له القدر رسالة موعودة بابتسامه وحب قريب..