نجوم الأغنية الواحدة في المغرب بعضهم مات وبعضهم تقاعد وبعضهم يعاند مكر الأيام
ينفرد المغرب بظاهرة فنية يمكن تسميتها بـ«نجوم الاغنية الواحدة». مغنون اشتهروا في اول المشوار بقطعة واحدة لفتت اليهم الانظار، وظلوا أسرى لها طيلة حياتهم الفنية.
البعض تقاعد، البعض انتقل الى رحمة الله بعد كفاح فني طويل والبعض انسحب من دائرة الاضواء بفعل اليأس، والبعض مازال يعاند مكر الايام، املا في تصحيح المسار... والنماذج والاسماء كثيرة..
المطرب المعطي بنقاسم، رغم انه من رواد الاغنية المغربية الاوائل، بقي سجين اغنية واحدة هي «علاش ياغزالي» التي يطلبها منه الجمهور في كل سهرة، اضافة الى اغنية ثانية هي «بنت المدينة» مع العلم ان له رصيدا محترما من الاغاني.
مطرب آخر هو الحبيب الادريسي بزغ نجمه في السبعينات، بأغنية «مابقيت عندي في البال» ولم يستطع الافلات من قبضتها رغم كل الجهود التي بذلها وذلك باقتحامه لمجال التلحين.
والمطرب عبد المنعم الجامعي الذي بدأ مسيرته الفنية متأثرا بعبد الحليم حافظ، قبل ان ينحت لنفسه ملامح شخصيته الخاصة، لا يذكر له جمهور المستمعين الا اغنية «جاء في الميعاد» واغنية «على كل حال» فقط..؟
ولعل المطرب انور حكيم هو الاسوأ حظا، فلقد كانت بدايته مشجعة، لاسيما انه يملك صوتا رأى فيه الكثيرون يوم انطلاقته منافسا حقيقيا لصوت المطرب عبد الهادي بلخياط، ولكنه هو الآخر سرعان ما توارى الى الظل، باغنية «الناعورة» واكتفى بعمله كمنشط للبرامج في اذاعة الدار البيضاء.
والمطرب حميد شكري، هو الآخر، لا يقل صوته قوة ودفئا، وكانت تأشيرة دخوله الوسط الغنائي هي اغنية «رماني الزين»، بعدها سجل العديد من الاغاني الجميلة مثل «على شطك يابحر».
ولا أحد من المستمعين او المشاهدين في المغرب في مقدوره ان يتذكر اغنية ثانية للمطرب عبد الحي الصقلي غير اغنية «عندما تحدثتي عيناك» وهو الآخر من المطربين قليلي الحظ، وله غزارة في الانتاج الغنائي، يا «خطاطين ارمال» مثلا من احلى اغانيه.
وتتعدد الاسماء والامثلة والتجارب وتطول اللائحة لفنانين كرسوا عمرهم لخدمة الاغنية المغربية، وقدموا الكثير ولم يقطفوا ثمار اتعابهم إلا من خلال اغنية او اثنتين على الاكثر:
ـ الفنان احمد جبران، واغنية «انا مبيدي مانعمل».
ـ الفنان الراحل ادريس وكواكو، واغنية «عملت غلطة فعمري».
ـ الفنان مصطفى التسولي واغنية «يالسامع صوتي».
ـ والفنان محمد العربي العوامي واغنية «امي يا امي». «وبابا يا الف حجاب..».
ـ الفنان محمد المزكلدي واغنية «لعروسة».
ـ الفنان البشير عبده، واغنية «كلنا رجال..».
ـ الفنان محمد علي واغنية «رفيقتي..».
ـ الفنان احمد الغرباوي واغنية «ملهمتي» و.. «اماه».
وكل هؤلاء وغيرهم لا تنقصهم المواهب والامكانيات الفنية. فهل الاسباب تعود الى الظروف، او المناخ الفني العام، او الحظ، او غياب الذكاء الفني عند البعض؟ ام ان الموضوع برمته يرتبط بعجز اجهزة الاعلام عن القيام بمهمتها في ربط جسور التواصل بين الفنان والمتلقي؟
الفنان عبد العاطي امنا، رئيس الاوركسترا الموسيقية التابعة لدار الاذاعة والتلفزة المغربية بالرباط، علق على الموضوع لـ«الشرق الأوسط» بقوله انه يرى ان المشكل اساسا يكمن في ان بعض الفنانين لا يجددون في فنهم وموسيقاهم، بل ان بعضهم لا يحاول مثلا الظهور بلون جديد، في الايقاعات والمضمون، يكون مخالفا للاغنية الاولى التي ظهر بها، وحققت الانتشار.
ويضيف الفنان عبد العاطي امنا، ان ظاهرة مطرب الاغنية الواحدة موجودة كذلك في الغرب عموما، «الا ان الفرق بيننا وبينهم، هي ان نجاح اغنية واحدة للفنان الغربي قد تحقق له عائدات مادية تفيده مدى الحياة، بخلاف الواقع عندنا في غياب شركات الانتاج وغيرها من مقومات الحركة الفنية..».
اما الفنان الشاب محمد الغاوي الذي لايعرفه الجمهور بالخصوص الا بالاغنية التي بدأ بها مشواره الفني، وهي «الغربة والعشق الكادي» فينظر الى الموضوع، من زاوية مختلفة..فقد قال لـ«الشرق الأوسط»: «ان الانطلاقة الفنية للفنان قد تكون مقترنة بـ«ضربة حظ» بعدها تتغير رؤية الجمهور لهذا الفنان رغم انه قد يضيف الى رصيده الفني ابداعات اخرى اجمل واروع. ان الاغنية الاولى، مثل الحب الاول، غالبا ما تبقى راسخة في وجدان الناس، وأنا أعتقد ان العبرة بالكيفية وليست بالكمية، وليس المهم هو تراكم الانتاج بل تنوعه وتطوره. كما اعتقد ان وسائل الاعلام، وخاصة الاذاعة والتلفزة، تلعب دورا مهما في هذا السياق، لا سيما على مستوى ترويج الاغاني وبثها في الاوقات المناسبة. وانا أرى الآن نجوم الاغنية المغربية كلهم تقريبا، ابتعدوا عن الساحة بعد ان نفد صبرهم واصيبوا بالاحباط».
مقال نشر في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 15 ديسمبر 2000 العدد 8053
مقال عن مطربي الأغنية الواحدة في المغرب
العرض الشجري