أهلُ الهَوَى
أَبَى الدَّمْعُ أَحْزَانِيْ فَصَاحَتْ مَدَامِعِي = كَفَيْتَ الْهَوَى نَجْوَى الْجَوَى وَ الشَّجَى بِيَا
تَجَافَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ غَارَتْ بِمُقْلَتِي = فَمَا مِنْ سَبِيلٍ كَي يُعِيدَ الْأَمَانِيَا
وَ لَا ذِكْرَيَاتٍ إِنْ تَهَادَتْ طُيُوفُهَا = سَتَدْعُو حَنِينًا يَسْتَغِيثُ الْخَوَالِيَا
فَحُلْمُ اللَّيَالِي قَدْ هَوَى ، وَ ارْتَضَى النَّوى = وَ قَدْ أَسْدَلَ الْمَاضِي حِجَابًا وَرَائِيَا
وَ هَا قَدْ نَعَتْ آمَالُ أَمْسِي إِلىَ غَدِي = زَوَالَ الْهَوَى حَتّى تَلَاشَى رَجَائِيَا
وَ لَوْ شَاءَ حَظٌ مَا هَوَى فِي مَجَاهِلٍ= وَ مَا صَارَ فِي قَلبٍ مُجِيبٍ مُجَافِيَا
أَصَابَتْ عُيُوْنُ الدَّهْرِ قَلْبِي بِمَقْتَلٍ = وَ بَاتَ الزَّمَانُ الْيَوْمَ مِنِّي مُعَادِيَا
إِذَا مَا الْمُنَى هبَّتْ عِنَاقًا بِمَرقَدٍ = فَنَارُ الْعَوَادِيْ سَوفَ تَغدُو نَوَاهِيَا
فَقُرْبٌ يَزِيْدُ الْمَرْءَ بُعْدًا ، وَشِقْوَةً = وَ نأيٌ يَزُوْدُ الدَّرْبُ عَنْهُ مُحَامِيَا
وَ كُلٌ أَصَابَ النَّفْسَ تَحْسُو مَوَاجِعًا = وَ لَمْ يُجْدِ وَجْدٌ أَو نِدَاءٌ تَلَاقِيَا
فَأَنْسَى الْفِرَاقُ الشَّوقَ يَدْعُو خَلِيْلَهُ = وَ أَبْقَى جَفَاءَ الْوَصْلِ مِنْهُ مُوَالِيَا
أَبَى الْبَينُ إِلْاَّ أَنْ يَرَانِيْ مُعَذَّبًا = وَ مَا مِنْ دَوَاءٍ سَوفَ يُشْفِي جِراحِيَا
وَ مَا مِنْ طَبِيْبٍ قَدْ شَفَى طِبَّهُ الْهَوَى = وَ أَعْيَا الْمُدَاوِي و الْمُدَاوَى التَّدَاوِيَا
فَكَمْ مِنْ قُلُوبٍ فِي هَوَاهَا تَعَذَّبَتْ = وَ كَمْ مِنْ نُفُوسٍ قَدْ تَهَاوَتْ بَوَاكِيَا
وَ يَا عَاذِلِي نِلْتَ الْمُنَى حِينَ غِرَةٍ = فَمَا عَادَ دَرْبِي بَاسِمَ الْوَعْدِ شَادِيَا
وَلَكَنْ كَفَى أَمْسِي نَعِيمًا ، وَ بهْجَةً = شَرِبْنَا كُؤُوسَ الْوَصْلِ نَشْوَى تَوَالِيَا
بِرَغْمِ الضَّنِينِ الْعِشقُ يَبْقَى كَزَهْرَةٍ = تُنَاجِي النَّدَى ، تَزهِي وَ تَعلُو الرَّوَابِيَا
إَذَا مَا دَنَا مِنْهَا حَبِيْبٌ بِقُبْلَةٍ = فَقالتْ لهُ : هَلْ حَانَ وقتُ انْتِهَائِيَا ؟
أَرَى فِيْكَ عِشْقَاً ثُمّ تَدْنُو لِمَقْتَلِي = فَكَيْفَ اسْتَقاَمَ الْحُبُّ يَرْجُو فَنَائِيَا ؟!
فَلَا تَبْكِ يَا غُصْنًا إِذَا جَاءَ مَوْعِدِي = فَإنِّيِ الدَّوَا أَشْدُو الْهَوَى وَالرَّدَى بِيَا
لِمَنْ صَانَ عَهْدًا أَوْ تَسَامَى بِعِشْقِهِ = هَلُمُّوا إِلَى جُرْحِي فَفِيهِ التَّدَاوِيَا
فَهَذَا سَبِيلُ الْعِشْقِ يَبْقَى وَلَوْ هَوَى = شَدِيًّا ، شَذيًّا لَا يَهَابُ الدَّوَاهِيَا
شعر : ساري الليل ( مراد الساعي )