المشكل الذي عاشته مجموعة جيل جيلالة ، يحكي مولاي الطاهر، ستعقبه مشكلة اخرى خارجة عن إرادتها، فبعد الاشاعات التي نسجت حول المجموعة من طرف عدة جهات والتي تقول بأن «العيون عينيا» كتبتها وزارة الداخلية وأعطتها لجيل جيلالة كي
تؤديها وثبت في الاخير بان هذا الكلام من وحي بعض من يزعجهم تواجد جيل جيلالة داخل الساحة الفنية ، لذلك اشاعوا هذه الكذبة وسط الجمهور، خصوصا الطلبة. ولأن المجموعة كانت قوية بأدائها الفني - يضيف مولاي الطاهر -
تمكنت جيل جيلالة من الاستمرار، وستدخل هذه المرة في تجربة أخرى مباشرة بعد عودة المجموعة من الجزائر في سنة 1976 حينما وجهت لها الدعوة من طرف ادارة مهرجان «تينكاد».
في هذا المهرجان، يحكي مولاي الطاهر، أن الفرقة قوبلت بترحاب كبير ولم تواجه أي عداء من طرف جمهور الجزائر، على عكس ما كان يروج حينما ظهرت اغنية «العيون عينيا» في سنة 1975، المشكل الوحيد الذي ستواجهه المجموعة هناك، هو تواجد فرق من البوليساريو ستشارك في المهرجان، وهو ما دفع بجيل جيلالة إلى الاتصال بإدارة المهرجان، ووضعها
امام خيارين: إما مشاركة فرق البوليساريو او مشاركة جيل جيلالة، لأن الأمر محرج وغير مقبول بالنسبة للأخيرة. وبعد نقاش مستفيض ستدمع فيه عينا مدير المهرجان الذي كان يعلم ان الجمهور الجزائري يريد جيل جيلالة اولا، اشترطت عليه الاخيرة أداء اغنية «العيون عينيا»، ولم يبد الرجل أي اعتراض او تحفظ
، بل رحب كثيرا بالفكرة. وهو ما فاجأ أفراد المجموعة، الذين ستزداد مفاجأتهم عندما سيردد معهم الجمهور الأغنية من ألفها الى يائها.
المشكلة الثانية التي ستواجه المجموعة هي انها بعد عودتها من الجزائر ستدخل في تجربة اخرى. فمولاي الطاهر وعبد العزيز الطاهري كان لهما إلمام الى حد ما بفن الملحون، بحكم انتمائهما إلى مدينة مراكش، حيث ترعرعا على مجالسة شيوخ هذا اللون الفني، فقررا أن تنجز المجموعة أعمالا من فن الملحون لكن بطريقة وأسلوب جديدين، يحافظان على كنه هذا التراث الفني
وطابعه الشعري ، بخلق طريقة أداء مستساغة لدى المستمع، لأن الطريقة التقليدية للملحون تتسم بالرتابة والملل، فتم اختيار أربع قصائد هي:
«الشمعة» و «اللطيفة»، وهي قصيدة صوفية ، و«الرعد وناكر لحسان» وبالفعل سجلت المجموعة الاغاني الاربع ، التي لاقت نجاحا كبيرا لدى فئات واسعة من الشباب ، الذي كان يجد صعوبة في فهم وتقبل فن الملحون بفعل رتابة الطريقة التقليدية في أدائه. وكانت المجموعة تراهن كثيرا على نجاح اغنية «الرعد»
التي تقول «آصاح زارني محبوبي يامس،
كنت صايم،
شهدة قطعت وجنيت الورد،
قالوا كليت رمضان... ».
لما تتضمنه من تقنيات فنية ، حيث استعملت فيها المؤثرات الخارجية وآلات عزف عديدة. لكن الجمهور فضل أغنية الشمعة أكثر.
المشكلة التي حدثت هي أن المنتج لم يخرج الاغاني جملة واحدة وظل في كل سنة أو أكثر يخرج واحدة تلو الأخرى حتى اعتقد الناس ان «جيل جيلالة» غرقت في الملحون ولم يعد لها ما تقدمه من جديد منتوجها الذاتي ، رغم ان المجموعة سجلت اغاني اخرى لكنها لم تخرج إلى الوجود في حينها، الى أن انتهى المنتج
من عملياته المالية من شرائط الملحون، و التي درت عليه الخير الوفير!
استدعى الحسن الثاني المجموعة كعادته إلى القصر وأدت أمامه كشكولا من أغاني الملحون، وعند انتهاء عرض المجموعة، طلب منها أن تبحث عن أغنية قديمة اسمها «النحلة» على أساس أن تؤديها في حضرته في المرة المقبلة.