بسم الله نبدأ فى تحليل قصيدة ( أقبل الليل )
كلمات : أحمد رامى
ألحان : رياض السنباطى
غناء : أم كلثوم
واضح منذ البداية أسلوب السنباطى المميز والمحبب فى إستخدامه طريقة الأدليب فى المقدمات الموسيقية ..
ولقد عرفنا أن الأدليب .. هو العزف الحر دون إيقاع .. وتتم كتابته على النوتة .. ويتم العزف حسب إشارات المايسترو ..
كذلك يتضح تميز السنباطى بالجمل الموسيقية واللحنية الطويلة والبطيئة فى نفس الوقت .. يعنى بالبلدى ( بيشتغل براحته ) .
مقام الكرد مسيطر منذ البداية .. ولا شئ غيره فى المقدمة ..
نسمع فى المقدمة ألآت الناى والأورج .. فى توافق وتناغم جميل لا يقدر عليه إلا السنباطى ومن فى قامته .
تغنى أم كلثوم من نفس المقام ( الكرد ) .. دون إيقاع
يدخل الإيقاع عند ( فإذا قلبى يشتاق إلى عهد شجونى ) .. وإيقاعنا هنا هو إيقاع ( الواحدة الكبيرة ) ..
ويحدث تحاور بين مقامى الكرد والراست عندما تغنى ( ياهدى الحيران فى ليل الضنا .. أين أنت الأن بل أين أنا ) ..
ويستقر على الراست .. ويظل معه .. حتى يعود للكرد فى نقلة سريعة عند ( ياحبيى من أنا .. أين أنا ) ..
موسيقى من الكرد أيضاً .. حتى يتحول بنا السنباطى لمقام جديد .. هو مقام ( أثر كرد ) ..
وفى الحقيقة .. إن مقام ( أثر كرد ) .. هو مقام قريب لمقام ( النوا أثر ) .. والفارق بينهما .. هو خفض الدرجة الثانية من المقام بمقدار نصف تون .. وهو مقام قليل الإستخدام ..
تغنى أم كلثوم من نفس المقام ( أثر كرد ) ..
لازمة موسيقية وننتقل لمقام أخر .. هو البياتى .. ونسمع هنا عزف منفرد من القانون من نفس المقام .. لتغنى أم كلثوم .. ( تقبل الدنيا على أهل الهوى أنساً وطيبا ) ..
وتعود للكرد عند ( لو عدت لى .. رد الزمان إلىَ سالف بهجتى ) ..
فى الحقيقة .. لو تركنا لأنفسنا العنان فى تعقب التحويلات المقامية .. لما إستطعنا ملاحقتها .. فالسنباطى أستاذ فى التحويلات المقامية بكل سلاسة ..
المهم ..
إنظروا .. كيف إستطاع تصوير الحيرة فى المقطع ( ياهدى الحيران فى ليل الضنا ) .. إستمعوا للوتريات وهى تعزف الحيرة بطريقة ( التريمولى ) .. أى إهتزاز القوس على الوتر ..
أنظروا أيضاً كيف يتحول السنباطى بكل بساطة إلى الراست عند ( بل أين أنا ) .. تحول سلس وبسيط جداً .. مجرد تغيير فى نغمة واحدة .. أصبحنا فى الراست ..
وتكمل أم كلثوم الكوبليه .. وتنهيه كما إنتهى الكوبليه الأول .. على مقام الكرد .. المقام الأساسى للعمل ..
لازمة موسيقية من مقام الراست .. وتغنى أم كلثوم من نفس المقام ( الراست ) .. ( أواه ياليل .. طال بى سهرى ) ..
ومقطع أخر من الفرقة الموسيقية .. نتنقل فيه بين النهاوند والنوا أثر .. حتى تغنى أم كلثوم ( مازلت فى وحدتى أسامرها ) ..
متنقلة هى الأخرى بين النهاوند والنوا أثر .. ثم جملة موسيقية من الراست .. لتغنى ( بين ماضى لم يدع لى غير ذكرى ) ..
إفففف .... تعبت .. ولسه كتير .. ربنا يتعب قلبِك ياللى فى بالى ..
نقلة مقامية أخرى لمقام الكرد عند ( النوم ودع مقلتى .. والليل ردد أنتى ) .. ونصل إلى ( ياهدى الحيران فى ليل الضنا ) .. وحتى نهاية الكوبليه ..
لازمة موسيقية للوصول بنا إلى مقام الهزام .. وتغنى أم كلثوم ( ياقلب لو طاب لى زمانى ) ..
حتى تصل إلى ( ياهدى الحيران فى ليل الضنا ) التى تغنيها هذه المرة من الهزام .. وليس من الكرد كباقى الكوبليهات ..
السنباطى متعمد هذا الإختلاف .. لإختلاف المعنى فى الشطرة التالية التى تقول ( قد غدوت الأن أدرى من أنا ) ..
المعنى مختلف عن كل مرة .. إذن فليتغير المقام حسب الحالة المزاجية ..
ولازمة قصيرة من مقام الكرد .. لتغنى الست من مقام الراست .. السنباطى يتلاعب بنا ..
الراست بالتأكيد يصلح لمثل هذه الألحان الراقصة .. ( أنا طير رنام .. فى دنيا الأحلام ) ..
وتنتهى القصيدة بنفس المقام الذى بدأت به ( الكرد ) ..
حقيقى ياجماعة .. عمل متعب .. لقد تعبت وأنا ألهث خلف التحويلات والإنتقالات المقامية .. فما بال العازفين اللذين قاموا بتنفيذ هذا العمل المعجز ..
أرجو أن أكون وُفقت فى هذا التحليل المتواضع ..
__________________
مع تحياتى .. محمد الألآتى .. أبو حسام .