السلام عليكم،
إليكم نبذة عن حياة الشيخ عثرت عليها على الانترنيت فيها تفاصيل عن حياته و نشأته و سيرته الفنية:
الشيخ عبد المجيد بن سعد: أوّل من طوّر «السلامية»... ودرّب العشرات من الجهات
لقيروان ـ الشروق:
تقديم: يقول الشيخ المرحوم امحمّد عبادة الدقداقي اللجمي، انجبت تونس خمسة من خيرة مشائخ السلامية هم: حميدة عجاج... محمود عزيز... الناصر العبدلي (تونس العاصمة)... محمد شقرون من راس الجبل من ولاية بنزرت وابن عاصمة الاغالبة الراحل عبد المجيد بن سعد.
ولد الشيخ عبد المجيد بن سعد يوم غرة مارس 1924 بالقيروان بحي الجامع من أب أصيل دوار أولاد سعد بن ابراهيم زعفرانة من أبوين بلقاسم وتركية... زاول تعليمه بالمدرسة الابتدائية الاسوار بالعاصمة الأغلبية الى أن حصل على الشهادة الابتدائية وكان طوال هذه الفترة يتردد على زاوية سيدي عبد السلام قرب جامع عقبة بن نافع، حيث تعرف هناك على الشيخ المرحوم محمود الورتاني الذي كان من أبرز المنشدين للاغاني الصوفية في ذلك الوقت... آمن الشيخ محمود بقدرات الشاب الصغير عبد المجيد واعجب بنقاوة صوته فضمه الى مجموعته... اذ يقول الشيخ محمد عبد الجواد في هذا الصدد باعجاب الشيخ الورتاني بعبد المجيد بن سعد فاق التصوّر إذ تنبأ له بمستقبل كبير ووضاء في عالم الانشاد الديني. والسلامية خصوصا... فقدم الشيخ محمود الورتاني عبد المجيد للشيخ والمقرئ المعروف عم علي البراق رحمه الله الذي يعتبر عميد شيوخ السلامية في كامل الجمهورية ومنذ ذلك الحين صار الشاب عبد المجيد بن سعد محط أنظار الجميع.
رحلته الى العاصمة
سافر الشيخ الشاب عبد المجيد بن سعد الى تونس العاصمة ليقع ترسيمه في المعهد الصادقي، ومنذ حلوله أقام عند احدى العائلات المعروفة بحبها للفن، فازداد قربا بالموسيقيين ونهل فنون التلحين والاداء، وكذلك كتابة الشعر والارتجال، عند اقامته بالعاصمة صاحب عبد المجيد بن سعد طيب الله ثراه ذات مرة المرحوم الشيخ علي البراق الىقصر الباي لاقامة حفل هناك أمام الباي ليزداد اشعاعه، لكن اقامة شيخنا بتونس لم تطل بسبب الحرب العالمية اذ اختار العودة الى القيروان، فاقترح عليه أحد أصدقائه المقربين مصاحبته الى مدينة القلعة الكبرى من ولاية سوسة، فوافقه دون تردد، وهناك بدأ العمل الفعلي ضمن فرقة الشيخ مسعود ساسي، ومن هذه الربوع كانت الانطلاقة الحقيقية، فجاب مدنا وقرى وأحيى عديد السهرات، وبسرعة تميز الشيخ عبد المجيد عن بقية المنشدين بنقاوة الصوت وحلاوته وحسن الاداء... وظل لفترة يعرف أنه «قلعي» وليس «قروي» فقد مزج في أدائه بين الطابعين التونسي والشرقي اذ كان يجيد أداء أغاني عبد الوهاب، واسمهان وأم كلثوم خاصة أٌغنية «يا ليلة العيد» و«حققت انت المنى والطلب»... هذه الطاقات الموسيقية المميزة للشيخ عبد المجيد بن سعد جعلت العديد من الموسيقيين يشيدون بها... ومن ضمنهم الموسيقار المرحوم محمد التريكي... وزرياب تونس الدكتور صالح المهدي...
فن المدائح والأذكار
بدأت شهرة الشيخ الفاضل رحمه الله تتجاوز حدود عاصمة الاغالبة وجهة الساحل، وعاد الى مهده الاصلي مدينة القيروان وكون فيها فرقة وانطلق يطور فن السلامية وتلحين عديد المدائح والأذكار... وبذلك تمكن في ظرف وجيز من دخول أروقة الاذاعة الوطنية، فصارت فرقته تقوم بتسجيل ما أنشدته وارسال صوته كل صباح الى كل بقعة مباركة من أرض الوطن عبر الأثير... هذا الاشعاع جعل الكثير من المنشدين يتأثرون بصوته وطريقة أدائه ومنهم الشيخ محمد شقرون صاحب فرقة رأس الجبل.
توجه مدائحي جديد
كان الشيخ عبد المجيد بن سعد وطنيا ومحبا لكل زعماء البلاد في ذلك التاريخ... وساهم في انتشار المدائح الوطنية في بلادنا فنظم قصيدة «كتاب الذهب تاريخ» مضمنا أبياتها عديد رجالات الحركة الوطنية واسهاماتهم في استقلال البلاد وقام بتلحينها... ثم نظم قصائد دينية وركبها على عديد الالحان المعروفة في ذلك الزمن على غرار «قهواجي يدور» وأغنية «نجمة قطبية» للفنان الجزائري رابح درياسة... وقد حافظ على مطلعها ثم نظم كلمات جديدة تصف الكعبة... في أواخر حياته قام الشيخ عبد المجيد بن سعد ينظم قصيدة «يا صاحب الجاه» المعروفة والتي تتغنى بأبي زمعة البلوي آو سيدي «الصحبي» وبعض أولياء الله الصالحين مثل سيدي الدهماني... والسيدة منوبية وغيرهما... وقد ذكر في آخرها ما حدث للعاصمة الاغلبية جراء فيضانات «1969» التي مازال الناس يتحدثون عنها الى اليوم.
تكريم... وتوسيم
ظل الشيخ الجليل عبد المجيد بن سعد يعمل على نشر القصائد الدينية وتطويرها وتقديم ألحان لا يقدر على أدائها الا من كانت له قدرات صوتية مميزة مثله... وكان من الطبيعي أن ينال التكريم اللائق بشخصه كفنان، فوسمه الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.
كان دائم المشاركة في احتفالات القيروان بالمولد النبوي الشريف فتحصل الى جانب فرقته على عدة جوائز كأفضل مجموعة وأحلى صوت من الأصوات المشاركة الى أن أصبح عضوا في لجنة التحكيم وتولى في فترة لاحقة تدريب العشرات من شباب الجهات على أداء المدائح والأذكار.
تواضع كبير وأصالة أكبر
عرف الشيخ بن سعد باحترامه للناس ومساعدتهم باستمرار متواضعا الى حد لا يوصف ولم يصبه الغرور... اذ يقول في كل مرة «في هذا الميدان» يظل الشيخ حميدة عجاج رائدا وذا طابع مميز رغم كبر سنه أنذاك وما نحن الا تلاميذه...»
كان الشيخ عبد المجيد محبوبا من طرف الجميع... فتميّز بأصالته وحبه الكبير لأصله البدوي فلا تراه في مناسبة الا مرتديا لباسه التقليدي ويسعى دوما لأن يكون أنيقا محترما بملابسه... كان فنانا بأتم معنى الكلمة بحضوره الركحي ويؤمن بالعلم والمعرفة... حريصا على تعليم أبنائه وبناته الى أن تحصلوا على أعلى الشهائد... ظل المرحوم وعلى مدى سنوات عمره الثمانية والاربعين يعد «سردية المولد» بعد أن تفنن في أدائها وأعاد توزيعها وأخرجها في ثوب جديد وعصري كي يسجلها لكن الموت حال دون ذلك ولم تتحقق أمنيته... ونظرا للمجهود الكبير الذي كان يقوم به من أجل تطوير فن السلامية أصيب شيخنا بمرضى القلب فمكث في مستشفى الرابطة تحت اشراف أطباء بورقيبة، فكان طوال اقامته محل عناية الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وحرمه الماجدة وسيلة بن عمار... أيام العز والهناء، الى أن وافته المنية يوم 12 جويلية 1972... وبالتالي سقطت مأذنة من مأذن المدائح والأذكار في تونس.
رحم الله الشيخ عبد المجيد بن سعد وبقية الشيوخ الافاضل عم حميدة عجاج وعلي البراق، ومحمود عزيز... وآخرين.
ناجي الحاج علي
http://www.alchourouk.com