* : دروس في الهارموني النغمي التقليدي و الهارموني الحديث (الكاتـب : Hisham Khala - - الوقت: 04h34 - التاريخ: 07/11/2025)           »          حفل اذاعة الاغانى النادر فى الخميس الأول من كل شهر (الكاتـب : حازم فودة - آخر مشاركة : د.حسن - - الوقت: 00h54 - التاريخ: 07/11/2025)           »          مذياع الأيكة الكلثومية (الكاتـب : tarab - - الوقت: 21h52 - التاريخ: 06/11/2025)           »          فائزه عبدالله (الكاتـب : Edriss - - الوقت: 20h17 - التاريخ: 06/11/2025)           »          الشاعر عبدالفتاح مصطفى (الكاتـب : غواص النغم - آخر مشاركة : غريب محمد - - الوقت: 19h37 - التاريخ: 06/11/2025)           »          محمد الموجي- 4 مارس 1923 - 1 يوليو 1995 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : غريب محمد - - الوقت: 19h27 - التاريخ: 06/11/2025)           »          المطربة نجاة (الكاتـب : عمر كامل - آخر مشاركة : غريب محمد - - الوقت: 19h20 - التاريخ: 06/11/2025)           »          نصري شمس الدين- 27 جوان 1927 - 18 مارس 1983 (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : غريب محمد - - الوقت: 19h16 - التاريخ: 06/11/2025)           »          وداد (بهية وهبي) (الكاتـب : hamzeh_r - آخر مشاركة : غريب محمد - - الوقت: 19h15 - التاريخ: 06/11/2025)           »          المطربة سحر (الكاتـب : ADEEBZI - آخر مشاركة : عطية لزهر - - الوقت: 18h21 - التاريخ: 06/11/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > المغرب العربي الكبير > المغرب الأقصى > الدراسات والبحوث في الموسيقى المغربية

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 11/01/2011, 02h17
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

لم تكن المعاناة التي سردنا بعض تفاصيلها هي الوحيدة في حياة «جيل جيلالة»، هذه المجموعة التي تغنّى بقصائدها بلد بأكمله، كان أفرادها لا يجدون حتى ثمن كراء المنازل التي تأويهم، لكن عفة الإنسان الذي بداخلهم جعلتهم يجترون المرارة في صمت، شأنهم شأن كل فناني فترة السبعينات ومثقفي هذا الوطن الحقيقيين في تلك الحقبة. «بطلنا» في هذه السلسلة مولاي الطاهر الأصبهاني ستعرف حياته معاناة عديدة وهذا يعلمه كل المقربين له، لكن روحه المرحة وولعه بالنكتة كانا يحجبان حقيقة المشاكل التي يتخبط فيها ويواجهها بصمت بمعية أسرته، خصوصا زوجته السيدة فتيحة التي قاسمته شتى
أنواع المعاناة.
في الحقيقة، لم يكن مولاي الطاهر ، يرغب في الخوض في مثل هذه الأمور، لكن كل أصدقائه الذين عرفتهم من خلاله كانوا يحكون لي خفية عنه، كيف كان يواجه الأزمات بدون أن يزعج أحدا...
أفهم أن شموخ الفنان يجعله يترفع عن مثل هذه الأشياء، لكن من حق الجمهور الذي صفق طيلة 30 سنة لهذا النجم وزملائه ، أن يعرف أن هؤلاء «الاولاد» كانوا يتحفونه بأبدع الاغاني وفي قلوبهم قسط غير يسير من مرارة الزمن الرديء الذي لا «يجود» إلا للتافهين!
يحكي محمد عمران ، وهو أحد أعز أصدقاء مولاي الطاهر وأقرب صديق لعائلته، أن مولاي الطاهر اضطر لأن يعمل في الإشهار لأن الديون تهاطلت عليه ولم يكن له مال لتسديد فواتير الكراء وغيرها، كان ذلك في سنة 2000، وكانت زوجته السيدة فتيحة قد اضطرت لتنفض الغبار عن آلة الخياطة التي كانت لديها ، وتدخل غمارحرفة الخياطة كي تساعد مولاي الطاهر في تحمل عبء المصاريف، في هذه الفترة كانت «جيل جيلالة» متشتتة، حيث غادرها محمد الدرهم الذي تعاقد مع إحدى شركات الإشهار فيما لم يعد عبد العزيز الطاهري متحمسا للغناء، وكثر الكلام في الصحف وفي وسائل الاعلام الأخرى عن هذا التشتت وطرحت تساؤلات عديدة حول أسبابه.. ولم يعد أحد يدعو الفرقة للعمل!
في هذا الخضم «الحزين» ،اتصل عبد العظيم الشناوي بمولاي الطاهر وأبلغه بأن إحدى شركات الاتصال قد وضعت مشروعا في المغرب، ويتعلق الأمر بشركة «ميدتيل» وتريد أن تقوم بالدعاية، لذلك فهي في حاجة إلى ممثلين، مبلغا إياه أيضا أن الشركة لا تريد الدعاية عبر التلفزة وإنما في الجناح الخاص لها بالمعرض الدولي بالدار البيضاء. يقول عمران ، «كان الأمر صعبا على مولاي الطاهر وكنت أحس به، لكني كنت أعلم أنه في أمس الحاجة إلى أي مبلغ مهما كان حجمه، وكان هذا الأمر يؤلمني كثيرا! فكيف لأحد رموز الغناء المجموعاتي أن يتحول إلى رجل «ريكلام» ليس في قناة تلفزية أو اذاعة أو صحيفة، وإنما على الهواء في جناح مخصص لشركة؟! لحسن الحظ، يضيف عمران ، كانت الفكرة هي أن يلبس لباس «الدمى» وأن يصبغ وجهه بشعار الشركة وأن يقوم بحركات ميمية طيلة أربعة أيام صباح مساء، فيما يقوم عبد العظيم الشناوي
بالتنشيط بواسطة الميكروفون... خلال تلك المدة، سيتعرف أحد المسؤولين بالشركة على هوية الرجل الذي يقوم بالحركات الميمية، فتوجه إليه بأمر في صيغة سؤال: «لماذا لا تغني» ؟ هذا «العرض» رفضه مولاي الطاهر، فتم التعويض باستعمال «الكاسيط» !
ليس هذا هو الموقف المحرج الوحيد الذي تعرض له مولاي الطاهر في تلك التجرية، يضيف عمران، بل هناك مشهد آخر ألمني كثيرا، فبينما كان مولاي الطاهر يقوم بالدور المنوط به في المعرض الدولي، ستأتي زوجته وابنته الصغرى غيثة، فاقتربت منه زوجته متسائلة بألم: «آش هادشي آمولاي الطاهر؟».
فرد عليها :«هاد شي اللي عطا الله» والحزن يعتصر قلبه بالنظر لصعوبة الموقف.
يرفض المتمرد عمران أن تنتهي هذه الحكاية بهذه الصورة المُرة التي تعكس المفارقة الغريبة في الواقع المغربي، والذي يحاول فيه البعض صنع نجوم غصبا على أذواق المغاربة ويرمي بالتُحف الابداعية للهلاك.
يقول عمران : طيلة تلك المدة «الإشهارية» في المعرض الدولي، كان مولاي الطاهر، رغم المرارة ، بشوشا يمرح مع الجميع، و في فترة الغداء يخرج من حقيبته السندويتش» الذي أعدته له زوجته في الصباح، تم يعود للنكتة والضحك. والمضحك أكثر، يسترسل عمران، أن تواجد مولاي الطاهر في تلك الوصلة الإشهارية سيصادف قدوم الطيب الصديقي إلى المعرض ، والذي كان مدعوا من طرف «اتصالات المغرب»، سيرمقه مولاي الطاهر، وبعد أن تبادلا التحية ، سيدعوه للحديث فرد عليه الصديقي بطريقته الساخرة :«انت ميدتيل وأنا اتصالات... من اليوم الحرب بيني وبينك آمولاي الطاهر». وواصلا الضحك.
بالطبع كان الصديقي يمرح مع مولاي الطاهر، فهو يحبه كثيرا ، ومولاي الطاهر إلى يومنا هذا لا يمكن أن يمر أسبوع دون أن يزور الصديقي لمؤانسته والمرح معه.
ولعل من بين الميزات الصارخة التي تسم شخصية مولاي الطاهر، الوفاء، ففي كل
جلسة جلسناها لابد أن يذكر الصديقي عشرات المرات ، وكلما ذكر اسم «سيد المسرح المغربي»، إلا ورد مولاي الطاهر : «إنه أستاذي وتعلمت منه الكثير ، إذ أن لقائي به غير مسار حياتي بالكامل.. وهو من صنع العديد من نجوم المغرب، ولا ينكر ذلك إلا جاحد».
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11/01/2011, 02h22
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

بعد التصدعات التي عرفتها المجموعة، خصوصا أواخر التسعينسات، سيجد مولاي الطاهر نفسه أمام مواقف محرجة جدا: فراغ الجيب، تراكم الديون ومشكل البحث عن أعمال، لتحقيق الحد الأدنى من العيش.
في سنة 2000 سيقترح الفنان عبد العظيم الشناوي على مولاي الطاهر إنجاز عمل مسرحي، سيتم الاتصال بعبد العزيز الطاهري، الذي سيكتب المسرحية، فيما يقوم بإخراجها عبد العظيم الشناوي.
يحكي أحد أصدقاء مولاي الطاهر، الذي حضر تفاصيل هذا العمل، أن مولاي الطاهر كان يعيش ضائقة مالية، وكان يرفض أن يطرق أبواب المسؤولين. في المقابل كان يبحث عن أعمال كيفما كانت لتدر عليه بعض المال لإطعام العائلة ليس إلا. في تلك الفترة بدأ الإعداد لمسرحية «بين البارح واليوم» التي سيشارك في تمثيلها، بالإضافة الى مولاي الطاهر وعبد الكريم قسبجي، مجموعة من الفنانين منهم سعد التسولي، فاطمة خير، حنان الإبراهيمي، صلاح ديزان، رفيق بكر، رضوان الفرقاني وعتيق وغيرهم.. وهي المسرحية التي سيتعرف فيها سعد التسولي على فاطمة خير ويعقد قرانه عليها..
بعد التداريب والقيام بالإجراءات الإدارية كي يتاح لهذا العمل أن يخرج إلى الوجود، ستواجه الفرقة صعوبات عديدة، فهي لم تكن تدر الدخل المطلوب، وبما أن مولاي الطاهر كان من أصحاب الفكرة، ومن المشرفين على العمل، فلم يكن مدخوله منها يكفي لأسبوع واحد لركوب «الطاكسي»، لكن كان عليه أن يعمل ويبحث عن مخارج لعرض المسرحية وبيعها...
ومن المواقف الحرجة التي سيتعرض لها هذا الفنان خلال هذا العمل، هو ذلك الذي عاشته الفرقة برمتها عندما كانت تريد أن تعرض عملها بسينما مبروكة بمدينة مراكش، فقد سبق لعبد العظيم الشناوي أن اتفق مع أحدهم كي يوفر للفرقة حافلة ثقلهم من البيضاء إلى مراكش، ولكي يفرج مولاي الطاهر، قدم له هذا الرجل، الذي أخبرهم أنه يعرف عبد العظيم منذ زمن طويل ويحبه كثيرا، وبأنه مسؤول في إحدى الشركات الوطنية الحيوية، وبإمكانه أن يساعد الفرقة في عمليات تنقلها.
يحكي صديق مولاي الطاهر أن المسؤول في تلك الشركة، ظل الليل كاملا يخيرهم شفاهيا بين الحافلات التي يريدون، وهل تكون مصحوبة بحاملة البضائع أم لا.. أشبعه حاضرو هذه الجلسة من أعضاء الفرقة وغيرهم بعبارات الشكر والإمتنان، فضرب لهم موعدا في اليوم الموالي، وهو يوم عرض المسرحية، وأخبرهم بأن ينتظروا الحافلة بشارع الجيش الملكي في السابعة صباحا. بالفعل قدم الممثلون بدون استثناء، أخذوا في الدردشة في انتظار قدوم الحافلة، مرة ساعة ثم ساعة ونصف، اتصل عبد العظيم الشناوي بالمسؤول، كانت فقط الآلة الصوتية لشركة الاتصال تجيب بدلا عن الرجل، اعتقد الجميع أن الرجل مايزال نائما، عاود عبد العظيم الاتصال، نفس الآلة تجيب دائما، مرت أكثر من ثلاث ساعات، سيستشيط فيها مولاي الطاهر وباقي أعضاء الفرقة غضبا. وبما أن له مسؤولية العمل، سيفرض على عبد العظيم الشناوي التنقل إلى المحطة الطرقية اولاد زيان للبحث عن حافلة.. سيتجهان بالفعل إلى هناك، لم يجدا سوى حافلة ثلث مقاعدها مملوء بالركاب. سيبلغان صاحبها بأن فرقتهما المسرحية تضم 40 نفرا. سيبلغهم بأن العدد غير كاف لملء كراسي حافلته، وهو بذلك مضطر أن يملأ هذه الكراسي في الطريق الرابطة بين الدار البيضاء ومراكش، وافقه مولاي الطاهر على هذا الشرط.
انطلقت الحافلة ببطء، تتوقف في هذا المكان وذاك كي تملأ الكراسي بعدد الرؤوس المطلوبة. ولتسهيل العملية على صاحب الحافلة، أخذ منه مولاي الطاهر التذاكر ووقف بباب الحافلة، وكلما توقف السائق إلا وخرج مولاي الطاهر صائحا في الراغبين للسفر «باقة بلاصة لمراكش، مراكش، مراكش..» ويقدم للراغبين في الركوب التذاكر، و يأخذ المقابل ويقدمه لصاحب الحافلة ....
المنظر كان مضحكا للجميع، سواء للفرقة المسرحية المرافقة لمولاي الطاهر، أو حتى بالنسبة للركاب الجدد الذين يعرفون أن «الكريسون» هو فنان جيل جيلالة مولاي الطاهر.
كل هذا التنازل عن ذات الفنان لم يفلح في إنجاح العمل بمدينة مراكش، فبمجرد الوصول إلى سينما مبروكة، سيكتشف مولاي الطاهر وباقي الفنانين بأن المكلف بالدعاية لهذا العمل في مدينة النخيل لم يقم أصلا بالدعاية، وبأن الجمهور الحاضر لا يتعدى 12 نفرا، أغلبهم من عائلة مولاي الطاهر، أي أنهم يتوفرون على دعوات مجانية.
كواليس هذه السينما كلها خراب، لم يجد الممثلون مكانا يغيرون فيه ملابسهم أو يقضون فيه حاجتهم، بل لم يجدوا حتى زاوية لوضع الماكياج وغيره. ومع ذلك ستقدم الفرقة عملها، لكن بعد الإنتهاء سيجد مولاي الطاهر نفسه في الكوميسارية بمعية عبد العظيم الشناوي. فالمكلف بتنفيذ الإنتاج لم يكتف فقط بعدم القيام بالدعاية، بل إنه لم يؤد لصاحب السينما مستحقاته المالية، لتفاجأ الفرقة في آخر العرض بصاحب السينما يحجز عن الديكور، ليدخل مع الجميع في شجار سينتهي في الكوميسارية، هناك كل المسؤولين الأمنيين يعرفون مولاي الطاهر وعبد العظيم الشناوي اللذين أبلغاهم بما جرى وبأن المكلف بأداء واجب السينما لم يظهر له أثر، وبأن محصل المداخيل لم يحصل على ريال واحد. لكن الطريف دائما، حسب رواية صديق مولاي الطاهر، بأنه طيلة الشجار داخل الكوميسارية، كان بعض المساجين ينادون على مولاي الطاهر، ويطلبون منه سيجارة أو بعض الدراهم، وكان يستجيب لهم.
المسؤولون الأمنيون تدخلوا بشكل ودي بين الطرفين، فهم أمام صاحب قاعة عرض هضمت حقوقه، وفي المقابل أمام فنانين لا يكسبون فلسا واحدا.. ومن المحرج جدا أن تتخذ هذه المسألة مناحي أخرى. اقتنع صاحب السينما، وقبل مقترح إعادة الديكور إلى أصحابه، رغم أن هذه الحكاية لا تخلو من طرافة، لكنها تبقى مشهدا من المشاهد التي يعيشها بعض فنانينا في المغرب والتي تعكس الصورة الحقيقية لنجومنا، الذين يعتقد البعض أنهم «يتشتتون» مالا.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11/01/2011, 02h27
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

في خضم استنطاق الذاكرة ، يستحضر مولاي الطاهر الأصبهاني بعض المحن التي لا
تخلو من طرافة. فمنذ أن جاء من مراكش الى الدار البيضاء تاركا وظيفته بوزارة الفلاحة، ليلتحق بمسرح الطيب الصديقي سنة 1971 بعد ان شارك في «تكوين مسرحي» بالمعمورة تحت اشراف الصديقي والطيب العلج، وخلال التداريب سأله الصديقي عن عمله فأجابه مولاي الطاهر: «أعمل بوزارة الفلاحة». فرد عليه الصديقي، بطريقته المعروفة، :«انت ديال المسرح ماشي ديال داكشي ، دوزعندي للمسرح».
وكذلك فعل مولاي الطاهر ، الذي كان في بداية ربيعه الثاني من العمر. بعد عناء في إيجاد مكان يأويه ومال يقتات منه، تمكن مولاي الطاهر من ان يصبح من الشخصيات الاساسية داخل الروايات المسرحية التي يعرضها المسرح البلدي، وأصبح وجهه مألوفا لدى الجمهور. كانت ناس الغيوان قد تأسست في ذات السنة ( 1971 )، وكان ضمنها عبد العزيزي الطاهري صديق طفولة مولاي الطاهر ورفيقه في درب المسرح بمراكش. كان الرجلان جالسين بمقهى «لاكوميدي» عندما قدم اليهما شخص لا يعرفانه، لكنه يعرفهما بحكم عملهما بالمسرح والغناء، فدعاهما لتناول مشروب... أخذهم النقاش الى دروب عدة، ليدعوهم بعد ذلك لأحد المطاعم، هناك اخذوا يتجاذبون اطراف الحديث
الذي تواصل إلى الثالثة صباحا، حين سيفاجأ الطاهري ومولاي الطاهر بمستضيفهما يدخل في هستيريا غريبة، ويخرج مسدسا ويشهره في وجه الحاضرين، ليعم الهلع والخوف رواد المطعم، ويبدأ الجميع في الجري في كل الاتجاهات ... لم يتمكن أحد، حتى عمال المطعم، من ضبط الرجل الذي تحول من إنسان هادئ الى شخص آخر مسعور!
يقول مولاي الطاهر: استغربت للرجل فقد كان نقاشه هادئا وكان يبدو لطيفا إلى أن انقلب رأسا على عقب» بعد وقت قليل سيلتحق بالمكان رجال الامن ، وبعد محاولات عديدة لايقافه ، بعد ان روع المطعم والشارع ، سيتمكن رجال الامن من إلقاء القبض عليه،
ليسألوا بعد ذلك عمن كان بصحبته، فأشار من حضروا الواقعة الى الطاهري ومولاي الطاهر! اقتيد الجميع إلى كوميسارية المعاريف ليودع صاحب المسدس في زنزانة خاصة ويحال الطاهري ومولاي الطاهر على زنزانة أخرى... قبل مرحلة الإيداع بالزنازن، قام رجال الأمن بتوجيه خراطيم المياه إلى صاحب المسدس قصد إخراجه من هستيريته... وهو ما تم بالفعل ، خاصة وأن الحادثة وقعت خلال شهر يناير المتسم ببرودته القارسة!
بهذا الخصوص ، يقول مولاي الطاهر، بعد اعتقالنا سندرك خطورة الأمر الذي تورطنا فيه، خصوصا بعدما علمنا من هو الرجل، فمستضيفنا كان من أصل جزائري ويعمل بالجمارك، والكل يذكر تلك الفترة ، فقبل ستة اشهر فقط شهد القصر الملكي بالصخيرات محاولة انقلاب اودت بمئات الضحايا ، وكان الهاجس الامني في البلد على اشده وعيون الدولة متوزعة في كل الاماكن. وكان الناس يعتقلون على أتفه الاسباب، فما بالك بنا نحن الذين نجالس جزائريا ، علاقة بلده متوترة مع بلدنا، بل انه يحمل مسدسا روع به العموم. والأنكى من ذلك ، فقد اكتشف نقص رصاصة من مسدس الجمركي الجزائري، كما أن مدينة الرباط قبل يوم واحد فقط من الحادث ، ستشهد عملية سطو على إحدى الوكالات البنكية بواسطة سلاح ناري!
أتذكر، يضيف مولاي الطاهر، أن عيد الاضحى كان على الابواب، ولم يكن أحد من أفراد عائلتينا أو أصدقائنا يعلم بخبر اعتقالنا، لكن لحسن حظنا، أننا كنا في زنزانة خاصة تضم معتقلين من أجل إصدار شيكات بدون رصيد او ماشابه ، وكان اغلبهم ميسورا، حيث كانت عائلاتهم تحمل لهم الاكل الذي نقاسمهم إياه . كان ضيوف هذه الزنزانة كلما سمعوا قصتنا الا وأخذوا في الدعاء لنا ، فمنهم من ابلغنا ان الوضع خطير ولن يكون الافراج عنا سهلا . ومنهم من يخبرنا ان مدة الاعتقال، التي سنقضيها ستفوق الخمس سنوات... لا أحد من الزوار نطق بجملة تخفف من مخاوفنا ، هذا الخوف الذي كان يزداد بداخلي كلما توجه لنا احدهم بدعاء : الله يشوف من جهتكم »!
مر عيد الاضحى ونحن بالسجن، نجيب عن نفس الاسئلة في استنطاق دام تسعة أيام.
ـ ماهي علاقتكم بالجزائر؟ ماهي علاقتكم بهذا الرجل؟ لماذا أتيتم من مراكش إلى الدار البيضاء؟ ما هي أسماء افراد عائلتيكما؟.. وما الى ذلك من الاسئلة التي تتكرر بدون توقف.
عبد العزيز الطاهري، يستطرد مولاي الطاهر ، رغم ذلك كان يخرج رأسه من قضبان الزنزانة ويردد اغاني الملحون وكنت أغبطه على تفاؤله ذاك .
ذات يوم جاء رجال الامن الى زنزانتنا بشكل مفاجئ وطلبوا منا ان نتهيأ للخروج ، فهناك من تدخل لصالحنا وأفهم المسؤولين أننا مجرد فنانين ولا علاقة لنا بمواضيع السياسة او الاخلال بالنظام العام، او السطو وما إلى ذلك من المعجم الذي لا يقف الا عند حبل المشنقة!
عند الخروج من كوميسارية المعاريف علمت ان الرجل الذي تدخل لصالحنا هو الطيب الصديقي، وقد كان اتصاله على أعلى المستويات، بحيث هاتف مباشرة أوفقير وأخبره أن الصدفة هي التي جمعتنا مع ذلك الجمركي. كنت في تلك الفترة أتمرن مع الصديقي على مسرحية «النور والديجور» وقد بحث عني لإتمام التمارين لاننا كنا سنعرض العمل في الاسبوع الذي يلي عيدالاضحى.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11/01/2011, 02h30
kamalkirfa kamalkirfa غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:458439
 
تاريخ التسجيل: September 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: كند
المشاركات: 31
افتراضي رد: مجموعة جيل جيلالة

بخلاف أحمد البيضاوي ، الذي كان يحاول دائما «الاستخفاف» بعمل جيل جيلالة أمام المرحوم الحسن الثاني، كان الفنان عبد القادر الراشدي أول من شجع المجموعة في أول ظهور لها. في الحقيقة، مولاي الطاهر الاصبهاني وخلال لقاءاتي به لم يشأ الخوض في موضوع «التنهصير» الذي كان يلقاه وزملاؤه من طرف أحمد البيضاوي، كسائر معظم الفنانين المغاربة، لكني ألححت على أن نتحدث في هذا الموضوع، خصوصا وأن أغلب الفنانين يهمسون فيما بينهم بهذا الموضوع ولا أحد جهر به يوما.
يقول مولاي الطاهر : في أول لقاء لنا بالملك سنة 1972 ، كما ذكرت ذلك سابقا ، قدمنا عملنا الذي يضم «الكلام لمرصع» بطلب من جلالته الذي أثنى علينا، وبينما كان المرحوم الحسن الثاني يحدثنا جاء فجأة المرحوم أحمد البيضاوي وأخذ آلة «السويسي» التي كنت أعزف عليها وأخذ ينقر عليها بتهكم ويردد «وماجيلالة ها بوهالة...» بحركات كاريكاتورية ولم يتوقف إلى أن وجه له الملك نظرة حادة فيها كل المعاني التي جعلت أحمد البيضاوي يكف عن تهكمه.
لم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي حاول فيها أحمد البيضاوي «إحباط» جيل جيلالة، فقد سبق للملك أن سأله عن سبب عدم بث أغاني المجموعة عبر أمواج الاذاعة فأجابه البيضاوي «ما كايبغيوش يحضرو معنا في المناسبات». فكان رد الملك «هادو ماشي ديال المناسبات وأريد أن أسمع أغانيهم غدا في السابعة صباحا». بالفعل ، يقول مولاي الطاهر، بُثت أغانينا في اليوم الموالي في السابعة صباحا..
معلوم أن البيضاوي ، كان بالاضافة إلى كونه من مؤنسي الملك، هو الذي يشرف على «لجنة الكلمات» في الإذاعة المغربية وفي الوقت ذاته يشكل الرقابة ، حيث كان مخولا له أن يبث ما يريد من أغان ويرفض ما يريد، وهو صاحب الحق في جعل الفنان نجما أم لا! معروف أيضا أن البيضاوي كان يميل بالأساس إلى المدرسة الشرقية ، وبالتالي فأغاني الغيوان أوجيل جيلالة أو رويشة وغيرهم لا اعتبار لها في معجمه الابداعي، هذا الموقف لم يكن مقتصرا على المبدع أحمد البيضاوي، بل كان العديد من الناس والفنانين يرون في الأغنية الغيوانية والشعبية تجسيدا لأغاني «هداوة» ولا علاقة لها بالفن ، أكثر من ذلك كان هناك من يراها أغاني «الخارْجين على الطريق».
المبدع المغربي الراحل عبد القادر الراشدي كانت له فكرة معاكسة تماما لذلك الاعتقاد، فبمجرد ما رأى جيل جيلالة في أول سهرة لهم أمام الجمهور سنة 1972 بمسرح محمد الخامس بالرباط، حتى بادر لتهنئتهم. والحكاية ، كما يرويها مولاي الطاهر الاصبهاني، كانت هكذا.
كما ذكرت سابقا ، كان أول حفل لنا أمام الجمهور في سنة 1972 بمسرح محمد الخامس بالرباط، كان حميد الزوغي قد قام بدعاية كبيرة لنا عبر التلفزة حتى أن الجمهور حفظ أغانينا قبل أن يرانا مباشرة، المناسبة هي توزيع جوائز اليانصيب الوطني، وقد كان الحفل كبيرا حضره معظم الفنانين الكبار، أما عبد القادر الراشدي فتولى رئاسة الجوق الوطني، لما جاء دورنا في الحفل اهتزت القاعة مطالبة ، بصوت واحد ، بإعادة الأغاني، وكان الفنان الراشدي يتابعنا من الكواليس، بعد انتهائنا سنفاجأ بهذا الهرم يأتي نحونا ويحيينا قائلا بالحرف «الله يحفظكم لِنا والله يخليكم لِنا». قبل أن يضيف «هادشي ديالكم كاتموت عليه الوالدة وأنا كا يعجبني الشباب لللي كا يهتم بالتراث ديالو».
«كنا نحن من نريد، يواصل الأصبهاني ، أن نقول للأستاذ عبد القادر الراشدي إنك هرم كبير وإننا نعتبرك أستاذا كبيرا في مجال الموسيقى وبأننا نكن لك الحب والتقدير ولم نكن نتمنى سوى أخذ صورة تذكارية معك».
عبارات الأستاذ عبد القادر الراشدي ظلت تتكرر كلما التقينا معه في حفل أو جولة خارج أرض الوطن.. (فمن نكون نحن أمام عبد القادر الراشدي؟!).
الحب المتبادل بيننا وبين الأستاذ الراشدي ، يضيف مولاي الطاهر، نابع أصلا من عشقنا وإياه للإيقاع المغربي ولتراثه الفني، فمجمل الروائع التي أداها نجوم الاغنية المغربية والتي لحنها هذا الهرم الموسيقي كانت بإيقاعات مغربية محضة ، كثيرا ما فاجأت المشارقة وغيرهم، منها أغنية «من ضي بهاك» التي أداها الفنان الكبير المرحوم محمد الحياني، أحد أعمدة الأغنية المغربية. وعلى ذكر الحياني فقد كان هو الآخر من مشجعي تجربتنا و كانت تربطنا به علاقات صداقة جد قوية ، كيف لا والرجل يشبهنا ببساطته وبنكرانه لذاته، وأهم ميزة كانت تعجبني فيه أنه «مرضي الوالدين».
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 04h41.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd